دمار الساعة الأخيرة.. هل يوجه ترامب ضربة عسكرية لمنشآت إيران النووية؟

أحمد يحيى | منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

عندما دخل الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترامب إلى البيت الأبيض واستلم السلطة رسميا في 20 يناير/ كانون الثاني 2017، كانت سياسته واضحة تجاه إيران، بممارسة أقصى وسائل الضغط عليها، وتقويض سياستها، فألغى الاتفاق النووي معها عام 2018، وفرض عليها عقوبات اقتصادية قاسية.

ومع هزيمة ترامب في الانتخابات الرئاسية 2020، لم تنته فصول العداء بينه وبين طهران، مع حديث وسائل الإعلام الأميركية عن ضربة عسكرية محتملة قد توجهها واشنطن للمفاعلات النووية الإيرانية، فما هي احتمالات تلك الضربة؟ وما أبرز المواقع النووية الإيرانية المستهدفة؟

ضربة محتملة 

الضربة العسكرية المتوقعة ضد إيران قبل رحيل ترامب، بات الحديث الأكثر انتشارا عبر وسائل إعلام أميركية، من بينها ما نشرته مجلة "فورين بوليسي" الأميركية وفي 20 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.

تقرير "فورين بوليسي" بعنوان "هل سيحاول ترامب قصف إيران قبل مغادرته البيت الأبيض؟" استعان فيه للإجابة عن هذا التساؤل بالباحث العسكري بمركز أتلانتك كاونسل، ماثيو كروينغ.

كروينغ رجح توجيه ضربة عسكرية لإيران، قائلا: "ضربة عسكرية محدودة ضد المنشآت النووية الإيرانية سيكون أفضل من العيش تحت خطر إيران النووي في السنين القادمة".

وأضاف: "وفقا للتقديرات العامة، فإن وقت وصول إيران للقنبلة النووية هو 3 أشهر ونصف، لذلك فإنه ليس مبكرا الحديث عن هذا الأمر، لكننا لسنا بحاجة للضغط على الزناد غدا".

وذكر كروينغ "إذا كانت إيران على شفا تطوير أسلحة (نووية) ولم يتدخل الجيش الأميركي لضربها، فإنها ستمتلك سلاحا نوويا، وواشنطن لا تريد تكرار نفس الخطأ كما حصل مع كوريا الشمالية، وأن تشاهد دولة مارقة تنضم إلى النادي النووي، الضربات العسكرية على الأقل ستبقي المسار غير النووي مفتوحا".

صورة بالأقمار الصناعية لمفاعل نطنز

تحركات مقلقة

وفي 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، كتب ديفيد إغناطيوس مقالا بصحيفة "واشنطن بوست" تحت عنوان "ترامب لا يزال في معركة إرادات مع إيران"، قال فيه: "مع غروب الشمس على رئاسة ترامب، هناك بند غير مكتمل ويحمل معه مخاطر محتملة، وهو البرنامج النووي الإيراني.. هنا منطقة يجب أن ينتصر فيها صوت العقل في الشهرين المقبلين لتجنب قرار كارثة الساعة الأخيرة".

وأشار المعلق الأميركي إلى أن "كلا من الولايات المتحدة وإيران أرسلتا في الأيام الأخيرة رسائل فيها عزم وتصميم"، وأضاف: "في رسالة مرت بدون أن ينتبه إليها أحد، وهي إرسال سلاح الجو الأميركي مقاتلة بي-52 من قاعدتها في مينوت، بولاية نورث داكوتا إلى الشرق الأوسط".

يذكر أن الجيش الأميركي، أصدر بيانا قال فيه: إن "طاقم العمل الجوي لطائرة بي-52 انطلق في 21 نوفمبر، من قاعدة جوية في ولاية نورث داكوتا، إلى الشرق الأوسط"، ووصفت القيادة المركزية للجيش مهمة الطائرة بالطويلة، مشيرة إلى أن هدفها "ردع العدوان وطمأنة شركاء وحلفاء الولايات المتحدة".

وعلق الفريق غريغ جويلوت قائد سلاح الجو التاسع في القوات الجوية المركزية الأميركية، على الحدث قائلا: "مهمة قوة القصف الجوي تسلط الضوء على قدرات القوات الجوية الأميركية القوية والمتنوعة التي يمكن إتاحتها بسرعة في منطقة القيادة المركزية".

وفي 26 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، أشارت صحيفة "نيويورك تايمز" إلى احتمالية إصدار ترامب أمرا بضرب منشأة تخصيب اليورانيوم الإيرانية في منطقة نطنز وسط البلاد.

وفي يونيو/ حزيران 2017، أصدر مركز بيلفر الأميركي للعلوم والشؤون الأمنية والعسكرية، خريطة بأهم المنشآت النووية الإيرانية، رصد خلالها أهم 15 موقعا ضمن البرنامج النووي، ستكون على قائمة الاستهداف لأي هجوم عسكري أميركي. 

مفاعل نطنز 

ومفاعل نطنز المدرج على قائمة استهداف القاذفات الأميركية، هو منشأة أقيمت بهدف تغذية اليورانيوم باستخدام طريقة الطرد المركزي وطريقة الفصل الليزري.

ويعد "نطنز" من أهم وأبرز المفاعلات النووية في إيران، على بعد 260 كلم جنوب طهران، وتبلغ مساحته 100 ألف كم مربع، وأسس تحت الأرض بـ 8 أمتار ومحمي بجدار سمكه 2.5 متر يحميه جدار خرساني آخر، وفي عام 2004 تم تدعيم سقفه بالأسمنت المسلح.

وفي عام 2003، بحسب تقرير مسرب للوكالة الدولية للطاقة الذرية، عثر على يورانيوم من الدرجة المطلوبة للأسلحة في عينات أخذت من الموقع.

وحسب تقديرات، فإن مفاعل نطنز، قد يضم حوالي 50 ألفا من أنابيب نقل الغاز المتطورة، ما يسمح له بإنتاج ما يكفي من اليورانيوم لتطوير ما يزيد على 20 سلاحا نوويا كل عام.

وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية: إن "كمية اليورانيوم منخفض التخصيب في موقع نطنز تجاوزت الآن 12 ضعفا الحد المسموح به وفق الاتفاق النووي المبرم مع الدول الكبرى عام 2015".

ووفق معهد العلوم والأمن الدولي، "وصلت كمية اليورانيوم المخصب إلى 2442.9 كيلوغراما مقابل الحد المسموح به البالغ 202.8 كيلوغرام، وهذا يكفي لإنتاج سلاحين نوويين". 

وفي يوليو/ تموز 2020، وقع حادث انفجار غامض في هذا المجمع النووي بالغ الأهمية، وخلف أضرارا كبيرة، ولكن السلطات الإيرانية تحفظت على ذكر الأسباب والنتائج لدواع أمنية. 

وفي 22 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، نقلت "نيويورك تايمز" عن 4 مسؤولين أميركيين حاليين وسابقين، أن "الرئيس ترامب، طلب من كبار مستشاريه معرفة ما إذا كانت لديه خيارات لاتخاذ إجراء عسكري ضد موقع نطنز النووي خلال الأسابيع المقبلة، وهو الموقع الذي قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية مؤخرا إنه يشهد نشاطا نوويا متزايدا".

مفاعل آراك 

بدأت إيران تأسيسه عام 1996، كمفاعل لأبحاث الماء الثقيل، الذي يتناسب مع إنتاج البلوتونيوم المنضب الذي يدخل في صنع الأسلحة النووية، ويعد أكبر منشأة نووية إيرانية، ويقع شمال غرب إيران، على بعد 75 كيلومترا شمال غرب مدينة آراك، وعلى بعد 5 كيلومترات من مدينة خنداب.

وحسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية يمكن للوقود الناتج من مفاعل الماء الثقيل في آراك إنتاج 10 كيلوجرامات من البلوتونيوم سنويا، وهو ما يكفي لصنع قنبلتين نوويتين على الأقل سنويا. 

وتقول طهران: إن المفاعل يهدف إلى إجراء أبحاث وإنتاج نظائر مشعة تستخدم لعلاج مرضى السرطان، لكن الوكالة الدولية والولايات المتحدة لديهم شكوك بأن طهران تسعى في آراك لإنتاج البلوتونيوم اللازم لصنع القنبلة النووية.

مفاعل آراك النووي

محطة فوردو 

في سبتمبر/ أيلول 2009، اعترفت طهران بوجود المحطة بعد أن علمت بها وكالة الاستخبارات الأميركية قبل عدة أشهر، وتعرضت طهران لضغوط غربية كبيرة للكشف عن ماهية تلك المنشأة.

وتستخدم إيران المحطة المقامة في مكان تحت الأرض بمنطقة جبلية حصينة جنوب العاصمة طهران، لتخصيب اليورانيوم حتى درجة نقاء انشطارية نسبتها 20%، ليكون وقودا لمفاعل أبحاث طبي في طهران ينتج النظائر المشعة لعلاج مرضى السرطان، حسب إعلان الحكومة الإيرانية.

لكن الاستخبارات الغربية تقول: إن "المحطة مناسبة تماما لإنتاج كميات قليلة من اليورانيوم عالي التخصيب والمناسب لبرنامج الأسلحة النووية"، حيث أعلن الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما أن "فوردو كانت تحت المراقبة الأميركية، كاشفا أنها تحتوي على 3000 جهاز طرد مركزي".

مفاعل بوشهر 

هو مفاعل للمياه الثقيلة، يقع على بعد 17 كيلومترا إلى الجنوب الشرقي من مدينة بوشهر، بين قريتي صيد حليلة وبندرة المطلتين على ساحل الخليج العربي، ويقع قبالة السواحل الكويتية والسعودية، ويضم محطة توليد كهربائي بقدرة 1000 ميجاواط.

ويعد المفاعل من أقدم محطات توليد الكهرباء بالطاقة النووية في إيران، وبدأ معه برنامجها النووي عام 1974 بمساعدة ألمانية، وبعد الثورة الإيرانية عام 1979 تم إلغاء المشروع، ولم يعد العمل به إلا عام 1992 حين وقعت إيران اتفاقا مع روسيا لمعاودة العمل في محطة بوشهر، حيث يوجد مفاعلان للمياه الثقيلة.

مفاعل أصفهان 

مجمع أصفهان النووي يقع وسط إيران ويعد من أهم المنشآت النووية في البلاد، حيث يضم مفاعلات بحثية نووية صغيرة ومركزا للتكنولوجيا النووية ومنشأة لتخصيب اليورانيوم، ومنذ 2004 أنتج 370 طنا من سادس فلوريد اليورانيوم.

ويتم من خلاله تحويل اليورانيوم إلى 3 أشكال: غاز سادس فلوريد اليورانيوم المستخدم في أنشطة تخصيب اليورانيوم الجارية في مفاعل نطنز، وأوكسيد اليورانيوم الذي يستخدم في معامل الوقود، والمعدن الذي يستخدم غالبا في أساس المتفجرات النووية.