صحيفة إيطالية: حركة النهضة هي "الأقدر" على حل أزمات تونس

12

طباعة

مشاركة

تواجه تونس في الوضع الراهن، ثلاث أزمات سياسية واقتصادية وصحية في آن واحد، وسط مناخ تسيطر عليه التجاذبات والخلافات بين الأحزاب داخل برلمان مستقطب بشدة.

في هذا الإطار، أكدت صحيفة ''إيل كافي جيوبوليتيكو''، أنه ''من أجل التغلب على تلك الأزمات، يتعين على الأحزاب السياسية تنحية نزاعاتها جانبا من أجل المصلحة العامة للبلاد''. 

وشددت الصحيفة على أهمية دور حركة النهضة في المستقبل السياسي للبلاد على إثر استقالة حكومة إلياس الفخفاخ وتشكيل حكومة جديدة بقيادة هشام المشيشي.

جمود حكومي

وذكرت أن المفاوضات بين الأحزاب التونسية بعد الانتخابات البرلمانية في أكتوبر/تشرين الأول 2019، أدت إلى جمود في تشكيل الحكومة. 

وبعد أن اقترحت حركة النهضة، الفائز بأغلبية المقاعد، تعيين الحبيب الجملي رئيسا للوزراء، لم يتمكن من الحصول على موافقة القوى السياسية الأخرى على الفريق الحكومي المقترح. 

وفي يناير/كانون الثاني 2020، اضطر رئيس الدولة قيس سعيد للتدخل في عملية صنع القرار، وكلف إلياس الفخفاخ رئيسا للوزراء.  

إلا أن التعايش بين الفخفاخ والنهضة لم ينجح أبدا في خلق مناخ تعاوني وإيجابي، ربما لأن رئيس الوزراء لم يكن يأخذ بعين الاعتبار مقترحات وزراء الحزب الإسلامي داخل الحكومة، مما أدى إلى تأجيج العداء بين الطرفين، وفق الصحيفة الإيطالية. 

وفي يوليو/تموز 2020، اتُهم رئيس الوزراء الأسبق بتضارب المصالح، المرتبط بفوز شركات يديرها بعقود عمومية مهمة، وتجنبا لتمرير مقترح حجب الثقة الذي تقدمت به حركة النهضة، كان على رئيس الدولة أن يتدخل مرة أخرى ويقنع الفخفاخ بالاستقالة.

برلمان مستقطب

بحسب الصحيفة الإيطالية، لا يبدو أن الوضع السياسي للبلاد في ظل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الأخيرة يبشر بالتوقعات المأمولة. 

وحتى الآن، وصل عدد محاولات القوى السياسية التونسية لإيجاد حل وسط دائم لتشكيل الحكومة واستئناف النشاط المؤسسي إلى ثلاث. 

وذلك بعد أن أدت استقالة رئيس الوزراء إلياس الفخفاخ في 15 يوليو/ تموز 2020 إلى أزمة حكومية انتهت بتعيين  هشام المشيشي على رأس حكومة تكنوقراط. 

وجرت عملية التصويت على منح الثقة لحكومة المشيشي في الأول من سبتمبر/ أيلول وحصلت على ثلثي أصوات المجلس، على الرغم من إبداء حزب النهضة الإسلامي تحفظات على التكنوقراط المرشحين. 

وبالتالي، تتوقع الصحيفة الإيطالية أنه من المحتمل جدا أن تؤدي التوترات المستمرة بين الأحزاب إلى عرقلة الإجراءات الحكومية أو إلى حدوث أزمة أخرى، حيث إن النهضة تُبقي السلطة التنفيذية تحت المراقبة وتحافظ على أغلبية برلمانية بـ52 مقعدا من أصل 217. 

وتشرح الصحيفة أن الاستقطاب الشديد داخل البرلمان التونسي، الذي يضم العديد من الأحزاب السياسية المنقسمة حول مختلف القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، يشل السير العادي للمجلس. 

وقد تُحدث أزمة حكومية أخرى زلزالا سياسيا، خصوصا وأنه، كما ينص الدستور التونسي، سيتم الالتجاء إلى صناديق الاقتراع مرة أخرى، الأمر الذي من شأنه أن يؤكد عدم قدرة الطبقة السياسية على إدارة طموحات وتوقعات التحول الديمقراطي، التي علق عليه الشعب التونسي آماله منذ عام 2011.

تطور النهضة

ترى الصحيفة الإيطالية أن مستقبل تونس السياسي سيعتمد كثيرا على التطور السياسي للنهضة وقدرتها على التوسط بين القوى السياسية الأخرى في البلاد. 

تأسست حركة النهضة سرا في عام 1981 مستلهمة أفكارها وقيمها من جماعة الإخوان المسلمين. ومع بداية عملية الدمقرطة في البلاد من خلال ثورة الياسمين عام 2011، التي شهدت الإطاحة بنظام بن علي الاستبدادي، أصبحت الحركة الحزب السياسي الأكثر تنظيما واستعدادا للتجربة الديمقراطية في البلاد. 

وفي هذا التحول، وضعت النهضة جانبا الانخراط في الدعوة الدينية "للتخصص" في الشؤون العامة وتبني الأنشطة التقليدية للحزب السياسي، كما صرح زعيم  الحركة راشد الغنوشي في عام 2016. 

وتعتقد ''إيل كافي جيوبوليتيكو'' أن هذا الفصل بين الدين والسياسة، والذي يهدف إلى نهج محافظ في الحياة السياسية للبلاد، لم يتجسد بعد في مجمله، بالنظر إلى الانقسامات الداخلية بين "المتشددين" والمنضمين الجدد. 

وعلى الرغم من الجدل الداخلي، أدت البراغماتية التي اختارها الحزب الإسلامي إلى مفاوضات أساسية مع الأحزاب العلمانية تمخضت عنها تنازلات حاسمة لصالح الديمقراطية التونسية الناشئة، من سن دستور جديد إلى تشكيل حكومات. 

ولكن، لا تزال مكانة الدين في المناصب الحزبية إشكالية في ظل الانقسام الداخلي وضرورة اتخاذ قرار يدعم موقعه. 

وسيقع على عاتق "المذهب الجديد للحزب"، مهمة صعبة متمثلة في التوفيق بين روحانية جديدة، وفية لتعاليم الإسلام وأصول الحركة، ودعوة انتخابية إستراتيجية لجذب أصوات الأجيال الجديدة لإدارة شؤون البلاد.