6 أسئلة "مهمة" تشرح الوضع القانوني لإعادة آيا صوفيا مسجدا

12

طباعة

مشاركة

أثار توقيع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، على مرسوم بتحويل آيا صوفيا في مدينة إسطنبول إلى مسجد، الكثير من الجدل، وهو المرسوم الذي أعقب قرارا للمحكمة الإدارية العليا بتركيا، بإلغاء وضع المتحف الذي منح لهذا المبنى على مدار عقود ماضية.

وكان مجلس الدولة التركي، والذي يمثل أعلى محكمة إدارية في البلاد، قد أصدر قرارا في 10 يوليو/تموز، يبطل فيه الوضع الذي كانت آيا صوفيا توصّف بموجبه كمتحف، وجاء قرار المجلس بناء على طلبات، تقدمت بها عدة منظمات بإبطال قرار حكومي، يعود للعام 1934 ويعطي آيا صوفيا وضع المتحف.

ونقلت وكالة الأناضول التركية، عن المحكمة قولها: إن آيا صوفيا مسجلة كمسجد، في سندات الملكية التي تحمل اسم مؤسسة محمد الفاتح، وهو السلطان العثماني الذي كان قد فتح القسطنطينية وضمها إلى الدولة العثمانية، خلال القرن الخامس عشر، مشيرة إلى أن هذا التصنيف غير قابل للتعديل.

وطرح مركز سيتا التركي للدراسات 5 أسئلة "مهمة" تتعلق بقضية آيا صوفيا، بينما أجابت صحيفة يني شفق التركية عن سؤال آخر، يتعلق بدلالات إعادة المكان إلى مسجد.

  • ما هي التحولات التاريخية التي مر بها آيا صوفيا، والتي رأيناها في ثلاث حالات مختلفة مثل الكنائس والمساجد والمتاحف؟

في الحقيقة، لقد كانت آيا صوفيا كنيسة ومسجدا معظم الأوقات وهذه حقيقة تاريخية وفي الواقع وصية محمد الفاتح هي أن يبقى آيا صوفيا مسجدا كرمز للسيادة وليس فقط كتراث ثقافي إنساني عالمي.

وتعرضت آيا صوفيا للكثير من التدمير قبل فتح إسطنبول عام 1453 وعهد إلى سيمافي ايجي أن يرعاها ويحافظ عليها قبل أن تتحول إلى متحف عام 1934 وبعد 86 عاما عادت مرة أخرى إلى مسجد بقرار قضائي سيادي نشر في الجريدة الرسمية بقرار رئاسي وبتوقيع وإمضاء من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

  • هل كان قرار جعل آيا صوفيا متحفا ممتثلا للقانون؟

يمكننا تفسير تحول آيا صوفيا إلى متحف بقرار من مجلس الوزراء بتاريخ 24 نوفمبر/تشرين الثاني 1934 كتطور سياسي مرحلي.

ومع ذلك، فإن اتخاذ قرار سياسي أو غير ذلك لا يعفيه من الالتزام بالامتثال للقانون ولأن يكون متوافقا معه.

يتطلب مبدأ سيادة القانون، وهو التعبير الحديث عن هذا القانون، أن تخضع جميع أعمال وإجراءات الحكومات والمواطنين لقواعد القانون والدستور.

والفكرة بالأساس من الدستور هي الحد من سلطات الدولة باستخدام القوانين العامة التي ينص عليها الدستور الذي وافق عليه الشعب.

عندما نقترب للقضية من هذا المنظور، نحتاج أولا إلى النظر في القانون الذي كانت آيا صوفيا تخضع له بالفعل وكيف تم تحويله لاحقا إلى متحف.

بعد الفتح، حول محمد الفاتح آيا صوفيا إلى مسجد وجعلها وقفا وأسس بجانبها مؤسسة للوقف اسمها "محمد بن مراد خان الثاني" عام 1470. بعبارة أخرى، تم اعتماد آيا صوفيا أيضا كـ "مسجد" في وثيقة التأسيس. 

وذكر أنه بعد مرور عامين على قرار مجلس الوزراء المؤرخ 19 نوفمبر/تشرين الثاني 1936 لجمهورية تركيا في صك الملكية استخدم مصطلح "مسجد" على آيا صوفيا حين حول إلى متحف في هذا القرار. لذلك المسألة ليست عقارية بقدر ما هي بحث في قانون المؤسسات منذ عهد الدولة العثمانية وحتى يومنا هذا. 

  • بالنظر إلى قانون المؤسسات، ما هو الوضع الذي يجب أن تتمتع به آيا صوفيا؟

في قرارها المؤرخ 2 يوليو/تموز 2020، فحصت الإدارة العاشرة لمجلس الدولة عبر منهجية واضحة كل القوانين القديمة والجديدة بشأن الأسس التي تم إنشاؤها خلال الفترة العثمانية، والسوابق القضائية للمحكمة الدستورية، والمحكمة العليا، ومجلس الدولة، والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان والمتعلقة جميعها بوضع آيا صوفيا القانوني.

جاء في قرار المحكمة الدستورية الذي أشار إليه مجلس الدولة بتاريخ 30 يناير/كانون الثاني 1969 أن ممتلكات المؤسسة تعود لها.

وممتلكات المؤسسة محمية ليس فقط من الأشخاص، ولكن الدولة أيضا، والمالك هو المؤسسة نفسها. 

  • ماذا عن تدخل القانون الدولي بقضية آيا صوفيا، هل يحد ذلك من صلاحية تركيا في التصرف بها؟

يجب أن نقول بشكل قطعي: إن الوضع القانوني لآيا صوفيا ليس من مسائل القانون الدولي، بل إن حق التصرف واتخاذ القرار بشأنها يعود إلى الجمهورية التركية. إن حدود وإطار هذه السلطة يتم رسمهما فقط من خلال قانوننا الوطني.

ومثلما تم تحويل آيا صوفيا إلى متحف عام 1934 بموجب قرار مجلس الوزراء، وجد مجلس الدولة ذلك غير قانوني اليوم، واستعاد صفة المسجد مرة أخرى بقرار من الرئيس وفي إطار القانون.

نعم آيا صوفيا هو على لائحة مواقع التراث العالمي في قائمة اليونسكو لكن ذلك كموقع وليس كآلية الاستخدام سواء باعتباره مسجدا أو كنيسة وثمة اتفاقية تنص في مادتها السادسة من قوانين اليونسكو أن السيادة على آيا صوفيا تعود إلى تركيا وبالتالي يجب على الجميع احترام أي قرار يخص المكان شريطة عدم الإضرار به أو إتلافه. 

  • ماذا عن قرار فتح آيا صوفيا كمسجد؟

 كما ذكرنا هو قرار قانوني تماما يستند إلى حقائق تاريخية ثابتة. كذلك، أكدت الإدارة التركية أن قرار مجلس الوزراء المعني يتعارض مع المادة الأولى من القانون رقم 864 لسنة 1926، الذي ينظم تطبيق القانون المدني التركي، ويحمي الأسس والممتلكات المخصصة لها خلال الفترة العثمانية.

تطالب القرارات المعنية بترتيب الوضع القانوني لآيا صوفيا على النحو المنصوص عليه في عقد التأسيس الذي تنتمي إليه.

المحكمة العليا؛ في قراراتها أشارت إلى أن آيا صوفيا التي تولت إدارتها المديرية العامة للمؤسسات، كانت خاضعة للقانون التركي وهذا يعني بعبارة أخرى عدم وجود صلاحية للدولة لتغيير هيئته باعتباره مسجدا.

في النهاية  اكتسب قرار الإلغاء قيمته العملية بقرار من الرئيس الذي أعاد فتح آيا صوفيا للعبادة واستعادتها باسم "مسجد آيا صوفيا الكبير الشريف".

  • ما دلالات إعادة آيا صوفيا إلى مسجد؟

من جانبه، قال الكاتب إبراهيم كارغول في صحيفة يني شفق: إن التاريخ لا يكتبه المترددون وآيا صوفيا مثالا.

وتابع في مقال له: أن "كتابة التاريخ تأتي بالشجاعة والتصميم لا بالخوف والتردد والأهداف العظيمة تأتي من طموحات مثلها؛ وعليه لو كان الأجداد ترددوا في فتح إسطنبول لما كانت المدينة العامرة في هيئتها الحالية ولما كان آيا صوفيا تحول مسجدا وعليه لما عرفنا يوما محمد الفاتح ويافوز والقانوني وعبد الحميد".

وأكد أن "المتردد دوما ليس له تاريخ ولا حاضر وبالتالي قطعا ليس له مستقبل، فالأمم المترددة اختفت من صفحات التاريخ إلى غير رجعة. وهنا يكمن سر صمود العناصر الصانعة للتاريخ على مر آلاف السنين وكيف عرفت تلك العناصر أن تحيا تحت أي ظرف عالمي".

في سبيل تفتيح الأذهان والتحرر واكتشاف نفسها، تقاوم تركيا اليوم وتخوض كفاحا من أجل تذكير الجميع بقوتها وهي بذلك تستلهم تاريخا طويلا عبر الدولة السلجوقية والإمبراطورية العثمانية وصولا للجمهورية التركية وبالتالي لا يمكن أن نعتبر إنجازات أردوغان اليوم إلا امتدادا لإنجازات من سبقوه ومن تدفقوا على الأناضول وغيروا التاريخ ورسموا ملامح الجغرافيا، وفق الكاتب.

وتابع الكاتب أن إعادة تحويل آيا صوفيا إلى جامع يأتي نتيجة لتبدل موازين القوى والتغير التاريخي واستدعاء الطموحات الكبرى إلى حاضرنا.

ولعل من مظاهر هذه الصحوة الكبرى كذلك التحول الممنهج داخل تركيا والكفاح الاقتصادي وتعزيز قدرات المقاومة الوطنية وإيقاظ الذاكرة المجتمعية وإنزال الطموحات من على الأرفف وتشكيل مساحات نفوذ في كل شبر من أرض المنطقة والجهود الرامية للتخلص من السيطرة والوصاية الغربية، وفق تعبيره.

وبين أن إعادة آيا صوفيا كمسجد يعتبر نهاية السيطرة الغربية على تركيا، فلن يستطيعوا بعد اليوم فرض هذه السيطرة أبدا وقد المحور الأطلسي الذي يمثل الغرب سلطته الفردية التي احتفظ بها حتى اليوم منذ بداية الحقبة الاستعمارية، "فهذا هو تغير التاريخ الذي امتد لقرون".