لوبوان: سبعة أمور تلخص حكومة الجزائر الجديدة برئاسة جراد

12

طباعة

مشاركة

أعلنت الرئاسة الجزائرية عن قائمة الحكومة الجديدة التي شكلها عبدالعزيز جراد، واضطر على الورق، إلى تلبية معيارين: مطالب الانفتاح والتجديد التي عبر عنها الحراك الشعبي، وتجسيد إرادة الرئيس عبدالمجيد تبون الذي أراد حكومة من الشباب والأكاديميين.

تحت هذه الكلمات نشرت مجلة "لوبوان" الفرنسية تقريرا عن الحكومة الجزائرية الجديدة التي عينها الرئيس الجديد للبلاد عبدالمجيد تبون بعد أسبوعين من توليه مهامه، والتي ضمت 39 عضوا برئاسة عبدالعزيز جراد.

بلا نائب وزير للدفاع

الملاحظة الأولى التي رصدتها المجلة، أن "منصب نائب وزير الدفاع لم يعد موجودا، فيما احتفظ تبون بلقب وزير الدفاع، مثل سلفه المخلوع الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة".

وأوضحت أن "هذا المنصب شغله من عام 2005 إلى 2013 اللواء السابق عبد المالك قنايزية، ثم تسلمه قائد الجيش الراحل أحمد قايد صالح من 2013 إلى 2019".

وأشارت المجلة إلى أن هذا المنصب كان يهدف لتمكين وضع وزير الدفاع، وظيفة إدارية نظريا، لكن أسيء استخدام هذا التحول من خلال تنصيب رئيس الأركان كنائب للوزير، وبالتالي الجمع بين وظيفتين عسكرية وسياسية.

ورأت أن القراءة الأولى هي اعتبار أن تبون، بالاتفاق مع القيادة العليا للجيش، قد اتخذ خطوة أولى نحو "عودة الجيش إلى الثكنات"، وهو الأمر الذي تطالب به الحركة الاحتجاجية الشعبية.

وأوضحت: فيما سيكون سعيد شنقريحة، القائم بأعمال رئيس الأركان (من المتوقع أن يتم تثبيته في هذا المنصب)، لا يزال في الدائرة العسكرية، يظل وزير الدفاع مدنيا في شخص رئيس الدولة، وهي سياسة تنتقدها المعارضة غالبا في الجزائر، والتي لا تفهم سبب عدم تطبيع منصب وزير الدفاع عن طريق تعيين، على سبيل المثال، ضابط كبير متقاعد.

وزراء بوتفليقة

وفيما يخص الملاحظة الثانية، أكدت المجلة أن "الكثيرين على وسائل التواصل الاجتماعي، إضافة إلى نشطاء الحراك، ينتقدون عودة بعض الشخصيات من نظام بوتفليقة إلى الحكومة الجديدة".

وأشارت إلى تعيين عدد من هؤلاء الوزراء في الحكومة مثل: فاروق شيالي للأشغال العمومية والنقل، وسيد أحمد فروخي للصيد البحري، وحسان مرموري للسياحة، وطيب زيتوني لوزارة "المجاهدين"، وعبدالرحمن راوية للشؤون المالية، وهي مناصب شغلوها بالفعل في عهد بوتفليقة.

ونوهت المجلة إلى أن أحمد فروخي يختلف بشكل بسيط عن نظرائه كونه نائب "جبهة التحرير الوطني"، استقال من منصبه في مارس/ آذار 2019 لدعم الحركة الشعبية في الجزائر.

ونقلت "لوبوان" عن مصدر رسمي من الحكومة مدافعا بالقول: "لقد كانوا تحت قيادة وزراء بوتفليقة وبعضهم دفعوا بالفعل ثمن مهاراتهم ورفضهم إطاعة الرئيس الحقيقي، سعيد بوتفليقة شقيق الرئيس المخلوع المسجون حاليا".

كما لفتت كذلك إلى أن عددا من أعضاء الحكومة الجديدة احتفظوا بالحقائب الوزارية التي كانوا يتولونها في حكومة نور الدين بدوي الذي عيّنه بوتفليقة وزيرا أول في 31 آذار/مارس قبل يومين من استقالته.

وذكرت المجلة أسماء كل من: يوسف بلمهدي للشؤون الدينية والأوقاف، وفي الطاقة محمد عرقاب، وكامل بلجود في الداخلية، وفي العدل بلقاسم زغماتي، الذراع العلماني لحملة مكافحة الفساد التي التزم تبون بها.

ووفقا للمصدر السابق، فإن "هدى فرعون زيرة البريد و الاتصالات السلكية و اللاسلكية والتكنولوجيات والرقمنة، المرتبطة ارتباطا وثيقا بعشيرة بوتفليقة وزمرته، لم يتم ضمها للحكومة الجديد، وهي إشارة".

المهارات والقيود

وفي حديث للمجلة أشار المحلل السياسي فيصل متاوي إلى أن أحد التزامات عبدالمجيد تبون كانت الاعتماد على المهارات الجامعية في الحكومة، وقال: "هذه الحكومة هي حكومة أكاديميين، وليست حكومة المحافظين الذين عرفناهم خلال السنوات الأخيرة من عهد بوتفليقة".

من جهته، رأى الكاتب المعروف نجيب بلحيمر في حديث لـ"لوبوان" أن "هذه الإستراتيجية تعاني من حدود معينة، الأمر الذي يجب أن يكون واضحا هو أن القبول بمنصب وزير في الحكومة الحالية يعني ببساطة تزكية خطة السلطة التي قامت على إجراء الانتخابات بالطريقة التي رأيناها، والاستمرار في فرض الأمر الواقع، وهذا خيار سياسي في المقام الأول، وسواء كان الوزير عالم ذرة أو مجرد منتحل صفة، فإن ما يجمعهما في النهاية هو المساهمة في إعادة تشكيل واجهة الحكم، وتطبيع الأمر الواقع المفروض بالقوة".

ونقلت عن المحلل الجزائري، قوله: إن "الوزير الأكاديمي متخصص في مجاله، لكنه ليس سياسيا، ولا يمكنه أن يكون نافذا إلا أثناء محاولة الابتكار أو فرض لمسة مع مساحة صغيرة للغاية للمناورة في الحكومة التي يتم فيها تحديد الخطوط الرئيسية من الرئيس والدولة العميقة".

الأولوية الجديدة

وبخصوص الأولوية الجديدة للحكومة تجاه الشركات الناشئة والثقافة والمناطق الجنوبية، أشارت المجلة إلى تعيين ياسين وليد، 26 سنة، لوزارة جديدة تعنى ببعث المؤسسات الناشئة، وهي حقيبة وزارية مستحدثة غازل بها الرئيس المنتخب عبدالمجيد تبون شباب الجزائر، وفق مراقبين.

بينت "لوبوان" أن ما ينبغي التأكيد عليه هو أن أحدث قانون مالي أعلن عن حوافز ضريبية للشركات الناشئة، وأن سلسلة من الاجتماعات السرية عقدت بين الشركات الناشئة والسلطات لتعزيز هذا القطاع المزدهر على الرغم من بيئة قانونية وتقنية مقيدة للغاية.

ولفتت إلى نسيم ضياف الوزير المكلّف بحاضنات الأعمال، وتعرّف بأنها مجموعة برامج تعدها الحكومة تتضمن تكوينا أو خدمات أخرى تهدف لمساعدة الشركات الصغيرة الموجودة في الحاضنة لتحصل على فرصة أفضل للبقاء على قيد الحياة في بدايتها.

وبحسب "لوبوان"، فإن الاتجاه الثاني، الذي ربما يكون مرتبطا بأصول رئيس الدولة المنحدر من المناطق الصحراوية والحاكم السابق في الجنوب، هو تعيين حمزة سيد الشيخ وزيرا منتدبا مكلفا بالبيئة الصحراوية.

أما بالنسبة لقطاع الثقافة، رأت المجلة أن الأولوية لهذا القطاع تعطى من خلال تخصيص عدة مناصب، لأنه إضافة إلى وزارة الثقافة، يوجد أيضا مكلف بالصناعة السينيماتوغرافية، وكاتب للدولة مكلف بالإنتاج الثقافي.

ويوضح مصدر حكومي للمجلة: "لقد فهمت السلطات أن الصناعة الثقافية في الجزائر، الخارجة من متاهة الفساد والفلكلور، يمكن أن تصبح قطاعا إستراتيجيا".

مواجهة التوترات

وبشأن الشؤون الخارجية، والاستمرارية في مواجهة التوترات الإقليمية، قالت المجلة الفرنسية: إن صبري بوقدوم ظل في منصبه بوزارة الشؤون الخارجية في ظل سياق حرج بالمنطقة خاصة تجاه الوضع في ليبيا، حيث سيتعين عليه مواجهة الأزمة التي تلوح في الأفق في المنطقة.

ونقلت المجلة عن مسؤول تنفيذي سابق تأكيده أنه "بعد ما شهدته الدبلوماسية الخارجية في عهد بوتفليقة، التي أصبحت كرهينة، سيكون من الصعب للغاية الصعود على المنحدر وفرض نفسها كممثل إقليمي محوري".

وأضاف: "على سبيل المثال، لا يمكن تغافل الجزائر في وجه الاضطرابات الناجمة عن اغتيال قاسم سليماني. يجب أن نكون في العالم وليس خاضعين له، إنه دورنا كدولة قوية إقليميا".

أسماء جاذبة

وقالت المجلة الفرنسية: إن هناك ثلاثة أسماء في الحكومة الجديدة تجذب الانتباه: فرحات آيت علي وزير الصناعة، عمار بلحيمر وزير الاتصال الناطق الرسمي للحكومة، ووزيرة الثقافة مليكة بندودة.

وأكدت أن "الأول، يرث تركة يحاكم فيها وزيران، وهو رجل أعمال ومتحدث عنيف ضد الإدارة الاقتصادية للبلاد على وسائل الإعلام المعارضة، ويدافع عن إستراتيجيات جريئة من حيث الضرائب والاقتصاد. أما الثاني، أستاذ القانون هو أحد مؤسسي حركة الصحفيين الجزائريين في أواخر الثمانينيات، وهو مصلح ويحظى باحترام كبير من اليسار الجزائري، وعضو في لجنة الحوار في صيف عام 2019.

ورأت المجلة أن مليكة بندودة مثقفة معارضة رأي، شغلت منصب أستاذة فلسفة في جامعة الجزائر، لتشغل بعدها منصب أستاذة بجامعة تيبازة في التخصص نفسه، كما أنها مقدمة البرنامج الفلسفي "Philo Talk" الذي يبث بإحدى القنوات الجزائرية الخاصة، لها مؤلفات في الفلسفة والتنظير السياسي ومن الداعمين للحراك علنا.

اضطرابات صعبة

وفي النهاية نقلت "لوبوان" عن محلل جزائري تعليقة على المهمة الموكلة للحكومة الجديدة القول: "إنها مسألة صعبة، الموازنة بين استمرارية الدولة (العدالة والدبلوماسية والاقتصاد) والتسبب في تمزق. الفكرة هي تدريب المديرين التنفيذيين للغد من خلال تحفيز الشباب والأكاديميين، سيكون صغار الوزراء اليوم، الوزراء وصناع القرار في المستقبل".

على النقيض من ذلك، فإن أحد كبار المسؤولين الماليين السابقين كان أكثر تشككا، إذ يقول للمجلة: "تعمل السلطات في الأجلين القصير والمتوسط ​​على حل قضايا حالية عن طريق استدعاء ردود الفعل القديمة مثل الالتزام بروح العصر".

وأضاف في حديث لـ"لوبوان" الفرنسية، أنه "ومع ذلك، فمنذ 22 فبراير/ شباط الماضي، تشهد الجزائر ثورة حقيقية في النماذج التي ستغير البلاد بشكل دائم لمدة قرن على الأقل. ولا يمكن للسلطة أن تفهم اضطرابات الأجيال والإدارة التي يتطلبها المجتمع، لأنها لم تعد لديها الهندسة للقيام بذلك، إنها فرصة أخرى ضائعة".