انتماء المكون اليهودي في المغرب.. للمملكة أم للصهيونية العالمية؟

منذ ٥ أشهر

12

طباعة

مشاركة

منذ توقيع اتفاق التطبيع المشؤوم في إطار ما سُمي بالاتفاق الثلاثي بين المغرب والولايات المتحدة وإسرائيل، ما فتئ عديد من الشخصيات السياسية والمدنية يحذر من خطورة محاولات "صهينة" المكون اليهودي بالمغرب.

وفي 22 ديسمبر/كانون الأول 2020 تم توقيع "الإعلان الثلاثي المشترك" بين المغرب والولايات المتحدة وإسرائيل، بالعاصمة الرباط.

وآخر هذه التحذيرات دعوة البرلمانية عن الحزب الاشتراكي الموحد (معارضة) نبيلة منيب، إلى التصدي لما عدته "صهينة" المكون اليهودي بالمغرب، منبهة إلى خطورة ما أسمته محاولة الكيان الصهيوني التأثير على وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.

فخ صهيوني

وفي 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، نبهت منيب، في مداخلة لها خلال مناقشة الموازنة الفرعية لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، بمجلس النواب، إلى حضور الوزارة لفعالية بمناسبة "عيد استقلال إسرائيل" المزعوم بمدينة مراكش يوم 15 مايو/أيار 2022.

ولفتت أيضا إلى استدعاء كيان الاحتلال في منتدى "ريادة الأعمال" بالمغرب كضيف شرف، كاشفة أن المسؤولة عن العلاقات العامة بالمنتدى هي "كاتبة الحاخام أبراهام أمزلاغ غولن الذي يدّعي أنه يتنظر تعيينا ملكيا على شؤون الزكاة، خامس ركن للإسلام، وهي التي تدعو للإسراع بهدم المسجد الأقصى وبناء هيكلهم المزعوم".

وذكرت أن ذلك يأتي "في ظل الجرائم التي يقترفها الكيان الصهيوني في حقّ الشعب الفلسطيني من محاولة إبادة، وهجوم المستوطنين العنصريين بالضفة على الفلسطينيين لدفعهم للهجرة خارجها، ومنع الجمعيات الدولية من تقديم المساعدات للفلسطينيين في الشتات".

وشددت البرلمانية اليسارية، على أنه "يجب الانتباه إلى تنزيل أجندة صهينة المكوّن اليهودي المغربي ومخاطرها على السلم الاجتماعي وسلامة النسيج الوطني بإشعال العداوة بين المكوّن اليهودي وباقي مكوّنات المجتمع المغربي".

وأشارت منيب، إلى الجدل الذي أثارته صلاة الحاخام اليهودي "يوشياهو بينيتو" داخل المقبرة اليهودية بالدار البيضاء، ودعائه بالنصر لجيش الاحتلال في حربه على غزة، وهو الذي يُعد الحاخام الأكبر لليهود المغاربة بعدما كان رئيسا سابقا للمحكمة اليهودية بالمملكة.

وفي 2 نوفمبر 2023، نبه المرصد المغربي لمناهضة التطبيع إلى "إقامة صلاة حاخامية بالدار البيضاء من أجل انتصار الجيش الإسرائيلي على الفلسطينيين".

ورأى المرصد في بلاغ له أن "إقامة هذه الصلاة يؤشر على حقيقة تنزيل أجندة صهينة المكون اليهودي المغربي"، محذرا من "مخاطرها (الصهينة) على السلم الاجتماعي وسلامة النسيج الوطني بإشعال العداوة بين المكون اليهودي وباقي مكونات المجتمع المغربي".

 

وحذر البلاغ، من خطورة "الاستمرار في مثل هذه التحركات التي تدفع باتجاه تقديم الطائفة اليهودية وكأنها امتداد للكيان الصهيوني بالمغرب كجالية إسرائيلية تابعة له".

بدوره، رأى الكاتب العام للمرصد المغربي لمناهضة التطبيع عزيز هناوي، أنه منذ توقيع الاتفاق الثلاثي تم المرور إلى سرعة هستيرية في التطبيع تجاوزت مجرد التطبيع إلى الصهينة المباشرة لقطاعات عمومية كثيرة في الدبلوماسية، الإعلام، والثقافة والاقتصاد والفلاحة والأركيولوجيا. 

وفي 27 نوفمبر 2023، حذر هناوي، خلال مشاركته في برنامج "ملفات وآراء" بالموقع المحلي "هوية بريس"، الطائفة اليهودية بالمغرب من السقوط في الفخ الصهيوني.

وأضاف هناوي، أن هناك محاولات لقرصنة اليهود المغاربة المقيمين بالمغرب ليصبحوا جالية مغربية تابعة لمكتب الاتصال الإسرائيلي بالرباط.

وتابع الناشط المدني في مناهضة التطبيع، أن هذه المحاولات تسعى لـ"مغربة صهاينة إسرائيل" مقابل "أسرلة يهود المغرب"، وبالتالي لن يبقى أي يهودي مغربي إذ سيصبح الكل إسرائيليا. 

انتماء شكلي

وفي تعليقه على تحذيرات سياسيين وفاعلين مدنيين من صهينة المكون اليهودي، قال الكاتب والمفكر المغربي إدريس الكنبوري، إن "صهينة المكون اليهودي بالمغرب قديمة ترجع إلى بداية القرن الماضي مع بدء دخول الدعاية الصهيونية إلى المغرب".

وأضاف الكنبوري، في حديث لـ"الاستقلال"، أن يهود المغرب لم يسبق لهم أن أدانوا العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين.

وأكد أن "ما يشهد على هذا الأمر هو الرسالة التي وجهها من يسمون أنفسهم إسرائيليين من أصل مغربي إلى الملك محمد السادس، عندما طالبوه بالوقوف مع إسرائيل وإدانة المقاومة الفلسطينية".

وفي 14 نوفمبر 2023، كشفت مواقع محلية أن شمعون أحيون، رئيس ما يسمى "منظمة الإسرائيليين من أصل مغربي"، بعث رسالة إلى ملك المغرب محمد السادس، وتتضمن "نوعا من العتاب للمملكة المغربية التي سمحت لمواطنيها بالخروج في مسيرات ضخمة تضامنية مع الشعب الفلسطيني".

ورأى الكنبوري، أن "كون يهود المغرب هاجروا إلى إسرائيل وأخذوا جنسيتها فإن معناه أنهم تبنوا المشروع الصهيوني"، مضيفا أن الصهينة بدأت مع الهجرة.

وأردف أن ما يؤكد ذلك هو موقفهم الصامت من العدوان الإسرائيلي وعدم إدانتهم له، ما يعني، حسب الكنبوري، أن "ولاءهم لإسرائيل وليس للمغرب".

وخلص المفكر المغربي، إلى أن انتماء اليهود إلى المغرب مجرد انتماء شكلي وليس عضويا لأنهم منخرطون في المشروع الصهيوني.

من جهته، قال عضو المكتب الوطني للهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة محمد الرياحي الإدريسي، إن هناك العديد من الوقائع التي تبين السعي الحثيث لصهينة اليهود المغاربة وربطهم بالمشروع الصهيوني الذي يقوم على قتل الفلسطينيين وتهجيرهم من فلسطين.

وأضاف الرياحي الإدريسي، في حديث لـ"الاستقلال"، أن هذا السعي يتجلى من خلال مجموعة من الأحداث والوقائع من قبيل احتفال اليهود بما يسمى "عيد استقلال إسرائيل" بمدينة مراكش، بالتعاون مع المنظمة الصهيونية العالمية، عادا هذا "فعلا غاية في الخطورة".

واعتبر أن هذه الممارسات وغيرها تؤكد "وجود أجندة لصهينة ما تبقى من المكون اليهودي بالمغرب وتحويلهم لجالية "إسرائيلية" بالمغرب".

وسجل أن محاولات الصهينة ازدادت حدتها بعد توقيع المغرب على اتفاقية التطبيع المشؤومة سنة 2020 وما تبعها من اتفاقيات في مجالات متنوعة وُصفت "بالتسونامي التطبيعي المغربي".

فتيل العداوة

وعن خلفيات محاولات صهينة المكون اليهودي بالمغرب، رأى الرياحي الإدريسي، أن هناك سعيا حثيثا من أجل توسيع دائرة الصهاينة في العالم الداعمين للمشروع الصهيوني.

وأردف أن هناك سعيا لتوسيع هذه الدائرة ووصفها بأنها امتداد و"جالية إسرائيلية" تعتمد نفس التوجهات وتؤمن بفكرة شعب الله المختار وبأن باقي الشعوب مجرد خدام للسيد اليهودي المنتفخ علوا وحقدا وكراهية.

وأكد الرياحي الإدريسي، أن "الصهاينة هم جرثومة الفساد في الأرض وأنهم غدة مَرَضية في جسم البشرية، أين ما حلوا حل معهم الفساد والإفساد في الأرض".

ومن باب الإنصاف، يقول الرياحي الإدريسي، إنه لا يوجد تطابق بين اليهودية والصهيونية، إذ ماتزال قلة من اليهود تعارض المشروع الصهيوني الاستيطاني التوسعي.

وأضاف أن هذه القلة لا توافق على إنشاء كيان خاص باليهود بالغصب والغدر والقتل، بالأحرى أن يكون استعمارا وحشيا يقتل الأطفال والنساء والشيوخ ويهدم البيوت على أهلها ويجرف الأراضي ويستولي على المساكن بقوة الحديد والنار.

وأمام "عملية صهينة" المكون اليهودي بالمغرب، يُطرح سؤال عن مدى خطورة هذه العملية على أمن المغرب وتماسك نسيجه الاجتماعي؟

الكاتب والمفكر المغربي إدريس الكنبوري، قلل من خطورة "صهينة المكون اليهودي بالمغرب"، على تماسك النسيج المجتمعي بالمغرب.

ورأى الكنبوري، في حديث لـ"الاستقلال"، أن "ما يحصل يجرى على المستوى الرسمي، أما على المستوى الشعبي فالمغاربة منذ زمن طويل مع القضية الفلسطينية، والمسيرات والمظاهرات التي حصلت دليل على هذا".

ومنذ بدء الحرب على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، والشارع المغربي ينظم تظاهرات ومسيرات تضامنا مع الشعب الفلسطيني، وتنديدا بجرائم الكيان الصهيوني.

وفي المقابل، حذر عضو المكتب الوطني للهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة محمد الرياحي الإدريسي، من خطورة محاولات صهينة المكون اليهودي بالمغرب.

وأكد الرياحي الإدريسي، في حديث لـ"الاستقلال"، أن "صهينة" المكون اليهودي تهدد السلم الاجتماعي وتسعى لإشعال فتيل العداوة بين المكون اليهودي وباقي مكونات المجتمع المغربي.

وخلص إلى أن الحل الأمثل للحد من هذه الظاهرة الخطيرة التي تهدد استقرار المغرب، هو التراجع عن اتفاقية التطبيع مع الكيان الصهيوني المجرم والقاتل، وما تبعها من خطوات كثيرة في عدة مجالات والإنصات لصوت الشعب المغربي الرافض للمشروع الصهيوني ولممارسات الصهاينة في فلسطين . 

الكلمات المفتاحية