جنرال إسرائيلي يحذر: برميل بارود يحيط بتل أبيب.. هذه الجبهات تهددها

منذ ١٢ ساعة

12

طباعة

مشاركة

تواجه إسرائيل لحظة فارقة في تاريخها، إذ تقف على حافة الانهيار وسط عزلة دولية متزايدة وانقسام داخلي حاد وتآكل في قدرات الجيش، إلى جانب استعدادات متسارعة من دول الجوار لاحتمال اندلاع حرب إقليمية.

خلاصة توصل إليها اللواء الإسرائيلي "احتياط" إسحاق بريك في مقال أكّد فيه أن تل أبيب "على شفا الانهيار" بسبب المخاطر الكبيرة المحيطة بها جراء مواصلتها العدوان على قطاع غزة منذ 23 شهرا.

ورأى بريك في مقاله بصحيفة "معاريف" العبرية أنه "في ظل عجز مالي كبير، لا يبدو أن هناك مخرجا سوى وقف الحرب فورا والانخراط في تعاون إقليمي وغربي واسع النطاق لإنقاذ إسرائيل".

وأبدى دهشته من عدم إدراك الكثيرين حوله حقيقة المخاطر التي تحيط بتل أبيب، "فالعلاقات الدولية مع إسرائيل تشهد تدهورا غير مسبوق، وتفقد تدريجيا روابطها مع العالم في مجالات الاقتصاد والثقافة والسياحة والتعاون العسكري".

في المقابل، لفت بريك إلى "تصاعد موجات العداء للسامية، وخروج مظاهرات ضخمة تضم ملايين المحتجين ضد إسرائيل في أوروبا وآسيا وأستراليا وأميركا". وفق تقديره.

وحذَّر من أن “هذا التحول جعل إسرائيل دولة منبوذة بنظر معظم بلدان العالم”، مبينا أنه قد يصعب على مواطنيها قريبا السفر إلى الخارج دون مواجهة قيود أو تهديدات.

ووصف خطورة الوضع قائلا: "الأمور وصلت إلى نقطة اللاعودة، وحتى في حال توقف الحرب، فإنها لن تعود إلى سابق عهدها".

وتابع: "فالعزلة الدولية، والمقاطعات الاقتصادية والثقافية، وحظر توريد الأسلحة، وانهيار العلاقات الدبلوماسية، كلها عوامل كفيلة وحدها بإسقاط الدولة من الداخل".

انفجار داخلي 

وعلى الصعيد الاجتماعي، ينوّه بريك إلى أن إسرائيل "تقف على شفا انفجار داخلي؛ حيث تتعمق الكراهية بين التيارات السياسية المختلفة، وبين المتدينين والعلمانيين، وبين اليهود والعرب". ويخشى من أن "يؤدي هذا الانقسام الحاد إلى تفكيك المجتمع الإسرائيلي".

ولمواجهة هذا التهديد، شدَّد على ضرورة "تحقيق توافق وطني حقيقي وتعاون جماعي لتجاوز الأزمات المتلاحقة، وإلا فستكون فرص إنقاذ الدولة شبه معدومة".

وأمنيا، يشير إلى أنه "رغم ما تحقق من إنجازات في الحرب ضد إيران وحزب الله وسوريا (سقوط النظام ومن ثم فرض واقع جديد)، فإن النظرة الشاملة إلى المشهد الإقليمي تكشف عن تدهور متسارع في الوضع الأمني، إلى درجة قد تعجز فيها إسرائيل عن الدفاع عن نفسها في حرب إقليمية مقبلة".

وعزا ذلك بالقول: "فعلى سبيل المثال، حزب الله لم يُهزم بشكل كامل رغم الضربات القوية التي تلقاها"؛ إذ لا يزال لديه مئات الكيلومترات من الأنفاق المنتشرة بجميع أنحاء لبنان، ويمتلك آلاف الأسلحة القادرة على إلحاق أضرار جسيمة بشمال إسرائيل. وفق تقديره.

وذكر أن "وحدة الرضوان التابعة له ترفض التخلي عن سلاحها، رغم تهديد الحكومة اللبنانية بأن ذلك قد يؤدي إلى حرب أهلية".

وهو سيناريو يعتقد بريك أنه "لن يكون في مصلحة إسرائيل، خاصة أن الجيش اللبناني ضعيف، وبعض وحداته تتعاون مع حزب الله".

ووفقا له، فإن "هذا الواقع يفرض على إسرائيل أن تكون في حالة تأهب دائم، وأن تدرك أن حزب الله سيقاتلها من الشمال في أي حرب إقليمية مقبلة، وهو سيناريو لم يستعد له الجيش الإسرائيلي بعد".

أكثر خطورة

ولا تقل الأوضاع في سوريا خطورة؛ إذ يقدر بريك أن "إسقاط الجماعات الجهادية المدعومة من تركيا لنظام (بشار) الأسد خلق تهديدا جديدا لا يقل خطورة عن التهديد السابق الذي شكله محور الشر المتمثل في إيران وسوريا". وفق وصفه.

ورأى أنه "بدلا من الإيرانيين، دخل الأتراك إلى المشهد؛ حيث أرسلوا قوات عسكرية إلى سوريا ويستعدون لمواجهة إسرائيل".

واستطرد: "من المعروف أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان صرح مرارا وتكرارا بأنه لا يرى مكانا لوجود دولة إسرائيل في الشرق الأوسط".

"لذلك، يعد أردوغان اليوم عدوا أكثر خطورة من الإيرانيين، خاصة أن قواته العسكرية تتمركز داخل الأراضي السورية". حسب تقييم اللواء بريك.

في الوقت ذاته، يرى أن "النظام الجهادي المتطرف في سوريا يشكل، بالتوازي مع التهديد التركي، خطرا متصاعدا على إسرائيل في السنوات القادمة دون أن تبدي الأخيرة أي استعداد لمواجهة ذلك". وفق زعمه.

على الجبهة الشرقية، الممتدة على طول نحو 400 كيلومتر بين إسرائيل والأردن، زعم بريك أن "الفلسطينيين، الذين يشكلون الأغلبية في المملكة يعملون على تشكيل خلايا إرهابية على طول الحدود بدعم من الإيرانيين".

وتوقع أن "تتضاعف قوة هذه الخلايا خلال السنوات المقبلة بشكل يفوق بكثير قوة حركة (المقاومة الإسلامية) حماس اليوم".

مصر والضفة

على الجبهة الجنوبية، سلط بريك الضوء على القدرات العسكرية المصرية قائلا: "يعد الجيش المصري ضمن الأقوى في المنطقة، ويتألف من 16 فرقة برية، منها 4 مدرعة، و8 فرق آلية، و4 مشاة، بالإضافة إلى عدد من الألوية والوحدات المستقلة التي تشكل جزءا من القوة البرية".

كما يمتلك الجيش المصري قوة مدرعة ضخمة تضم أكثر من 3,600 دبابة و2,500 قطعة مدفعية، إلى جانب سلاح جو حديث يضم مئات الطائرات، وأسطول بحري يعد الأقوى في المنطقة. وفق تقديره.

وتكمن الإشكالية -بحسب بريك- أن "مصر لطالما انتهكت بنود اتفاقية السلام، والدليل على ذلك أنه يتمركز في سيناء حاليا أربعة أضعاف القوات المسموح بها بموجب الاتفاق".

بل إن بعض هذه القوات تتمركز قرب الحدود الإسرائيلية في مخالفة صريحة للاتفاقية، وفق قوله.

وأضاف: "علاوة على ذلك، بنت مصر طرقا سريعة في سيناء تمتد من قناة السويس إلى الحدود مع إسرائيل، بالإضافة إلى أكثر من 100 جسر فوق وتحت القناة لتسهيل نقل القوات العسكرية بسرعة إلى شبه الجزيرة في حالة الحرب".

وتابع: "كما أقامت مصر مستودعات للوقود والذخيرة والمعدات العسكرية في سيناء، إلى جانب مهابط للطائرات المروحية، في إطار استعداداتها لاحتمال نشوب مواجهة عسكرية".

وزعم أن التدريبات والمناورات العسكرية المصرية تستهدف تل أبيب وأنه بقرار واحد من رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي ستدخل المنطقة حربا إقليمية ضد إسرائيل، في وقت لا تمتلك فيه الأخيرة القدرة على مواجهة ذلك.

وفيما يخص الضفة الغربية، قدر بريك أنها "بمثابة برميل بارود ينتظر لحظة الانفجار، وهو أمر يبدو أنه مسألة وقت لا أكثر".

تآكل القدرات 

بالإضافة إلى تلك التهديدات، يبرز تحد آخر أمام إسرائيل، إذ يعتقد بريك أن "المؤسسة العسكرية تعاني من تآكل واضح في قدراتها، بسبب استنزاف جميع الموارد خلال العامين الماضيين نحو الحرب ضد حركة حماس، دون أن يتمكن الجيش من حسم المواجهة".

وعزا ذلك إلى "تقلص حجم الجيش إلى ما يقرب من ثلث حجمه قبل عشرين عاما، مع تراجع ملحوظ في جودته نتيجة نقص التدريب والخدمات اللوجستية والصيانة".

وبحسب بريك، يعود هذا التدهور جزئيا إلى "خصخصة العديد من المنظومات العسكرية لصالح شركات مدنية، إلى جانب أزمة كبيرة في توفر القوى البشرية القتالية، سواء في الخدمة النظامية أو في صفوف الاحتياط، بسبب عشرات الآلاف من الجرحى والقتلى".

من هذا المنطلق، يتساءل الجنرال العسكري: “كيف يمكن لجيش يعجز عن التعامل مع جبهة واحدة أن يواجه عدة جبهات حال اندلاع حرب إقليمية؟”

وذكر أن "التهديدات القادمة من حزب الله وسوريا وتركيا والأردن ومصر والضفة الغربية تفوق بمئات المرات تهديد حماس، ومع ذلك، لا يبدو أن الجيش يستعد لهذه التحديات بالشكل المطلوب".

وعلى صعيد أوسع، لفت إلى أن إيران "تستعيد قوتها بسرعة مقلقة، فهي تنتج آلاف الصواريخ والطائرات المسيرة الجديدة، بعضها يتمتع بقدرات مناورة متقدمة، وبعضها الآخر قادر على الانقسام وضرب أهداف متعددة".

كما زعم أن "إيران تمتلك أكثر من 400 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 بالمئة، وهي كمية كافية لتصنيع قنابل نووية خلال فترة زمنية قصيرة".

فضلا عن ذلك، يقدر بريك أن إيران تعمل على إعادة تأهيل مواقعها النووية التي تضررت خلال حرب الأيام الاثني عشر (خلال يونيو/حزيران 2025)".

وتابع: "إلى جانب ما سبق، تعزز إيران دفاعاتها الجوية لحماية مواقعها من الطائرات الإسرائيلية".

مأزق خطير 

وعلى المستوى الاقتصادي، يرى بريك أن إسرائيل "تواجه فجوة مالية هائلة نتيجة استمرار الحرب التي فقدت منذ فترة طويلة هدفها".

هذه الأزمة المالية" ستعيق بعد انتهاء الحرب إعادة بناء قطاعات حيوية مثل التعليم والصحة والثقافة والجيش، فضلا عن إصلاح البنية التحتية التي دُمرت على امتداد البلاد". وفق تقديره.

كما يرى أن الأمر يتعدى ذلك إلى ضرورة معالجة الآثار النفسية والجسدية للجنود وإنعاش قطاع السياحة، وغيرها من الملفات الأخرى.

في المحصلة، يصف إسحاق بريك المشهد في إسرائيل اليوم قائلا: "إننا في مأزق خطير نتيجة قيادة حكومية فقدت بوصلتها، وجمهور غير مدرك تماما لخطورة الوضع، وتيارات متطرفة تدمر كل فرصة للتقدم".

ومن وجهة نظره، فإن "الحل الوحيد للخروج من هذا المأزق يكمن في وقف الحرب وإبرام اتفاقيات مع دول أخرى في الشرق الأوسط، بالتعاون مع الولايات المتحدة ودول أوروبا لتشكيل محور غربي يواجه محور الشر"، وفق وصفه.

وعلى صعيد الجبهة الداخلية، دعا بريك إلى "التكاتف الداخلي، رغم الخلافات، والتركيز على القضايا المشتركة التي يتفق عليها الجميع، كالاقتصاد والأمن والتعليم والطب والثقافة والعلاقات الدولية السليمة".

واختتم اللواء الإسرائيلي مقاله محذرا: "كلما طال الوقت، ضاقت الفرص أمام إسرائيل للخروج من هذا المأزق".