فيديو لأسرى إسرائيليين في شوارع غزة واشتباك سياسي بين القاهرة وتل أبيب

شدوى الصلاح | منذ ٤ ساعات

12

طباعة

مشاركة

بالتزامن مع بدء الكيان الإسرائيلي عملية عسكرية لاحتلال مدينة غزة والسيطرة على أحيائها، ودفع سكانها للنزوح قسرا، بثّت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس فيديو لجنود إسرائيليين لديها هاجموا حكومتهم، تبعه الاحتلال بتنفيذ تهديداته بـ"فتح أبواب الجحيم" على غزة.

القسام بثت في 5 سبتمبر/أيلول 2025 مقطع فيديو لجنود إسرائيليين لديها، قالوا فيه: “اعتقدنا أننا أسرى لدى حماس لكن الحقيقة أننا أسرى لدى حكومتنا، لدى نتنياهو وبن غفير وسموتريتش”. قاصدين بذلك كلا من رئيس الوزراء الإسرائيلي، ووزيري الأمن القومي والمالية.

ولأول مرة منذ عملية تبادل الأسرى بين الاحتلال وحماس في فبراير/شباط 2025، ظهر الجندي الإسرائيلي غاي دلال وهو يتحدث من داخل سيارة تتجول في أماكن علنية داخل مدينة غزة، التي يهدّد الجيش الإسرائيلي باحتلالها.

ودعا الإسرائيليين في الفيديو الذي قال إنه مسجّل في 28 أغسطس/آب، إلى إحداث فوضى وتمرد ضد الحكومة لحملها على إبرام صفقة لإطلاق سراحه.

وقال دلال: "سنبقى بمدينة غزة بغض النظر عن هجوم الجيش الإسرائيلي (الذي كان مرتقبا آنذاك على غزة)، وهذا يعني أنني وأكثر من 8 أسرى سنموت هنا"، مؤكدا أنه يعيش "كابوسا حقيقيا" منذ أكثر من 22 شهرا في الأسر.

وحمّل الحكومة الإسرائيلية المسؤولية عن حياة الأسرى لدى حماس والجنود المشاركين في حرب الإبادة التي ترتكبها تل أبيب بحق الفلسطينيين، متحدثا عن معاناته جراء نقص الغذاء والغاز والكهرباء، وقال: إنه والأسرى ومعهم 2 مليون فلسطيني في غزة يواجهون صعوبات.

وبالتوازي مع ذلك، قال وزير دفاع الاحتلال يسرائيل كاتس: إن حكومته "تفتح أبواب الجحيم الآن على مدينة غزة، وعندما يُفتح الباب لن يُغلق، وسيزداد نشاط الجيش حتى تقبل حماس بشروط إسرائيل لإنهاء الحرب، وعلى رأسها إطلاق سراح جميع الرهائن، ونزع سلاحهم، وإلا فسيتم القضاء عليهم".

وجاءت تصريحات كاتس رغم موافقة حماس في 18 أغسطس 2025، على مقترح للوسطاء بشأن صفقة جزئية لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى في غزة، إلا أن إسرائيل لم ترد على الوسطاء، رغم تطابق بنوده مع مقترح أميركي سابق وافقت عليه تل أبيب.

وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال مؤتمر صحفي في 5 سبتمبر: إن مفاوضات وصفها بأنها "عميقة للغاية" تجرى حاليا مع حماس بهدف إطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين لديها. مضيفا أن وضع حماس "سيكون صعبا وقاسيا إذا لم تقم بذلك".

وأكد أن الخيار في ذلك يعود لإسرائيل، مشيرا إلى أن الاحتجاجات الكبيرة في إسرائيل بشأن الأسرى لدى المقاومة الفلسطينية في غزة تضع إسرائيل في موقف صعب. 

وأعرب ترامب عن اعتقاده بأن من بين المحتجزين العشرين الأحياء لدى المقاومة في غزة ربما يكون هناك من تُوفُوا خلال الفترة الأخيرة.

وبعد ساعات من وعيد كاتس، صعّد الاحتلال مراحل الإبادة وقصف المباني السكنية العالية التي تؤوي أعدادا كبيرة من النازحين، واستهدف "برج مشتهي"، المتعدد الطوابق غرب مدينة غزة والذي يؤوي مئات الفلسطينيين ويقع بمنطقة تضم عشرات آلاف النازحين.

ويعد المبنى واحدا من المباني القليلة المتبقية في مدينة غزة، قبل أن ينال منه القصف الأخير، حاله كحال معظم مباني القطاع التي نالتها الغارات الإسرائيلية.

ولم يمهل الجيش العائلات المقيمة داخل المبنى سوى أقل من ساعة واحدة لإخلائه قبل قصفه مرتين بسلسلة غارات شنتها المقاتلات الحربية أدت إلى تدميره بالكامل.

وبذلك يكون جيش الاحتلال قد بدأ مرحلة جديدة من الحرب تزامنا مع انطلاق عمليته البرية الهادفة لاحتلال غزة وتهجير أكثر من مليون فلسطيني بين ساكن ونازح بالمدينة إلى جنوب القطاع.

وعدت “حماس” إعلان كاتس تصعيد العمليات العسكرية ضد مدينة غزة "يمثل تحديا خطيرا للقانون الدولي والأعراف الإنسانية واعترافا بالنوايا الإجرامية لتدمير المدينة وتهجير سكانها".

وأضافت أن "استهداف جيش الاحتلال الفاشي للأبراج السكنية المكتظة بالسكان والنازحين يأتي في سياق محاولاته الإجرامية لدفع أهالي المدينة إلى الهجرة قسرا، وهو ما يرقى إلى جريمة ضد الإنسانية".

وشددت على أن "ادعاءاته الكاذبة باستخدام هذه الأبنية من قِبل المقاومة ليست سوى ذرائع مكشوفة لتمرير جريمته الوحشية وتضليل الرأي العام العالمي". لافتة إلى أن تصريحات كاتس بشأن "إخلاء المباني" قبل قصفها "تكشف سياسة تهجير ممنهج تحت النار.

وأضافت حماس أن تصريحات كاتس تؤكد أن الاحتلال "يستعمل المدنيين كرهائن لفرض شروطه، في ابتزاز سياسي مخالف للقانون الدولي"، داعية المجتمع الدولي ومجلس الأمن الدولي والمؤسسات القضائية الدولية إلى "التحرك فورا لوقف الفاشية الصهيونية المنفلتة من عقالها".

ودعت إلى لجم مجرمي الحرب قادة الاحتلال، ومحاسبتهم على أفعالهم التي تهدد الأمن والسلم الإقليمي والدولي، مطالبة بفرض "عقوبات دولية رادعة، على تقدير أن استهداف المباني المدنية جريمة حرب حتى مع توجيه الإنذارات، وأن التدمير الواسع للأعيان المدنية يدخل ضمن الجرائم الدولية".

وفي اشتباك سياسي مباشر بين الجانب المصري والاحتلال الإسرائيلي، صرح نتنياهو عن استعداده لفتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني الخاضع لسيطرة إسرائيل بهدف إخراج الفلسطينيين، زاعما أنه سيتم إغلاقه فورا من مصر.

وزعم في مقابلة مع قناة "أبو علي إكسبرس" (العبرية) على منصة تلغرام، أن "هناك خططا مختلفة لكيفية إعادة إعمار غزة، لكن نصف السكان يريدون الخروج من غزة". مدعيا أن "هذا ليس طردا جماعيا".

ومضى في مزاعمه: "أستطيع أن أفتح لهم معبر رفح، لكن سيتم إغلاقه فورا من مصر". مدعيا أن "الحق في الخروج من غزة هو حق أساسي لكل فلسطيني".

وأكمل: "أنا و(الرئيس الأميركي دونالد) ترامب متفقان تقريبا على كل شيء، بل أقول على كل شيء"، دون تفاصيل أكثر، غير أن ترامب يدعم بشدة خطط نتنياهو لتهجير الفلسطينيين وأعطاه الضوء الأخضر للقيام بذلك.

إلا أن مصر شددت على أنها "لن تكون أبدا شريكا في تصفية القضية الفلسطينية أو أن تصبح بوابة التهجير، وأن هذا الأمر يظل خطا أحمر غير قابل للتغيير". معربة عن "بالغ استهجانها للتصريحات المنسوبة لنتنياهو بشأن تهجير الفلسطينيين خارج أرضهم بما في ذلك عبر معبر رفح".

وجددت "تأكيدها على إدانة ورفض تهجير الشعب الفلسطيني تحت أي مسمى، سواء قسرا أو طوعا، من أرضه من خلال استمرار استهداف المدنيين والبنية التحتية المدنية ومناحي الحياة المختلفة لإجبار الفلسطينيين على المغادرة".

وأكدت الخارجية المصرية أن "تلك الممارسات تعد انتهاكا صارخا للقانون الدولي الإنساني وترقى لجرائم التطهير العرقي"، مناشدة المجتمع الدولي "تفعيل آليات المحاسبة على تلك الجرائم المعلنة".

وطالبت بـ"مواجهة حالة الفوضى التي تسعى إسرائيل لتكريسها في المنطقة، ووقف إطلاق النار في غزة، وانسحاب إسرائيل من القطاع"، وتوفير الدعم الدولي لتمكين السلطة الفلسطينية الشرعية من العودة لغزة.

وردا على بيان الخارجية المصرية، جدد مكتب نتنياهو مزاعم الأخير بأن "القاهرة تفضل سجن سكان غزة داخلها، رغما عن إرادتهم، مع أنهم يريدون مغادرة منطقة الحرب".

وأضاف المكتب في بيان: "خلافا لادعاء وزارة الخارجية المصرية، تحدث نتنياهو عن حرية اختيار كل إنسان لمكان سكنه، فهذا حق إنساني أساسي في كل زمان، خاصة في أوقات الحرب". وفق تعبيره.

وبرز على منصات التواصل الاجتماعي تفاعل واسع مع مجمل المستجدات السياسية والعسكرية؛ إذ أثنى ناشطون على المقطع الذي بثته القسام للأسرى وتحدثوا عما يحمله من دلالات ورسائل، مستنكرين تصعيد الاحتلال عملياته العسكرية واستهدافه المباني والنازحين.

وأثنوا على رد الجانب المصري على تصريحات نتنياهو وهجوما لأول مرة على رئيس وزراء الاحتلال، وعدو موقفها خلعا لقفازات الدبلوماسية في وجه كيان محتل يواصل تمرير خططه التوسعية، وتمنوا أن تتخذ مصر مواقف أكثر قوة وصرامة بوجه الكيان ورئيس وزرائه.

واستنكروا عبر تغريداتهم وتدويناتهم على منصتي “إكس” و"فيسبوك" ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #غزة_تحت_القصف، #غزة_تباد، #جرائم_حرب، #الخارجية_المصرية، #نتنياهو وغيرها، تصريحات نتنياهو ردا على بيان الخارجية المصرية، وصنفوه "وقاحة سياسية".

تحليلات وقراءات

وفي تحليل لفيديو الأسيرين ودلالاته وتسليطا للضوء على وقعه على الاحتلال، قال المحلل السياسي ياسين عز الدين: إن في الفيديو نرى حجم التحدي الاستخباري، فهما لم يكونا في سيارة تتجول بشوارع المدينة فحسب، بل أحدهما ظهر في فيديو سابق بالنصيرات وحاليا أصبح في مدينة غزة، أي أن رجال القسام نقلوه متجاوزين منطقة نتساريم.

وأشار إلى أن الأسير الآخر يظهر للمرة الأولى في الفيديوهات، مؤكدا أن الفيديو يظهر مدى سيطرة وقوة القسام الاستخبارية، ويؤكد أن الورقة الوحيدة بيد الاحتلال هي الإجرام بحق المدنيين وإبادتهم.

وأكدت مها عوني، أن الاحتلال جن جنونه بعد فيديو الأسيرين، ويريد تدمير كل الأبراج في مدينة غزة.

وعدد ‎عمرون عبد المالك الرسائل التي يحملها مقطع الأسيرين، وظهورهما في مكان علني، منها توجيه ضربة نفسية مركزة، وكسر السردية الصهيونية بأن الأسرى ليسوا أشباحا كما يدّعي الاحتلال، بل حاضرون في قلب غزة، وردع عسكري مباشر لأن أي عملية أو قصف متهور تعني أن حياة الأسرى ستكون الثمن الأول.

وأشار إلى أن المقطع جاء تصعيدا للحرب النفسية؛ لأن المشهد يضغط على المجتمع الإسرائيلي ويزيد الانقسام الداخلي حول خيارات حكومته، بالإضافة إلى أنه أظهر الثقة والسيطرة، وأن المقاومة تتحرك علنا رغم القصف والمراقبة، وتمسك بزمام الميدان والتفاوض. 

كما حمل رسالة تقول: إن "غزة تقاتل بالعقل كما بالسلاح، وتفرض معادلة قوة جديدة في كل تفصيل".

ورصد الصحفي فايد أبو شمالة، ثلاث ملاحظات على فيديو القسام: الأولى، توقيته حيث تم تسجيله قبل نحو أسبوع أي أثناء الهجمات الصهيونية المكثفة على غزة، والثانية تحرك الأسير في سيارة يظهر من خلال نوافذها ملامح من مدينة غزة للتأكيد أن الأسير موجود فيها، وهو يذكر وجود ثمانية آخرين ويتم خلال الفيديو جمعه مع أسير آخر. 

ولاحظ أيضا أن الأسير يعرف كل التطورات المحيطة به وليس في عزلة عن الواقع، وهو يُحمّل نتنياهو وابن غفير وسموتريتش المسؤولية عن حياتهم.

وأكدت الصحفية ديما الحلواني، أن ما نشرته القسام ليس مجرد فيديو، بل صفعة أمام الكاميرا، أسير يتحدث بحرية، يسخر من قادته، يصفهم بالكاذبين، ويكشف حجم التخلي عنه.

وقال: إن غزة المحاصرة صارت مِرآة تفضح تل أبيب: من وسط الركام والدمار، خرجت رسالة تُذكّر "إسرائيل" أن الوقت لا ينفد على الأسرى فقط، بل على قادتها أيضا.

ونشر عبدالجبار سعدالله، صورتين الأولى للأسير غاي دلال خلال تسليم الدفعة السابعة من أسرى الاحتلال بتاريخ 22-02-2025 في النصيرات؛ حيث أحضرته القسام في سيارة ليشاهد مراسم تسليم رفاقه الأسرى، والثانية نشرتها الكتائب اليوم لنفس الأسير، موجها التحية للقسام وعقول أبطاله وإرادتهم وشجاعتهم.

نوايا إجرامية

وتنديدا بإعلان وزير حرب الاحتلال كاتس تصعيد العدوان على غزة، عدّه القيادي في حماس، محمود مرداوي، "اعترافا علنيا بالنوايا الإجرامية لارتكاب إبادة وتهجير قسري".

وأكّد أن استهداف الأبراج السكنية جريمة ضد الإنسانية وابتزاز سياسي تحت النار، داعيا إلى "محاسبة قادة الاحتلال كمجرمي حرب في المحكمة الجنائية الدولية".

وذكر مرداوي بأن المقاومة وافقت في 18 أغسطس 2025 بلا أي ملاحظات أو تأخير على المقترح المصري-القطري، الذي يحظى بدعم عالمي واسع، وحتى واشنطن لم تعترض عليه، مشيرا إلى أن الوحيد الذي عرقله هو نتنياهو، بصمته المريب ومراوغاته، ليؤكد أنه العقبة الكبرى أمام الاتفاق ووقف العدوان.

وعلق الكاتب أحمد عبدالعزيز، على قول كاتس: إن أبواب الجحيم فتحت في غزة، قائلا: "أبواب جنهم فُتحت لك ولعصابتك أيها المجرم الحقير، ولن تُغلق حتى تبلعكم جميعا، بحول الله، على أيدي جنوده وأوليائه في غزة".

وعرض أستاذ العلوم السياسية عبدالله الشايجي، مقطع فيديو يوثق استهداف الاحتلال الأبراج المتبقية في مدينة غزة وأرفقة بصورة من تغريدة لكاتس قال فيها "لقد بدأنا".

واستنكر أن مجرم الحرب كاتس يطبق تهديده بضوء أخضر من مجرم الحرب الأكبر نتنياهو وحكومته المتطرفة بـ"فتح أبواب جهنم على غزة ويُدمر الأبراج المتبقية في المدينة قرب خيام النازحين المهترئة، في تراكم للمجازر وجرائم الحرب" لإجبار الغزيين على "الهجرة الطوعية" كما يزعمون بل هجرة قهرية. 

مبنى مشتهي

واستنكارا للمجازر التي ارتكبها الاحتلال عقب تصريح كاتس ولجوئه لتدمير الأبراج في غزة واستهجانا لصمت العالم، عرضت جومانا ممتاز، مقطع فيديو للحظة قصف مبنى مشتهى في غزة، قائلة: "ينقص الصهاينة الكثير من الحقارة، لينتبه العالم إلى الحضيض الذي وصلت إليه الجرائم بحق الإنسانية".

كما عرض الإعلامي تامر المسحال، مقطع فيديو يظهر لحظة قصف مبنى مشتهي الواقع على شاطئ البحر والذي يعد من أجمل أبراج غزة وأضخمها، مستنكرا تصعيد الاحتلال من إجرامه.

ورصد المحلل السياسي ياسر الزعاترة، دلالات تدمير "برج مُشتهى"، مشيرا إلى أن إعلامي الغزاة لا يترددون في القول: إن بدء تدمير الأبراج، أو ما تبقى منها هو جزء من الضغط على "حماس" لفرض الاستسلام عليها، من جهة، ولكن الأكثر أهمية هو الشروع في برنامج التهجير القسري، أو "القسري الطوعي"، بتعبير أدق.

وقال الزعاترة: "أنظمتنا تواجه ذلك، بجانب تسارع الضمّ والتهجير في الضفة الغربية، عبر البيانات المُندّدة، في وقت تطارد فيه من يفكّر بدعم المقاومة، ولو بفعالية رمزية أو تبرّع".

وأشار الزعاترة إلى أن العقلاء قالوا: إن هذه حرب الصهاينة لتصفية القضية وتركيع المنطقة وصهْينتها، وليست حربا على حماس، لكن الساسة لا يسمعون، وإذا سمعوا فلا شيء لديهم سوى البيانات التي تتجاهل الداعم الأكبر للغزاة (أزعر واشنطن).

وأكد أن معركة الشعب الفلسطيني والأمة صعبة ومريرة، لكن الأحرار "لن يترددوا في خوضها، ولو بلحمهم الحي".

وأكد طارق شمالي أن المحتلين لم يقصدوا البرج بعينه، إنما قصدوا آلاف الخيم المنتشرة حوله لنازحين من مناطق دمرها الاحتلال شرق وشمال غزة.

واستنكر أن ترسانة إسرائيل الممتدة من مخازن السلاح الأميركي مرورا بالنفاق الأوروبي والصمت العربي والخذلان الإسلامي وصولا لحكومة إسرائيلية مجرمة رأس هرمها مطلوب لمحكمة الجنايات الدولية بتهمة ارتكاب جرائم إبادة جماعية "كلهم يستهدفون نازحا فلسطينيا جائعا مشردا نحيلا هزيلا لا تؤويه إلا خيمة تبرعت له بها مشكورة دول العالم الحر الحريصة على حقوق الإنسان وحريته وكرامته!".

سجال سياسي

وعن هجوم نتنياهو على الخارجية المصرية وتقيما لبيانها، رأى خبير إدارة الأزمات مراد علي، أن البيان المصري الناقد لتصريحات رئيس وزراء الاحتلال حول فتح معبر رفح لتهجير أهل غزة خطوة للأمام، مشيرا إلى أنها المرة الأولى التي تنتقد فيها الوزارة نتنياهو شخصيا. 

وتمنى أن يخرج التصريح من رئاسة الجمهورية، قائلا: "مازلنا ننتظر خطوات عملية مثل قطع العلاقات التجارية وإغلاق المجال الجوي أمام الطائرات الإسرائيلية".

وأشار الأكاديمي أحمد سليمان إلى أن بيان الخارجية أكد كالعادة على أن التهجير القسري أو الطوعي "ظلم لن نشارك فيه".

ووصف رد نتنياهو على بيان الخارجية المصرية بأنه "مضحك وكوميدي"، لأنه بيقول: إن “مصر الوحشة حابسة سكان غزة اللي عايزين يمشوا من منطقة الحرب!”.

وأضاف: “واضح أن دي النغمة الجديدة اللي هتشتغل عليها إسرائيل، وغالبا ده هيحصل بدعم أميركي: الناس عايزة تمشي تمنعوهم ليه؟”

وتهكم على حديث مكتب نتنياهو في سياق رده على الخارجية المصرية عن "حرية كل إنسان في اختيار مكان سكنه"، ساخرا القول: "ده لأن إسرائيل في موضوع حقوق الإنسان ماتتوصاش، خصوصا حق السفر والتنقل، لكن حق الحياة ده مش مهم أوي".

واستنكر الكاتب إبراهيم حمامي قول مجرم الحرب نتنياهو في رده على بيان الخارجية المصرية: إن "لكل شخص الحرية في اختيار مكان إقامته وهو حق أساسي من حقوق الإنسان في جميع الأوقات، خاصة في الحروب".

ورد على نتنياهو قائلا: "اختيار شعبنا الوحيد والواضح يا مجرم، العودة للمدن والبلدات والقرى الأصلية في يافا وحيفا وعكا وصفد والرملة وبئر السبع وغيرها من مناطق بلادنا وبلاد آبائنا وأجدادنا.. وسنعود حتما طال الزمن أو قصر".

وقالت تهاني عبدالسلام: "لازال تأطير القضية وتغليفها المحكم من الاحتلال مستمرا، مصرون على إبدال الحق باطل والباطل حق".

واستنكرت قول نتنياهو: إن الخارجية المصرية تفضل حبس سكان يريدون الخروج من غزة رغم رغبتهم في مغادرة منطقة حرب خلافا لإرادتهم، وإن حتى لو إسرائيل فتحت معبر رفح مصر هتقفله من جهتها.

وسخرت عبدالسلام قائلة: "طبعا وقتها أنت رغبتك تهجير الناس من أرضها ونقل الأزمة للعمق المصري وتهديد أمنها القومي"، داعية العرب لفهم خيوط اللعبة.

وأشارت إلى قول وزير الطاقة الإسرائيلي صراحة "لا توجد دولة ما بين النهر والبحر إلا إسرائيل".

ورأى البيومي السمنودي، أن أقل رد مصري على استهبال هذا النتنياهو المجرم المستذكي، أن "تطالب بتفعيل أحكام المحكمة الجنائية الدولية بالقبض على النتنياهو وكل زملاء وشركاء جرائمه ضد غزة وأهلها".

وعد الصحفي تامر أبو عرب بيان نتنياهو كاشفا للسيناريو الذي رسمه منذ اليوم الأول للحرب وهو تحويل القطاع إلى خراب ومكان غير صالح للحياة ودفع السكان ناحية الجنوب ليكونوا مضطرين للهروب بعمرهم وبأولادهم بحثا عن الأمان. مشيرا إلى أن هذا كله حصل حتى الآن ما عدا تفصيلة واحدة وهي فتح معبر رفح أمام الفلسطينيين المدفوعين للتهجير القسري. 

ولفت إلى حدوث ضغوط كبيرة على مصر طوال الشهور الماضية ناعمة بالترغيب وخشنة بالترهيب ومتنكرة باستخدام ورقة حصار ومهاجمة السفارات، وهذا كله حتى الآن لم يأت نتيجة ولذلك "بقى الكلام على عينك يا تاجر".

وذكر أبو عرب بأن “معبر رفح هو واحد من 7 معابر أخرى موجودة في غزة، وفيه 6 معابر غيرهم موجودين بين القطاع والأراضي المحتلة”، ساخرا بالقول: "يقدر الرومانسي الرحيم نتنياهو يفتحهم لأهالي غزة ويديهم فرصة للنجاة والاختيار والحياة على أرضهم التاريخية، لكن لأ، الاختيار لازم يكون ناحية مصر بس لأنه الخروج الوحيد اللي هيكون أبدي وبلا عودة في نكبة أكبر من نكبة 48".