يريد منعهم من التصويت.. لماذا يخشى اليمين الإسرائيلي من الناخبين العرب؟

منذ ٧ أشهر

12

طباعة

مشاركة

بصورة لافتة، تسعى حكومة بنيامين نتنياهو الأكثر تطرفا في الكيان الإسرائيلي جاهدة لإقصاء المرشحين العرب أو تقييد حق التصويت للعرب في الانتخابات العامة، مستغلة تصاعد الخطاب العنصري.

وفي هذا السياق، تتحدث صحيفة "زمان إسرائيل" عن دور الصوت العربي في الانتخابات الإسرائيلية عام 2026، حيث تقول إن "تفعيل التصويت العربي قد يكون حاسما في تحديد نتائج الانتخابات".

وبالإشارة إلى أن الصوت العربي يعد "محوريا" في الانتخابات، تذكر الصحيفة أن زيادة نسبة التصويت العربي قد تضيف بين 7-10 مقاعد لصالح كتلة غير الائتلاف الحالي، مما قد يغير التركيبة السياسية.

وتلفت الصحيفة إلى أن الحكومة الحالية قد تتخذ إجراءات لإقصاء المرشحين العرب أو تقييد حق التصويت للعرب، مستغلة التصاعد في الخطاب العنصري.

ويطالب كاتب التقرير البروفيسور إيران هالبرين الكتلة الديمقراطية الليبرالية بالتعاون مع المجتمع العربي، مؤكدا أن الديمقراطية الحقيقية تتطلب تمثيلا فعليا للأقليات، بما في ذلك المجتمع العربي.

الخروج عن المألوف

بعد اقتراح القانون الذي قدمه عضو الكنيست أوفير كاتس من حزب الليكود (يتزعمه نتنياهو)، والذي يهدف إلى تسهيل استبعاد المرشحين العرب من الترشح للكنيست، تقول الصحيفة إن "السؤال حول (الصوت العربي) عاد إلى النقاش العام". 

ومن وجهة البروفيسور هالبرين، يعد هذا السؤال أكثر أهمية مما يعتقد معظم الناس، إذ يرى أن “الانتخابات المقبلة ستُحسم بناء على الصوت العربي”.

وأكد أن "هذه المسألة ستكون المحور الذي ستتركز حوله العديد من الأسئلة الأساسية التي ستُثار في هذه المعركة التي ستحدث عاجلا أو آجلا".

وبالحديث عن المعسكر الديمقراطي الليبرالي في إسرائيل، خاصة الجناح الأكثر اعتدالا فيه، يعتقد البروفيسور أنه "سيكون مضطرا هذه المرة للخروج عن طبيعته وعن عاداته فيما يتعلق بهذا الموضوع".

وفي هذا الصدد، يقول: "بدون الخروج عن الإطار المعتاد سنكون أمام أربع سنوات أخرى من حكم نتنياهو وبن غفير، إن هذه المسألة واضحة لا لبس فيها، ويجب اتخاذ القرار الآن وبشكل حاسم".

وفي هذا الإطار، بالنظر إلى الأمر من ناحية المستوى القيمي، تشدد "زمان إسرائيل" على أنه "لا يوجد اختبار أوضح للديمقراطية الجوهرية من مسألة تمثيل الأقليات فيها". 

وبتوجيه الحديث إلى من يناضل بصدق وإخلاص في السنوات الأخيرة من أجل إسرائيل الديمقراطية، يتساءل البروفيسور: "هل يُختصر التمثيل في الديمقراطية الحقيقية على حق التصويت فقط، أم أن التمثيل الحقيقي يجب أن يتضمن على الأقل الإمكانية للجلوس على طاولة صنع القرار والتأثير في مصير مجموعتي ومصير المجتمع بأسره؟".

ومن ناحية أخرى، بالنظر إلى المستوى العملي، يبرز هالبرين أن "الناخب العربي يُعد العامل الحاسم الوحيد في الساحة السياسية الإسرائيلية". 

ففي حين يصوت الجمهور اليهودي بمعدل يتراوح بين 65 و70 بالمئة تقريبا، فإن نسبة المشاركة في التصويت لدى المجتمع العربي أقل بحوالي 15 إلى 20 بالمئة.

ويعني هذا أنه "إذا خرج الناخبون العرب للتصويت بنسبة مماثلة لنسبة التصويت في المجتمع اليهودي، فقد يضيف ذلك بين 7 إلى 10 مقاعد للمعسكر غير المنتمي إلى الائتلاف الحالي، مما سيشكل تغييرا جذريا في المنظومة الحزبية الإسرائيلية ككل". 

وفي المقابل، تنوه الصحيفة إلى أن "أي انخفاض طفيف آخر في نسبة التصويت لدى العرب قد يؤدي إلى عدم تجاوز أي حزب عربي لنسبة الحسم، وهو ما كان قريب الحدوث في الانتخابات الأخيرة".

العواقب أمام التصويت

وإضافة إلى ما ذكرته الصحيفة سابقا، يتوقع البروفيسور حدوث عمليتين مختلفتين مع اقتراب الانتخابات المقبلة. 

حيث تتمثل الأولى في أن "الحكومة العنصرية ستبذل كل ما في وسعها لاستبعاد الأحزاب العربية أو المرشحين العرب".

بينما تتمثل الثانية في أن "وزارة الأمن الوطني والشرطة ستفعلان كل ما بوسعهما لإحباط تصويت الناخبين العرب".

وكما يعتقد هالبرين،" ستلقى هذه التحركات دعما مع تصاعد موجات العنصرية والتطرف تجاه العرب نتيجة الحرب". 

وهنا، تؤكد "زمان إسرائيل" أنه "سيكون سهلا جدا تقديم مبررات لمنع تصويت الناخبين العرب تحت ذريعة الأمن والتحريض، وما إلى ذلك". 

ومن ناحية أخرى، يلفت البروفيسور إلى أن "العديد من أبناء المجتمع العربي، الذين امتنعوا عن التصويت لسنوات لاعتقادهم بعدم وجود فرق جوهري بين حكومات اليمين وحكومات الوسط-اليسار، بدأوا يدركون الحقيقة بعد أن شهدوا النتائج المأساوية لصعود حكومة يمينية متطرفة بالكامل".

ويعتقد أن "التناقض بين المعسكرين بات واضحا بشكل أكبر إذا ما قورنت فترة حكومة اليمين، بالنجاحات التي تحققت خلال فترة حكومة التغيير، مثل مكافحة العنف في المجتمع العربي".

وهذا التناقض الحاد قد "يعزز دافع العديد من المواطنين العرب في إسرائيل للمشاركة في التصويت".

وهنا، تشير الصحيفة إلى أن "تغيير نسبة المشاركة في التصويت داخل المجتمع العربي يعتمد على العديد من العوامل؛ من بينها قدرة الأحزاب على التوحد ولو بشكل تقني".

ويذكر أن توحد الأحزاب سيعطي جمهورها شعورا بأنهم كتلة ذات تأثير حقيقي؛ كتلة تستطيع إحداث تغيير وتستحق النزول من أجلها للتصويت.

الاتحاد أمام العواقب

وعلى جانب آخر، يسرد البروفيسور عنصرين آخرين لا يقلان أهمية عما سبق ذكره، مرتبطين باستعداد الجمهور والقيادات اليهودية المعتدلة في المعسكر الديمقراطي الليبرالي لاتخاذ خطوات جوهرية. 

جدير بالإشارة هنا إلى أن العديدين في هذا المعسكر كانوا مترددين خلال العامين الماضيين فيما يتعلق بإمكانية حدوث شراكة ديمقراطية يهودية-عربية، سواء في سياقات الاحتجاج أم الحرب وغيرها. 

وفيما يخص العنصر الأول، يطالب هالبرين الجمهور الإسرائيلي في المعسكر الديمقراطي الليبرالي بـ"الاتحاد في معركة كبرى ضد أي محاولة للمساس بقدرة الأحزاب العربية على الترشح في الانتخابات وحق المواطنين العرب في التصويت". 

ولفت إلى أن "اليمين المتطرف سيتخذ كل إجراء ممكن، ومن المحتمل جدا أن ينجح إذا لم يكن هناك مقاومة حازمة من الجانب الديمقراطي". 

وهذه المقاومة -وفقا له- "ستتطلب تحركات قانونية واحتجاجية ودولية، وأكثر من ذلك". 

وفي هذه النقطة، يركز هالبرين مرة أخرى على حقيقة أنه "لا يمكن أن تكون هناك ديمقراطية حقيقية بدون تمثيل فعلي لأكبر أقلية فيها"، مؤكدا أنه "ربما يكون هذا هو النضال الديمقراطي الأكثر أهمية في هذا الزمن".

وأما بالنسبة للعنصر الثاني، يتحدث هالبين عن أن "المواطنين العرب يخرجون للتصويت فقط عندما يؤمنون بأن تصويتهم قد يؤدي إلى تأثير حقيقي على الحكومة، وهذا أمر منطقي للغاية".

وبمعنى آخر، يقول البروفيسور إن "العرب يصوتون عندما يؤمنون بوجود فرصة حقيقية لشراكة حقيقية في دوائر صنع القرار المختلفة". 

"وهذه الثقة بين المواطنين العرب يمكن تعزيزها أساسا من قبل القادة الأكثر اعتدالا في المعسكر الديمقراطي"، بحسب ما يراه هالبرين. 

وعلى سبيل المثال، في الانتخابات السابقة، كان لبيني غانتس تأثير كبير في هذا الصدد، وفقا للصحيفة العبرية.

السبيل الوحيد

وبناء على ما تناوله البروفيسور، تخلص "زمان إسرائيل" إلى أن "الأمر معقد بشكل واضح للغاية، خاصة في ظل الحرب والتحديات الهائلة التي تفرضها على العلاقات العربية اليهودية". 

ولكن، كما يعتقد هالبرين، فإن "هذا هو المسار الصحيح من الناحية القيمية والأخلاقية لأنصار المعسكر الديمقراطي، يهودا وعربا، وأيضا السبيل الوحيد لهزيمة حكومة المتطرفين المتعصبين".

وفي نهاية سرده للحقائق السابقة، يدعو هالبرين الجمهور الإسرائيلي إلى "التوقف عن الخوف وتقديم موقف معياري واضح وحازم يؤيد الاتحاد، ومن ثم البحث عن طرق إبداعية لتعزيز هذا الاتحاد". 

ومن زاوية أخرى، يقول هالبرين: "لا يجب أن تكون الشراكة شاملة بين كل الأطراف العربية واليهودية؛ بل يمكن أن تكون شراكة مع بعض القادة أو الأحزاب، وليس مع الجميع، دون استبعاد كامل للأحزاب العربية".

ويستشهد هنا بما قاله منصور عباس، نائب رئيس الكنيست الإسرائيلي ورئيس "القائمة العربية الموحدة": "أريد أن أكون في الحكومة، لكن لا أريد أن تعتمد الحكومة علي أو أن أكون الصوت الحاسم فيها".

وبوصفه أنه "الأكثر أهمية قبل كل شيء"، يختتم هالبرين التقرير بقوله إنه "على كل من يعتبر قائدا لحزب ينتمي إلى المعسكر الديمقراطي مثل بيني غانتس ويائير لابيد ونفتالي بينيت، أن يدرك أن الشراكة السياسية اليهودية العربية هي بالتأكيد ضمن الأدوات التي من المفترض أن يرغب في استخدامها".