مركز إسرائيلي: الأسد بحاجة للأنظمة العربية الآن أكثر من إيران وروسيا

قسم الترجمة | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

"دول الخليج تغير نهجها تدريجيا منذ سنوات، ومن أيد في الماضي المعارضة السورية ضد الأسد، يسيرون الآن ببطء، ويقتربون من نظام بشار، وهو أمر يصعب استيعابه".

كانت تلك مقدمة ورقة مشتركة للباحث والباحثة في "معهد دراسات الأمن القومي"، بجامعة تل أبيب، يوئال جوزنسكي، وكارميت وليون، اللذين طرحا التساؤل: "هل ستنضج الخطوات الخليجية بالتقارب مع النظام السوري، ويتم طرد إيران من سوريا؟".

عقد من الحرب

وأشارت ورقة معهد دراسات الأمن الإسرائيلي إلى أنه بحلول مارس/ آذار 2021، اكتمل عقد من الحرب في سوريا، وعلى الرغم من انتصار بشار الأسد، بمساعدة إيران وروسيا، فإن سوريا صارت دولة مفككة.

ويسيطر الأسد على نحو 60 بالمئة من الأراضي، فيما تعصف الأزمة الاقتصادية به، بل تزداد تبعاتها، ولا يوجد احتمال توصل إلى تسوية سياسية في المستقبل المنظور.

وأضاف الباحثان، أن "الأزمة في سوريا (صراع مجمد)، ومع ذلك يمكن لمس تغيير أخير في علاقات الدول العربية السنية مع سوريا.

وفي مايو/ أيار 2021، أفادت الأنباء أن وفدا سعوديا بقيادة رئيس المخابرات خالد حميدان، زار دمشق والتقى الأسد، ورئيس المخابرات السورية اللواء علي مملوك في اجتماع هو الأول من نوعه.

حينها جرى الاتفاق على افتتاح السفارة السعودية في دمشق، كخطوة أولى في تطبيع العلاقات، تلاه اقتراح بإعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية.

وفي نهاية مايو/ أيار 2021، أجرى وفد سوري يقوده وزير السياحة السوري محمد مارتيني، أول زيارة رسمية للسعودية، منذ العام 2011.

ويرى المعهد العبري، أنه طوال سنوات الحرب في سوريا، أرادت العديد من دول الخليج سقوط نظام الأسد، بل إن بعضها قام بدور نشط لهذا الغرض، بالدعم العسكري والاقتصادي للمعارضة السورية.

وحتى وقت قريب، كان من الممكن تقسيم دول الخليج وفقا لوصولها إلى سوريا ثلاثة معسكرات رئيسة، وسبقت الإمارات والبحرين الدول العربية بتجديد علاقاتها مع نظام الأسد، رغم دعمهما معارضي الأسد، بداية الحرب الأهلية في البلاد. 

وافتتحت الإمارات، سفارتها في دمشق، خلال ديسمبر/ كانون الأول 2018، كما أنها تساعد النظام ماليا، وتعمل مع مصر أيضا لإعادة سوريا الأسد إلى جامعة الدول العربية.

سلطنة عمان تبعت أبوظبي والمنامة، في أكتوبر/ تشرين الأول 2020، إذ قررت مسقط إعادة سفيرها لدمشق.

ويقول المعهد العبري، إن "بيئة الأعمال المريحة في الإمارات وخاصة إمارة دبي، مصدر جذب لرجال الأعمال السوريين طوال الحرب، خاصة الذين يرون إعادة إعمار سوريا فرصة اقتصادية مهمة للإمارات".

لهذا السبب عارضت أبوظبي، بشدة "قانون قيصر"، الأميركي الذي يجعل من الصعب على رجال الأعمال الإماراتيين العمل في سوريا.

وأتاح وباء كوفيد 19 "كورونا"، لأبوظبي، التي حولت منذ عام 2012، أكثر من 530 مليون دولار إلى سوريا لتلبية الاحتياجات الإنسانية؛ فرصة لتعميق المساعدات وإيصال الغذاء والإمدادات الطبية واللقاحات.

حتى أن ولي العهد الإماراتي وحاكمها الفعلي محمد بن زايد، تحدث مع الأسد، وتعهد بالمساعدة في محاربة كورونا، وأعلن أن "سوريا وشعبها لن يتركوا بمفردهم".

المصالحة مع الأسد

واستطرد المعهد بنفس السياق، ظلت قطر التي دعمت بعض فصائل المعارضة على الأقل من الناحية الخطابية، من الصقور ضد نظام الأسد وتنفي الحوار معه وتدعي أن هذا ينبع من ناحية أخلاقية بشكل أساسي.

وأضاف أنه لا تزال الاعتبارات القانونية التي بسببها طردت سوريا من جامعة الدول العربية عام 2011 سارية.

وألمح إلى تردد الدول العربية الأخرى، بما فيها السعودية والكويت حتى الآن في تطبيع علاقاتها مع نظام الأسد، إذ فضلوا البقاء على الحياد ومتابعة التطورات، واشترطوا تحسين علاقاتهم مع النظام بإحراز تقدم في الحل السياسي وفق قرار مجلس الأمن "2254".

وأكد أنه لم يلاحظ أي تغيير في موقف الكويت، مشيرا لتغير واضح في موقف السعودية تجاه سوريا، ولافتا إلى أنه على الرغم من علامات الاستفهام حول نطاق هذه الخطوة فإن تطبيع العلاقات الآن يخدم مصالح الطرفين.

وتحدث المعهد العبري، عن أزمة اقتصادية غير مسبوقة يواجهها الأسد، الذي يفتقر إلى القدرة على إعادة إعمار البلاد من أنقاضها، مؤكدا أن الذين أنقذوا نظامه (روسيا وإيران) لا يستطيعون المساعدة لإعادة الإعمار الاقتصادي.

أميركا والدول الأوروبية لا ينوون المساعدة في إعادة الإعمار، ما لم يتم استيعاب إصلاحات سياسية واجتماعية مهمة بروح القرار "2254"، لذلك أصبحت دول الخليج أكثر أهمية لتخفيف الأزمة الاقتصادية وتدفق الأموال لإعادة الإعمار، وفق رؤية المعهد.

ويعمل الأسد بجد لإعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية وتعزيز مكانتها في العالم العربي، خاصة بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية المشكوك في مصداقيتها في مايو/ أيار 2021.

ويقول المعهد: وبالتالي يحتاج الأسد إلى شرعية عربية لحكم سوريا، كما يسعى إلى تحسين قدرتها على المناورة في مواجهة إيران وروسيا، وتقوية علاقاتها مع الدول العربية وخاصة الاعتراف من السعودية.

تفادي الخطأ

وأشار الباحثان جوزنسكي، وليون، إلى أن مسألة شرعية نظام الأسد مازالت حرجة لدول الخليج بشكل خاص والدول العربية بشكل عام، إذ لا يريدون أن يتم تصويرها على أنها تضفي الشرعية على حكمه.

ومع ذلك، يبدو أن هناك تفاهما يتغلغل تدريجيا بأن لديهم القدرة على التأثير ولو بشكل طفيف على ما يحدث في سوريا، وخاصة لتعويض التدخل الإيراني في البلاد، وبالتالي يجب عليهم تبني سياسة استباقية.

وتسعى الدول العربية إلى تفادي الخطأ الذي ارتكبته في العراق عام 2003، تاركة الساحة لتورط إيراني متزايد في سوريا، ويسعون إلى شراء النفوذ على سياسات النظام، وتحقيق التوازن بين قوة إيران وتقليص نفوذها، فضلا عن الحد من النفوذ التركي القطري في البلاد.

وخلص الباحثان إلى القول: إن دخول جو بايدن البيت الأبيض والمفاوضات المتسارعة بين أميركا وإيران بشأن القضية النووية هي الدوافع الرئيسة لعملية ربما تؤدي في نظر الدول العربية، إلى تغيير سلبي في ميزان القوى الإقليمي بتعزيز موقف إيران.

وختما مؤكدين أنه لدى دول الخليج مصلحة واضحة في الحد من التوترات الإقليمية وتقليل الضرر وإثبات النفوذ حيثما أمكن بما في ذلك سوريا.