"آسيا تايمز": هذه تفاصيل الوساطة الروسية بين الأسد وبن سلمان

12

طباعة

مشاركة

تقوم روسيا بدور الوساطة لإعادة العلاقات بين السعودية والنظام السوري، إذ وصل المبعوث الرئاسي الروسي، ألكسندر لافنتييف، عشية عيد "الفصح" إلى دمشق قادما من الرياض، لإيصال رسالة إيجابية، لم يتم الكشف عن محتوياتها، من ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، الذي يهيمن على السياسة في المملكة، إلى رئيس النظام السوري بشار الأسد، وفقا لموقع "آسيا تايمز".

وقال الموقع، وفقا لمحللين ومواقع إلكترونية مقربة من الحكومة في دمشق، إنّ "السعوديين على استعداد لإعادة التواصل سياسيا مع سوريا". وبحسب التقرير، جاءت هذه اللفتة السعودية بعد أيام من زيارة وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف لسوريا عبر أنقرة، ما يشير أيضا إلى تطبيع العلاقات هذه المرة مع تركيا إضافة إلى طهران، اللتين تعتبرهما الرياض محورا منافسا.

"تستضيف سوريا 3 مناطق رئيسية للنفوذ بعد انهيار خلافة تنظيم الدولة"، بحسب الموقع الذي أشار إلى أن القوات التركية ووكلاؤها سيطروا على القطاع الشمالي من الأراضي السورية على طول الحدود المتبادلة، في حين أن القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة سيطرت على مساحات شاسعة من شمال شرق سوريا خلال قتالها ضد تنظيم الدولة، بينما يسيطر الأفراد الروس والقوات المدعومة من إيران على المناطق التي تسيطر عليها الحكومة.

منافسة روسية-إيرانية

ونقل الموقع عن كبير المحررين الدبلوماسيين في صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية، إبراهيم حميدي، قوله: "هناك منافسة واضحة على النفوذ بين الروس والإيرانيين". وعلق حميدي في تصريح لـ"آسيا تايمز" على المبادرات المزدوجة، قائلا: "كل واحد منهم يهدف إلى إبداء رأي أكبر في عملية صنع القرار في دمشق"، مضيفا: "إما أن تتولى روسيا مسؤولية إعادة تأهيل النظام وإضفاء الشرعية عليه أو سيفعل الإيرانيون ذلك".

ومضى التقرير يقول، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين متحالف بشدة مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان، وقد سعى في الأشهر الأخيرة إلى إحياء اتفاقية أضنة السورية التركية لعام 1998 بين دمشق وأنقرة.

وقد عزز هذا الاتفاق السلطة السورية على جانبها من الحدود المشتركة، ولكنه أعطى الأتراك الحق في العبور إلى الأراضي السورية لملاحقة الميليشيات الكردية إذا فشل السوريون في أداء المهمة بأنفسهم.

وأردف الموقع "بموجب هذا الاتفاق، يجب إبلاغ دمشق قبل حدوث مثل هذه العملية، ولا يمكن للأتراك البقاء إلى أجل غير مسمى داخل الأراضي السورية".

تهدئة المخاوف التركية

وتابع التقرير "اقترح بوتين نشر شرطة عسكرية روسية لتهدئة المخاوف الأمنية التركية، أي أن الحدود ستكون خالية من الميليشيات الكردية". وأضاف، "هذا من شأنه أن يعكس اتفاقاً في جنوب سوريا، حيث يتم نشر أفراد روس لتهدئة المخاوف الأمنية الإسرائيلية - المتعلقة بحزب الله".

وقال الموقع، "لكي ترى أضنة الثانية النور، فإن الأمر يتطلب لجان عسكرية مشتركة بين تركيا وسوريا وخط اتصال مفتوح، والتعاون في مكافحة الإرهاب، وتبادل السفارات.

وكانت أنقرة قد أعربت في وقت سابق عن استعدادها لإعادة النظر في الاتفاق بعد الانتخابات البلدية في 31 مارس/ آذار المنقضي".

"وبالنظر إلى علاقة أنقرة الضمنية بإيران على جبهة واحدة، ومع جماعة الإخوان المسلمين من جهة أخرى، فإن فكرة الوجود الدبلوماسي التركي المستعاد في دمشق، تسببت في رعب لدى النظام الملكي السعودي"، بحسب الموقع.

وأضاف "منذ توليه السلطة في عام 2015، كان محمد بن سلمان ينأى بنفسه بثبات عن أي تدخل سوري، وألقى باللوم في الحوادث السابقة على إدارة عمه، الملك عبد الله".

سياسة السعوديين في سوريا

ومضى تقرير الموقع يقول "كان الراحل عبدالله هو الذي سحب سفيره من دمشق في عام 2012، وعلّق العلاقات الدبلوماسية ودعا بشار الأسد إلى التنحي. ومن عام 2012 إلى 2015، قام بتمويل المعارضة السورية المسلحة بسخاء، مما أتاح لهم المال والأسلحة".

انتهى كل ذلك بسرعة مع صعود الملك سلمان في يناير/ كانون الثاني 2015، بحسب التقرير، وبدأ الدعم السياسي والعسكري للمعارضة السورية في الجفاف خاصة بعد الحصار على قطر في 2017، التي كانت لعدة سنوات ترعى الحصة الأكبر من نشاط المعارضة.

ورأى الموقع أن السعوديين دفعوا حليفهم، الرئيس السوداني المعزول، عمر البشير، لزيارة دمشق في ديسمبر/ كانون الأول الماضي. وبعد أيام، أعادت الإمارات العربية المتحدة -الحليف القوي للسعودية وكذلك البحرين- اللتان تتبعان سياسة المملكة، فتح سفارتيهما في دمشق.

ولفت التقرير إلى أن الخطوة البحرينية جاءت بعد فترة وجيزة من عناق وزير خارجيتها، خالد بن أحمد آل خليفة، بنظيره السوري وليد المعلم في الأمم المتحدة في سبتمبر/ أيلول 2018.

واتخذ الكويتيون بعض الإشارات المماثلة، فضلا عن الأردن التي أعادت فتح سفارتها في دمشق إلى جانب حدودها، وفي مارس/ آذار الماضي تم استقبال رئيس البرلمان السوري في عمان.

وشدد تقرير "آسيا تايمز" على أنه لا شيء من هذه الخطوات كان سيحدث لو أن السعوديين عارضوهم. ومضى يقول "توقف التقارب العربي الجماعي مع دمشق بشكل مفاجئ في يناير/ كانون الثاني، تحت ضغط من الولايات المتحدة".

واستطرد قائلا، لكن بينما تسعى واشنطن للضغط على إيران، بحسب المصدر ذاته، يبدو أن ضغطها على الدول العربية كان له تأثير عكسي. موضحا أن الدول العربية لم تتمكن أو تسمح بمعالجة أزمة الوقود المستمرة في سوريا، مما دفع الأسد إلى السفر إلى طهران في فبراير/ شباط وتوقيع سلسلة من الاتفاقيات الاقتصادية، أحدها يهدف إلى توفير البنزين والوقود.

إصلاح الجسور

ونوه التقرير بأن تلك الزيارة، هي أول زيارة للرئيس السوري إلى طهران منذ اندلاع النزاع في عام 2011، أطلقت فترة غير مسبوقة من الدفء بين البلدين، لكنها أثارت بوضوح الأعلام الحمراء في العواصم العربية، التي قررت بسرعة إعادة التواصل مع دمشق رغم كل الصعاب.

ومضى التقرير يقول "كان الإيرانيون يسيطرون على الاقتصاد، والآن على الخدمات أيضًا. وفي هذه الأثناء، كان الروس يسيطرون بقوة على ساحة المعركة وعملية السلام في البلاد، ولم يتركوا مساحة كبيرة جدًا -إن وجدت- للدول العربية في مستقبل سوريا".

وأشار المصدر ذاته إلى أن السعوديين يسعون إلى التواصل مع نظام الأسد، موضحا أن هذا قد يكون أمرا مقبولا لدى دمشق لأن السوريين يفضلون إصلاح الجسور المكسورة مع السعوديين بدلاً من الأتراك.

وعلل التقرير ذلك بقوله، إن الأسد يفضل التعامل مع دولة معادية مثل السعودية على التعامل مع تركيا، بسبب دعم الأخيرة لحركات المعارضة ضده وتدخلها في بعض الأراضي السورية بشكل مباشر.

وخلص الكاتب إلى أنه "لا وجود لتاريخ شخصي بين بشار الأسد ومحمد بن سلمان. بالإضافة إلى ذلك، يفضل الروس انخراطا منخفض المستوى فيما يخص الأمن بين سوريا وتركيا. لكن يرون أن التقدم الحقيقي يمكن إحرازه تجاه السعودية، لمنع النفوذ التركي أو الإيراني من أن يزداد قوة في سوريا".