الحرب على إيران.. كيف تستنزف ميزانية إسرائيل وما تداعياتها على الاقتصاد؟

"التكلفة الإجمالية للحرب مع إيران تعادل ثلث ميزانية الدفاع الإسرائيلية".
الحرب العسكرية الإسرائيلية ضد طهران والردود الإيرانية المضادة، تشكل تحديات اقتصادية كبيرة لدولة الاحتلال، خاصة "إذا طال أمد الصراع".
وتوقع موقع "القناة 12" العبرية أن تتأثر معدلات النمو الاقتصادي وأن يرتفع العجز المالي، مع احتمالات خفض التصنيف الائتماني.
كما تحدثت القناة عن التكاليف الاستثنائية المتوقعة على الاقتصاد بسبب الحرب، محذرة من أنها “قد تستنزف ميزانية وزارة الدفاع”.
صورة قاتمة
وأشارت القناة إلى أن "الحرب مع إيران أسفرت عن ارتفاع في أسعار النفط والذهب في الأسواق العالمية، كما تعمّق التحديات الاقتصادية، مع زيادة العجز في الموازنة والضغوط التضخمية وتراجع قدرة الحكومة على التحكم في نفقاتها".
وتابعت: "حيث أدى الهجوم على إيران فجر 13 يونيو/ حزيران 2025 إلى ارتفاع أسعار النفط بنسبة 11.7 بالمئة، وأسعار الذهب بنسبة 3.7 بالمئة، وذلك وفقا لتقرير أسبوعي صادر عن كبير الخبراء الإستراتيجيين في بنك هبوعليم، مودي شفِرير".
واستدركت: "ورغم المخاوف، بقيت آثار التصعيد محدودة نسبيا في الأسواق الأميركية؛ إذ انخفض مؤشر S&P 500 بنسبة طفيفة بلغت 0.4 بالمئة خلال الأسبوع".
أما بالنسبة لإسرائيل، فترى القناة أن "الصورة أكثر تعقيدا، إذ يُتوقع أن تؤثر الحرب المتصاعدة مع إيران سلبا على نمو الاقتصاد في الربع الثاني من العام، وأن تؤدي إلى زيادة العجز، وفقا لتقديرات بنك هبوعليم".
وأردفت: "مع استمرار القتال (الإبادة) في قطاع غزة، والانخراط في المواجهة مع إيران، ستضطر الحكومة إلى تخصيص زيادات كبيرة في ميزانية الدفاع، في وقت ستتراجع فيه الإيرادات الضريبية نتيجة تراجع النشاط الاقتصادي".
ورجَّحت أن "العجز في الموازنة، الذي بلغ بالفعل نسبة 5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في مايو/ أيار 2025، من المتوقع أن يرتفع أكثر"؛ إذ يرى كبير الاقتصاديين في "ليدر ماركتس"، يوناتان كاتس، أن "استمرار الحرب سيؤدي إلى زيادة حادة في نفقات الدفاع، وإلى تراجع في إيرادات الحكومة، كما أن تصعيد القتال قد يؤدي إلى خفض فوري للتصنيف الائتماني من قِبل إحدى وكالات التصنيف الدولية".
عدم اليقين
وقالت القناة: إنه “في الأسواق المالية الإسرائيلية، تظهر آثار التصعيد من خلال ارتفاع ما يُعرف بـ(علاوة المخاطرة)، أي السعر الإضافي الذي يطلبه المستثمرون للاستثمار في إسرائيل مقارنة بالدول الأكثر استقرارا، ويتجلى ذلك في ضعف الشيكل، وارتفاع أسعار الفائدة على السندات الإسرائيلية”.
وتابعت: "أما على صعيد تكلفة المعيشة، فإن التصعيد يفاقم الضغوط التضخمية؛ إذ ارتفع توقع التضخم لعام 2026 إلى نحو 2.5 بالمئة، مع تحذير مودي شفِرير من بنك هبوعليم من أن حالة عدم اليقين ما تزال مرتفعة للغاية وستتأثر بنتائج الحرب ومدتها".
وأوضحت القناة أن هذه الضغوط "تأتي في الأساس من ضعف الشيكل، وارتفاع أسعار النفط، وزيادة كلفة السفر إلى الخارج".
وحذر المدير العام لشركة الاستثمار "إنتراكتيف إسرائيل"، دافيد شام توف، من أن المستثمرين بحاجة إلى "إعادة تسعير المخاطر بما يتماشى مع التطورات الجيوسياسية والأمنية".
وأضاف: "في حال استمرار ارتفاع أسعار الطاقة لفترة طويلة، فقد يؤدي ذلك إلى تراجع أرباح الشركات، وارتفاع أسعار الوقود، مما سيدفع بأسواق رأس المال إلى الانخفاض وزيادة معدلات التضخم".
في المقابل، ادعى بنك هبوعليم، أن "إزالة التهديد النووي بشكل فعال قد يؤدي لاحقا إلى انخفاض علاوة المخاطرة بكل ما يعنيه ذلك"؛ إذ يقدر أن "نجاح العملية العسكرية في إنهاء التهديد الإيراني قد ينعكس إيجابا على الاقتصاد الإسرائيلي، ويجعله أكثر جذبا للاستثمارات مستقبلا".
عبء اقتصادي
وفيما يتعلق بقدرة إسرائيل على تمويل حربها على إيران، شددت القناة على أن "قدرتها على تحقيق أهدافها الإستراتيجية في إيران، تعتمد على كيفية تمويل هذه العملية".
وأشادت باقتصاد إسرائيل الذي وصفته بأنه "الأقوى بكثير من نظيره الإيراني".
وتابعت: "رغم أن عدد سكان إيران يفوق سكان إسرائيل بتسعة أضعاف، بلغ الناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل عام 2024 أكثر من نصف تريليون دولار، مقارنة بـ400 مليار دولار في إيران".
وأضافت: "كما تزداد الفجوة وضوحا عند قياس الناتج المحلي الإجمالي للفرد؛ حيث يبلغ في إسرائيل 54 ألف دولار مقابل 4400 دولار في إيران".
ومع ذلك، تقر القناة أن "العبء الاقتصادي المرتبط بالعملية على إيران معقد ومكلف، ويتطلب تخطيطا دقيقا وتفكيرا في مصادر تمويلها".
ونوَّهت إلى أنه "رغم قوة الاقتصاد الإسرائيلي، إلا أن هذه العملية بدأت بعد عشرين شهرا من القتال على جبهات متعددة، وهو ما أضر بالنمو الاقتصادي وزاد بشكل كبير من العجز في الميزانية الحكومية ونسبة الدين إلى الناتج".
وبحسبها، "أدت هذه المؤشرات بالفعل إلى عدة تخفيضات في التصنيف الائتماني لإسرائيل منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023 وحتى اليوم".
علاوة على ذلك، أشارت القناة إلى أنه "عقب استئناف القتال العنيف (العدوان) في غزة، عشية الهجوم على إيران، تجاوزت ميزانية عام 2025، التي أُقرّت قبل حوالي ثلاثة أشهر فقط، مبلغ 20 مليار شيكل (5.41 مليارات دولار)".
وتجدر الإشارة أيضا أنه “لا يُعرف بدقة حجم تكلفة القتال في إيران، ففي اليومين الأولين، بلغت التكلفة الأمنية المباشرة (ساعات الطيران والذخيرة واستدعاء جنود الاحتياط) نحو 5.5 مليارات شيكل (1.49 مليار دولار)”.
إلى جانب ذلك، أفادت القناة أن "سلطة الضرائب استقبلت خلال اليومين ذاتهما نحو 2400 طلب تعويض قُدّرت أضرارها الإجمالية بنحو مليار شيكل (270 مليون دولار)".
مع الأخذ في الحسبان أن “هذه التكاليف لا تشمل الأعباء غير المباشرة الناتجة عن شلل قطاعات كبيرة من الاقتصاد، سواء بسبب استدعاء واسع لجنود الاحتياط أو بقاء المواطنين في منازلهم نتيجة تهديد الصواريخ”.
تعديلات اقتصادية
وفي هذا السياق، توقعت القناة أن "التكلفة الإجمالية للعملية (الحرب مع إيران) قد تصل إلى نحو 100 مليار شيكل (27 مليار دولار)، وهو ما يعادل ثلث ميزانية الدفاع الإسرائيلية".
وحول كيفية مواجهة هذه التكاليف الاستثنائية، استنكرت القناة الأصوات الداعية إلى "زيادة عجز الميزانية لتمويلها".
وعزت ذلك إلى أن "هذا التوجه ينطوي على مخاطر خاصة بعد عامين من العجز المرتفع، ومع كون العجز المخطط له أصلا لهذا العام يصل إلى 4.9 بالمئة، فإن تمويل العملية بهذه الطريقة قد يرفع العجز إلى أكثر من 7 بالمئة".
وتعتقد أنه في المقابل يمكن لوزير المالية بتسلئيل سموتريتش، "اتخاذ عدة خطوات لإتاحة مصادر تمويل للعملية، مثل إغلاق وزارات حكومية غير ضرورية، أو تقليص عدد الوزراء، أو خفض الأموال الائتلافية".
"ويمكن كذلك خفض تمويل الائتلافات والمزايا، التي تشجع الكثيرين على البقاء خارج سوق العمل"، وفق رأيها.
وهي -بحسبها- "خطوات تستهدف الفئات غير العاملة، ولا تضر بالطبقة الوسطى العاملة التي تعاني أصلا من عبء الضرائب".
إلى جانب ذلك، دعت القناة حكومة بنيامين نتنياهو إلى "وقف تمويل المؤسسات التعليمية التي لا تدرّس المناهج الأساسية".
وشددت على "وجوب إجراء هذه التعديلات الاقتصادية فورا، من أجل تحقيق إدارة مالية مسؤولة".