صحيفة فرنسية: هل يولد تنظيم الدولة من جديد في أفغانستان؟

12

طباعة

مشاركة

بعد هزيمته في العراق وسوريا، يمكن لـ"تنظيم الدولة" إعادة بناء دولة إرهابية في أفغانستان ووسط آسيا، هذا ما تتحدث عنه روسيا، إذ يؤكد المسؤولون في موسكو أن العناصر الموالين لشبكة التنظيم تم نقلهم إلى هذا البلد، الذي يعاني منذ سنوات جراء الحرب المستمرة، وهي الأطروحة التي تنفيها بشدة الصحف الأمريكية.

ووفقا لما نقلته صحيفة "كورييه إنترناسيونال" الفرنسية عن مجلة "اكسبرت" الروسية، هناك تقارير تفيد بأن عناصر التنظيم الذين تم تفكيكهم في العراق وسوريا يتجمعون في أفغانستان منذ فترة طويلة، مشيرة إلى أن عدم تمكنهم بعد من إنشاء دولة جديدة، يرجع بالأساس إلى أنهم يراعون مصالح الجماعات المسلحة الأخرى -القاعدة وطالبان- وكذلك بوجود الجيش الحكومي والقوة العسكرية للتحالف الغربي.

وأوضحت المجلة أن "المسلحون ذوو العلم الأسود" يحتشدون بكثافة على أبواب آسيا الوسطى، وهناك دلائل تشير إلى أنه يمكن استغلالهم ضد المصالح الروسية، وعقّب تقرير "اكسبرت" في إشارة إلى تورط أمريكا في خلق هذه الجماعات، "لأن شركاءنا الأمريكيين لديهم خبرة طويلة في تكوين الخلايا الإرهابية التي يجب على العالم أجمع أن يحاربها".

هروب من التدخل

وأشار التقرير، بحسب الصحيفة الفرنسية، إلى "أن إقامة نسخة جديدة من الخلافة (حسب تسمية تنظيم الدولة)، على أبواب جمهوريات آسيا الوسطى تهديد خطير"، مبينا أن مدير مركز مكافحة الإرهاب التابع لرابطة الدول المستقلة (CEI  كومنولث الدول المستقلة، وهي منظمة من تسع جمهوريات سوفيتية سابقة)، أندريه نوفيكوف، أكد في سبتمبر/ أيلول 2018 أن "تنظيم الدولة يخطط لنشر قاعدة تابعة له في آسيا الوسطى، وأنه بدأ العمل على ذلك عبر خلاياه النائمة في المنطقة، وهو ما يعني أن الإرهابيين تحركوا بالفعل".

كما حذر نائب رئيس الوزراء القرقيزي، جينيش رزاكوف، من أن "ما يثير القلق بشكل خاص هو أن أعضاء المنظمات الإرهابية يحاولون باستمرار اختراق آسيا الوسطى من شمال أفغانستان لهذا الغرض"، فيما أعرب رئيس أوزبكستان، شافكات ميرزيوييف -البلد المجاور لأفغانستان- عن قلقه من هذا أيضاً.

وفي مؤتمر الأمن الدولي الذي عقد في طشقند (عاصمة أوزبكستان) في مارس/ آذار 2018، قال ميرزيوييف، إن "الوضع الأمني في أفغانستان يعتمد على منطقة وسط وجنوب آسيا بأكملها".

ويعتقد الدبلوماسيون الأوزبك أنه لا يمكن التوصل إلى اتفاق سلام في أفغانستان من خلال الجيش، ويجب أن تكون القوى الداخلية في البلاد قادرة على تحرير نفسها من تدخل دول ثالثة والسعي إلى حل وسط بينها.

وبحسب المجلة، من غير المؤكد أن جميع أطراف النزاع تريد الاستقرار في المنطقة، فوزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، أعلن عن ذلك صراحة في نهاية عام 2018، وقال "المزيد من عناصر التنظيم ينضمون إلى أفغانستان، الولايات المتحدة متورطة في هذا بشكل كبير".

وأضاف "حصلنا على أعداد متزايدة من الحقائق التي تشير إلى قيام الأمريكيين بنقل عناصر تنظيم الدولة إلى العراق وأفغانستان، وطلبنا توضيحات بهذا الشأن من واشنطن والجهات الدولية المعنية، هذا الأمر يثير قلقنا، لأنه يندرج في سياق شبهات يبديها مراقبون كثيرون حول وجود مشروع لتحويل أفغانستان إلى موطئ قدم جديد للتنظيم"، مشيرا إلى أن "سعي عناصره للانتشار في شمالي أفغانستان بالتحديد، أي بالقرب من حلفائنا وشركائنا الاستراتيجيين في آسيا الوسطى". 

البنتاجون يحارب تنظيم الدولة 

لكن هذه الأطروحة تنفيها وسائل الإعلام الأمريكية بشدة، كما تذكر "كورييه إنترناسيونال"، التي أوضحت أن مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، ترى أنه "بينما تخطط الولايات المتحدة للانسحاب من أفغانستان، فإن روسيا تسعى للعودة".

ولموسكو تاريخ طويل ومؤلم في البلاد، التي غزاها الاتحاد السوفياتي في عام 1979 للدفاع عن النظام الشيوعي، قبل قتال المجاهدين المدعومين من الولايات المتحدة لمدة عشر سنوات، بحسب المجلة.

ونقلت "فورين بوليسي" عن الباحث في مركز الشؤون الإستراتيجية والدراسات الدولية في واشنطن، سيث جونز، قوله إن "روسيا تحاول في الآونة الأخيرة، استعادة النفوذ بهدوء، وأقامت علاقات أوثق مع طالبان وباكستان، وهي لاعب رئيسي آخر في المنطقة".

ولفتت المجلة إلى أنه بالإضافة إلى توفير الأسلحة والمال لطالبان، فإن موسكو تشن أيضا حربا دعائية ضد الولايات المتحدة، وتنشر معلومات كاذبة في الصحافة الروسية بأن واشنطن تدعم تنظيم الدولة.

وذكرت الصحيفة الفرنسية أنه بحلول بداية 2018، رد الجيش الأمريكي بالفعل على البيانات الروسية التي تتهم واشنطن بدعم تنظيم الدولة، حسبما ورد في إذاعة "صوت أمريكا"، بعد أن قال وزير الخارجية الروسي، إن "العناصر من العراق وسوريا ينضمون إلى التنظيم في أفغانستان، وتحدث عن رحلات طائرات هليكوبتر مجهولة الهوية، ترتبط بالناتو بلا شك بطريقة أو بأخرى، في المناطق التي يسيطر عليها المتمردون".

تهديد واشنطن

يكرر الجيش الأمريكي أنه يقاتل تنظيم الدولة بضراوة في أفغانستان، بالتعاون مع قوات الحكومة الأفغانية. ويمثل فرع التنظيم الأفغاني، المعروف باسم "دولة خراسان" (EIK)، تهديدًا للبنتاجون: فمن المحتمل أن يشن هجمات في الولايات المتحدة، بحسب الصحيفة الفرنسية.

ومع ذلك، قال مسؤول لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، إن القوات الأمريكية حدت من ضرباتها ضد التنظيم لأن هجماتها العديدة ضد طالبان ستدفع الأخيرة للتفاوض على اتفاق سلام مع الولايات المتحدة، إذ جرت محادثات بين واشنطن وطالبان في الأشهر الأخيرة في دولة قطر، مع احتمال سحب 14 ألف جندي أمريكي من أفغانستان.

من جهتها نقلت مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية عن الباحث في كلية لندن للاقتصاد والخبير في الشأن الأفغاني، أنطونيو جيوستوزي، قوله "إذا نجحت هذه العملية، فإن دولة خرسان، التي تضم بالفعل 2500 عنصر، يمكن أن تستفيد منها، إذ يأمل تنظيم الدولة في خرسان استقبال أعضاء طالبان المعادين للسلام بين أعضائه".

وشدد المتخصص، الذي قضى عامين في إجراء مقابلات مع أعضاء التنظيمات المسلحة في المنطقة، على أن "فرع خرسان، الذي ستموله الكويت والسعودية وقطر وجهات مانحة داخلها، يعتزم استيعاب طالبان ومن ثم محاربة أعدائها الخارجيين، إيران أولاً وقبل كل شيء".