بالخرائط.. هكذا تعيد تركيا ترسيم "الحدود المشتركة" مع فلسطين في المتوسط

قسم الترجمة | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

سلط موقع تركي الضوء على مقترح إبرام أنقرة اتفاقية لترسيم الحدود البحرية مع فلسطين، مثلما فعلت مع ليبيا عام 2019، وسط ترقب إقليمي لهذه الخطوة الكبيرة.

ونشر موقع "ميليم أناليز" مقالا للكاتب والباحث في مركز الإستراتيجيات البحرية والعالمية بجامعة "بهتشه شهير" نعمان أيغين، قال فيه: "خاض الشعب الفلسطيني مقاومة كادت تتحول إلى انتفاضة ثالثة بعد التصعيد الإسرائيلي الأخير في أبريل/نيسان وحتى مايو/أيار 2021".

وأضاف أن "حماس دعمت المقاومة بإطلاق آلاف الصواريخ التي صنعتها بمواردها المحدودة، قائلة إنها مع أهالي القدس وستدافع عن المسجد الأقصى بأي ثمن". 

وتابع أيغين: "بما أن الأحداث تطورت على هذا النحو، فقد خرج المسلمون في مختلف دول العالم وخاصة في تركيا، عبر مظاهرات لإعلان دعمهم لفلسطين وحماس، وكنتيجة للضغط المتولد عن الحركة الدبلوماسية التركية المكثفة حول هذا الموضوع والدعوة الأميركية لوقف إطلاق النار، أعلن الطرفان وقف النار".

وبينما كان المسلمون في جميع أنحاء العالم يفكرون حول ما يمكن فعله لأجل فلسطين، طرح رئيس مركز الإستراتيجيات البحرية والعالمية بجامعة "بهتشه شهير" وأحد الفاعلين الأساسيين في الاتفاقية الليبية، جهاد يايجي، إستراتيجية مهمة جدا، لفت فيها إلى أن تركيا يمكنها إبرام اتفاقية ترسيم حدود بحرية مع فلسطين، مثلما فعلت مع ليبيا، وفقا للكاتب.

ووفقا للموقع، فالخريطة السابقة نموذج مقترح من قبل جهاد يايجي في إطار اتفاقية ترسيم حدود بحرية مع فلسطين، وتعني الألوان فيها:

  • الزهري: المنطقة الاقتصادية الخالصة التركية.
  • الأخضر: المنطقة الاقتصادية الخالصة الفلسطينية حال إبرام الاتفاقية.
  • الأصفر: المنطقة الاقتصادية الخالصة الفلسطينية الحالية.
  • الأزرق: المنطقة الاقتصادية الخالصة الإسرائيلية حال إبرام الاتفاقية مع فلسطين وإسرائيل.

الحدود البحرية

وأشار أيغين إلى أن "شرق البحر المتوسط اكتسب ​​مكانة مهمة في السياسة الدولية بسبب موقعه الجيوسياسي والجيوستراتيجي، ولذلك، حدث صراع كبير حول تقاسم المنطقة، خاصة بعد اكتشاف موارد الطاقة فيها، وتوصلت مصر واليونان وإسرائيل والأردن وفلسطين وقبرص اليونانية وإيطاليا إلى اتفاق لتأسيس منتدى غاز شرق المتوسط".

وأضاف: "تم استبعاد تركيا التي تملك أحد أكبر السواحل على البحر المتوسط، من المنتدى الذي أقيم بدعم من الولايات المتحدة وفرنسا والاتحاد الأوروبي، لإنشاء معادلة تقسيم شرق المتوسط وحاولوا الاعتداء على حقوقها". 

واستدرك أيغين قائلا: "لكن تركيا جلست على الطاولة بعد دراسات طويلة مع ليبيا، بما أنها صاحبة حق في المنطقة ووقعت اتفاقية ترسيم حدود بحرية مع ليبيا في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، وتم التأكيد على أن أنقرة وطرابلس جارتان عن طريق البحر من خلال الاتفاقية".

وجدير بالذكر أن الاتفاقية عقدت بوضع جميع الصلاحيات والحقوق السيادية للبلدين بشرق المتوسط في الاعتبار لترسيم الحدود بشكل عادل، إضافة إلى مراعاة اتفاقيات القانون الدولي وجميع العوامل الأخرى، بحسب الكاتب التركي.

وأردف قائلا: "وبهذا، فشلت خطة أثينا وقبرص اليونانية في استبعاد أنقرة، وأصبحت الخريطة التي فرضها الاتحاد الأوروبي في المنطقة غير سارية، ووسعت تركيا على الناحية الأخرى، حدودها بإضافة المنطقة التي حددتها الاتفاقية، إلى الوطن الأزرق".

وتوضح الخريطة السابقة، المكاسب التي ستحققها البلدان التي تملك ساحلا على شرق البحر المتوسط حال إبرامها الاتفاقية مع تركيا، ويمكن شرحها على النحو التالي:

  • الزهري: المنطقة الاقتصادية الخالصة التركية.
  • الأخضر: المنطقة الاقتصادية الخالصة الليبية.
  • البرتقالي: المنطقة الاقتصادية الخالصة الفلسطينية.
  • الأصفر: المنطقة الاقتصادية الخالصة المصرية.
  • الأزرق: المنطقة الاقتصادية الخالصة الإسرائيلية.
  • المخطط: المناطق التي ستكسبها الدول في حال أبرمت الاتفاقية مع تركيا.

ويرى أيغين أن "إسرائيل أعطت لفلسطين حصة رمزية من المنطقة الاقتصادية الخالصة مقارنة بما يحق لها بموجب اتفاقية ترسيم الحدود التي تم توقيعها سابقا، ما يشير إلى أنها تحتل فلسطين بحرا كما تفعل برا، وذلك بالنظر إلى الخرائط التي رسمها اللواء البحري المتقاعد جهاد يايجي مع الإستراتيجية التي طرحها".

وقال: "لكن سيتم إضافة 8510 كم مربع إلى المنطقة الاقتصادية الخالصة الفلسطينية​​، و13270 كم مربع إلى الوطن الأزرق إذا أمكن توقيع الاتفاقيات المخطط لها، وهو ما سيعني توسيع الحدود البحرية للبلدين".

وفي حال حدوث هذا، يتوقع أن تكتسب فلسطين مكاسب مختلفة، مثل حصولها على دخل اقتصادي من الغاز الذي سيتم استخراجه من شرق المتوسط ​​وتوسيع منطقة الصيد البحري أمام الصيادين في غزة.

كما يمكن للاتفاقية، التي تم إعدادها بمراعاة الاتفاقيات والقوانين الدولية، أن تساهم في الاعتراف الدولي بفلسطين وكسب دعمها من حيث الواقعية السياسية.

وستكون فلسطين بصفتها دولة، قد أبرمت اتفاقية شرعية مع دولة أخرى في الساحة الدولية لتوسيع أراضيها، ولأنها الأولى من نوعها، فستفتح هذه الاتفاقية الباب أمام اتفاقيات دولية أخرى، يلفت الكاتب.

عوائق محتملة

واستدرك أيغين: "قد يقول البعض إن هذا لن ينجح بسبب الانقسام الفلسطيني الناتج عن المشاكل والخلافات بين فتح وحماس منذ 2007، والذي أدت إلى تقاسم السلطة بينهما، لكن، لا ينبغي التغاضي عن أن الفلسطينيين عملوا بشكل مشترك في القدس الشرقية وغزة وعدة أماكن أخرى بعد التصعيد في شهر رمضان وشكلوا جبهة مقاومة واحدة". 

وتابع: "لذلك يمكن القول بأن هذا سينعكس على قيادات فتح وحماس ويدفعهم للعمل بشكل مشترك في القضايا التي تصب في صالح المسجد الأقصى وفلسطين، خاصة وأنه في حال تم الاتفاق، فسيحصل الشعب الفلسطيني في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة على مكاسبهم الخاصة والتي هي في أصلها حق من حقوقهم".

وأردف: "قد يقول البعض الآخر بأن عدم اعتراف الأمم المتحدة بفلسطين سيشكل عائقا، لكن فلسطين تملك جميع الشروط التي تجعل منها دولة قائمة وفقا لاتفاقية مونتيفيديو الموقعة عام 1993 وقرارات عصبة الأمم عام 1930، والتي تحدد حقوق وواجبات الدول".

لذلك، من الواضح أنه ليست هناك حاجة لاعتراف الأمم المتحدة بفلسطين لإبرام الاتفاقية.

ومثال ذلك، ما أبرمته تركيا من اتفاقية ترسيم حدود بحرية مع جمهورية قبرص التركية مع أنها دولة غير معترف بها دوليا ولا تملك سفراء، بينما تملك فلسطين سفراء وحتى جوازات سفر خاصة بها، إضافة إلى أنها عضو مراقب في الأمم المتحدة، يشدد الكاتب.

وأضاف: "كما وأن الاتفاقيات التي أبرمتها تايوان -وهي دولة غير معترف بها في الأمم المتحدة- مع الولايات المتحدة وتركيا تظهر أنه عندما تريد دولة ما عقد اتفاقية مع دولة أخرى، فإن شرط العضوية في الأمم المتحدة غير مطلوب، وهكذا، يمكن القول إن فلسطين دولة بلا منازع، وكل من يرغب في أن يعقد اتفاقية مع الدولة الفلسطينية، يمكنه ذلك".

واستطرد: "هناك قضية أخرى يمكن أن تكون من بين العقبات، وهي القول بأن فلسطين لا تملك ساحلا على شرق المتوسط، لكن حقيقة كون فلسطين عضوا مؤسسا في منتدى غاز شرق المتوسط، والذي تشارك فيه إسرائيل، مؤشر على أنها تملك ساحلا في المنطقة وأنه يمكن لفلسطين أن توقع الاتفاقية إذا رغبت في ذلك، رغم الضغوط الدولية".

وتابع: "قد يقال بأن الرئيس الفلسطيني محمود عباس لن يوافق على هذا، لكن وبما أن الحدود البحرية التي سيتم توسيعها تقع على ساحل غزة، فمن المتوقع أن تدافع حماس عن حقوق الشعب الفلسطيني وتقنع عباس، من خلال حركة دبلوماسية أكثر فاعلية في هذا الصدد".

علاقات رابح رابح

وقال أيغين: "لقد أكدت تركيا أنها ستحافظ على حقوقها شرق المتوسط ​​مهما كان الثمن في إطار الاتفاقيات الدولية، وأظهرت أن المعادلات التي تستبعدها لن تنجح".

إلى جانب أن اقتراح تركيا التي طرحت معادلة عادلة ومنصفة لجميع الأطراف، لن تحقق مكاسب لفلسطين فحسب، بل لمصر وإسرائيل أيضا اللتين تملكان ساحلا على شرق المتوسط.

وأوضح: "رغم أن مصر إحدى الدول التي تملك أحد أكبر السواحل في المنطقة، إلا أنها تحصل على حصة صغيرة جدا (حوالي 5 بالمئة) من النفط والغاز الطبيعي بموجب الاتفاق الذي أبرمته مع إيطاليا واليونان. لكنها ستحصل على حصة تتجاوز الـ 10 بالمئة من الموارد مع الاتفاقية التي تستعد تركيا لطرحها في إطار الاتفاقيات والقوانين الدولية".

وكما يتضح من الخريطة الثانية، فستكتسب مصر مساحة إجمالية تساوي 21303 كم مربع في حال إبرامها للاتفاقية مع تركيا، ويمكن القول إن هذا الوضع سينعكس إيجابا على العلاقات الثنائية في استمرار العلاقات الدبلوماسية رفيعة المستوى التي بدأت مؤخرا، بحسب ما يراه أيغين.

وأضاف: "فيما لن يكون من الخطأ القول إن إسرائيل من الأطراف التي خسرت بموجب الاتفاقيات التي أبرمتها بمعزل عن تركيا في منطقة شرق المتوسط، ويتوقع أن تكون مكاسب إسرائيل في المنطقة حوالي 4515 كم مربع، كما هو موضح في الخريطة الثانية".

وشرح يانغين ذلك: "إذ كانت إسرائيل قد وقعت اتفاقية ترسيم حدود بحرية مع قبرص اليونانية التي صورت بأنها تملك من المساحة أكثر مما يحق لها بموجب الاتفاقيات الدولية، عام 2010، لكن وبعد ترجمة مقال كتبه جهاد يايجي في 2012 إلى اللغة الإنجليزية ونشره في إسرائيل، قالت إسرائيل بأن هذا الوضع يتعارض مع القانون البحري الدولي".

وهكذا، استعادت إسرائيل جزءا من القطعة الثانية عشرة في المنطقة من اليونانيين في الأشهر الماضية، وأعلنت أنه ينبغي مراجعة الاتفاقية التي تم التوصل إليها عام 2010، كما وقالت للشركات بأنه "يجب إيقاف عمليات البحث والتنقيب في المنطقة إلى أن يتم حل المشاكل بشكل عادل".

وبما أن الدبلوماسية العامة التي بدأها مركز الإستراتيجيات البحرية والعالمية بجامعة "بهتشه شهير"، كشفت عن محاولة خداع إسرائيل، فيتوقع بأن إسرائيل لن تعارض اتفاقية ترسيم الحدود البحرية المقترحة بين تركيا وفلسطين بما أنه يعني الحفاظ على مصالحها في المنطقة.

وخلاصة القول ستحصل فلسطين على مساحة أدناها 8510 كم مربع، فيما ستكسب إسرائيل ما لا يقل عن 4515 كم مربع.

أما مصر فستحصل على ما لا يقل عن 21303 كم مربع من المساحة في حال إبرامها لاتفاقية ترسيم الحدود البحرية التي طرحتها تركيا. 

وفي حال أبرمت مصر اتفاقية مع تركيا بدلا من اليونان، فستحصل على مساحة منطقة اقتصادية خالصة لا تقل عن 6443 كم مربع.

أما إذا أبرمت اتفاقا مع تركيا، بدلا من قبرص اليونانية في الجزء الغربي من شرق البحر الأبيض المتوسط ​، فستضيف مساحة 14860 كم مربع إلى حدودها البحرية.

وختم أيغين مقاله قائلا: "لقد توجه وزير خارجية اليونان نيكوس ديندياس إلى فلسطين سريعا لإجراء لقاءات رسمية، بمجرد أن ظهر مشروع الاتفاقية التي اقترحه جهاد يايجي على الأجندة، في حين أثار الموضوع صدى واسعا في وسائل الإعلام اليونانية". 

وظهرت عناوين قالت: "الأتراك يعودون: ستكون حدودنا البحرية على غزة" و"أهداف تركيا في عقد اتفاقية ترسيم حدود بحرية مع فلسطين والتي تعمل على إلحاق الضرر باليونان وخططها في قبرص".

وبشكل عام، تشير ردود الفعل واهتمام الصحافة العالمية بالموضوع إلى أهمية مقترح مشروع "اتفاقية حدود ترسيم حدود بحرية مع فلسطين على النموذج الليبي" بالنسبة للمنطقة، بحسب أيغين.