إسرائيل تتحايل على القانون الدولي لمنع تقديم لقاح كورونا للفلسطينيين

قسم الترجمة - الاستقلال | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

تتصاعد المطالبات الفلسطينية والدولية بالضغط على إسرائيل من أجل إجبارها على إيصال لقاح كورونا إلى الضفة الغربية وقطاع غزة، وسط رفض مستمر من تل أبيب.

وبدأت سلطات الاحتلال بالفعل في توزيع اللقاح على الإسرائيليين. وقالت شبكة بي بي سي البريطانية في الثاني من يناير/كانون الثاني إن إسرائيل احتلت المرتبة الأولى عالمياً في معدل توزيع اللقاح "على مواطنيها".

ويقول المركز "المقدسي الأورشليمي" إن هناك حملة ضد إسرائيل لدفعها نحو تقديم اللقاح للفلسطينيين "على افتراض خاطئ بأنها ملزمة بالقيام بذلك وفقًا للقانون الدولي ووفقًا لاتفاقيات جنيف".

وأوضح المركز الإسرائيلي أن هناك "موجة موازية وموثقة من الانتقادات والعداء الدولي تجاه إسرائيل بين الدول والمنظمات ووسائل الإعلام الدولية بسبب عدم قيامها بتوفير اللقاحات للسكان الفلسطينيين في مناطق السلطة الفلسطينية".

وتابع أن "هذا الانتقاد نابع من عدد من الافتراضات الخاطئة أو الادعاءات المضللة عمداً بأن إسرائيل قوة محتلة في مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة"، وفق تعبيره.

بالإضافة إلى ذلك، يرى وجود "افتراض خاطئ بأن القانون الدولي يلزم إسرائيل كقوة محتلة، بتقديم الدعم الطبي وتوزيع اللقاحات على السكان والحفاظ على المؤسسات والخدمات الطبية والمستشفيات".

هل هي ملزمة؟

ويخالف مسؤولان أمميان هذا الرأي، هما مايكل لينك المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بوضع حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، وتلالنغ موفوكينغ المقررة الخاصة المعنية بحق كل إنسان في التمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية والعقلية.

وقال المسؤولان في بيان 14 يناير/كانون الثاني إنه "من الناحية الأخلاقية والقانونية، فإن هذا التباين في الوصول إلى الرعاية الصحية اللازمة في خضمّ أسوأ أزمة إنسانية عالمية منذ قرن هو أمر غير مقبول".

وأوضحا أن "إسرائيل" قدّمت، في هذه المرحلة المبكرة من التطعيم العالمي، اللقاحات إلى نسبة أعلى من مواطنيها مقارنة بأي دولة أخرى، لكنها "لم تضمن حصول الفلسطينيين تحت الاحتلال في الضفة الغربية وقطاع غزة، في المستقبل القريب، على اللقاحات المتاحة".

وبحسب منظمة الصحة العالمية، فقد بلغ إجمالي إصابات فيروس "كورونا" في فلسطين منذ بدء تفشي الوباء 160 ألفا، في حين سجل أكثر من ألف و700 وفاة.

ويدعي المركز الإسرائيلي أن "إسرائيل غير ملزمة بتوفير اللقاحات لسكان المناطق لأنها ليست دولة محتلة كما أن اتفاقية جنيف الرابعة لا تنطبق على المناطق المحتلة".

لكن الخبيران الأمميان أوضحا في بيانهما الأخير أن "إسرائيل"، بصفتها السلطة القائمة بالاحتلال، مطالبة بموجب اتفاقية جنيف الرابعة بأن تحافظ "إلى أقصى حدّ ممكن من الوسائل المتاحة" على الخدمات الصحية في الأرض المحتلة.

كما تطالب المادة 56 "إسرائيل" بتبني وتطبيق "الإجراءات الوقائية اللازمة لمكافحة انتشار الأمراض المعدية والأوبئة" بالتعاون مع السلطات الوطنية والمحلية.

وأضاف الخبيران: أنه إذا لم يتم تزويد السكان المحميين بإمدادات كافية، فإن السلطة القائمة بالاحتلال مطالبة بموجب الاتفاقية، بتسهيل برامج الإغاثة "بجميع الوسائل المتاحة لها". 

حتى إذا تم توفير شحنات الإغاثة، بما في ذلك الإمدادات الطبية، من قبل جهات أخرى، فإن المادة 60 تنص على أن هذه الحزمات "لا تعفي بأي حال السلطة القائمة بالاحتلال من أي من مسؤولياتها"، فيما يتعلق بالرعاية الصحية للسكان المحمييّن، وفق البيان.

وبرر المركز رأيه بأن "إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية وقعتا على اتفاقيات أوسلو في عام 1995 والتي لا تزال سارية المفعول، واتفق الطرفان على إقامة نظام قانوني مستقل تتحمل بموجبه السلطة الفلسطينية المسؤولية الكاملة عن السيطرة على أجزاء من الأراضي الخاضعة لسيطرتها".

ويشمل ذلك بحسب قوله "المسؤولية المدنية الكاملة عن الصحة والتعامل مع الأوبئة واستيراد اللقاحات وغيرها من المعدات الطبية".

وبين المركز الإسرائيلي أن الملحق الثالث (المدني) للاتفاق بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل يُلزم بالتعاون وتبادل المعلومات بينهما من أجل مكافحة الأوبئة, لا أكثر ولا أقل، بحسب تعبيره.

وكان تأسيس السلطة الفلسطينية من مخرجات "اتفاق أوسلو"، والذي ينص على انتهاء عملية السلام عام 1999، بإقامة دولة فلسطينية مستقلة على الأراضي المحتلة عام 1967 (الضفة وغزة)، وهو ما تنصلت منه إسرائيل.

 كما رفض الخبيران هذا التبرير وأكدا على ضرورة تفسير اتفاقية أوسلو وتطبيقها بما يتفق مع القانون الدولي، "ولا يمكن الانتقاص من تدابير الحماية بنطاقها الأوسع".

وذكر المركز أن الحصار البحري الإسرائيلي على قطاع غزة يستخدم "لمنع استيراد المعدات والمواد التي يمكن أن تساعد (حركة المقاومة الإسلامية) حماس، على إنتاج الصواريخ والأنفاق المصممة لمهاجمة السكان في إسرائيل"، بحسب رأيه.

وأوضح وزير الصحة الإسرائيلي يولي أدلشتاين أن "إسرائيل لن تقدم اللقاح قبل تطعيم جميع مواطنيها"، لكن مسؤولي الوزارة يشدّدون على الحاجة إلى ضمان تطعيم الفلسطينيين أيضًا، وفق المركز.

وأشارت القناة العبرية 12 إلى أنه في هذه المرحلة، يتم اتخاذ الإجراءات مع السلطات الصحية بهدوء. ويقول أطباء من أجل حقوق الإنسان "لدينا واجب قانوني وأخلاقي لضمان تطعيم الفلسطينيين".

رفض إسرائيلي

وتساءل موقع القناة 12 العبرية: هل ستوفر إسرائيل لقاحات لسكان السلطة الفلسطينية؟ 

وخلال يناير/كانون الثاني، طالبت منظمة الصحة العالمية إسرائيل بنقل جرعات لقاح لصالح السلطة الفلسطينية، لكن تل أبيب رفضت الطلب. وتعتقد مصادر مهنية في وزارة الصحة الإسرائيلية أن هذا الأمر خطأ وبائيًا "منعا لانتقال العدوى مرة أخرى".

وانتقدت السلطة الفلسطينية تل أبيب بسبب عدم توصيل لقاحات لسكان الضفة الغربية وقالت وزارة الخارجية في بيان لها "إسرائيل تتجاهل التزاماتها كقوة محتلة وتمارس التمييز العنصري ضد الشعب الفلسطيني وتحرمه من حقه في الصحة".

وقال نائب وزير الصحة الإسرائيلي، عضو الكنيست يوآف كيش ، للقناة 12 "المواطنون الإسرائيليون هم الأهم وبعد أن ننتهي من تطعيمهم، سيكون من الممكن النظر في أي طلب آخر، بما في ذلك الاستفسارات الواردة من السلطة الفلسطينية".

ومن ناحية أخرى، من بين المتخصصين في وزارة الصحة هناك من يعتقد أنه من المهم من الناحية الوبائية أن يتم تحصين سكان السلطة الفلسطينية: "واجبنا الأول هو تطعيم مواطني إسرائيل، لكننا نود بالتأكيد أن نرى الفلسطينيين يتم تطعيمهم"، وفق القناة.

وأشارت الكاتبة في مجال الصحة عنبر تويزر إلى أنه "لا يمكن لعشرات الآلاف من الأشخاص غير الملقحين الانتقال إلى إسرائيل، وبالتالي الإضرار بالصحة العامة لمواطنينا وفي هذه المرحلة، يتم اتخاذ الإجراءات، لكن الأولوية القصوى هي مواطنينا الذين ينتظرون التطعيم".

وتطرق وزير الصحة في مقابلة مع "سكاي نيوز" البريطانية خلال يناير/كانون الثاني إلى القضية بالقول: "لا يمكن أن يصلني اللقاح وأعطيه لجيراني قبل أن أنتهي من تطعيم مواطني بلادي".

وقال وزير الصحة "أعتقد أننا ساعدنا جيراننا الفلسطينيين منذ المراحل الأولى لهذه الأزمة، بما في ذلك توفير المعدات الطبية والأدوية والمشورة"، وفق زعمه.

في غضون ذلك، قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية إنه خلال شهرين ستصل لقاحات ضد فيروس كورونا من إنتاج شركة أسترازينيكا (بريطانية سويدية) إلى السلطة الفلسطينية، مشيرا إلى توقيع اتفاقيات مع أربع شركات لتصنيع اللقاح.

ولفتت الكاتبة إلى أنه جاء في نداء "أطباء من أجل حقوق الإنسان" إلى وزارة الصحة ومنسق العمليات الحكومية في الأراضي المحتلة "واجب إسرائيل ممارسة الحق في الصحة للسكان الخاضعين لسيطرتها".

وقال الرئيس التنفيذي للمنظمة ران غولدستين "لدينا التزام قانوني وأخلاقي بضمان تلقيح الفلسطينيين ولقد تم الإشادة بإسرائيل في وسائل الإعلام العالمية لحملة التطعيم، لكن تجاهل الفلسطينيين سيحول المثل الأعلى إلى نقد وهو محق في ذلك".

وتابع أن "آلاف العمال ينتقلون من المناطق الفلسطينية إلى إسرائيل، لا يتوقف الفيروس عند الحاجز. إذا أردنا التغلب عليه، يجب أن نضمن تطعيم الفلسطينيين في أسرع وقت ممكن".

وردت حركة "إذا شئت" ومنتدى "التصويت من أجل الحياة" الإسرائيليتين "من غير المعقول أن تقدم دولة إسرائيل اللقاحات للسلطة الفلسطينية في حين أن العديد من مواطنيها لم يتم تطعيمهم على الإطلاق".