"سلاح جديد".. مركز عبري: معارك الخلافة على السلطة الفلسطينية مستمرة

12

طباعة

مشاركة

تحدث مركز إسرائيلي عن حملة إعلامية ضخمة للقيادي المفصول من حركة "فتح"، محمد دحلان، كشف فيها أسباب خلافه مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، متهما إياه بـ"الفساد المالي والتقصير السياسي"، فيما ترفض السلطة الفلسطينية هذه "الأكاذيب" الناتجة عن "ضعف مكانة دحلان" في الضفة الغربية والعالم العربي.

وأشار مركز "القدس لشؤون الدولة والعامة العبري" إلى أنه "تحسبا لتغيير الإدارة في الولايات المتحدة وتجدد التقارب الإعلامي بين حركتي فتح وحماس بشأن إجراء الانتخابات في المناطق بشكل تدريجي، أطلق "دحلان" حملة إعلامية ضخمة ضد عباس".

وقال المركز: إن قناة "الكوفية" المملوكة والتابعة لدحلان بثّت هذا الأسبوع فيلما وثائقيا من جزأين بعنوان "الحلقة المفقودة" حول الخلاف المرير بين دحلان وعباس.

وأثارت الخطة قدرا كبيرا من الجدل في المناطق لأنه زُعم في البداية أن أحد الأسباب الرئيسة لعمل "عباس" ضد دحلان هو الفساد المالي، وحقيقة أن "دحلان" كشف عام 2010. أن رئيس السلطة الفلسطينية قد تجاوز مبلغ 2 مليار دولار من صندوق استثمار منظمة التحرير الفلسطينية.

كما ورد في البرنامج أن "عباس كان على استعداد للتصالح مع دحلان، بل وأحال إليه عرضا للوساطة من خلال وسيط بمبلغ 10 ملايين دولار، إلا أن دحلان رفض العرض".

ويكشف البرنامج الذي تم بثه لأول مرة عن وثائق وتسجيلات صوتية لمسؤولي فتح تؤكد مزاعم "دحلان" ضد عباس.

ويفصّل المركز العبري الاتهامات التي وجهت للبرنامج ضد عباس على هذا النحو:

  • المسؤولية الشخصية عن سقوط قطاع غزة في يد "حماس" وفشل فتح في الانتخابات البرلمانية الفلسطينية عام 2006.
  • مسؤولية تراجع أهمية القضية الفلسطينية في نظر الدول العربية.
  • المسؤولية عن إضعاف حركة "فتح" في الضفة الغربية وخطر انهيار حكم السلطة الفلسطينية بيد حركة "حماس".
  • محاولات "عباس" للتخلص من دحلان وتصفيته جسديا.

المدافع الثقيلة

ونتيجة لذلك، خشي دحلان على حياته وفرّ من الضفة الغربية إلى الأردن ومن هناك إلى الإمارات، حسبما يقول المركز العبري.

ويصف البرنامج الحملة القانونية التي شنّها رئيس السلطة الفلسطينية ضد دحلان، وتدّعي أن عباس "أحاك" القضايا المتعلقة بقتل 6 أشخاص والفساد المالي، كما يشرح بالتفصيل كيف وسّع "عباس" لجنة التحقيق التي حققت في قضيته وأضاف اتهامات جديدة ضده.

ويصف أيضا كيف قرّرت اللجنة المركزية لـ"فتح" أخيرا عزل دحلان من صفوفها دون السماح له بالرد على الاتهامات الموجهة إليه.

وانحاز المسؤول الكبير في "فتح"، "سري نسيبة"،  إلى دحلان في الخطة ووصف سلوك رئيس السلطة الفلسطينية ضده بـ"سلوك المافيا".

فيما اتهم "محمد رشيد" المستشار السابق لياسر عرفات، عباس بـ"محاولة القضاء جسديا وسياسيا ومعنويا على دحلان".

ولفت المركز العبري إلى أن كبار المسؤولين في السلطة الفلسطينية رفضوا رفضا قاطعا جميع الاتهامات التي أطلقها "دحلان" في البرنامج ضد عباس، قائلين إنها "أكاذيب واتهامات كاذبة تهدف إلى محاولة إحداث صدمة في حكم السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وإحباط حركة فتح".

من جهته، رأى المحلل الأمني والإستخباراتي "يوني بن مناحيم"، أن هذه حملة إعلامية غير مسبوقة من قبل "دحلان"، أعدت بعناية ومدعومة بوثائق ومقابلات، سحب "دحلان" كل "مدافعه الثقيلة" ضد عباس.

ويقدر كبار المسؤولين في الرئاسة الفلسطينية أن توقيت الحملة "ليس من قبيل الصدفة"، قائلين: إن قوة دحلان قد ضعفت في الضفة الغربية بعد أنشطة الاعتقال التي قامت بها السلطة الفلسطينية بين أنصاره في مخيمات اللاجئين خلال الأسابيع الأخيرة، وهو قلق للغاية بشأن انتخاب "جو بايدن" رئيسا للولايات المتحدة.

وأشار "بن مناحيم" إلى أن "دحلان الذي يشغل منصب كبير مستشاري محمد بن زايد، وريث أبوظبي، كان واثقا من أن طريق عودته إلى قمة السلطة الفلسطينية قد تم تمهيده مرة أخرى بعد اتفاق التطبيع بين إسرائيل والإمارات، إلا أن نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية  أثرت عليه بشدة". 

ونوّه إلى أن "بايدن معروف بعلاقاته الجيدة مع عباس وليس لديه نية لاستبداله".

واستطرد بن مناحيم أن "دحلان يخشى من أن يعمل بايدن على تعزيز مكانة عباس سياسيا واقتصاديا، وأنه يتوقع إلغاء خطة صفقة القرن واستئناف المفاوضات بين إسرائيل والسلطة، وبالتالي تجديد شرعية عباس كزعيم فلسطيني".

بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن تجدد إدارة بايدن المساعدة المالية للسلطة الفلسطينية ووكالة "الأونروا" التي أوقفها الرئيس دونالد ترامب.

الوقت المناسب

ويرجّح بن مناحيم أن "دحلان توصل إلى استنتاج مفاده أن هذا هو الوقت المناسب لكشف كل ما لديه من معلومات عن مآثر عباس وإغفالاته على مر السنين في محاولة لتشويه سمعته أمام الإدارة الأميركية  الجديدة ومحاولة تحسين صورته بين سكان المناطق الفلسطينية المحتلّة وتصويره على أنه المستضعف المضطهد لعباس".

وأشار إلى أن "معركة الخلافة في السلطة الفلسطينية مستمرة من خلف الكواليس، ويحاول أمين عام فتح، جبريل الرجوب العودة إلى الصدارة في السباق من خلال المصالحة بين فتح وحماس".

وأوضح أن "الرجوب أحضر قبل أيام رسالة من زعيم حركة حماس إسماعيل هنية إلى الرئيس الفلسطيني، تبدي استعداد حماس للتقدم للانتخابات في المناطق حسب المخطط الذي حدّده عباس، بأن تكون أولا انتخابات تشريعية وبعدها فقط انتخابات رئاسية".

وأفاد بن مناحيم بأن "الرجوب يقدّم نفسه أمام كبار الشخصيات في فتح باعتباره الشخص الذي حقّق الانفراجة وأقنع هنية بالقدوم إلى رئيس السلطة الفلسطينية".

ولفت إلى أن قيادات "فتح" تدعي أن المحور القوي في رأس السلطة يظل محور ماجد فرج وحسين الشيخ الأقرب لعباس، ويهمسون في أذنه في كل القضايا، وفي كل الأحوال ترك عباس "الأولاد يلعبون أمامه" وليست لديه نية في الوقت الحالي للتنحي عن المسرح السياسي.

وفي نفس السياق، أشار المركز "المقدسي الأورشلمي العبري" إلى أن هناك ضغوط دولية على عباس لإجراء انتخابات فيما ستُجرى انتخابات الكنيست بإسرائيل في 23 مارس/آذار المقبل.

ووفقا لمسؤولين كبار في "فتح" تعتزم إدارة "بايدن" مطالبة عباس أيضا بإجراء انتخابات، نظرا لاحتمال تغيير الحكومة في إسرائيل نتيجة الانتخابات، وإدارة "بايدن" تريد أن ترى تدفق دم جديد للقيادة الفلسطينية في رام الله.

وقال مسؤولون أميركيون مقربون من موظفي "بايدن" لمسؤولي "فتح": إن الإدارة الجديدة تريد من بعض قادة فتح المخضرمين، الذين يعتبرهم الجمهور الفلسطيني فاسدين، التقاعد وإفساح المجال لجيل الشباب الذي يعتبر "نظيفا" من الفساد.

ولفت المركز العبري، إلى أنه من المفترض أن يكون هذا أحد مطالب وزير الخارجية الأميركي المعين "أنطوني بلينكن".

فيما أكد المحلل الاستخباراتي "بن مناحيم"، أن فريق إدارة "بايدن" الجديد بدأ مناقشات وصياغة السياسة الأميركية تجاه الشرق الأوسط.

وتسعى هذه الخطة إلى تفكيك إرث "ترامب"، خاصة فيما يتعلق بقضية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ومن الأفكار قيد الدراسة إنشاء مكتب خاص في وزارة الخارجية الأميركية  للتعامل مع القضية الفلسطينية.

وأشار المحلّل الاستخباراتي، إلى أن هناك عدة خطوات تنوي الإدارة الجديدة اتخاذها تجاه السلطة الفلسطينية، مثل: إعادة "فتح" مكاتب منظمة التحرير الفلسطينية بواشنطن، وإعادة المساعدات المالية المدنية للسلطة و"الأونروا"، ودعم فكرة حل الدولتين والالتزام بتنفيذ القرارات الدولية، ومطالبة إسرائيل بتجميد النشاط الاستيطاني في الضفة.

وخلص "بن مناحيم" إلى أنه "لا يزال من غير الواضح ما هو الاعتبار الذي سيتعين على الفلسطينيين دفعه لتنفيذ هذه الإجراءات، لا سيما في ظل مطالبة عباس الجديدة من الدول العربية دعم مطالبته من المجتمع الدولي بنقل دور الوسيط بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية من الولايات المتحدة إلى الرباعية الدولية".

وتشكلت اللجنة الرباعية الدولية عام 2002، وتضم الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة، وروسيا، ومهمتها تسهيل العقبات التي تعترض عملية السلام.