فورين بوليسي: انبطاح دول الخليج لإسرائيل أهم من اتفاق السلام

12

طباعة

مشاركة

نشرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية للصحفية داليا هاتوكا، مقالا اعتبرت فيه أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يؤسس لعلاقات مع القادة العرب المناهضين لإسرائيل، ويراهن على أن اتفاق السلام لم يعد شرطا ضروريا من أجل تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل والدول العربية. 

وأشار المقال إلى أنه على الرغم من الاهتمام الكبير الذي أولاه العالم لقمة وارسو، إلا أنها لم تحقق النجاح المطلوب، إذ حاولت الولايات المتحدة الأمريكية إقناع حلفائها الأوربيين بالخروج من الاتفاق النووي مع إيران والدفع بقوة في اتجاه فرض المزيد من العقوبات علي إيران، إلا أن أي من ذلك لم يتحقق.

وأضافت المجلة أن عامل الإثارة الوحيد في هذه القمة نبع من إسرائيل ودول الخليج التي لم تخجل من التباهي بتحالفها المفتوح ضد إيران، فقد كان من اللافت للنظر جلوس وزراء خارجية الإمارات العربية المتحدة والسعودية والبحرين إلى جانب بنيامين نتنياهو خلال حفل العشاء في افتتاح القمة الذي كان من المفترض أنه عشاء سري، ولكن نتنياهو كان قد سرب فيديو للتجمع المثير للجدل، حيث سُمع المسؤول الرسمي البحريني الكبير وهو يقول إن إيران هي العقبة الرئيسية أمام حل النزاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، كما ذكر وزير الخارجية الإماراتي، عبدالله بن زايد آل نهيان، أنه من حق إسرائيل ضرب أهداف في سوريا، وفي النهاية اختتم نائب الرئيس الأمريكي مايك بينس الكلام بقوله "إنها حقبة جديدة".

وأوضح المقال، "الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل كانت هناك المصافحة الشهيرة بين نتنياهو ووزير الخارجية العُماني، يوسف بن علوي، ولقاء قصير مع وزير الخارجية اليمني، خالد اليماني. وأكدت المجلة أن كل ذلك يقع تحت إطار الدعاية الانتخابية الإيجابية لنتنياهو قبيل الانتخابات الإسرائيلية التي ستجري في التاسع من أبريل/ نيسان الجاري. إذ وعد نتنياهو بتحسين وتوثيق العلاقات بين إسرائيل والدول العربية، وذلك بعد زيارته إلى تشاد وسلطنة عُمان؛ إذ يتوق رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى إظهار أن معضلة الدولة الفلسطينية لم تعد عائقا أمام تطبيع العلاقات مع الدول العربية والإسلامية.

محبة بعد عداوة

وبحسب المجلة، "لطالما أظهرت إسرائيل نفسها كواحة للديمقراطية التي تحارب العديد من الأعداء في قلب منطقة تفتقر إلى الاستقرار"؛ مضيفة أنه من الواضح أن هذا التعبير المجازي كان هو المقصود بكلام رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك حين شبّه إسرائيل بـ"قصر في الأدغال".

وتابعت الكاتبة: "يبدو أن نتنياهو قد احتضن بعضا من هؤلاء الأعداء لدعم قاعدته الانتخابية بادعائه بأن إسرائيل لم تعد منبوذة إقليميا كما كانت؛ محاولا إيجاد أرضية مشتركة بينه وبين خصومه السابقين من خلال التخوفات المشتركة تجاه إيران، وأيضا المصالح الاقتصادية المشتركة آملاً أن تفوق هذه المشتركات التضامن العربي مع القضية الفلسطينية، وتحقق لنتنياهو ما هدف إليه حينما تحول السعوديون ودول الخليج الأخرى اتجاههم بعدما كانوا المدافعين الرسميين عن القضية الفلسطينية ليس فقط داخل بلادهم، ولكن أمام شركائها الأوربيين ولكنهم عكسوا مساراتهم بمرور الوقت".

لقد أصبحت العلاقات الجديدة بين الدول الخليجية وإسرائيل جزءا من تحولات إستراتيجية تحاول الإدارة الأمريكية برئاسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نشرها في المنطقة، مفادها أن تتحالف الدول العربية السنية في المنطقة مع إسرائيل في مواجهة إيران، ويرى البيت الأبيض أن اتفاق سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين هو جزء من هذا المخطط، بحسب المصدر ذاته.

ووفقا للمجلة، قبل مغادرته إلى تشاد في العشرين من يناير/ كانون الثاني، وصف نتنياهو زيارته التي كانت تهدف إلى استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بعد أن قُطعت في عام 1972، بأنها "جزء من ثورة تقوم بها إسرائيل في العالمين العربي والإسلامي"، قائلاً: "لقد وعدتكم بأن هذا سوف يحدث، وستكون هناك دول أخري نقيم معها علاقات دبلوماسية"، بنفس الطريقة كشف نتنياهو عن علاقات إسرائيل غير السرية مع أبناء إسماعيل (قاصداً العرب) معلنا أيضا أنه لن يُجبر مستوطنا واحدا في الضفة الغربية على الرحيل من مستوطنته.

نصر لجهوده

وفي السياق ذاته، ذكر المقال أن نتنياهو كان قد قام في أكتوبر/ تشرين الثاني عام 2018 بزيارة سلطنة عُمان، والتقى حاكمها السلطان قابوس مستغلا هذه الزيارة في التأكيد على فرضيته بأن احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية والحصار والمستوطنات لا تشكل أية عقبة أمام تطبيع العلاقات مع الدول العربية.

وزادت الصحفية: "كما تباهى نتنياهو مؤخرًا بأن طائرات الركاب الإسرائيلية يمكن أن تطير فوق عُمان والسودان (وقد حلقت بالفعل طائرة متجهة إلى إسرائيل فوق المملكة العربية السعودية في مارس/ آذار الماضي)، مما حقق نصرا جديا لجهوده في مجال بناء علاقات إقليمية جديدة لإسرائيل".

واصلت "فورين بوليسي" استعراض الأحداث، موضحة أنه في العام الماضي، زار وفد إسرائيلي البحرين لحضور مؤتمر نظمته اليونسكو، ومن المفارقات أن نفس المنظمة الدولية قاطعتها الولايات المتحدة الأمريكية بسبب التحيز المزعوم ضد إسرائيل؛ وعلى الرغم من عدم وجود علاقات دبلوماسية بين إسرائيل والبحرين، إلا أن البحرين "كباقي جيرانها من دول الخليج الذين يجمعهم خوف مشترك وهو إيران تقترب من علاقات معلنة بينها وبين إسرائيل".

في مايو/ أيار 2018، تضيف المجلة، نشر وزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد الخليفة، على موقع التواصل تويتر منشورا حول حق إسرائيل في "الدفاع عن نفسها" بعد إطلاق الصواريخ الإيرانية على أهداف في مرتفعات الجولان المحتلة من سوريا. وفي ديسمبر/ كانون الأول عام 2017، احتلت أخبار زيارة وفد ديني بحريني لم يضم أي مسئول رسمي إلى القدس بعد أيام قليلة من إعلان ترامب قراره الاعتراف بالمدينة المقدسة كعاصمة لإسرائيل، بحسب المصدر ذاته.

السعودية والإمارات

وأشارت المجلة إلى أن الإمارات ترتبط مع إسرائيل بعلاقات تجارية واقتصادية طويلة الأمد منذ عقود تشمل مجالات مثل الدفاع والتكنولوجيا والزراعة، ولكن في أكتوبر/ تشرين الأول 2018 أخذت الإمارات خطوة أكثر قُرباً من إسرائيل حينما سمحت بعزف النشيد الوطني الإسرائيلي أثناء انعقاد بطولة الجودة في أبوظبي؛ حيث قدم وزير الرياضة الإسرائيلي ميدالية لساجي موكي الذى فاز بالميدالية الذهبية في البطولة.

وعلى صعيد العلاقات الإسرائيلية مع السعودية فإنها علاقات غير رسمية وأكثر حداثة حيث بدأت بعد وفاة الملك عبد الله عام 2015 ومع صعود محمد بن سلمان إلى موقع ولي العهد في 2017، ويثبت طموح السعودية في انفراجه في العلاقات مع إسرائيل أن المبادرة العربية للسلام أصبحت غير ملائمة للوضع الحالي.

واختتم المقال، بأنه حتى قطر التي تعاني من حصار دول خليجية ومصر لها بسبب"إدعاءات" بعلاقات تربطها بمجموعات إسلامية، لديها ترتيبات وعلاقات عمل مع إسرائيل لسنوات عديدة؛ لكنها ركزت مؤخرا على السماح للدوحة بتوجيه الأموال إلى قطاع غزة للتخفيف من حدة الحصار المصري الإسرائيلي والوضع الإنساني في القطاع المحاصر.