صحيفة إيطالية: شهادات جديدة تؤكد تورط نظام السيسي في قتل ريجيني

12

طباعة

مشاركة

كشفت تحقيقات جارية في إيطاليا، عن وقائع جديدة تؤكد تورط النظام المصري بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي في اعتقال وتعذيب الطالب الإيطالي جوليو ريجيني حتى الموت عام 2016، مع ممارسة التضليل وحجب الحقيقة. 

وقالت صحيفة ''إيل بوست" الإيطالية: إن "النيابة العامة في روما على وشك إنهاء تحقيقها حول وفاة الباحث الإيطالي في جامعة كامبريدج، ريجيني، أثناء عمله في القاهرة على أطروحة دكتوراه عن النقابات العمالية".

وفي 3 فبراير/ شباط 2016، عُثر على جثة ريجيني ملقاة على جانب طريق في منطقة صحراوية بمدينة 6 أكتوبر بالقاهرة الكبرى، وعليها آثار تعذيب بعد 9 أيام من مقتله. 

شاهدان جديدان

وذكرت الصحيفة أن "التحقيق الإيطالي الذي أجراه المدعي العام سيرجيو كولاياكو، أفاد بأن هناك شاهدين جديدين قالا، إنهما شاهدا عملية اختطاف ريجيني على يد عناصر من جهاز المخابرات المصرية".

وأضافت: أن "الشاهدين قالا إنهما شاهدا ريجيني بعد الاختطاف داخل ثكنتين مختلفتين: الأولى قرب مترو أنفاق الدقي، غير بعيد عن مكان اختطافه، والثانية، وفقا لشهود عيان، يحتجز داخلها عادة الأجانب، وداخل كليهما، تعرض ريجيني للضرب والتعذيب حتى الموت من قبل أجهزة المخابرات". 

واستنتجت "إيل بوست" أن "الشهادات تثبت أن الحكومة المصرية كانت على علم باختفاء ريجيني وتعذيبه وموته وأن وزير الداخلية آنذاك مجدي عبد الغفار كذب عندما نفى، بعد أيام قليلة من اكتشاف جثة ريجيني، علمه بما حدث".

وذكرت الصحيفة أن جريدة "لاريبوبليكا" نشرت تقريرا لشرطة فرقة العمليات الخاصة وشرطة دائرة العمليات المركزية، يذكر أن رئيس نقابة الباعة المتجولين المستقلين، محمد عبد الله، قرر في أكتوبر/تشرين الأول 2015، "التبليغ عن تحركات ريجيني".

وأوضحت أن "محمد عبد الله التقى بضابط التحقيق العقيد آثير كمال، والعقيد حلمي والرائد شريف في مقر الأمن الوطني، ليحيطهم بكل شيء يعرفه عن حياة ريجيني".

وبينت "إيل بوست" أن "ريجيني بوجوده في مصر وإجراء بحث حول النقابات العمالية المستقلة للباعة المتجولين، قد تطرق إلى مسألة سياسية حساسة للغاية، باعتماد نهج يعرف باسم (البحث التشاركي)، والذي يتطلب قضاء الكثير من الوقت مع من يركز عليهم البحث".

وأضافت: "كما أن هذه الموضوع  يعتبر حساسا للغاية خاصة بالنسبة للحكومة المصرية، نظرا إلى أن النقابات العمالية تضم بينها بعض أقوى المعارضين السياسيين". 

وأشارت الصحيفة إلى أن "ريجيني حصل في خريف 2015، على تمويل بقيمة 10 آلاف جنيه إسترليني من مؤسسة بريطانية تهتم بمشاريع التنمية، لدعمه في أبحاث الدكتوراه وتقديم مساعدات للأشخاص الذين كان يجري بحثه حولهم، وتحدث عن ذلك مع عبد الله، الذي بدى مهتما بالمال أكثر من اهتمامه بالمشروع نفسه". 

ولفتت إلى أنه "يُعتقد إلى اليوم، أن عبد الله قد أبلغ السلطات المصرية عن نشاط ريجيني في يناير/كانون الثاني 2016، بينما أورد التحقيق الإيطالي أن ذلك حدث في أكتوبر/تشرين الأول 2015، وبالتالي بعد وقت قصير من اتصال الباحث به". 

تحت المراقبة

في سبتمبر/أيلول 2017، اعترفت السلطات المصرية بأن ريجيني قد خضع للتحقيق في يناير/كانون الثاني 2016 ولمدة 3 أيام فقط، وذكرت أن التحقيقات بشأن الطالب لم تثبت "أي نشاط له علاقة بالأمن القومي وبالتالي تم توقيفها".

وفي إعادة بنائها للأحداث، لفتت صحيفة ''إيل بوست'' إلى أن "تاريخ 11 ديسمبر/كانون الأول 2015 مهم في هذا الصدد، ويرتبط بحضور ريجيني في اجتماع عام ومصرح به حول النقابات العمالية المستقلة، وحدث خلاله شيئان: الأول هو أن ريجيني تأثر بالحجج والطاقة التي انبثقت عن الاجتماع، وكتب مقالا صحفيا عنه بجمل قوية".

أما الثاني، يتعلق بـ"اقتراب امرأة محجبة منه أثناء الاجتماع والتقاطها صورة له مما أثار غضبه، لأنه لم يكن من بين المتحدثين وفق ما ذكره أصدقاؤه".

ووفقا للتقرير الصادر عن الشرطة الإيطالية، "لم يتعرف أحد من الحاضرين على هوية المرأة التي التقطت صورا لريجيني خلال الاجتماع".

وأشار إلى أن "محمد عبد الله حصل في 18 ديسمبر/كانون الأول 2015، من ريجيني على الإشعار بالموافقة على التمويل البالغ 10 آلاف جنيه، بناء على طلب الرائد شريف، ثم عاد ريجيني إلى إيطاليا لقضاء عطلة عيد الميلاد".

وأضاف التقرير: أنه "في 5 يناير/كانون الثاني 2016، شرح العقيد حلمي والرائد شريف، خلال اجتماع بالأمن القومي، للنقابي عبد الله كيفية استخدام الكاميرا الخفية لتسجيل ريجيني". 

وأردف: أن "عبد الله تواصل هاتفيا بالرائد شريف 13 مرة من 8 إلى 21 يناير، وكان عبد الله قد صرح بأنه فهم من خلاله حديثه مع الرائد شريف أنهم يريدون إبقاء ريجيني تحت المراقبة لمعرفة ما يخطط لفعله في 25 يناير".

وفي 25 يناير وعلى الساعة 19:41 بالتوقيت المحلي، أرسل ريجيني رسالة إلى صديقته: "سأخرج"، وكانت هذه آخر مراسلاته بينما كان يسير إلى محطة مترو أنفاق "الدقي"، الأقرب إلى منزله للانضمام إلى حفلة عيد ميلاد أحد الأصدقاء، والتي أقيمت قرب ميدان التحرير.

وفي ذلك اليوم، وجد ريجيني بالمنزل طيلة النهار نظرا لأن 25 يناير، لم يكن تاريخا عاديا، بل الذكرى الخامسة لثورة 2011، التي أدت إلى سقوط نظام حسني مبارك، وفق الصحيفة الإيطالية.

وتضيف ''إيل بوست'': بأنه "على غرار يوم 25 يناير من كل عام منذ 2011، لم يكن الوضع هادئا، ففي الساعات السابقة نفذت الشرطة المصرية آلاف عمليات التفتيش لعرقلة الاحتجاجات ضد نظام عبد الفتاح السيسي، واختفى ريجيني في ذلك المساء رغم عدم مشاركة الحي الذي كان يقطن فيه في الاحتجاجات". 

عرقلة البحث

ويخضع مسؤولون أمنيون مصريون، وهم اللواء طارق والعقيدان حلمي وكمال والرائد مجدي شريف وضابط الشرطة "ناجم"، للتحقيق غيابيا من قبل مكتب المدعي العام في روما.

وذكرت الصحيفة أن "القاهرة لم تقدم عناوينهم إلى الآن رغم أنها كررت مرارا في السنوات الأخيرة نيتها التعاون في التحقيق، وبحسب المدعي العام، قامت السلطات المصرية، منذ يوم اكتشاف جثة ريجيني، بتكذيب وعرقلة البحث عن الحقيقة".

وتابعت: "كما أسفرت التحقيقات التي أجرتها السلطات المصرية عن ما وصفه مكتب المدعي العام الإيطالي بأنها سلسلة طويلة من محاولات التضليل، في البداية، زعم مكتب المدعي العام المصري أن ريجيني توفي في حادث سيارة، لكن تشريح الجثة في إيطاليا كذب ذلك وأكد أن سبب الوفاة كان نتيجة تلقيه ضربة على الرقبة، بعد تعرضه للتعذيب الشديد".

وتحدثت الصحيفة الإيطالية عن "تعرض المحققين الإيطاليين الذين وصلوا إلى مصر للعراقيل بكل الطرق، ولم يسمح لهم باستجواب الشهود إلا بحضور الشرطة المصرية ولبضع دقائق، كما طلبت نيابة الجيزة بعد فوات الأوان تسجيلات الكاميرات التي كانت قرب مكان الاختفاء بعد أن حذفت منها مقاطع الفيديو الخاصة بتلك الليلة".

وبحسب "إيل بوست"، كانت الطريقة التي تم بها العثور على وثائق ريجيني "أكثر ممارسات التضليل إثارة".

ففي 24 مارس/آذار2016، نشر وزير الداخلية المصري عبر صفحته على موقع "فيسبوك"، أنه تم الكشف عن ملابسات جريمة مقتل الطالب الإيطالي وأن الجناة 4 أعضاء في عصابة إجرامية "متخصصة في انتحال صفة ضباط شرطة وخطف مواطنين أجانب وسرقة أموالهم"، وقد قُتل الخاطفون جميعا في تبادل لإطلاق النار مع الشرطة.

وعلى إثر ذلك، أصدرت الحكومة المصرية صورا لجواز سفر ريجيني وبطاقة هويته الإيطالية وبطاقة ائتمان وبطاقة جامعة كامبريدج، زاعمة أنه تم العثور عليها في حوزة المجموعة الإجرامية.

لكن صحيفة "إيل بوست" قالت: "لقد اتضح فيما بعد أن زعيم العصابة الإجرامية كان في وقت اختفاء ريجيني، على بعد أكثر من 100 كيلومتر من مكان الاختطاف". 

وختمت مقالها بالقول: "ظلت بعض الأشياء في الملف دون تفسير مقنع: على سبيل المثال، لم تستطع السلطات المصرية تفسير سبب اضطرار مجرمين عاديين لتعذيب ريجيني لمدة أسبوع كامل قبل قتله".