وفد مخابراتي رفيع يزور السودان.. ما علاقة مصر بمواجهات إثيوبيا؟

محمد السهيلي | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

مواجهات عسكرية اندلعت مؤخرا بين قوات إقليم تيجراي، وحكومة رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، في تصعيد خطير قد يقود للانزلاق إلى حرب أهلية بالبلاد التي تبني سدا على النيل الأزرق، يقلق دولتي مصب نهر النيل مصر والسودان.

الصحف الإثيوبية ووكالات الأنباء العالمية، نقلت أخبار الصدام المسلح بين الجيش الإثيوبي التابع للحكومة الاتحادية وبين قوات حكومة تيجراي، وكذلك انضمام القيادة الشمالية للجيش الإثيوبي لجبهة تحرير شعب تيجراي (TPLF) ضد حكومة آبي أحمد.

آبي أحمد، الحاصل على جائزة نوبل للسلام عام 2019، لدوره في وقف النزاع القائم لأكثر من عقدين من الزمان بين بلاده وجارتها الشمالية إريتريا وعقد اتفاق سلام بين أديس أبابا وأسمرة، أمر القوات الاتحادية للجيش الإثيوبي (ENDF) بالانتشار في منطقة تيجراي، بعد اتهام حكومة الإقليم بمحاولة سرقة معدات عسكرية ومهاجمة القوات الاتحادية.

رئيس إقليم تيجراي، دبرصيون قبر ميكائيل، استبق قرار آبي أحمد، بيومين موجها نداءه لأبناء الإقليم ودعاهم للاستعداد للحرب، فيما بدت بوادر التصعيد عبر بيان حكومة تيجراي في ‏26 أكتوبر/ تشرين الأول 2020‏.

البيان أعلن أن "الحكومة الفيدرالية بأديس أبابا غير معترف بها"، ورفض "إجراءاتها تجاه القوات المسلحة والميرانية"، وأكد أنها "لم تعد تحت سيطرة الحكومة الفيدرالية"، ودعا "الجيش الإثيوبي للتمرد على حكومة آبي أحمد". 

الواضح أن المواجهات العسكرية هذه المرة لن تكون عابرة، ففي الوقت الذي حظر فيه إقليم تيجراي عبور الطائرات مجاله الجوي، قام آبي أحمد باستدعاء عدد من الجنرالات السابقين من قوات الدفاع الوطني الإثيوبية (ENDF) للعودة إلى الجيش، وأمر بنشر قوات الحكومة الاتحادية في الإقليم.

صفيح ساخن

يوم 4 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، تساءلت "bbc": "لماذا هناك مخاوف من احتمال تفكك إثيوبيا؟"، مشيرة لتصاعد الخلاف بين آبي أحمد، والحزب الحاكم بمنطقة تيغراي ذات الأهمية الإستراتيجية، مما يثير مخاوف من مواجهة عسكرية وتفكك ثاني أكبر دولة في إفريقيا من حيث عدد السكان.

موقع الإذاعة البريطانية تحدث عن تأزم الوضع والمخاوف لدى حكومة آبي أحمد من أن الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي قد تمهد الطريق لإنشاء دولة انفصالية، مع تولي برلمان وحكومة مهامهما دون موافقة الحكومة الفيدرالية.

ويتغلغل الصراع بين العرقيات المختلفة في إثيوبيا التي يعيش بها نحو 76 عرقية، وخاصة عرقية التيجراي، (6 % من السكان) التي ظلت تحكم إثيوبيا نحو 30 عاما، حتى وصول آبي أحمد للسلطة، وظل الصراع بينهم وبين عرقية أمهرة على الحدود والأرض لسنوات.

وتشير تقارير صحفية إثيوبية وغربية إلى أن قوات إقليم عرقية الأمهرة - منها والدة وزوجة آبي أحمد- تحمل عبء الحرب ضد التيجراي، مع احتمال تدخل إريتريا لصالح حليفها الجديد آبى أحمد، وفي المقابل قد يتسع النطاق بدخول عرقية الأورومو" التي ينتمي آبي أحمد لها، وأيضا عرقية "العفر"، والإقليم الصومالي، ضد حكومة آبى أحمد الاتحادية.

وتفيد التقارير، بأن الوضع غير مقتصر على أزمة إقليم تيجراي، بل إن شعب الأورومو (40% من السكان)، بدأ مبكرا مظاهراته ضد التهميش الذي يتم بحقهم لصالح عرقية أمهرة (25 % من السكان).

وإثر اغتيال الناشط والمغني هاشالو هونديسا، المحبوب في أوساط الأورومو، في 29 يونيو/ حزيران 2020، طالب الأورومو، بالاستقلال وذلك بعد نحو عام من فشل محاولتهم الانقلاب والاستقلال بإقليم أمهرة شمال إثيوبيا، ما نتج عنه اعتقال نحو 9 آلاف من المتظاهرين الأورومو.

وفي نفس السياق، يطالب الصوماليون (6 % من السكان) المقيمون في منطقة أوغادين أيضا بالاستقلال فيما تتواصل المواجهات العسكرية مع حكومة أديس أبابا.

زيارة حجازي

مراقبون ومتابعون مصريون، أشاروا إلى أن تصاعد أحداث إقليم تيجراي الإثيوبي تأتي بالتزامن مع زيارة رئيس أركان الجيش المصري الفريق أول محمد فريد حجازي، للخرطوم ولقائه رئيس الأركان السوداني الفريق أول محمد عثمان الحسين، والحديث عن تعاون بعدة مجالات بين جيشي البلدين، أهمها حماية الأمن القومي للقاهرة والخرطوم.

وتساءل مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، الدكتور هاني رسلان، قائلا: "هل سيكون لهذه الزيارة غير المسبوقة من ناحية تكوين الوفد العسكري المصري الزائر، علاقة أو انعكاس على أزمة سد النهضة؟".

هل سيكون لهذه الزيارة غير المسبوقة من ناحية تكوين الوفد العسكرى المصرى الزائر ، علاقة أو انعكاس على أزمة سد النهضة ؟...

تم النشر بواسطة ‏‎Hani Raslan‎‏ في الأحد، ١ نوفمبر ٢٠٢٠

الناشط المصري علاء عوض، كتب عبر صفحته بـ"فيسبوك"، يوم ‏31 أكتوبر/ تشرين الأول 2020‏، تحت عنوان "الرسالة الأخيرة": "الصورة التي تجمع قيادات الجيش المصري والسوداني هي أول خطوة نحو الهدف ولن تكون الضربة خاطفة كما يتوقعون ولن يقف الملء الأول عائقا كما يتوهمون، وبقفزة واحدة للجنوب سيتم إصلاح كل أخطاء السنوات الماضية".

وأضاف عوض، في تدوينة ثانية، أنه توقع حدوث تلك المواجهات في إثيوبيا منذ يوليو/ تموز 2020، قائلا: "بعد اندلاع الحرب بين إقليم تيجراي وحكومة آبي أحمد، سد النهضة أصبح هدفا سهل المنال"، مشيرا لـ"تفسخ وانهيار الجبهة الداخلية الإثيوبية".

بعد ان تحقق احد اهم الاهداف التي توقعناه في يوليو الماضي

سد النهضة اصبح هدف سهل المنال 

الانظار الي اثيوبيا ..

بعد ان...

تم النشر بواسطة ‏‎Alaa Awad‎‏ في الأربعاء، ٤ نوفمبر ٢٠٢٠

وتساءل الصحفي المصري ياسر عجلان: "ماذا لو قلبت مصر الطاولة على رئيس الوزراء الإثيوبي ودعمت إقليم التيجراي جهرا أو سرا في حربه الحالية مع نظام آبي أحمد؟".

وأضاف: " لماذا لا نسلك طريقا آخر لحل هذه المشكلة بعيدا عن المواجهة العسكرية- كما يريد نظامنا الحاكم"، مؤكدا أن "هذه حرب مخابراتية بالأساس ودعم التيجراي ورقة رابحة يمكن أن تكسب بها مصر المعركة سياسيا على مائدة المفاوضات".

ووصف الخبير الاقتصادي المصري نايل الشافعي الوضع الإثيوبي بقوله: "التيجراي أعلنوا التمرد على إثيوبيا. رئيس الوزراء آبي أحمد أعلن الحرب على التيجراي، وأرسل سلاح الجو لدك عاصمة الإقليم. جيش التيجراي يزحف على أديس أبابا".

وأضاف ساخرا عبر "فيسبوك": أن مصر لن تتفرج على "مياصة الحبش وتأخرهم في بناء سد النهضة. ولذلك سترسل الجيش المصري لإكمال بناء سد النهضة وتسليمه في ميعاده للبنك الدولي". 

دعوات المراقبين والمتابعين للسلطات المصرية لاستغلال الوضع القائم الآن في إثيوبيا تأتي في الوقت الذي شهدت فيه آخر جولة مفاوضات بين مصر والسودان وإثيوبيا فشلا ذريعا، كما هي عادة الجولات التفاوضية على مدار أكثر من 4 سنوات.

وبرعاية الاتحاد الإفريقى فشل اجتماع وزراء الموارد المائية في السودان ومصر وإثيوبيا، في 4 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، في التوصل إلى توافق بشأن القضايا العالقة حول السد، ووصل إلى طريق مسدود، حسب وصف المتحدث المصري لوزارة الري.

فرصة سانحة

هل تؤثر أحداث إقليم تيجراي على وضع إثيوبيا، وتؤدي إلى تفسخ وانهيار الجبهة الداخلية وبالتالي تأثر العمل في سد النهضة؟، وهل يستغل نظام السيسي الموقف لكسب معركة المياه؟، وهل تفجر الموقف بإثيوبيا له علاقة بزيارة رئيس أركان الجيش المصري للسودان؟.

الخبير بالشؤون الإفريقية الدكتور مصطفى الجمال، يرى أن "هذه فرصة بالطبع لمصر لإضعاف موقف إثيوبيا في المفاوضات، لكن ليس لدرجة إنهاء مشروع السد، أو تفكيك عاجل للدولة الإثيوبية".

مدير "مركز البحوث العربية والإفريقية"، أكد لـ"الاستقلال"، أن هناك خطوات يجب على الدولة المصرية القيام بها الآن وبسرعة لاستغلال الموقف، مشيرا لضرورة "التوجه إلى مجلس الأمن الدولي"، لافتا إلى أن دور جنوب إفريقيا كوسيط بالمفاوضات الجارية يأتي ضمن "كل الأدوار المزعومة، كما أنها منحازة تماما لإثيوبيا".

وحول ربط بعض المراقبين بين توقيت زيارة رئيس أركان الجيش المصري للسودان وتوقيت حرب الحكومة الاتحادية والتيجراي، يرى الأكاديمي المصري، أنه "لا توجد علاقة، وأن هذه مشاكل عرقية وسياسية لها بواعثها المحلية".

وختم حديثه بالقول: "أما زيارة رئيس الأركان المصري للسودان فما زال هدفها في إطار التهديد، خاصة في ظل ميوعة وتخبط الموقف السوداني".

صراع داخلي

الخبير والأكاديمي المصري الدكتور عبد النبي عبد المطلب، أعرب عن أسفه الشديد، من أن "سد النهضة أصبح أمرا واقعا، ولا يمكن تجاهله أو إيقاف العمل به".

وأضاف بحديثه لـ"الاستقلال": "لكن بالتأكيد وجود نظام جديد في إثيوبيا قد يساهم في إقرار نوع من التعاون بإدارة منابع النيل في دول حوض النيل ككل".

وأكد أن "مصر لا تستطيع كسب قضية المياه دون التنسيق المسبق مع السودان، لكن واضح أن موقف الخرطوم حتى الآن لا يميل إلى الجانب المصري".

وأشار الخبير المصري، إلى وجود "إجراءات كثيرة يمكن اتخاذها لإيجاد حلول مقبولة من الدول الثلاث لتسوية قضية المياه فى حوض النيل".

وأضاف: "أهمها تنفيذ مشروع الربط الكهربائي بين مصر ودول الحوض، على أن تكون البداية مع السودان"، لافتا إلى ضرورة  "إحياء مشروعات التعاون الاقتصادي المشترك بين مصر ودول الحوض وفي مقدمتها السودان".

ويرى أستاذ العلوم السياسية، ورئيس قسم السياسة والاقتصاد، بمعهد البحوث والدراسات الإفريقية بجامعة القاهرة، الدكتور جمال الضلع، أن "هذا صراع داخلي محدود لن يلبث أن يهدأ، ولا علاقة له بسد النهضة".

وفي حديثه لـ"الاستقلال"، يعتقد أن تلك الأحداث "لن تؤثر على واقع هذا السد، على اعتبار أن هذا مشروع قومي، وهناك دول وأطراف دولية عديدة تساهم وتستثمر فيه".

وبين أنه في ظل اعتباره "صراعا داخليا، وحتى في ظل أي تغيير سياسي/ حكومي، سيظل هذا المشروع بعيدا عن أي صراع".