استغلال القوة.. ما قصة الائتلاف الإسرائيلي للأمن الإقليمي ودور الحكام العرب؟

إسماعيل يوسف | منذ ٥ ساعات

12

طباعة

مشاركة

بعد ساعات من انتهاء الحرب الإسرائيلية الإيرانية، وحديث وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو عن شرق أوسط (إسرائيلي) جديد، بدأ الترويج لـ"الائتلاف الإسرائيلي للأمن الإقليمي"، الذي يضم 10 من قادة الدول العربية، أبرزهم مصر والسعودية.

أطلق هذا التحالف، الذي يتألف من عدد كبير من كبار المسؤولين الإسرائيليين، حملة إعلانات جديدة تدعو إلى إقامة تحالف إقليمي بين إسرائيل وجيرانها بعد تراجع التهديد الإيراني، وتوقع أن تبدأ تحالفات جديدة في التبلور. 

نُشرت لوحات كبيرة في ميادينها العامة تُظهر حكاما عرب، بينهم رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي وقادة الخليج، يقفون خلف نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب، تحت عناوين "خطة درع إبراهيم"، و"تحالف الأمن الإقليمي".

ما القصة؟

هذا التحالف أو "الائتلاف" الذي تكثفت حملة دعاية له على مباني تل أبيب، يبدو أنه تدشين لتحالف شرق أوسطي جديد تقود فيه إسرائيل الأنظمة العربية، بعد محاولة الظهور أنها انتصرت في عدوانها على غزة ولبنان وإيران وستقود المنطقة، وفق تقديرات إسرائيلية.

تقارير عبرية أكدت أنه يقف خلف الإعلام أكثر من 100 شخصية إسرائيلية بارزة ومسؤولين، تقود هذا التحالف للأمن الإقليمي، بهدف الانتقال من مرحلة تقديم القادة العرب خدمات لإسرائيل في حروبها، إلى مرحلة التطبيع الكامل.

وتزامن هذا مع إعلان مبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، خلال مقابلة مع قناة "سي إن بي سي"، أن إدارة ترامب تتوقع إعلانات مهمة قريبا بشأن دول جديدة ستنضم إلى "الاتفاقات الإبراهيمية".

وهو ما يُرجح أن له صلة بهذا الإعلان عن "خطة درع إبراهيم".

وظهر على يمين نتنياهو حكام الإمارات والبحرين وعمان والمغرب، وعلى يسار ترامب ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، والسيسي.

إضافة إلى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وملك الأردن عبد الله الثاني، والمفارقة هي ظهور الرئيس اللبناني جوزيف عون، والرئيس السوري أحمد الشرع في الصورة أيضا.

وكان ترامب قال في مارس/آذار 2025، إن هناك المزيد من الدول تريد الانضمام إلى الاتفاقية الإبراهيمية، وهي سلسلة اتفاقيات تفاوضت عليها إدارته عام 2020 بين إسرائيل والإمارات والبحرين والسودان خلال فترة رئاسته الأولى.

وأضاف: "سترون دولا تبدأ في استكمال التزاماتها في اتفاقيات إبراهيم، المزيد والمزيد من الدول ترغب في الانضمام، لقد كان ذلك نجاحا باهرا، نجاحا هائلا".

“درع إبراهيم”

بحسب ما نشره الائتلاف الإسرائيلي (تحالف الأمن الإقليمي)، الذي تولى نشر ملصقات الدعاية لهذا التحالف التطبيعي الإسرائيلي العربي، عبر حسابه على الإنترنت، "ستعيد دولة إسرائيل بناء نفسها كوطن صهيوني يهودي ديمقراطي في السنوات القادمة".

"ستفعل ذلك بناء على تحليل مدروس وذكي للخريطة الإقليمية، ومخاطرها وفرصها، مع الجمع بين قوتها العسكرية والسياسية والاقتصادية".

"وستستغل إسرائيل قوتها وابتكارها الريادي لبناء نظام إقليمي جديد: يرسم مستقبلا وطنيا وإقليميا آمنا ومزدهرا لمواطنيها".

وتحت عنوان "خطة درع إبراهيم" التي أطلقها تحالف الأمن الإقليمي، شرح هذا الائتلاف الصهيوني أنها "خطة لإنشاء نظام إقليمي جديد يضمن أمن إسرائيل"

و"هي مبادرة سياسية أمنية إسرائيلية جديدة تمهد الطريق أمام دولة إسرائيل للخروج من حروب الاستنزاف إلى واقع الأمن والاستقرار والازدهار بناءً على الفرصة الإقليمية الحالية".

وقال: "لقد أثبتت إنجازات إسرائيل العسكرية التاريخية، بما لا يدع مجالا للشك، لأعدائها وشركائها الإقليميين على حد سواء، أن دولة إسرائيل لاعب إقليمي قوي ورادع، ولن تتردد في استخدام قوتها العظمى لملاحقة أعدائها".

و"الآن، تتمثل المهمة التاريخية لدولة إسرائيل في ترجمة إنجازاتها العسكرية الهائلة إلى نقطة تحول سياسية، من شأنها كسر النفوذ الإيراني، واغتنام الفرصة الإقليمية الحالية، وإنشاء نظام إقليمي جديد في الشرق الأوسط".

وتحدث الائتلاف عن أنه من ضمن خطط هذا التحالف "إعلان إسرائيلي عن مسار تدريجي ومسؤول وآمن للانفصال عن الفلسطينيين خلال عقد من الزمن، كجزء من اتفاق إقليمي شامل".

وتسخير القوى الإقليمية لتحقيق الاستقرار في سوريا وتحويلها إلى "منطقة عازلة" ضد المحور الإيراني"، وتعميق "التحالف الإقليمي المعتدل"، أي العودة إلى التطبيع السريع مع السعودية وتوسيع "اتفاقيات إبراهيم".

و"منع البرنامج النووي الإيراني، الذي يشكل تهديدا وجوديا لأمنها ولمصالح دول "تحالف إبراهيم".

سر الإحياء

أرجع تقرير لموقع "ميديا لاين" الاستقصائي، في 22 يونيو/حزيران 2025، سبب طرح هذه الخطط لـ"درع إبراهيم"، من الائتلاف الإسرائيلي للأمن، لاقتراب عدوان إسرائيل على غزة من نهايته، وبعد انتهاء الحرب مع إيران وإضعافها.

وقال الموقع: "يعمل المفكرون الإسرائيليون على وضع إستراتيجية لمواجهة الديناميكيات الإقليمية الجديدة التي نتجت عن الحرب، لتدشينها في اليوم التالي لإطلاق سراح أول رهائن إسرائيليين ضمن اتفاق وقف إطلاق النار الحالي".

وأكّد أن تحالف الأمن الإقليمي أرسل إلى ترامب خطة "درع إبراهيم"، لـ"أمن وازدهار الشرق الأوسط"؛ حيث ترسم هذه الإستراتيجية الشاملة "خارطة طريق جريئة لتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط، وتحييد التهديدات الإقليمية، وضمان سلام وازدهار دائمين لإسرائيل والمنطقة".

وقال أحد مؤسسي التحالف والمستشار السابق في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، بولاك ديفيد، لـ"ميديا ​​لاين": إن "هدفنا هو ترجمة الإنجازات العسكرية المذهلة التي تمكنت إسرائيل من الحصول عليها طوال هذه الحرب إلى مستقبل يوفر نظاما إقليميا جديدا".

وتقترح خطة تحالف الأمن الإقليمي تشكيل حكومة تكنوقراطية في غزة، تهدف إلى توفير الخدمات الأساسية والإشراف على جهود إعادة الإعمار، وتتولى مصر والأردن مراقبة الأمن داخل القطاع من خلال منظومة شرطية وأمنية.

ويصف الكاتب توماس كيث عبر منصة "إكس" المقصود بهذه الخطة "تهدف إلى تحقيق هيمنة إسرائيلية دائمة في المنطقة، وخطة هيكلية لما بعد فرض السيادة الإسرائيلية".

وأنها "تُعيد صياغة مفهوم الغزو على أنه إصلاح، والمحو العرقي على أنه استقرار، والتطويق الاستعماري على أنه أمن إقليمي".

وأضاف أن ما يسمى بـ"التحالف الإقليمي المعتدل" هو "تعبير ملطف لحلف شمال الأطلسي العربي الذي تشكل إسرائيل مركزه وتدعم الولايات المتحدة واجهته الخلفية".

وأن الخطة هي تولي دول الخليج عقاب المقاومة الفلسطينية، وتثبيت وضع مصر والأردن في القيام بـ"دور العميل الأمني"، وتشجيع الأنظمة على الخضوع والامتثال لإسرائيل من خلال أموال ومشاريع ضخمة، وتجارة، وتعاون تكنولوجي.

وشدد على أن "درع إبراهيم" هو "هيمنة عقائدية مغلفة بالدبلوماسية، يتم فرضها من خلال إغراءات مثل التمويل والسيطرة الرقمية".

"هي مخطط لشرق أوسط؛ حيث لا وجود لفلسطين إلا كفراغٍ أمنيٍ يجب ملؤه، وعقوبات على إيران حتى تنهار، وتحول الدول العربية لممرات لوجستية ومناطق شرطة".

أما إسرائيل، بصفتها صاحبة السيادة غير المعلنة، فهي التي تضع القواعد، وتُعيد رسم الخرائط في المنطقة، وفق قوله.

وزعمت تقارير إسرائيلية، أنه سيتم توسيع نطاق "اتفاقيات أبراهام"، وستعترف سوريا والسعودية ودول عربية وإسلامية بإسرائيل، وتقيم علاقات رسمية معها.

فيما ستُعرب إسرائيل عن استعدادها لحل مستقبلي للصراع مع الفلسطينيين، في إطار فكرة "حل الدولتين".

"صفقة كبرى"

هيئة البث الإسرائيلية العامة (كان 11)، وموقع "واللا" الإلكتروني، وموقع صحيفة "يسرائيل هيوم"، وصحيفة "يديعوت أحرونوت" أكدوا في 26 يونيو، أن نتنياهو وترامب سيتفقان على إنهاء حرب غزة وتعترف أميركا بضم الضفة الغربية وتطبيع شامل.

وقالوا: إن ترامب يسعى إلى المضيّ قدما في ما وُصف بأنه "صفقة كبرى"، تشمل إنهاء الحرب في غزة، وإطلاق سراح أسرى إسرائيل في غزة و"التقدم" باتّجاه التطبيع مع دول عربية إضافية.

وفي مقطع مصور نشره في 26 يونيو، قال نتنياهو: إن "النصر يفتح فرصة لتوسيع كبير لاتفاقيات السلام، إلى جانب إطلاق سراح رهائننا، هناك فرصة سانحة يجب عدم تفويتها، وعدم إضاعة يوم واحد"، على حد قوله.

ونقلت القناة 13 عن مسؤولين إسرائيليين، قولهم، إن "المحادثات جارية لتحركات دراماتيكية في الشرق الأوسط، وسيزور رئيس الحكومة، واشنطن قريبا".

وقال مسؤولون أميركيون لصحيفة "يديعوت أحرونوت": إن "هناك جهودا كبيرة تُبذل لإحداث اختراق في محادثات اتفاق الرهائن، فقد نشأ زخم كبير بعد الهجوم على إيران، ويمكننا الحديث عن تقدم"، وهو ما تنفيه حركة "حماس".

ووفقا لمسؤولين إسرائيليين، مشاركين في المحادثات، فإن "إسرائيل لن ترسل وفدا إلى القاهرة أو الدوحة؛ لأن نتنياهو يريد اختتامها على أعلى المستويات الممكنة، وهذه المرة، الاتفاق شامل".

وقالوا: "لن يكون أي اتفاق عادي، يُرسل فيه وفد، وتُجرى محادثات مع حماس؛ إذ سيأتي من الأعلى بموافقة وقرار مشترك من نتنياهو وترامب وويتكوف ووزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر".

وأضافت المصادر أن "الصفقة التي يتحدثون عنها أوسع نطاقا، وتتضمّن وقفا للحرب، وإعادة الخمسين رهينة (الإسرائيليين)، وتوسيع نطاق اتفاقيات أبراهام، هذا ما يهم ترامب".

وذكرت "يسرائيل هيوم" في تقرير، أن مكالمة هاتفية رباعية جرت مباشرة بعد الهجوم الأميركي على المنشآت النووية الإيرانية، ضمت ترامب ووزير خارجيته، ماركو روبيو، ونتنياهو وديرمر.

ونقلت "يسرائيل هيوم" عن مصدر مُطلع على فحوى المحادثة: "يهدف ترامب ونتنياهو إلى الإسراع في إبرام اتفاقيات سلام جديدة مع الدول العربية، كجزء من توسيع نطاق اتفاقيات ابراهام".

ووفق تقرير "يسرائيل هيوم"، فقد تم الاتفاق على عدة مبادئ تشمل، إنهاء الحرب في غزة خلال أسبوعين، ودخول أربع دول عربية بينها مصر والإمارات لحُكم القطاع بدلا من حماس، وترحيل من تبقى من قيادة الحركة إلى دول أخرى، وإطلاق سراح أسرى إسرائيل.

كما ستشمل (وفق التمنيات الإسرائيلية الأميركية التي ترفضها حماس)، استقبال عدة دول في العالم، عددا كبيرا من سكان غزة "الراغبين في الهجرة" (التهجير)، وتوسيع نطاق "اتفاقيات أبراهام"، واعتراف سوريا والسعودية ودول عربية وإسلامية بإسرائيل، وإقامة علاقات رسمية معها.

واعتراف الولايات المتحدة بسيادة إسرائيلية "مُحددة" في الضفة الغربية، مقابل أن "تُعرب إسرائيل عن استعدادها لحل مستقبلي للصراع مع الفلسطينيين، في إطار فكرة "حل الدولتين"، مشروطا "بإصلاحات" في السلطة الفلسطينية.

لماذا سوريا؟

من مفارقات الائتلاف الإسرائيلي للأمن الإقليمي المعلن عنه أن ملصق الدعاية الذي انتشر له في تل أبيب والذي ضم 10 قادة عرب أغلبهم من المطبعين المعروفين، وُضعت فيه الشرع، كأحد أطراف التطبيع.

وجود الشرع على ملصق في إسرائيل إلى جانب زعماء عرب حول اتفاقيات إبراهيم، في حين أن سوريا، المدرجة على نفس الموقع الإسرائيلي بأنها مؤيدة لحماس، ليست من بين الموقعين، وتواصل إسرائيل العدوان عليها، مما أثار الاستغراب.

فقد غاب أيضا أمير قطر تميم بن حمد، عن الملصق، وكذلك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وهي دول مصنفة على أنها مؤيدة لحماس، فلماذا يظهر الشرع على هذا الملصق دون غيره؟.

واللافت أن هذا الائتلاف الإسرائيلي لم يكتف بنشر صورة الشرع مع قادة التطبيع العرب، ولكن سبقه وأعقبه حملة إسرائيلية تدعي أن الرئيس السوري الجديد سمح لإسرائيل باستخدام أجواء بلاده لقصف إيران.

مع أن دمشق ليس لديها قدرة فعلية على منع طائرات الاحتلال التي استعملت أيضا أجواء العراق والأردن.

وزعمت صحيفة "جيروزالم بوست" في 26 يونيو، تحت عنوان "كل ضربة لإيران مفيدة": لماذا سمحت سوريا لإسرائيل بعبور أجوائها لضرب إيران؟"، ضمنا أن الشرع يوافق على عدوان إسرائيل على إيران ويفسح مجاله الجوي لها.

وبالتزامن مع ادعاء أن الشرع يبارك الضربة الإسرائيلية (من فوق أراضيه) لإيران، نشرت صحف عبرية أخرى تقارير تتحدث عن تطبيع سوريا مع تل أبيب وأن الشرع "سيترك لهم الجولان!".

فقد زعمت صحيفة "يديعوت أحرونوت" في 26 يونيو، أن "إسرائيل وسوريا تستعدان لتطبيع العلاقات"، وأن "الاتفاق المتوقع يشمل ضم الجولان رسميا للسيادة الإسرائيلية!".

كما زعمت أنه "بموجب الاتفاق ستدافع إسرائيل عن نظام الحكم السوري وتثبته!".

وتسعى إسرائيل، وفق رؤية ترامب، إلى استغلال إنجازات الاتفاقيات الأخيرة في مواجهة إيران، والعمل على ضم لبنان وسوريا إلى "الاتفاقات الإبراهيمية" لتحقيق تطبيع شامل ومستدام في المنطقة.

وكان ترامب قد حث خلال لقائه الشرع في السعودية خلال مايو/ أيار 2025 على الانضمام إلى هذه الاتفاقيات.

وقال الشرع خلال لقاء مع وجهاء القنيطرة والجولان في 24 يونيو 2025: "نعمل على وقف اعتداءات إسرائيل بمفاوضات غير مباشرة".