"مش هسيبها لحد ما أموت".. وزير النقل المصري يرفض الاستقالة.. وناشطون: صنيعة السيسي

منذ ٥ ساعات

12

طباعة

مشاركة

في مواجهة موجة غضب شعبي عارمة ومطالب متصاعدة بالاستقالة عقب مأساة أليمة راح ضحيتها 19 فتاة مصرية، أصر وزير النقل والصناعة المصري، الفريق كامل الوزير، على البقاء في منصبه متحديًا الانتقادات والنداءات التي تطالبه بالرحيل.

ورغم الفاجعة التي هزّت الشارع المصري في 27 يونيو/ حزيران 2025، إثر حادث مروع على الطريق الإقليمي قرب مدينة السادات بمحافظة المنوفية، أطل الوزير بتصريحات مثيرة للجدل عمقت الغضب تجاهه.

وقال: "أنا مش هسيبها وأمشي.. أنا فيها لغاية ما أموت"، في رد وصفه كثيرون بـ"المستفز والمتعنت"، ويعكس انفصالا واضحا عن المطالبات الشعبية.

وعلى هامش جولة تفقدية بالطريق الدائري الإقليمي، قال الوزير نائب رئيس الوزراء للتنمية الصناعية، خلال مقابلة مع الإعلامي المحسوب على النظام نشأت الديهي بقناة “Ten”: "أمنية البعض والكتائب اللي شغالة إني أسيبها وأمشي.. أنا مش هسيبها وأمشي.. أنا فيها لغاية ما أموت".

وأكد الوزير أنه مستمر سواء ظلّ وزيرًا من عدمه، وأنه سيواصل العمل مع زملائه حتى لو لم يكن في المنصب، مستنكرا توجيه أي انتقاد له والتشكيك في مؤهلاته لتولي المنصب، بالقول: " أنا مش جاي صدفة ولا حد يقدر يقيم مؤهلاتي من غير ما يعرف أنا اتعلمت إيه".

ووقع الحادث نتيجة تصادم مباشر وعنيف بين سيارة نقل ثقيل (تريلا) بحافلة صغيرة "ميكروباص" كانت تقل عددا من الفتيات العاملات بنظام اليومية جميعهن من قرية السنابسة التابعة لمركز منوف، وتتراوح أعمارهن ما بين 13 و16 عاما.

وفور وقوع الحادث فر سائق التريلا هاربا قبل أن تتمكن الأجهزة الأمنية من ضبطه وإحالته للجهات المختصة بالتحقيق معه في الحادث.

ووفقا للتحقيقات الأولية، نجم الحادث عن غفوة سائق التريلا، ما أدى إلى انحرافه بالسيارة للاتجاه المعاكس واصطدامه بقوة مدمرة بالميكروباص، ما أسفر عن تحطم كامل للميكروباص ومصرع جميع من كانوا داخله.

وقررت جهات التحقيق حبس السائق المتهم بالتسبب في هذه المأساة، فيما أعلنت النيابة العامة لاحقا ثبوت تعاطيه مواد مخدرة وقت وقوع الحادث.

وأشارت إلى أن للمستحقين أو ورثة الضحايا الحق في اقتضاء مبلغ التأمين المقرر عن حوادث مركبات النقل السريع المرخص بتسييرها، دون الحاجة إلى اللجوء للقضاء في هذا الشأن.

ويشهد الطريق الإقليمي حوادث متنوعة لم تحرك ساكنا لدى السلطات المصرية ولم تدفعها لاتخاذ إجراءات لتفادي مثل هذه الفواجع.

وذكر شهود عيان أن المنطقة التي وقع فيها الحادث تفتقر إلى أي فواصل خرسانية أو إنارة، كما تغيب عنها دوريات المرور ونقاط الإسعاف.

وأثارت تصريحات وزير النقل موجة غضب واستياء واسع بين الناشطين على منصات التواصل الاجتماعي، مستنكرين إصراره على التشبث بمنصبه رغم الإخفاقات المتكررة وارتفاع معدلات حوادث الطرق، وتجاهله لحالة الرفض الشعبي لسياسته.

وهاجموا عبر تغريداتهم وتدويناتهم على منصتي “إكس” و"فيسبوك"، ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #كامل_الوزير، #حادث_المنوفية، #الطريق_الإقليمي، وغيرها، وزير النقل، ورأوا أن تصريحاته تتسم بالغرور والتعالي، وتكشف عن فشل العقلية العسكرية في إدارة البلاد.

وأكد ناشطون أن الوزير صنيعة رئيس النظام عبدالفتاح السيسي وتصريحاته انعكاس لسياسات وتوجهات هرم السلطة في إدارة الشؤون الداخلية ونهج النظام في التعامل مع التحديات والانتقادات، مستنكرين الإصرار على حالة إنكار الفساد والفشل والتهرب من تحمل المسؤولية.

تحد للشعب

وانتقادا لتحد كامل الوزير للمصريين المطالبين باستقالته بقوله "مش هتسيبها وأمشي وفيها لحد ما أموت"، قال محمد شرف: "يا وارث مين يورثك".

وسخر الحقوقي هيثم أبو خليل، من تصريحات الوزير، قائلا إنها "أول سابقة في تاريخ الوزارات على كوكب الأرض والمريخ.. وزحل! وزير يتحدّى الجميع: "لن يتم تغييري... وسأبقى في منصبي حتى أموت!".

وتساءل: “هل الوزارة عزبة والدك يا كامل؟! من أين تأتيك هذه الثقة يا كامل؟!”

وتهكم أبو خليل على تباهي الوزير بروح المقاتل، قائلا: "المقاتل انسحب من تيران وصنافير، وتصرّف وكأنه من بنها، وسدّ النهضة يكتمل بناؤه.. بل امتلأ مرة.. وثانية.. وثالثة.. ورابعة.. وخامسة.. وأخيرة! غيّر الأسطوانة يا كامل!".

وأرجع شريف عثمان، سبب تصريح وزير النقل والصناعة بأنه لن يستقيل،  إلى أن الجيش المصري جيش احتلال والوزير أصبح وزير احتلال والشعب محتل دون أي مقاومة، وفق تعبيره.

واستهجن المحامي طارق العوضي، تصريحات الوزير، قائلا: إنها لا تليق بمسؤول في دولة تحترم شعبها، بل تليق بشخص يعتقد أن الكرسي حق أبدي لا علاقة له بالأداء أو الكفاءة أو الأرواح التي تُزهق في عهده.

صناعة السيسي

وبدوره، وصف الصحفي محمود السقا، كامل الوزير بـ"الفاشل" مذكرا بأن السيسي هو من عينه ومنحه الترقيات والقوة والبجاحة، وهو من عين محافظ المنوفية وغيره من المحافظين.

وأشار إلى أن السيسي هو من عين نواب المحافظين والمتحدثين باسم الوزارات والمحافظين والمحافظات والمؤسسات، ويطلعوا يقولوا تصريحات تسمم بدن الناس وتستفزهم أكتر.

ولفت السقا إلى أن هؤلاء يسمونهم "خريجي البرنامج الرئاسي وأحزاب الرئيس وخلافه"، مؤكدا أن السيسي هو من عين مجلس النواب بنوابه وبرئيسه، وهو المسؤول عن المشروع القومي للطرق وشبكة الطرق وهو من يكلف المقاولين يتفاوض معاهم على الهوا ويمنحهم العطايا.

وقارن الصحفي محمود شعبان بين كامل الوزير وشهرام دبيري نائب الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، المكلف بالشؤون البرلمانية.

وذكر بواقعة سفر نائب بزشكيان لشؤون البرلمان شهرام دبيري الى القطب الجنوبي في رحلة على نفقته الخاصة للاحتفال بعيد النوروز، وقد انتشرت صورته مع زوجته في كل وسائل الإعلام الايرانية، مما أثار استنكارا شعبيا واسعا.

وأشار شعبان، إلى أن تعليقات الشعب الإيراني تمحورت حول أنه كيف يذهب مسؤول إيراني إلى القطب الجنوبي وينفق نفقات كثيرة والشعب الإيراني يعاني من أزمات اقتصادية طاحنة، رغم أن المسؤول تحمل التكلفة من جيبه الخاص.

وأوضح أن الرئيس الإيراني أقال نائبه المكلف بعد حالة الجدل الكبيرة وفي نفس يوم انتشار الصورة، بناء على مبدأ أن مثل هذه الرحلة الفارهة لا تتناسب مع الحالة الاقتصادية الصعبة الواهنة التي يواجهها الشعب الإيراني من تضخم مرتفع وبطالة متزايدة.

ولفت شعبان، إلى أن مكتب الرئيس وصف الرحلة بأنها "غير مبررة وغير مقبولة"، وأكد أنها تخالف "مبدأ البساطة" الذي تعدّه الحكومة من أهم قيمها، حتى وإن كانت الرحلة ممولة من جيب الشخص نفسه.

وقالت الإعلامية دينا زكريا: "كامل الوزير وزير نقل السيسي اللي شبهه شكلا ومضمونا شغلته جاي يستفز الناس بتصريحات مستفزة وياخد صدمة الحادثة".

وأضافت: "أنا شايفة إنه لازم يغير اسمه لكامل الصدمة أو كامل اللامسؤولية لأنه حادثة الطريق الإقليمي لما يروح ضحيتها ١٩ بنت أبرياء يبقى دم البنات ديه في رقبته ورقبة اللي مشغلينه"، عارضة مجموعة صور توثق تصريحاته في أول تعليق له على الحادث.

انتقاد واستهجان

وانتقادا لزعم الوزير أن تطوير الطريق الإقليمي ورفع كفاءته تحتاج 50 مليار جنيه وتحميله مسؤولية الحادث للسائق، علق أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية عصام عبدالشافي، قائلا: "عندما يكون أحد رؤوس العصابة ليس فقط مجرما بل فاجرا".

وتساءلت رشا فؤاد عن المسؤول عن مكافحة المخدرات في البلد، وعن توفير المواصلات العامة للناس؟ والمسؤول عن التواجد المروري والأمني على الطرق؟ وعن تصميم خاطئ لطريق لم يراع عوامل الأمن والأمان بدلالة تكرار حوادث يومية عليه؟

وذكر ياسر شلبي بأن الطريق تم إنشاء كل مراحله بـ7.9 مليار جنيه من 7 سنين، يعني مع فرق العملة تتراوح تكلفته الآن من 22 إلى 28 مليار جنيه.

وانتقد قول الوزير للديهي: "وزارة النقل بس اللي خدت فلوس ..!؟ دا البلد كلها خدت فلوس"، موضحا أن كامل يقصد القول إن "كل وزارة في البلد سرقت مش احنا بس اللي سرقنا".

واستنكر الراوي عويس، قول الوزير إن صيانة الطريق ستتكلف 50 مليار جنيه وتحديه للإعلاميين المهاجمين له أن يراجعوا وراءه، مؤكدا أنه ليس لديه إحساس بقيمة الأموال.

وكتب خالد البنا: "من 7 سنين السيسى رفض خطة هشام عرفات وزير النقل (السابق) إنه يطور السكة الحديد بـ10 مليار جنيه وقله حطهم فى البنك وخد فوايد مليار لإننا مش هنقدر ندفع قروض التطوير وشاله وجاب كامل الوزير فأخد قروض بإتنين ترليون جنية وربنا وفقه والحوادث زادت بنسبة 600%".

أكاذيب الوزير

وتوثيقا لأكاذيب الوزير بالصوت والصورة وسخرية من مزاعمه وادعاءاته بسلامة الطريق، أعاد ناشطون عرض مقطع فيديو يظهر به على الطريق الإقليمي وهو يتحدث عن جودة الطرق، وفي الخلفية من الناحية الأخرى من الطريق حادث سير.

وخلال حديثه مع الديهي، صرح الوزير خلال البث المباشر بأن “هذا الطريق (الإقليمي الدائري) مهم جدا وعليه ضغط مروري كبير وإحنا بإذن الله هنفضل وراه”، ثم فجأة وقع نظره على حادث مروري على الطريق ذاته".

إذ تعطلت إحدى الشاحنات (اللوري) على الجهة المقابلة للطريق الإقليمي وتسببت في توقف حركة المرور وسط وجود مكثف لقوات الشرطة في المكان.

وفي لمح البصر أشاح الوزير بنظره متجاهلا الحادث رغم الوجود الأمني والشلل المروري الذي تسبب به حادث اليوم من الجانب الآخر حتى لا تظهر هذه المشاهد في البث الحي.