توتر جديد بين الرباط والبوليساريو بالكركرات.. السبب قرار لمجلس الأمن
.jpg)
الجمعة 30 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، قرر مجلس الأمن الدولي تمديد ولاية بعثة "المينورسو" لعام آخر، مع إشادته، مرة أخرى بالمبادرة المغربية للحكم الذاتي لحل النزاع حول الصحراء.
جاء قرار المجلس وسط حالة من التوتر بلغت أقصى درجاتها، عندما تحدثت تقارير مغربية عن استعداد الجيش في الأقاليم الصحراوية المتنازع عليها بين المملكة وجبهة البوليساريو، استعدادا للتدخل في معبر الكركرات الحدودي بين المغرب وموريتانيا.
قبلها بأيام نشرت وسائل إعلام مغربية، صورا لعدد من الشباب وهم يخربون طريقا، وأفادت أنهم "عناصر تابعة لجبهة البوليساريو يخربون الطريق الوحيد الرابط بين المغرب وموريتانيا"، معتبرين أنها "خطوة تهدف لزعزعة حالة الاستقرار في المنطقة".
لم تنف المواقع التابعة للبوليساريو الخبر، واعتبرته "وصولا للقافلة الشعبية لإغلاق ثغرة الكركرات"، إذ تعتبر جبهة البوليساريو أن "فتح المغرب لثغرة الكركرات يعتبر خرقا سافرا لوقف إطلاق النار بين طرفي النزاع (جبهة البوليساريو والمغرب)".
بعد إغلاق معبر الكركرات بيوم واحد، قادت الجبهة تظاهرات أخرى أمام معبر "امهيريز" المخصص لمرور سيارات بعثة الأمم المتحدة "مينورسو".
أسباب التوتر
جدد مجلس الأمن الإشادة بمبادرة الحكم الذاتي لحل النزاع الإقليمي، التي قدمتها المملكة في 11 أبريل/ نيسان 2007، مشيدا "بجهود المغرب الجادة وذات المصداقية، والتي تجسدها مبادرة الحكم الذاتي".
وأعاد تكريس الجزائر كطرف رئيسي في النزاع القائم حول الصحراء، مؤكدا على ضرورة "التوصل إلى حل سياسي واقعي وعملي ودائم" لقضية الصحراء "على أساس التوافق".
كما أكد مجلس الأمن على ضرورة مواصلة مسلسل الموائد المستديرة، وتشجيع "استئناف المشاورات بين المبعوث الشخصي المقبل" وأطراف هذا النزاع الإقليمي، ويتعلق الأمر بكل من المغرب والجزائر وموريتانيا والبوليساريو.
القرار الأممي شدد على أهمية تجديد الأطراف التزامها بالدفع قدما بالعملية السياسية، برعاية الأمين العام للأمم المتحدة، مع التأكيد على أنه من "الضروري" أن "يتحلى الأطراف بالواقعية وروح التوافق للمضي قدما".
ودعا المجلس الأممي إلى الأخذ بعين الاعتبار "الجهود المبذولة منذ عام 2006 والتطورات اللاحقة لها، بهدف التوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول من كل الأطراف".
وحث قرار مجلس الأمن على إظهار الإرادة السياسية والعمل في مناخ ملائم للحوار، بما يضمن تنفيذ قرارات المجلس منذ عام 2007، الذي يصادف تقديم المغرب مبادرته بشأن الحكم الذاتي.
وسجل مجلس الأمن أن "التوصل إلى حل سياسي لهذا النزاع طويل الأمد وتعزيز التعاون بين الدول الأعضاء في اتحاد المغرب العربي، من شأنه أن يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار، وهو ما سينعكس بدوره على خلق فرص الشغل والنمو لكافة شعوب منطقة الساحل".
صدور القرار سبقه رد المغرب على ما سماه "استفزازات البوليساريو": "لا توجد عملية سياسية مع العصابات".
وأصر وزير الخارجية ناصر بوريطة، في 23 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، عند إشارته إلى عناصر جبهة البوليساريو المتمركزة في كركرات "لا توجد عملية سياسية مع قطاع الطرق". وأضاف: "لا توجد عملية سياسية مع الحزب الذي فقد كل مصداقية يعمل كجماعة وعصابة مسلحة".
وأفادت صحف محلية أن "الجيش المغربي قد يقوم بحملة تمشيط واسعة لتطهير معبر الكركرات" من عدد من الشباب اعتبرتهم المملكة تابعين لـ "جبهة البوليساريو" الانفصالية، "بعد أن عجزت بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام "مينورسو" عن ثني عناصر الجبهة عن مغادرة المكان".
وذهبت التقارير إلى أن المغرب "سيكون مضطرا لبناء جدار عازل يمنع وصول البوليساريو للمعبر الحدودي بشكل تام".
"قندهار" المغرب
الكركرات هي منطقة جغرافية صغيرة في منطقة الصحراء المتنازع عليها، تقع على بعد 11 كم من الحدود مع موريتانيا وعلى بعد 5 كم من المحيط الأطلسي.
وتقع القرية تحت سيطرة المغرب، لا يتعدى طولها 3.7 كيلومترا حددتها الأمم المتحدة بناء على توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين الرباط والبوليساريو في 6 سبتمبر/أيلول 1991، كمنطقة عازلة فاصلة بين البوليساريو والقوات الملكية المغربية المتمركزة خلف جدار الرملي، وتعرف بالمنطقة الحدودية العازلة.
وتضم القرية المعبر الحدودي الوحيد بين المملكة وموريتانيا، حيث تسيطر جبهة البوليساريو على طول الحدود مع موريتانيا.
وبموجب اتفاق وقف إطلاق النار، اعتبرت الكركرات منطقة منزوعة السلاح، حيث تنتشر القوات الأممية (مينورسو) لمراقبة تنفيذه، لكن جبهة البوليساريو تصف تلك المناطق بأنها "خارج الحزام بالمناطق المحررة".
ويطلق السكان المحليون للمنطقة عليها تسمية "قندهار" في إشارة إلى نشاط التهريب في الجنوب الأفغاني، وتتسم المنطقة الفاصلة بين الحدود الشمالية لموريتانيا والحدود الجنوبية للمغرب، بغياب حكم القانون فيها، فهي أرض قفار مترامية الأطراف يتم استغلالها من طرف شبكات الجريمة المنظمة.
ويعتبر "كركرات"، المعبر الحدودي البري الوحيد بين المغرب ودول إفريقيا جنوب الصحراء، وهو ذو أهمية اقتصادية حاسمة، إذ تمر عشرات الشاحنات التي تنقل البضائع المغربية إلى بلدان الساحل عبر هذه المدينة الحدودية.
افتتاح القنصليات
دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في 26 سبتمبر/أيلول 2020، إلى التحلي بأقصى درجات ضبط النفس ونزع فتيل أي توتر في معبر الكركرات، وذلك بالتزامن مع مؤشرات قوية إلى عودة أجواء التوتر إلى المنطقة جراء تخطيط جبهة "البوليساريو" لإغلاق المعبر.
وطالب الأمين العام للأمم المتحدة بعدم عرقلة حركة السير المدنية والتجارة المنتظمة في المنطقة العازلة للكركرات، وذلك في رد فعل على تحركات سابقة للجبهة في المنطقة، مشددا على الامتناع عن أي إجراء قد يشكل تغييرا في الوضع القائم بالكركرات.
وقال "فرحان حق" نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، في تصريح صحفي: إن المنظمة الأممية على علم بوجود دعوات لتنظيم احتجاجات جديدة في المنطقة العازلة بمعبر الكركرات، مشددا على أنه "لا يجوز إعاقة حركة المرور المدنية والتجارية العادية، ولا ينبغي اتخاذ أي إجراء قد يشكل تغييرا في الوضع الراهن للقطاع العازل".
ومنذ بداية سبتمبر/ أيلول 2020، كثفت "البوليساريو" من تحركاتها من خلال توجيه زعيم الجبهة رسالة تحذيرية إلى غوتيريس يطالب فيها بضرورة اتخاذ إجراءات وصفها بـ"الملموسة والجادة من أجل التنفيذ الصارم لخطة السلام" لـ"تمكين الصحراويين من ممارسة تقرير المصير".
رأت مجلة "جون أفريك" أن السبب الرئيسي لهذه التوترات الجديدة بين المغرب وجبهة البوليساريو، هي سلسلة افتتاح القنصليات الإفريقية فيما تعتبره المملكة أقاليمها الجنوبية.
فيما ذهبت تقارير أخرى إلى تزامن الاحتجاجات مع قرار مجلس الأمن، في 30 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، تمديد ولاية بعثة المينورسو لمدة عام واحد.
الجيش متحفز
صحيفة "أخبار اليوم" المغربية رجحت أن الجيش قد يضطر إلى التدخل من أجل إعادة الأمور إلى وضعها الطبيعي في معبر الكركرات، بعدما عجزت بعثة المينورسو التابعة للأمم المتحدة، عن إقناع العناصر الموالية لجبهة البوليساريو بإخلاء المنطقة، وتحرير حركة السير والتنقل في المعبر، وضمان تدفق السلع المغربية إلى الأسواق الموريتانية وإفريقيا جنوب الصحراء.
"سرعان ما ظهرت التداعيات الكبيرة لهذه الاستفزازات والخروقات التي تقف وراءها البوليساريو، على المواطنين في الجارة الجنوبية موريتانيا"، وفق ما كشفته مصادر من العاصمة نواكشوط لـ"أخبار اليوم"، وما تناقلته كذلك تقارير إعلامية محلية.
توقع التقرير أنه في حال فشلت المينورسو في إخراج عناصر الجبهة من منطقة الكركرات وتحرير المعبر، أن يتدخل الجيش المغربي لحماية المصالح الإستراتيجية والاقتصادية للمملكة، نظرا إلى أن مواصلة الجبهة قطع وعرقلة حركة السير في المعبر التجاري المدني الحدودي مع الجارة الجنوبية، تُعتبر انتهاكا صارخا لاتفاق وقف النار الموقع بين البوليساريو والأمم المتحدة سنة 1991، وانتهاكا للاتفاق العسكري رقم 1.
كشف منتدى "فار-ماروك"، المتخصص في الشؤون العسكرية المغربية، أن الجيش يستعد لحملة تمشيط واسعة لتطهير معبر الكركرات من قُطّاع الطرق التابعين لـ"مليشيات البوليساريو" الانفصالية، بعد عجز بعثة الأمم المتحدة "المينورسو" عن إقناع عناصر الجبهة بمغادرة المكان.
وأردف المصدر ذاته: أن "المغرب سيكون مضطرا إلى بناء جدار عازل يمنع وصول البوليساريو إلى المعبر الحدودي بشكل تام لمنع تكرار مثل هذه السيناريوهات، بعد فشل بعثة المينورسو في حماية المنطقة، على الرغم من دعوات الأمين العام للأمم المتحدة للبوليساريو بإخلاء المعبر".
ولا تستبعد الصحيفة وفق مصادر خاصة، أن "يتقدم الجيش المغربي 5 كيلومترات ما بعد المعبر لإغلاق المنفذ الذي تصل من خلاله عناصر الجبهة إلى المعبر بشكل نهائي".
المصادر
- Maroc : pourquoi le Polisario bloque El Guerguerate
- الجيش المغربي وجها لوجها مع البوليساريو في حالة فشل المينورسو
- الصحراء المغربية.. مجلس الأمن يمدد ولاية المينورسو لمدة عام
- عودة التوتر إلى معبر "الكركرات" بين المغرب وموريتانيا
- محتجون من البوليساريو يغلقون معبر «الكركرات» في الصحراء المغربية
- جبهة البوليساريو تجدد التذكير بأن فتح ثغرة الكركرات خرقا سافرا لوقف اطلاق النار وتماديا من طرف الحكومة المغربية في سياسة التجاوز واللامبالاة بالشرعية الدولية
- إستفزاز جديد من قبل الإحتلال المغربي في ثغرة الكركرات
- احتشاد للقوات والعتاد العسكري في الصحراء استعدادا للتدخل لتطهير معبر الكركرات!
- لهذه الأسباب لم يستفد المصدرون الجزائريون إلى موريتانيا من أزمة الكركرات