الصين ووساطة الجوار.. ما مصلحتها في إنهاء الخلافات بين باكستان وأفغانستان؟

منذ ٤ ساعات

12

طباعة

مشاركة

في حدث لافت، أعلنت باكستان، نهاية مايو/ آيار 2025، ترقية القائم بالأعمال الباكستاني في كابل إلى مرتبة سفير، لترد أفغانستان بعدها بخطوة مماثلة.

وقالت صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" الروسية: إن “تاريخ العلاقات الباكستانية الأفغانية معقد، ومر بكثير من المراحل المتباينة، وما حدث هو تطور مهم”.

وفي هذا السياق، برزت الصين كعامل مؤثر أسهم في عودة العلاقات الرسمية بين الطرفين؛ إذ تعتقد “نيزافيسيمايا غازيتا” أن بكين "حققت الهدف الذي سعت لإنجازه منذ سنوات".

شكوك متبادلة 

وأشارت الصحيفة إلى أن "العلاقات بين باكستان وأفغانستان تميزت بتعقيدات تاريخية متعددة الطبقات".

ولفتت إلى أن "باكستان قدمت ملاذا على أراضيها للمقاتلين الأفغان الذين عُرفوا باسم (المجاهدين)، والذين خاضوا حربا ضد القوات السوفيتية خلال حقبة الزعيم السوفيتي ليونيد بريجنيف، عندما أرسل الاتحاد السوفيتي (قوة محدودة) إلى ما وراء ممر هندوكوش".

وتابعت الصحيفة: "كان المتمردون الأفغان يعبرون الحدود ليجدوا في باكستان ملجأ ودعما، واستغلت المخابرات الباكستانية هذه الفرصة؛ حيث أسهمت في تأسيس حركة (طالبان)، التي استبعدتها المحكمة العليا للاتحاد الروسي في 17 أبريل/ نيسان 2025 من قائمة المنظمات الإرهابية".

وأردفت: "كان من المتوقع أن تنظر طالبان إلى الجيش الباكستاني كحليف قديم في مواجهة الشيوعية والتدخلات الأجنبية، لكن هذه الصداقة لم تدم طويلا".

واستطردت: "حيث تصاعدت الشكوك المتبادلة بين الطرفين، مما أدى إلى قطع العلاقات، بل وصل الأمر إلى إغلاق الحدود بينهما".

وأفادت الصحيفة بأن "الجماعات المسلحة في أفغانستان بدأت في اختراق الأراضي الباكستانية وتنفيذ هجمات أسفرت عن مقتل مدنيين وشرطيين وجنود، وردت إسلام آباد بتشديد الرقابة على الحدود، وشنت ضربات على قواعد المسلحين داخل أفغانستان".

وأوضحت أن "هذا الوضع المتوتر استمر حتى مايو/ أيار 2025، عندما اندلع نزاع مسلح بين باكستان والهند".

مصالح مشتركة

من جانب آخر، وفي خضم تبادل الضربات الصاروخية بين البلدين، "بدأت الدبلوماسية الصينية، بحذر شديد، اتخاذ خطوات للتوفيق بين باكستان وأفغانستان"، كما أفادت به الصحيفة.

ووفقا لما ذكرته صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية: "توصل البلدان، خلال اجتماع في بكين، إلى اتفاق لاستئناف العلاقات الدبلوماسية على مستوى السفراء".

وأضافت: "كما نص الاتفاق الذي توصل إليه بوساطة الصين على التزام أفغانستان بمنع هجمات المسلحين من أراضيها على باكستان، وهو ما يُعد خطوة حاسمة نحو استقرار العلاقات بين البلدين".

كذلك دُعيت أفغانستان للانضمام إلى مشروع "الممر الاقتصادي" في باكستان، الذي يُعد حجر الزاوية في طموحات الصين الإقليمية؛ حيث استثمرت بكين مليارات الدولارات في هذا المشروع الضخم.

وعلقت الصحيفة الروسية على هذا التطور بالقول: "سعت الصين لسنوات إلى إنهاء الخصومة بين باكستان وأفغانستان، وقد شكّل هذا الاتفاق خطوة مهمة في هذا الاتجاه".

واستدركت: "لكن يجب عدم المبالغة في تقدير إنجازات الدبلوماسية الصينية؛ إذ لعبت عوامل موضوعية أخرى دورا كبيرا".

وأوضحت مقصدها قائلة: "كانت القوات الباكستانية تعاني من توتر شديد على جبهاتها، تفاقم مع الاشتباكات مع الهند، مما دفع إسلام آباد مرغمة إلى السعي للمصالحة مع جارتها الأفغانية".

تعاون مشترك

فيما نقلت الصحيفة الأميركية عن مسؤول باكستاني، تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته، قوله: "لقد حان الوقت الذي أدرك فيه الطرفان أن حل مشاكلهما يتطلب تعاونا مشتركا".

وأوضح المسؤول أن "مصالح الطرفين في المفاوضات تتطابق مع مصالح الوسيط الصيني، فأفغانستان بحاجة ماسة إلى استثمارات اقتصادية لتخطي العقوبات الغربية وتقليص المساعدات الدولية".

"أما باكستان، التي تعاني من تمردات داخلية متعددة، فتتوق إلى استقرار حدودها الغربية". وفق قوله.

واسترسل: “في حين تسعى الصين إلى وقف الهجمات الإرهابية على مشاريعها للبنية التحتية في باكستان، ووقف استهداف العمال الصينيين في البلاد”.

واستدركت الصحيفة: "لكن طموحات بكين لا تتوقف عند هذا الحد؛ إذ تهدف إلى تعزيز صورتها كوسيط في النزاعات الدولية، مقدمة نفسها كبديل للمبادرات الغربية لحل الصراعات".

وتابعت: "تجسدت هذه الرؤية في إنشاء منظمة للوساطة في هونغ كونغ، وهي مبادرة تهدف، بحسب وزير الخارجية الصيني وانغ يي، إلى معالجة (الخلل) في النظام العالمي".

وفي هذا السياق، أوضح المحلل في معهد الدراسات الدولية بشنغهاي، لين تشونغوي، أن "الولايات المتحدة في عهد الرئيس دونالد ترامب، قلصت التزاماتها الدولية، مما يتطلب من دول أخرى تحمل هذه المسؤوليات". 

وقدرت الصحيفة أن "هذه التطورات تحمل دلالة واضحة حول سعي الصين لتولي دور القوة العالمية المهيمنة، بدلا من الولايات المتحدة".