الإندبندنت: ثلاثة أرباع سكان إيران تحت خط الفقر المدقع

قسم الترجمة - الاستقلال | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة "إندبندنت" البريطانية - النسخة الفارسية، الضوء على الحالة المعيشية في إيران، حيث تتزايد نسب الفقر والبطالة ويتدنى الحد الأدنى للأجور.

وتطرقت الصحيفة إلى تصريح هادي أبوي، الأمين العام للمجلس الأعلى للنقابات العمالية، يوم 21 سبتمبر/أيلول، والذي قال: إن "إحدى أهم المشاكل التي تواجه العمال هي قضية المعيشة".

وتابع: "حاليا، خط الفقر هو 10 ملايين تومان (حوالي 237 دولارا)، ولا يزال العمال يتلقون 2 مليون ونيف (47 دولارا)".

وذكر الكاتب مجيد محمدي في مقال له بالصحيفة أن هذه الأرقام تأخذ بعين الاعتبار خط الفقر المطلق الذي يشمل الضروريات الأساسية (توفير الحد الأدنى من ضروريات الحياة من المأكل والملبس والمأوى إلى الرعاية الصحية والعلاج والمواصلات). 

ومع ارتفاع سعر البيض إلى 38 ألف تومان والزبدة المائة جرام بـ8 آلاف تومان والتراجع بنسبة 35% في استهلاك اللحوم الحمراء مقارنة بالعام 2019، فلم تعد هذه الأرقام مفاجئة.

ويشير الكاتب إلى أن في السوق الإيرانية يتم تقديم السلع المستوردة التي توفر معظم احتياجات الناس بسعر اليوم للعملة الأجنبية (ما عدا 7 أصناف من المواد الغذائية التي يتم استيرادها بالعملة الحكومية المدعومة بقيمة 4200 تومان للدولار الواحد).

 فأحيانا يصل سعر هذه السلع إلى ضعف السعر العالمي وأحيانا ثلاثة أمثاله (وذلك لاستيرادها بسعر الصرف اليومي.. 28 ألف تومان للدولار الواحد).

ويتابع محمدي قائلا: "المسؤولون محقون فيما يقولون بأن كل شيء موجود في إيران، لأنهم بالعملة المدعومة (4200 تومان للدولار الواحد) التي أعطوها لعدة مئات من رجالهم (المقربين منهم)، استوردوا كل شيء وباعوه بالسعر الحالي، ولكن معظم الناس لا يملكون القدرة الشرائية".

 والسؤال هنا، بالنظر إلى وضع السوق والأسعار ومستوى التوظيف ومستوى الدخول كم هي نسبة الأشخاص الذين يعيشون تحت خط الفقر المطلق؟

ويضيف الكاتب في مقاله: "بطبيعة الحال، فإن خطة الحكومة لدفع دعم السلع إلى 60 مليون إيراني (دعم 60 ألف تومان ودعم 120 ألف تومان شهريا) تشير إلى أنها تعتبر 72٪ من الشعب الإيراني تحت خط الفقر المطلق".

ويتساءل محمدي إلى أنه بدون هذا الاستنتاج التحليلي، هل يمكن بالإحصاءات الأساسية المتاحة أن نحدد عدد الأشخاص الذين يعيشون تحت خط الفقر؟ 

متوسط الأجور

في عام (مارس/آذار 2020 – مارس/آذار 2021)، فإن متوسط ​​الراتب الشهري للمتقاعدين حوالي 4 مليون تومان، وكان متوسط ​​الراتب الشهري لموظفي الحكومة حوالي 5.4 مليون تومان، بينما كان الحد الأدنى لاستحقاقات موظفي الحكومة (المزايا الإضافية والعلاوات) 2.8 مليون تومان.

ويوضح الكاتب أنه بالنظر إلى إحصاءات العمالة في البلاد، فإن إمكانية حصول أكثر من شخص في الأسرة على دخل -وذلك بالنسبة للطبقات العادية (وليس أولئك المقربين والمرتبطين بالحكومة)- منخفضة للغاية.

ويضيف أن من إجمالي عدد سكان إيران يوجد 57 مليون شخص في سن العمل (من 15 إلى 65 سنة) حيث يبلغ عدد الأشخاص العاملين منهم 23.4 مليون شخص والباقون لا يملكون عملا أو دخلا. 

وهذا يعني أن حوالي نصف السكان الذين هم في سن العمل عاطلون. وتشكل النساء غالبية أولئك العاطلين عن العمل.

ويوضح الكاتب أن "عدد السكان العاملين في البلاد (23.4 مليون شخص) قريب جدا من عدد الأسر في البلاد (25 مليون أسرة) وهذا يعني - في المتوسط - وظيفة واحدة لكل أسرة".

يوجد حوالي 10 مليون شخص من المتقاعدين من القطاع العام (من موظفي البيروقراطية الإدارية والمتقاعدين من مختلف الأجهزة والقوات العسكرية والشرطة وموظفي البلديات) الذين يغطي دخلهم حوالي 33 مليون شخص. 

من بين حوالي 2.4 مليون موظف حكومي، يعمل حوالي 200 ألف شخص في وظائف إدارية ويتقاضون رواتب تزيد عن 10 ملايين تومان، بحسب محمدي.

ويؤكد الكاتب في مقاله أنه لا يتم الإعلان عن رواتب أفراد القوات المسلحة (بخلاف القادة)، لكن تشير بعض النقاط الواضحة إلى أنهم لا يحصلون على دخول أعلى من موظفي الحكومة الآخرين (بخلاف المناصب القيادية) ولكن لهم بعض الامتيازات مثل إعطاء بعضهم – وخاصة أعضاء الحرس الثوري - أراضي وبضائع أرخص وكذلك بعض أرباح الأسهم.

ويستطرد قائلا: لا يمكن أن يزيد عدد موظفي الإدارة والخبراء في الإمبراطوريات المالية والاقتصادية التابعة للحرس الثوري الإيراني عن 200 ألف شخص.

وتابع: "إذا وضعنا هذا بجانب متوسط ​​الدخل البالغ 5.4 مليون تومان لموظفي الحكومة، فسيعني ذلك أن الموظفين ذوي الرتب المنخفضة غالبا ما يكون دخلهم أقل من 5 مليون تومان".

وبالتالي، فإن حوالي 4% فقط من المتقاعدين في الدولة والحكومة والقطاع العام (حوالي 400 ألف من أصل 10 مليون شخص) لديهم دخل أعلى من خط الفقر.

ويوضح محمدي أنه "من بين 15 مليون أسرة لا تعمل لدى الحكومة أو الدولة، يتلقى أغلب العمال ما بين 2.4 مليون تومان (وهو الحد الأدنى للأجور بالإضافة إلى بدل السكن والأساسي الذي يشمل 30% من العمال) و6.3 مليون تومان (أجر متوسط مع خبرة في العمل 15 سنة)".

ويلفت إلى أن الدخل الأعلى من 10 مليون تومان لعامل إيراني - حسب جدول أجور وعلاوات العمال - حتى بعد ثلاثين عاما يبدو أمرا لا يمكن تصوره. يمكن فقط لأصحاب الأعمال التجارية الخاصة وأصحاب المتاجر كسب هذا الدخل.

 ويرى أنه مع الأخذ في الاعتبار المعلومات المذكورة أعلاه فإن عدد الأشخاص فوق خط الفقر في مجموعة هذه القطاعات حوالي عشرة مليون شخص. أي مع افتراض أن كل هذه الأرقام هي الحد الأقصى، فهم حوالي 12 ٪.

واستند إلى ذلك بافتراض أن الأجور الأعلى من 10 مليون تومان هي لبعض أساتذة الجامعات والمحامين والأطباء وبعض المهندسين وأصحاب الحرف ذوي الخبرة الذين ليس لديهم وحدة نقابية (عددهم أقل من 2 مليون شخص)، وحوالي 2 مليون مالك عقارات لا يعملون ولكنهم يحصلون على إيجارات كبيرة (بافتراض أن حوالي 30 ٪ من المنازل المؤجرة تقريبا 7 مليون وحدة) وحوالي 2 مليون شخص من طبقة المديرين في إيران في الأربعين سنة الماضية الذين لديهم ثروة هائلة.

ويضيف أن عدد ذلك الجزء من الأشخاص الذين يعيشون في أسر وهم أصحاب منازل ولا يدفعون إيجار ودخلهم يتراوح ما بين أكثر من 6 إلى 9 مليون تومان، ويمكن تقدير دخل هذه الأسر بـ10 مليون تومان.

ولفت إلى أن "متوسط ​​الإيجار خلال هذا العام ما بين 320 ألف إلى 3 ملايين و200 ألف تومان لشقة 80 مترا في مختلف المحافظات. إذا أضفت هذا العدد البالغ 8 مليون شخص إلى الرقم أعلاه، فسيصبح حوالي 22٪".

وبحسب محمدي فإنه بالنظر إلى الحد الأقصى لعدد الأشخاص الذين يزيد دخلهم عن 10 مليون، فمع منتصف عام 2020، هناك 78 ٪ من الإيرانيين يعيشون تحت خط الفقر المطلق.

إذا صدمك رقم 75 ٪ تحت خط الفقر، ففكر فقط في 38 مليون عشوائي (46 ٪) يعيشون جميعا تحت خط الفقر، يقول الكاتب.

إنجازات النظام

أدت أربعة عقود من السياسات الداخلية (الاقتصادية والاجتماعية) والخارجية للنظام الإيراني إلى تحويل بلد غني بموارد بشرية وطبيعية لا حصر لها إلى مكان يعيش فيه ثلاثة أرباع سكانه في حالة بائسة من الفقر المدقع (وليس حتى الفقر النسبي) فضلا عن الفساد وعدم الكفاءة والهدر، بحسب الكاتب.

ويشير إلى أنه على عكس الخطاب الدعائي للنظام، كانت الأمور في عهد رضا بهلوي تسير نحو تقليل عدد الأشخاص الذين يعيشون تحت خط الفقر. 

فانخفضت نسبة الأشخاص الذين يعيشون تحت خط الفقر من 54٪ (في عام 1971) إلى 28٪ (1975). 

ويرى محمدي أن الشعب الإيراني لا يحتاج إلى إغداق النظام عليه بالمال والصدقات، بل يكفي أن يتخلى عن حلم القوة العظمى بالاعتماد على "الإرهاب" وكراهية الغرب والبرامج النووية والصاروخية وأن يعيد موارد البلاد لمواطنيها.

ويختتم الكاتب مقالته بالإشارة إلى أن تجربة ألمانيا واليابان في العقود الثلاثة الماضية بعد الحرب العالمية الثانية تُظهر أن الشعوب في عالم حر وديمقراطي يمكنها بسرعة التغلب على بؤس الفاشية والاشتراكية ويمكنها أيضا تحقيق الازدهار.

وتتمتع جمهورية التشيك وبولندا بتجربة ناجحة للغاية في هذا الأمر، وفي المقابل فإن كوبا وفنزويلا وكوريا الشمالية، دول ما زالت تعيش في حالة تدهور بسبب سياساتها التوسعية والاشتراكية، بحسب الكاتب.