أربع سنوات على انطلاق "عاصفة الحزم".. ما الذي تحقق؟

آدم يحيى | منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

دخلت الحرب الدائرة في اليمن، عامها الرابع، بعدما أعلنت المملكة العربية السعودية في 26 مارس/آذار 2016، أن الحسم العسكري لن يتجاوز الشهرين، لكن تلك الشهرين انتهت، وتفتتح عامها الخامس، ولا حل سياسي أو حتى عسكري، يلوح في الأفق.

شهدت الأربع سنوات التي انطلقت فيها عملية "عاصفة الحزم"، تحولات كثيرة، أبرزها أن الانقلاب باب اليوم سلطة أمر واقع، حيث يحاور الحكومة الشرعية على أساس الندّ، في مقابل تفاقم الأوضاع الإنسانية لليمنيين، وتراجع دور الشرعية، التي مازالت مقيمة في الرياض منذ انطلاق العملية العسكرية، وغدت معها فرص استعادة الشرعية أقل من أي وقت مضى، بناء على تقرير فريق للأمم المتحدة معني باليمن، قال فيه إن "السلطة الشرعية تتآكل وأن القضاء على الانقلاب غدا أمرا بعيد المنال".

أما الوضع في مدينة عدن، فقد أخرجت جماعة الحوثي، لتحل مكانها ميلشيات مدعومة من الإمارات، فما زالت الأخيرة حتى تنشئ تشكيلات عسكرية مسلحة تعمل خارج منظومة الجيش الوطني، ففي عدن أنشأت "الحزام الأمني"، وفي شبوة أسست "النخبة الشبوانية"، وفي حضرموت "النخبة الحضرمية"، وتسعى لتشكيل "النخبة المهرية" في محافظة المهرة، إضافة إلى ذلك عملت على تشكيل ألوية عسكرية لا تعترف بالشرعية ولا تعمل تحت مظلة الجيش الوطني، فأنشأت قوات طارق و حرس الجمهورية وألوية العمالقة في الساحل الغربي، ودعمت المجلس الانتقالي الجنوبي المتمرد على قرارات الرئيس هادي والساعي للانفصال.

وعلى الوتيرة ذاتها، فقد تنامت حالات الاغتيال في عدن، واتسعت دائرة الانفلات الأمني، وغدت المحافظات الجنوبية خاضعة لسيطرة تشكيلات مسلحة تتبع الإمارات متمردة على الحكومة الشرعية،  الذي كان "التحالف العربي" قد أعلن أنه سيعمل على استعادتها خلال شهرين.

في المهرة أيضا، تحكم القوات السعودية سيطرتها على المحافظة، وتعمل على إنشاء تشكيلات مسلحة تعمل خارج منظومة الجيش الوطني والحكومة الشرعية، في الوقت الذي تمنع الرئيس هادي والحكومة الشرعية من العودة وممارسة مهامهم من المحافظات المحررة والعاصمة المؤقتة عدن.

المخرجات الإنسانية للعملية

الأزمة الإنسانية كانت إحدى مخرجات عملية "عاصفة الحزم"، ففي أربع سنوات، منذ انطلاق العملية العسكرية للتحالف بقيادة السعودية، شهد الوضع الإنساني تدهورا هو الأسوأ في العالم ، فقد أصدرت الأمم المتحدة بيانا قالت فيه أن "اليمن يمر بأسوأ أزمة إنسانية في العالم، حيث بات أكثر من 22 مليون يمني، أي ما يعادل ثلاثة أرباع السكان، يحتاجون لمساعدات.

و أكدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن الأزمة الإنسانية في اليمن تزداد تفاقما، وأن عدد المتضررين قد وصل لـ24 مليون يمني، وأفادت بأن اليمن بات يعاني من ثلاثي الموت والدمار والمجاعة، في أكبر أزمة إنسانية يشهدها العالم، ومثل ذلك برنامج الأغذية العالمي الذي أورد أن 18 مليون يمني لا يعرفون من أين تأتي وجبتهم القادمة، بينما يعيش أكثر من 8 مليون يمني في جوع شديد، ويعتمدون بشكل كلي على المساعدات الغذائية".

ماذا يريد التحالف؟

طال أمد الحرب، وبدأت تبرز أسئلة عن أسباب عدم قدرة التحالف على حسم المعركة، وتباينت التفسيرات، وتراوحت بين الزعم بخطأ السعودية في تقديرها لإمكانات وقدرات الحوثيين وصالح، والجزم بعدم جدية السعودية في القضاء على الحوثي، وتناولت ما هو أبعد من ذلك ، حيث تحدثت عن استخدام السعودية والإمارات للحوثي كورقة  للتغطية بها عن أهداف تتعلق بتوسيع النفوذ في اليمن.

في هذا السياق، أتى تقرير مطول لصحيفة "الإيكونوميست" يشير فيه إلى أن  السعودية لم تكن تريد إنهاء الحرب باليمن، بل كان لها أطماع في توسيع النفوذ، و الحصول على ممر إلى بحر العرب، بينما عملت الإمارات على السيطرة على الموانئ التي تمر بها أكثر الخطوط الملاحية نشاطا في العالم لصالح ميناء جبل علي.

يعزز هذا التفسير تقرير أممي، هو الأحدث والأهم حتى الآن، صدر في تاريخ 14 فبراير/تشرين الثاني 2019، لفريق الخبراء التابع للأمم المتحدة والمعني باليمن، حصلت "الاستقلال" على نسخة منه، يشير إلى وجود أجندة أخرى للتحالف لا تتعلق بالحرب على الحوثيين، ويقول: "لا يزال انعدام وجود مصالح مشتركة داخل التحالف ضد الحوثيين يفاقم تقسيم البلد، ويجعل من استعادة سلطة الحكومة على جميع ارجاء اليمن بعيد المنال".

رأي الشارع

انقسم الشارع اليمني، تجاه انقلاب الحوثي وتدخلِ التحالف، ففي حين تماهت فئة موالية للحوثيين مع الانقلاب، وتصالحت فئة أخرى مع تدخلِ التحالف، كانت فئة ثالثة رافضة لانقلاب الحوثي وتدخل دول التحالف، بعد أن أدركت أن له أجندة لا تتعلق بإنهاء الانقلاب، وهذه الفئة الثالثة تشكلت خلال أربع سنوات، منذ انطلاق "عاصفة الحزم"، فقد كانت تزداد قناعتها كل يوم بعدم جدية التحالف في إنهاء الانقلاب.

وقال الباحث في العلاقات الدولية، مراد يحيى، في حديث لـ"الاستقلال": "استبشر الكثيرون خيرا بتدخل التحالف الذي أعلن في بداية الأمر أنه يهدف لإنهاء الانقلاب واستعادة الشرعية، لكنهم أدركوا مؤخرا أن ذلك كان خديعة، وأن التحالف يسعى لإطالة عمر الحوثي، لكي يتخذ منه ذريعة لتنفيذ أجندته في اليمن، والذي عجز عن تنفيذها منذ مدة طويلة، لهذا فإنهم باتوا يرفضون التحالف وتدخله البلد، بنفس القدر الذي يرفضون فيه الانقلاب الحوثي على الدولة ومؤسساتها".

وأضاف يحيى: "في الحقيقة لم تنحرف أجندة التحالف منذ البداية، فقد كانت أهدافه هي التوسع في اليمن منذ اللحظة الأولى".

تشكيل هيئة جديدة

تعالت الأصوات التي تنادي بإنهاء دور التحالف في اليمن، بعد الخذلان الذي تلقاه اليمنيون من تلك العملية، وفي هذا الصدد أُعلن مطلع الأسبوع الجاري، إشهار هيئة وطنية في مدينة تعز، تحمل اسم "الهيئة الوطنية لحماية السيادة ودحر الانقلاب"، بحسب بيان الهيئة.

والغرض من إنشائها الهيئة، بحسب البيان، هو "المواجهة الحاسمة مع مهددات السيادة الوطنية الذي تسبب بها انقلاب الحوثي المسلح والممول من إيران، واستهدف النظام الجمهوري، الأمر الذي أتاح لتدخلات خارجية انتهكت السيادة اليمنية، و قضت على مقومات الدولة اليمنية وسلطتها الشرعية، وألحقت الأذى المباشر بحياة الناس وكرامتهم".

وأضاف البيان، أن "الاقرار بالشرعية الممثلة للإرادة الشعبية والعمل تحت ظلالها صفا واحدا لدحر الانقلاب وحماية السيادة، لا يعني بأي حال من الأحوال الصمت عن الأخطاء وممارسة الفساد والتفريط بالقرار السيادي لجهات خارجية، فذلك يعد خيانة للإرادة الشعبية وتهديدا للسيادة الوطنية وتمكينا للانقلاب".

وعن أهمية هذه الهيئة، قال رئيس الهيئة الدكتور فيصل الحذيفي، لـ"الاستقلال"، إن أهمية الهيئة تمكن في أنها قدمت نفسها في وقت صمت فيه الجميع، من أحزاب ومنظمات مجتمع مدني وحكومة وسلطة شرعية، عن استباحة السيادة اليمنية، وتحويل التدخل إلى ممارسات انتهاكات عدوانية معلنة".

وأضاف الحذيفي: "لقيت الهيئة ترحيبا و دعما شعبيا واسعا من عموم المواطنين، حيث وجدوا فيها قناة رسمية للتعبير عن أصواتهم، وتنظيم شتات تلك الأصوات التي تنادي بإنهاء تدخل التحالف ودحر الانقلاب والحفاظ على السيادة الوطنية، وبالتالي فإنها ستعمل في عموم الجمهورية، عبر السبل القانونية والحقوقية والسياسية، للدفاع عن اليمن والنظام الجمهوري من العدوان الداخلي المتمثل بالانقلاب، والعدوان الخارجي المتمثل بانحراف سلوك التحالف عند الأهداف المعلنة إلى تقويض الدولة والسلطة الشرعية".