بتدشين "مرصد الإسلام السياسي".. هكذا عاد النازيون الجدد إلى النمسا

أحمد يحيى | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

منتصف يوليو/ تموز 2020، شهدت النمسا تدشين "مرصد الإسلام السياسي" المدعوم من قبل الحكومة اليمينية هناك، مستهدفة به مئات الآلاف من أبناء الجالية الإسلامية هناك، ومتجاهلة لأسس التعايش، ووجود المسلمين هناك لفترة طويلة من الزمن.

وإذا كان التاريخ قد دون في صفحاته أن العام 1912، شهد ولادة "قانون الإسلام" بالنمسا فترة حكم عائلة هابسبورغ (من 1246 إلى 1918)، وأتاح وقتها للنمسا أن تكون واحدة من الدول الغربية المعدودة التي اعترفت بالإسلام دينا رسميا، لكن بعد 108 أعوام لم يعد الوضع كما كان من قبل.

فمع تقلب التاريخ، يواجه قرابة مليون مسلم (عدد السكان نحو 9 ملايين) على الأراضي النمساوية خطر التضييق والعنصرية من قبل أحزاب اليمين المتطرف، لا سيما حزب الشعب الحاكم تحت قيادة رئيس الوزراء سيباستيان كورتس، الذي جعل من محاربة ما أسماه الإسلام السياسي والهوية الدينية للمسلمين على رأس أولوياته.

رأس الحربة

"مرصد الإسلام السياسي" الذي دشنته الحكومة النمساوية في 16 يوليو/ تموز 2020، يعتبر رأس الحربة التي اعتمدها حزب الشعب اليميني (الحاكم) لمحاربة الجالية الإسلامية الممتدة في طول البلاد وعرضها.

المرصد افتتحته وزيرة الاندماج النمساوية سوزاني راب، بحضور البروفيسور مهند خورشيد عميد المعهد العالي للدراسات الإسلامية في جامعة مونستر الألمانية، والناشط في محاربة الإسلام السياسي، والتشريعات الإسلامية، كوحدة علمية بدعوى دراسة مفهوم الإسلام السياسي وما أطلقوا عليه "أبعاده الخطيرة على المجتمعات الأوروبية والمجتمعات الإسلامية وغير الإسلامية".

يعد المرصد هو الأول من نوعه في أوروبا، حيث رصدت الحكومة النمساوية اليمينية، مبلغ "نصف مليون يورو" لأعمال المرصد خلال عام 2020.

حزب الشعب اليميني، الذي يمثل الطرف الأقوى في الحكومة، برر الخطوة بأن اتفاق تشكيل الحكومة نص في فصل "الأمن الداخلي"، وتحت عنوان "تدابير مكافحة التطرف والإرهاب" على: "إنشاء مركز توثيق مستقل معتمد من الدولة، للتطرف السياسي المدفوع دينيا (الإسلام السياسي)، يتولى مهمة البحث العلمي وتوثيق وإعداد المعلومات حول التطرف السياسي ذي الدوافع الدينية".

كما أشار الحزب الحكام النمساوي الذي يقوده رئيس الوزراء سيباستيان كوريتس إلى أن "الاتفاق كان واضحا، ونص على مكافحة الإسلام السياسي".

ويعزز المركز من سعي كورتس إلى التضييق على المسلمين، وتشديد الرقابة على المساجد والمنظمات الخيرية، ومدارس رياض الأطفال والثانويات وحظر التمويل الخارجي للمنظمات والمراكز الإسلامية العاملة في النمسا، إضافة إلى إغلاق كافة الكيانات التي تتعارض مع القوانين الجديدة التي تستهدف الملتزمين من المسلمين.

سوزانا راب بجوار سيباستيان كورتس

خطة حرب

في المؤتمر الذي عقد نهاية يوليو/ تموز 2020، في فيينا، وتناول أهداف المرصد، وضعت وزيرة الاندماج النمساوية سوزانا راب، أهداف عمل تلك الوحدة، وخطتها لمحاصرة ما أطلقت عليه "الإسلام السياسي" حسب زعمها.

الخطة تضمنت تشكيل لجنة خبراء معترف بهم على المستوى المحلي والدولي تكون مهمتهم عبر المرصد المنع التام لحدوث التطرف الإسلامي، وتأثير الأيديولوجيات المتطرفة من خارج النمسا.

أيضا من مهام المرصد، وفق الوزيرة، التعرف على الأيديولوجيات المتطرفة والحد منها، وإعطاء تصورات أساسية للمسؤولين لاتخاذ قرارات ضدها.

وكشفت الوزيرة عن أن مدير المرصد سيقود فريقا من 5 إلى 7 خبراء، يشمل كفاءات مختلفة، مثل الكفاءة اللغوية، فيجب أن يكون أحدهم يتحدث التركية، والآخر العربية، مع وجود خبراء في المجال الاجتماعي وثقافات الشعوب، كذلك لا بد من وجود كفاءات تقنية، لأنهم سيقومون بمتابعة وسائل التواصل الاجتماعي.

هدف المرصد كما حددته الوزيرة هو "محاربة الإسلام السياسي، وعمل رصد وأبحاث علمية، وجمع معلومات عن التطرف السياسي المدفوع دينيا، وفحص الجمعيات والهيئات المثيرة للتساؤل، ومن يختفي خلف هذه الجمعيات؟ وأين يوجد، مع متابعة نشاطهم عبر الإنترنت. وأيضا "تجهيز المعلومات للسلطات، وللنشر، وللهيئات الدينية، والصحافة المهتمة.

الوزيرة أكدت أن الوحدة (المرصد) ستعمل جنبا إلى جنب مع المجتمع المدني، وستعمل على تقديم الكورسات والتدريب لتمكنهم من التعرف على الأيديولوجيات المتطرفة.

كما ستقوم الوحدة بتحليل مفصل لشبكات الإسلام السياسي على المستوى الدولي، بحسب لجنة الخبراء، التي أكدت أن الإسلام السياسي لا يتوقف عند حدود دولة بل تنعكس امتداداته في العديد من الدول.

أما التكليفات الوظيفية المحددة لوحدة رصد الإسلام السياسي، فتتمثل في (إصدار تقرير سنوي عن الإسلام السياسي في النمسا - دراسات متخصصة في مجال الشباب المسلم وماهية التطور فيه - تقرير سنوي عن نشأة المجتمعات الموازية - نظام إنذار مبكر للمجتمعات الموازية). 

وقد وصفت وزيرة الاندماج سوزانا راب، تلك الوحدة بأنها مشروع رائد في مجال مكافحة الإسلام السياسي، الذي وضعته حكومة النمسا اليمينية على رأس أولويتها، واستعانت في ذلك بمجموعة من الخبراء الدوليين والمحليين المناهضين للإسلام.

قادة الحملة

من خلال مؤتمر تدشين وحدة رصد الإسلام السياسي، برزت بعض الأسماء من القادة والباحثين الذين يقودون الحملة ضد الأنشطة والهوية الإسلامية في النمسا، وبإسقاط الضوء على تلك الشخصيات والتاريخ السياسي والفكري لها، تبين الآتي:

1- سوزانا راب

هي وزيرة الاندماج النمساوية ضمن حكومة رئيس الوزراء سيباستيان كورتس، بالإضافة إلى كونها من المقربين إليه، وتقود بنفسها المرصد المستحدث للتضييق على الجالية الإسلامية في البلاد.

ولدت راب في 20 أكتوبر/ تشرين الأول 1984، وانخرطت في السياسة من خلال انضمامها إلى حزب الشعب النمساوي اليميني.

درست راب علم النفس والقانون في جامعة إنسبروك بالنمسا، وشاركت في العديد من الوظائف الخاصة بالمنظمات التطوعية، مثل اتحاد الطلاب العالي في النمسا، واتحاد رابطة طلاب القانون الأوروبية، وفي عام 2010 حصلت على درجة الدكتوراه في القانون.

عرفت الوزيرة النمساوية بمعاداتها الشديدة للحجاب، وفي 14 يناير/ كانون الثاني 2020، نجحت في تبني قرار بحظره على الفتيات دون 14 عاما، وذهبت حينها إلى القول إنها ستعمل على منعه في العديد من القطاعات والمؤسسات لا سيما التعليمية، وبخاصة المدرسات باعتبارها من المهن شديدة الحساسية تجاه الأطفال، وهو ما جعلها عرضة لانتقادات شديدة من أحزاب وشخصيات ليبرالية دخل المجتمع النمساوي، رأوا أن حظر الحجاب بهذه الطريقة المتطرفة (أمر لا يمكن تصوره).

2- لورينزو فيدينو

هو باحث أميركي من أصول إيطالية كان على طاولة تدشين مرصد الإسلام السياسي النمساوي، وهو شخصية نشطة في عدائها لجماعة الإخوان المسلمين على وجه الخصوص، ويشغل مدير مركز التطرف في جامعة جورج واشنطن الأميركية، ومن أبرز أعماله البحثية في هذا المجال إعداده تقرير الاستخبارات النمساوية عن نفوذ الإخوان المسلمين في عام 2014. 

حصل فيدينو على ليسانس القانون من كلية الحقوق بجامعة ميلان، ودكتوراه في العلاقات الدولية من كلية فليتشر للحقوق والدبلوماسية بجامعة تافتس، وشغل مناصب عدة في مركز بيلفر للعلوم والشؤون الدولية بجامعة هارفارد في كلية كنيدي للحكم، ومعهد الولايات المتحدة للسلام، ومؤسسة راند، ومركز الدراسات الأمنية في زيوريخ، وفي عام 2014 كلفته الحكومة البريطانية بالعمل على إنجاز المراجعة الرسمية الخاصة بالإخوان المسلمين. 

تحتفي به المواقع والمراكز المناهضة للإسلام، والعاملة على إذكاء ظاهرة (الإسلاموفوبيا)، لا سيما موقع (عين أوروبية على التطرف) الممول من قبل الإمارات، والذي وصف فيدينو بأنه "أفضل الخبراء في ملف الإخوان المسلمين المصريين".

3- سوزان شروتر 

هي باحثة ألمانية من مواليد 1957، كانت على رأس المجتمعين لتدشين وحدة رصد الإسلام السياسي، ومتخصصة في الأنثروبولوجيا الاجتماعية المعاصرة، وتهتم بشكل أساسي بدراسات الإسلام والهوية الجندرية وصراع الحضارات.

كذلك تشغل منصب رئيسة مركز فرانكفورت للإسلام العالمي، وفي عام 2003 نظمت مؤتمر "المسيحية في إندونيسيا.. وعوامل القوة" في جامعة جوته فرانكفورت، منحازة في ذلك لمحاولات التنصير المستمرة في أكبر البلاد الإسلامية في العالم من حيث عدد السكان المسلمين.

وتعد شروتر من العاملين بقوة ضد الجاليات الإسلامية في أوروبا، وضد القيم الإسلامية بشكل عام، وتسعى جاهدة إلى تحجيم نفوذها ضمن خطط اليمين المتطرف.

وبالإضافة إلى لورينزو فيدينو، وسوزانا راب، وسوزان شروتر، توجد شخصية رابعة تلعب الدور الأبرز في قيادة الحرب على هوية الجاليات الإسلامية في أوروبا، وهو مهند خورشيد، تلك الشخصية التي تحمل كثيرا من علامات الاستفهام.

 

لورينزو فيدينو

مهند خورشيد

على مدار سنوات طويلة عمل مهند خورشيد على محاربة الإسلام السياسي، والنشاط الإسلامي للجاليات المسلمة في أوروبا بشكل خاص، إذ يعرف نفسه بـ "المفكر الإسلامي" ومن أبرز تلامذة المفكر المثير للجدل "عدنان إبراهيم" المقيم في النمسا أيضا، والمدعوم من الإمارات، وله أطروحات وصفها كثير من العلماء بالشاذة عن صحيح الفكر الإسلامي المعتدل.

أما مهند خورشيد فهو فلسطيني ولد في بيروت بلبنان عام 1971، ثم نشأ في المملكة العربية السعودية، وفي سن 18 هاجر إلى فيينا بالنمسا، وهناك درس علم الاجتماع وسرعان ما تجنس بجنسية البلاد وأصبح من مواطنيها. 

وفي عام 2010 ، أصبح خورشيد أستاذا في جامعة مونستر في ألمانيا، في مركز اللاهوت الإسلامي (CIT)، وهو كذلك أحد مؤسسي منتدى (Muslimisches Forum Deutschland) ، أي منتدى المسلمين الليبراليين بألمانيا للمسلمين وغير المسلمين.

وفي عام 2012، أثار جدلا عارما عندما دعا إلى تفسير "القرآن الكريم" بمنظور معاصر، وأخذ السياق الزمني لنزول الآيات في الحسبان، وتطرق إلى مسألة العقاب والتشريعات العقابية في القرآن، وحاول أن يذهب إلى تجاوزهم والارتقاء بالقرآن عن مستوى كتب القوانين العلمانية بحسب وصفه، وهو ما أغضب كثيرا من العلماء والدعاة، والجاليات الإسلامية. 

لكن الجانب الأكثر تطرفا في شخصية خورشيد هو اعتباره أن الجمعيات الإسلامية النشطة في أوروبا لخدمة المسلمين ومنهم الجمعيات التابعة لجماعة الإخوان المسلمين (المقننة من قبل الحكومات) أخطر من "تنظيم الدولة"، على حد وصفه!.

ظهر ذلك جليا أثناء حضوره مؤتمر افتتاح وحدة رصد الإسلام السياسي في النمسا، عندما قال: "إنشاء مركز التوثيق ضروري لمواجهة تنظيمات الإسلام السياسي وخاصة الإخوان، التي تعد أخطر على أوروبا من (تنظيم الدولة) و(القاعدة)!".

 

ورأى مهند خورشيد ضرورة تبادل الخبرات مع الدول الإسلامية التي لها خبرات في التعامل مع الإسلام السياسي (مصر والإمارات) لتوحيد الجهود ضد هذه الأيديولوجية المعادية للإنسانية ويرحب بكل الاقتراحات والمشاركات الدولية.

كما ذكر في تصريحات لصحيفة دير ستاندرد النمساوية: "أخيرا، بدأنا نتحدث عن الإسلام السياسي على المستوى الواقعي. قبل ذلك، قمنا فقط بالحديث عن تنظيمات مثل تنظيم الدولة والقاعدة، متجاهلين حقيقة أن هناك ظاهرة أخرى خطيرة هي الإسلام السياسي".

جدير بالذكر أن الذين ينتمون إلى تلك الجمعيات في أوروبا يصلون إلى عشرات الآلاف من المسلمين، الذين وصفهم خورشيد بـ"التطرف"، ليساهم في صعود الإسلاموفوبيا ضد الجاليات المسلمة.

من المستهدفون؟

كذلك تستهدف وحدة رصد الإسلام السياسي، أن تكون ذراع حكومة الشعب اليمينية، لعزل الجالية المسلمة عن الجمعيات التي تقوم باحتوائهم وخدمتهم وحمايتهم، من خلال التضييق على تلك المؤسسات وتحجيمها، وصولا إلى إغلاقها، ومن أبرز المؤسسات المستهدفة:

1- الهيئة الدينية الإسلامية فى النمسا، والتي تخدم مقاطعات (فيينا والنمسا المنخفضة وبورغنلاند)، وطالبت دائرة الرقابة المالية النمساوية بفحص السجلات المالية للهيئة وهى المرة الأولى التى تقوم فيها هذه الدائرة التى يطلق عليها (ريشنونكهوف) باتخاذ مثل هذا الإجراء نحو هيئة دينية فى النمسا، خاصة وأنها من المؤسسات الضخمة التي تتألف من 4 هيئات: 

  • الهيئة الدينية الإسلامية الجهوية في فيينا وتخدم مقاطعات فيينا و النمسا المنخفضة و بورغنلاند.
  • الهيئة الدينية الإسلامية الجهوية في لينز، وتخدم مقاطعات النمسا العليا وسالزبورغ.
  • الهيئة الدينية الإسلامية الجهوية في بريغنز، وتخدم مقاطعات وتيرول، وفور ألبرغو.
  • الهيئة الدينية الإسلامية الجهوية في غراتس تخدم مقاطعات شتايرمارك، وكيرنتن.

2- أكاديمية التربية الدينية الإسلامية: وترتبط بالعديد من الروابط مع الجالية الإسلامية الضخمة في النمسا، وتعمل على الاهتمام بالنشء والطلاب.

3- منظمة الشباب النمساوي المسلم: وتعد التركية "دودو كوتش كجول" أحد أهم كوادرها، وقادت حملة اعلامية قوية ضد تعديل قانون "الإسلام في النمسا" الذي استهدف المسلمين بشكل عام هناك، حيث قاومت المنظمة بشدة أي محاولات لتعديل القانون.

4- جمعية المللي جروس: وهي هيئة إسلامية تركية، ولها عدة فروع في أوروبا، ويوجد مقرها الرئيسي في "كولون" الألمانية، وتعمل بثلاثة ثوابت أولها "أمرهم شورى"، و"ادع إلى سبيل ربك بالحكمة"، "وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا".

5- الجمعية الدينية العربية: وكانت تلك الجمعية تحديدا قد تعرضت لضربة من حكومة كورتس، إذ كانت تدير 6 من المساجد التي جاءها قرار حكومى بالإغلاق، 3 منها في فيينا، و2 في إقليم النمسا العليا، وواحد في كارينثيا، وفق ما ذكرته هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) في 10 يوليو/ تموز 2018.

6- المجمع الإسلامي للحضارات: وله العديد من المساجد المعترف بها رسميا.

7- رابطة الثقافة الإسلامية فى النمسا: وهي منظمة لعبت دورا رئيسا في النهوض بالجاليات الإسلامية داخل المجتمع النمساوي متعدد الأعراق والثقافات.

8- جماعة الإخوان المسلمين: ولها وجود قديم في النمسا، عندما بدأت مع هجرة العديد من كوادر الجماعة إلى النمسا خلال ستينيات القرن الماضي، وتم التأسيس لوجودهم على يد بعض المهاجرين، أمثال يوسف ندا وسعيد رمضان، ومع مرور الزمن أصبحوا مندمجين ومتداخلين مع المجتمع النمساوي، ولهم العديد من الأنشطة، واستطاعوا صنع شبكة من العلاقات القوية مع النخب، وإقامة الأكاديميات التعليمية، والأعمال التجارية، والكيانات والشركات والجمعيات الخيرية والإنسانية، ويتمتعون بدرجة كبيرة من العلاقات.

إسلام أوروبي

صحيفة "الاستقلال" تحدثت مع الدكتور أحمد أبو زياد أحد أعضاء الجالية الإسلامية في النمسا، والناشط في شؤون المسلمين هناك، فقال: "وحدة رصد الإسلام السياسي، التي دشنتها الحكومة النمساوية بقيادة سيباستيان كورتس، متطرفة في التعامل مع المسلمين، خاصة لأنها تأتي من برنامج الحكومة اليمينية المناهض للإسلام والمسلمين بشكل عام، وهناك العديد من الظواهر لهذا الطرح، بداية من التضييق على المساجد والشعائر، وصولا لمحاولات الحظر الكامل للحجاب، وبالفعل هناك حظر جزئي، كل ذلك مع التضييق في مسألة الإقامات والعمل للمهاجرين المسلمين".

وأضاف أبو زياد: "ما يحدث حاليا من قبل حزب الشعب اليميني، هو نقلة إستراتيجية في محاربة الإسلام، ففي البداية كانوا يضيقون على المسلمين تحت ذريعة مصطلح (التطرف العنيف)، إلى أن ظهر في وقتنا هذا مصطلح (التطرف غير العنيف) حتى أن الباحث الإيطالي المناهض للإسلام (لورنسو فيدينو) وصف المسلمين الملتزمين والنشطين بأنهم أخطر من (الدواعش الإرهابيين) على حد وصفه!".

وأردف: أن "هذه الأطروحات في منتهى الخطورة، فتجريم أناس مسالمين، مساهمين في المجتمع بشكل وأثر إيجابي، يجعل البعض يكفر بالديمقراطيات والقوانين، كما حدث في بعض الدول التي تطرفت في هذه الأمور، ليتجه بعض الشباب إلى العنف، فما يحدث تعامل غير حكيم، من شأنه زيادة وتيرة التطرف وليس الحد منه، فلابد أن يكون للمسلمين متنفس كشركاء في هذه المجتمعات، لأن القيم الأوروبية يفترض أنها لا تضع حظرا وحجرا على الأفكار، وتنادي بحرية المعتقدات والأديان".

وتابع: "لابد لنا من إدراك أن وحدة رصد الإسلام السياسي، يتخطى عملها الرصد والمراقبة والتحليل، بل هي وحدة استخباراتية بامتياز، في إطار خطة لتفريغ الإسلام عند المسلمين من مضمونه، وتأسيس إسلام جديد على النمط الأوروبي يرضي اليمين المتطرف، يكون بعيدا كل البعد عن الشعائر والفروض والالتزام الديني، فالمسلم الوحيد الذي يرضي هؤلاء هواالذي يلتزم بالعلمانية، ويبيح الشذوذ الجنسي وغيره من السلوكيات المتحررة غير الأخلاقية التي لا توافق الشريعة الإسلامية". 

وذكر: "ويوجد ما هو أدهى من هذا في معايير وحدة رصد الإسلام السياسي، وما تريده الحكومة النمساوية اليمينية من المسلمين، فمثلا طاعة الزوجة لزوجها، تعد تطرفا، ومن سمات الإسلام السياسي في نظرهم!". 

وأكد: "النمسا الآن تعد مختطفة من مجموعة من المراهقين السياسيين، والشباب الذين يقودهم رئيس الوزراء سيباستيان كورتس، المفعمين بأحلام الإمبراطورية النمساوية القديمة، وقيادة أوروبا من جديد، لذلك سقطوا فريسة لتلك الأفكار تجاه الإسلام والمسلمين، بينما تجنبت حكومات عريقة مثل بريطانيا وألمانيا السقوط في ذلك الفخ".