رغم تفشي كورونا.. لهذا أصر الأسد على إجراء الانتخابات البرلمانية

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة "لوريان لوجور" و"راديو فرنسا الدولي" الضوء على الأسباب التي حملت نظام بشار الأسد للإصرار على إجراء انتخابات برلمانية في سوريا، وسط أوضاع متوترة للغاية، في ظل أزمة اقتصادية غير مسبوقة.

وصوت الناخبون السوريون في 19 يوليو/ تموز، في انتخابات تشريعية تجري بعد أربع سنوات من آخر اقتراع، حيث تغيرت المعادلات الميدانية على الأرض لصالح النظام.

من جهتها قالت "لوريان لوجور": "أدلى الأسد وزوجته وهما يرتديان الأقنعة داخل القصر الرئاسي في الانتخابات التشريعية الثالثة بعد اندلاع النزاع (الثورة) عام 2011".

وتساءلت: ما فائدة التظاهر بهذه اللعبة الديمقراطية عندما يعلم الجميع أن حزب البعث الذي يتولى السلطة منذ نصف قرن يحصل على أغلبية الأصوات كل مرة؟

وأوضحت أنه مع غياب المعارضة الحقيقية للنظام عن التصويت ووجودها في المنفى بسبب الحرب، ومقاطعة أحزاب المعارضة التقليدية التي تتسامح معها الحكومة، لن يكون غريبا احتكار البعث مرة أخرى غالبية مقاعد مجلس الشعب.

وأشارت إلى أنه خلال الانتخابات التشريعية التي أجريت عام 2016، كانت نسبة المشاركة 57.56٪، وحصل حزب بشار الأسد على 80٪ من الأصوات.

ونوهت "لوريان لوجور" بافتتاح أكثر من 7400 مركز اقتراع في مناطق النظام لانتخاب 250 نائبا يتم تجديدهم كل أربع سنوات.

وبحسب البيانات الرسمية، تأجلت الانتخابات التي كان من المقرر إجراؤها في أبريل/نيسان 2020، مرتين بسبب فيروس كورونا الذي أصاب 496 شخصا وقتل 25 آخرين في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام.

وأكدت الصحيفة أن هذا الاقتراع جرى في سياق متوتر للغاية بالنسبة للنظام، الذي يواجه أزمة اقتصادية غير مسبوقة، ما أدى إلى استياء السكان الذين يعيشون تحت حكمه.

ولفتت إلى التظاهرات الأخيرة التي جرت في السويداء ودرعا (جنوبا) ضد ارتفاع الأسعار، وبشكل خاص ضد نظام الأسد، والتي تعكس ضيق السكان ونفاد صبرهم من عدم قدرة دمشق على التحكم بالوضع.

كما كشفت المشاحنات الأخيرة داخل القصر الرئاسي مع بشار الأسد وابن خاله، رامي مخلوف، عن نقاط ضعف العشيرة، وسط التنافس بين روسيا وإيران، حلفاء النظام. 

وفي إطار لعبة كراسي موسيقية، شرع بشار الأسد بقمع بعض الشخصيات الحكومية، مثل ما حدث مؤخرا مع رئيس الوزراء عماد خميس، الذي يعتبره السوريون أحد أكثر الشخصيات فسادا، لكن هذه البادرة، التي تشير إلى أن هناك معركة حقيقية ضد الفساد، لا تخدع أحدا.

قانون قيصر

ووفقا لبرنامج الغذاء العالمي، يعيش أكثر من 80٪ من السكان تحت خط الفقر، فيما قفزت أسعار المواد الغذائية بأكثر من 200٪ خلال العام 2019 وهي الآن 20 ضعف ما كانت عليه قبل الحرب.

وفي إطار هذه المواضيع ركز المرشحون حملتهم، واعدين بشكل خاص بحلول لارتفاع الأسعار وإعادة تأهيل البنية التحتية، كما لم يترددوا على وجه الخصوص في استخدام العقوبات الأميركية المرتبطة بـ"قانون قيصر" كذريعة للتدهور الاقتصادي، متهمين الولايات المتحدة بالوقوف وراء جميع الشرور التي تشهدها البلاد.

ودخل قانون "قيصر" حيز التنفيذ في 17 يونيو/ حزيران 2020؛ بهدف زيادة العزلة المالية والاقتصادية والسياسية التي يعاني منها الأسد ومحاصرة ومعاقبة حلفائه بغية إجباره على القبول بالحل السياسي للأزمة السورية على أساس قرار مجلس الأمن 2254.

وتقول الصحيفة: إنه في ظل نظام يركز جميع السلطات بيده ويقمع معارضيه، تم اختيار المرشحين يدويا والتحقق من صلاحيتهم من قبل الدولة، مما لا يترك فرصة للأحزاب مستقلة لتجد طريقها، إذ تنافس 1656 مرشحا، في حين يجب تخصيص جزء من المقاعد للتجار ورجال الأعمال والصناعيين.

ومن بين هؤلاء المرشحين أمراء حرب ورجال أعمال سيئو السمعة، عرضت صورهم في الشوارع، مثل براء قاطرجي، مهرب بين النظام والمناطق التي تحتلها المعارضة، وشقيقه حسام الذي حصل بالفعل على مقعد في انتخابات عام 2016.

كما يقال إن رجل الأعمال محمد هامشو، الذي أُدرجت عائلته للتو في قائمة العقوبات الأميركية الجديدة، انسحب قبل يومين من الانتخابات.

وبينما قال رئيس الوزراء الجديد حسين عرنوس، الذي حل مكان عماد خميس في 11 يونيو/حزيران: "اليوم انتصار سياسي على رأس الانتصارات العسكرية"، وصفت المعارضة في المنفى الانتخابات بأنها "مهزلة".

وأكد نصر الحريري زعيم الائتلاف السوري المعارض في المنفى: "النظام لم يعرف أية انتخابات (حقيقية) منذ أن استولى على السلطة قبل 50 عاما"، وذلك في إشارة إلى التاريخ الذي أصبح فيه حافظ الأسد رئيسا.

وأضاف: "كل شيء يسمى انتخابات كان مسرحية هزلية لأنه يجرى تحت القبضة الأمنية والعسكرية لتشكيل برلمان زائف حتى يتسنى للنظام استخدامه في تمرير تشريعات لخدمة العصابة الموجودة في السلطة".

وبينت الصحيفة أنه لم يُسمح لملايين السوريين في الخارج، ومعظمهم من اللاجئين، بالمشاركة في الانتخابات ما لم يعودوا. من ناحية أخرى، تم إنشاء مراكز اقتراع محددة في مختلف المحافظات للسماح للنازحين بالتصويت لمرشحين من مناطقهم الأصلية.

"كلن يعني كلن"

وبحسب اللجنة الانتخابية، فقد تم إنشاء مكاتب لأول مرة في الغوطة الشرقية، وهي منطقة للمعارضة سابقا عند أبواب العاصمة، ولكن أيضا في المناطق التي تم استعادتها في محافظة إدلب، آخر معقل كبير للمعارضة في الشمال- الغربي والتي تبقى في مرمى النظام. 

وخرجت مظاهرة الجمعة 17 يوليو/ تموز في إدلب ضد هذه الانتخابات، حيث ردد المتظاهرون شعار الثورة اللبنانية التي انطلقت في 17 أكتوبر/ تشرين أول 2019 "كلن يعني كلن".

أما "راديو فرنسا الدولي" فكتب عن ثالث انتخابات تشريعية منذ بداية الحرب الأهلية السورية قائلا: تم استدعاء السوريين إلى صناديق الاقتراع يوم 19 يوليو/ تموز لانتخاب برلمان جديد في بلد في حالة حرب منذ تسع سنوات، ويواجه أزمة اقتصادية أوقعت أكثر من 80٪ من السكان في حالة فقر. 

ولفت إلى أن الانتخابات جرت دون وقوع حوادث كبيرة في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، وتم تمديد عمليات الاقتراع لأربع ساعات في جميع مراكز الاقتراع البالغ عددها 7300 بسبب الإقبال الكبير، بحسب اللجنة الانتخابية.

وذكر أن المشاركة تفاوتت من منطقة إلى أخرى، حيث تشكلت طوابير طويلة من الناخبين في بعض مناطق الغوطة الشرقية بدمشق معقل المعارضة السابق، في حين كان الحضور أقل بكثير في محافظة درعا الجنوبية، مهد الثورة، التي استعادها النظام وشهدت توترات قوية في الأشهر الأخيرة.

كذلك نوه الراديو إلى مقاطعة المعارضة في الخارج والداخل للاقتراع، والقوات الكردية التي تسيطر على شمال شرق البلاد، وعدم إجرائه في محافظة إدلب والمناطق الشمالية التي يتمركز فيها الجيش التركي، وعدم السماح للملايين الخمسة الذين لجؤوا إلى الخارج بالمشاركة.

وأشار إلى أنه على الرغم من ذلك، فإن هذه الانتخابات لها أهمية كبيرة بالنسبة للحكومة، التي تريد أن تظهر للعالم احترامها للأجندة الانتخابية على الرغم من الحرب والعقوبات الغربية والأزمة الاقتصادية ووباء الفيروس التاجي.