أسير بين المرشحين المحتملين لخلافة عباس.. لهذا تخشاه سلطة رام الله

أحمد علي حسن | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

في مدينة رام الله، حيث مقر السلطة الفلسطينية، يجري الإعداد لـ"طبخة سياسية سرية"، تقضي بإيجاد خليفة للرئيس محمود عباس الذي يخضع للحجر الصحي، في ضوء جائحة فيروس كورونا.

الطبخة يعدها طباخ مجهول الهوية مستغلا هذه الجائحة في الطريق إلى القيادة، بحسب المستشرق الإسرائيلي "إيهود يعاري" الذي كشف عن الأمر في تقرير نشره موقع القناة 12 العبرية.

يستغل هذا الشخص (لم تذكر اسمه) أيضا الأوضاع التي تشهدها فلسطين والعالم في ظل تفشي الجائحة، وهو ما يجعل مسألة إجراء انتخابات رئاسية شاملة في الأراضي الفلسطينية أمرا مستحيلا.

تقارير صحفية نشرتها وسائل إعلام عربية وعبرية، تحدثت عن مشهد غائب التفاصيل خلال الفترة المقبلة، يتصدره اسمان لشخصيتين فلسطينيتين، أحدهما سياسي مجهول، والآخر أسير في سجون إسرائيل.

السياسي المجهول، هناك ترجيحات تشير إلى أنه محمد اشتية، رئيس الوزراء الحالي، وبالنسبة للأسير فهو مروان البرغوثي الذي يُطرح اسمه بقوة منذ سنوات لشغل المنصب.

محمود عباس ومحمد اشتية

ويعزز فرص الشخصية الثانية تصريحات لمصادر فلسطينية تحدثت عن تضاعف جهود الإفراج عن البرغوثي في الفترة الأخيرة، في مقابل تقارير أخرى كشفت عن محاولات داخل السلطة لإعاقة الأمر.

وفي حين يجري الحديث عن صفقة تبادل أسرى، يطرح اسم البرغوثي بقوة لإدراجه ضمن القائمة، لكن هناك من يخشاه في السلطة نظرا للشعبية التي يحظى بها الرجل.

ووفق مراقبين فإن البرغوثي "قد يكون الأنسب لمرحلة ما بعد الرئيس عباس، لأنه يحظى بقبول كبير داخل فتح وحماس، ويمكن أن يساهم بشكل كبير في إنهاء الانقسام (المتواصل منذ 2007).

الخلفاء المرشحون

الكاتب الفلسطيني وسام عفيفة، وضع الأمر في زاوية هي الأبرز تعقيدا، لأن غياب الرئيس عباس، لسبب أو لآخر، سيخلق أزمة في طريقة اختيار من يخلفه، خاصة إذا رحل بشكل مفاجئ.

وأرجع عفيفة، في تصريح سابق لـ "الاستقلال"، السبب في هذا التعقيد إلى "غياب النظام السياسي بشكل واضح، خاصة بعد سلسلة القرارات التي اتخذها الرئيس مؤخرا، وتآكل الشرعيات التي لا تسمح بوجود نائب له".

عفيفة قال: "بورصة الأسماء متعددة وكثيرة، فمن الناحية الأمنية يمكن الحديث عن اللواء ماجد فرج، رئيس جهاز المخابرات العامة (أكبر الأجهزة الأمنية)، أما من الناحية السياسية، فهناك صائب عريقات (أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير)، وجبريل الرجوب (أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح)".

لم يغفل الكاتب الفلسطيني ذكر اسم محمد اشتية (رئيس الوزراء الفلسطيني) الذي ظهر اسمه مؤخرا، وتعاظم دوره في ظل أزمة "كورونا" التي أثبت خلالها أنه قادر على المنافسة.

ربما يخضع الأمر إلى حسابات لجهات خارجية. وهنا أبرز عفيفة اسم محمد دحلان، المقيم في الإمارات حاليا، والمقرب من ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، والذي فصله عباس من حركة "فتح" عام 2011.

وفي الوقت الذي استبعد فيه عفيفة وجود ترجيحات لأسماء محددة، أشار إلى تعدد المؤسسات التي يتولاها الرئيس، وفي حال غيابه عن المشهد فربما يتم توزيع المواقع على أشخاص.

وعباس الذي يقود السلطة الفلسطينية منذ يناير/كانون الثاني 2005، أفرزته انتخابات رئاسية بعد وفاة ياسر عرفات، لكنه متشبث بالكرسي رغم انتهاء ولايته منذ عام 2009.

مؤشرات صراع

حسب تقرير المستشرق الإسرائيلي، والخبير بالشؤون العربية، فإن اشتيه "يتنقل في المواقع القيادية، متجاوزا الخلافات السياسية، ويحقق نتائج عالية في استطلاعات الرأي، ويظهر في المؤتمرات الصحفية".

ويشير إلى شكوك تنتاب عباس تجاه اشتية الذي بات يتصدر المشهد في معركة مكافحة "كورونا"، "تمهيدا لاحتلال مقعد الرئاسة (...) وأبو مازن ربما يكون غاضبا لأنه عبّد الطريق أمامه".

ملامح الصراع بين الرئيس ورئيس وزرائه ظهرت جلية في قرار الأخير إقالة محافظ مدينة طولكرم بالضفة الغربية، في حين يتخذ عباس قرارا بإلغائه، وفق "يعاري" الباحث بمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأوسط.

وحسب مركز استطلاعات الرأي الفلسطيني، فإن اشتية حصل على "نتائج غير مسبوقة"، إذ إن 82% من الفلسطينيين راضون عن أدائه في مواجهة كورونا، وهو ما يلمع اسمه في الصراع على السلطة.

واشتية شغل مواقع قيادية عديدة في المرحلة السابقة، حتى وصل إلى مستوى ثان وثالث من المحيطين بياسر عرفات، ثم "أبو مازن".

لذلك يقول "يعاري": "نحن أمام رجل اقتصادي مهني، عمل في السابق بمواقع تقنية مهمة، وشارك في جولات مفاوضات مع إسرائيل، ويعتبر من المنفذين المباشرين لمهام قيادية، ما جعله موضع ثقة لرؤسائه".

لكنه يفتقر لمراكز القوى داخل حركة "فتح" والأجهزة الأمنية التابعة للسلطة، في ظل الشراكة القائمة بين حسين الشيخ، وزير الشؤون المدنية، وماجد فرج، قائد جهاز المخابرات.

صفقة تبادل

بعد تسجيل حالات بفيروس "كورونا" داخل الأراضي الفلسطينية وإسرائيل، سارع رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو إلى الدعوة لإجراء "حوار فوري عبر وسطاء" بشأن الجنود الإسرائيليين المحتجزين في غزة.

حماس التي أعلنت اعتقال 4 من الجيش الإسرائيلي خلال الحرب الأخيرة على غزة، أبدت إيجابية تجاه الأمر، وهو ما أعاد التكهن بإطلاق سراح البرغوثي ضمن أي صفقة تبادل.

 واعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي البرغوثي منتصف أبريل/نيسان 2002، ووجهت له تهما عديدة، وحكم عليه عام 2004 بخمسة أحكام مؤبد، و40 عاما.

ومع الحديث عن صفقة التبادل، قال مصدر فلسطيني وصفته صحيفة "الشرق الأوسط" بالمطلع: إن "جهود الإفراج عن البرغوثي تضاعفت في الفترة الأخيرة لكن من دون وجود اختراق حتى اللحظة".

الصحيفة قالت: إن هذه الجهود يقودها الرئيس عباس، إلى جانب جهات إقليمية ودولية؛ أهمها مصر "لما يمثله البرغوثي من قوة لحركة فتح"، كما أن حماس تريده أيضا باعتباره "إنجازا كبيرا".

ومع أن مصدر الصحيفة تحدث عن ميول عباس لإطلاق سراح البرغوثي، لكن الصحفي الإسرائيلي الشهير، يوني بن مناحيم، قال: إن "أبو مازن" يسعى لعرقلة ذلك "خوفا من أن ينافسه في الانتخابات الرئاسية".

قارب نجاة

لكن المحلل السياسي الفلسطيني محمد حامد العيلة له رأي مختلف إلى حد ما، إذ "لا تشير الأحداث والمتغيرات داخل بيئة حركة فتح أو المشهد الفلسطيني حتى هذه اللحظة إلى وجود ما يدفع أبو مازن نحو خيار الانتخابات".

ويضيف العيلة في حديث لـ"الاستقلال": "عباس سيستمر في منع إجراء الانتخابات المعطّلة منذ 15 عاما، كونه سيفقد فيها كرسي الرئاسة على أغلب التقدير، وسيمنح بذلك قارب نجاة لمخالفيه، بمن فيهم البرغوثي وتياره".

موضع الخلاف المحتمل مع الأسير مروان البرغوثي سيكون مع ورثة أبو مازن، وليس شخصه، حيث يتصارع هؤلاء على 3 مواقع قيادية رئيسية. وهذه المواقع، وفق العيلة، هي: قيادة حركة فتح، ورئاسة السلطة الفلسطينية، ورئاسة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية (معترف بها في أمميا وعربيا).

وكما يقول المحلل الفلسطيني: "السلطة والمنظمة تشكلان المظلة الأوسع والأهم في تمثيل الشعب الفلسطيني داخليا وخارجيا. في حين من يقود فتح يمتلك القرار الحاسم في تعيين رؤساء (السلطة والمنظمة) وتوجيه سياساتهم، وهذا هو شكل العلاقة القائم بين المواقع الثلاثة حاليا".

حظوظ البرغوثي

وبتخصيص الحديث عن البرغوثي، فإن العيلة يرى أن الطريق أمامه في المواقع الثلاثة "وعرة"، حيث لا أمل لديه في منظمة التحرير كونه ليس عضوا في لجنتها التنفيذية.

كما أن رئاسة حركة فتح قد لا تذهب له، حيث تشهد انقسامات أفقية وعمودية وصراعات وتحالفات بينية متنامية، وغيابه عن المشهد يُضعف حظوظه، وفق رأيه.

وأضف إلى ذلك وجود نائب لرئيس الحركة معيّن، وهو محمود العالول، "رغم أن البرغوثي الأحق بها لحصوله على ثاني أعلى أصوات في مؤتمر حركة فتح عام 2016 بعد أبو مازن".

وبهذا يشير المحلل السياسي إلى أنه لا يبقى أمام البرغوثي سوى رئاسة السلطة والتي ستكون رهينة لتوافقات مع الفصائل الفلسطينية والإقليم.

وفي حال توافقوا على انتخابات فسيمتلك حظا "جيدا" في الفوز بها، لأن شريحة واسعة من الفلسطينيين ترى فيه شخصية وطنية، وهو ما لا يروق لشخصيات داخل "فتح".

ويؤكد: أن "هذا سيدفع آخرين داخل اللجنة المركزية للحركة من أجل العمل على إبقائه في السجن، حتى لا يكون حجر عثرة أمامهم".