صحيفة صينية: حماس نجحت في تحقيق هدفها الرئيس رغم عامين من الإبادة

"إسرائيل منيت بالهزيمة الأكبر على المستوى الإستراتيجي"
تزامن توقيع حركة المقاومة الإسلامية "حماس" وإسرائيل على بنود المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، مع ذكرى مرور عامين على بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
ويرى موقع "تينسنت" الصيني أن هذا العدوان الذي وصفه بـ"الحرب السادسة في الشرق الأوسط"، لا يشير في نهايته إلى وجود منتصر، بل إلى "ساحة مليئة بالخسائر والتداعيات المعقدة، وإن كان واضحا أن إسرائيل منيت بالهزيمة الأكبر على المستوى الإستراتيجي".
محدود للغاية
من الناحية العسكرية، شدد الموقع على أن "إسرائيل كانت الطرف الأقوى، فقد وجهت ضربات قاسية لحماس وللقوى الداعمة لها، وسيطرت على مساحات واسعة من قطاع غزة".
ومع ذلك، لا يرى أن الأداء العسكري الإسرائيلي في غزة "يدلّ على ذلك".
وتابع: "إذا وسعنا نطاق النظر، فإن أكبر إنجاز عسكري لإسرائيل لم يكن في غزة نفسها، بل في نجاحها في تقويض ما يُعرف بـ (محور المقاومة) الذي تقوده إيران".
وأردف: "فقد تعرض حزب الله اللبناني لضربات موجعة أفقدته كثيرا من قوته، وسقط نظام بشار الأسد في سوريا، وانسحبت المليشيات الشيعية العراقية من ساحة المواجهة".
وتابع: "بل وحتى إيران نفسها تكبدت خسائر فادحة بفعل الغارات الإسرائيلية وعمليات الاغتيال التي نالت قياداتها، ولم يبق من القوى العسكرية النشطة الداعمة لحماس سوى جماعة الحوثي في اليمن".
واستدرك: "ورغم هذا التقدم العسكري، فإن ما يُوصف بـ (انتصار إسرائيل) كان محدودا للغاية".
ويرى الموقع الصيني أنه "بعد عامين من العمليات المكثفة، لم تتمكن القوات الإسرائيلية من القضاء الكامل على حماس، كما فشلت في تحقيق هدفها الأساسي المتمثل في تحرير جميع الرهائن".
علاوة على ذلك، قدر أن "هذه الحرب كشفت عن محدودية قدرات الجيش الإسرائيلي على مستوى العمليات البرية".
عزلة دبلوماسية
وأردف الموقع: "والأهم من ذلك، أن هذا (الانتصار الجزئي) عسكريا لم ينجح في التغطية على الخسائر الأخلاقية والصورة الدولية المتدهورة لإسرائيل".
ولفت إلى أنه "قبل اندلاع هذه الجولة من الصراع، كانت إسرائيل تحظى بتعاطف واسع في الغرب، مستندة إلى سردية الضحايا اليهود في الحرب العالمية الثانية، إلا أن ما جرى في غزة خلال العامين الماضيين أدى إلى تآكل هذا الرصيد التاريخي".
ووفقا له، تحول المزاج الشعبي في أوروبا من دعم إسرائيل إلى تأييد القضية الفلسطينية، وارتفعت الأصوات المنتقدة لإسرائيل داخل الولايات المتحدة بشكل ملحوظ.
ومن أبرز مظاهر هذا التحول، حسب الموقع، اعتقال الناشطة البيئية السويدية غريتا ثونبرغ مرتين أثناء مشاركتها في أسطول دعم لغزة، إلى جانب خروج مظاهرات حاشدة مؤيدة لفلسطين في عدة مدن أوروبية.
وعلى الصعيد الدبلوماسي، أشار الموقع إلى أن إسرائيل "تواجه عزلة غير مسبوقة".
واعترفت 157 دولة من أصل 193 عضوا في الأمم المتحدة بدولة فلسطين، من بينها دول حليفة تقليديا لإسرائيل مثل بريطانيا وفرنسا وكندا.
ولفت الموقع إلى أن "الأمور ازدادت تعقيدا بعد أن شنت إسرائيل غارة جوية على العاصمة القطرية الدوحة، وهو ما عد خطأ دبلوماسيا فادحا".
وأشار إلى أن "الهجوم أثار غضب حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط، ودفع دولا مثل السعودية إلى إعادة النظر في إستراتيجياتها، وتسريع وتيرة التعاون الأمني مع دول مثل باكستان".
وتابع: "وبضغط مباشر من ترامب، اضطرت إسرائيل إلى تقديم اعتذار رسمي لقطر، والتعهد بعدم تنفيذ أي عمليات عسكرية ضدها مستقبلا".
الهدف الإستراتيجي
بالنسبة لحماس، وصف الموقع السنتين الماضيتين بأنهما من "أشد الفترات قسوة على الحركة".
وعزا ذلك إلى ما لقيته حماس من "تعرض قوتها العسكرية لضربات موجعة، وتقلص عدد عناصرها بشكل حاد".
إلا أن الموقع رأى أن "الضربة الأشد وقعا تمثلت في استهداف قيادتها العليا، حيث قتل عدد كبير من كبار المسؤولين، من بينهم القائدان السابقان إسماعيل هنية ويحيى السنوار".
"ونتيجة لهذه الخسائر، باتت حماس، لأسباب أمنية، تتجنب الإعلان عن قائد في الوقت الحالي"، وفقا له.
ومع ذلك، أكد الموقع الصيني أنه "عند النظر إلى المشهد من زاوية إستراتيجية، يتضح أن حماس، رغم الظروف القاسية، نجحت في تحقيق هدفها الأهم وهو إبقاء القضية الفلسطينية حاضرة في الوعي العالمي".
وفي هذا السياق، ذكر أنه "في السنوات التي سبقت عملية (طوفان الأقصى) التي أطلقتها الحركة قبل عامين، كانت إسرائيل على وشك تطبيع العلاقات مع السعودية، وكانت عدة دول عربية قد بدأت بالفعل في تطبيع علاقاتها مع تل أبيب".
وتابع: "في ذلك الوقت، كانت القضية الفلسطينية تواجه خطر التهميش الكامل، ما دفع حماس إلى اتخاذ قرار بالمواجهة المصيرية".
وقدر الموقع أن "عملية (طوفان الأقصى) قد نجحت بالفعل في إعادة ترتيب أولويات المجتمع الدولي، وإعادة القضية الفلسطينية إلى صدارة الاهتمام العالمي".
واستدل على ذلك قائلا: "فقد تراجعت موجة التطبيع، واستدعت عدة دول عربية سفراءها من إسرائيل، بينما قطعت دول في أميركا اللاتينية، من بينها هندوراس، علاقاتها الدبلوماسية معها".
وأضاف: "كما عاد الحديث بقوة عن (حل الدولتين)، وبرزت مجددا المطالب الدولية بمنح الفلسطينيين حقهم في إقامة دولتهم المستقلة".
لاعب أساسي
فضلا عن ذلك، لفت الموقع إلى أن "النجاح الأبرز لحماس تمثل في قدرتها على البقاء رغم التفوق العسكري الإسرائيلي، ووصولها إلى طاولة المفاوضات كطرف سياسي وعسكري لا يمكن تجاهله".
وأشار إلى أنه "في المقابل، فإن السلطة الوطنية الفلسطينية، التي لم تُظهر نفس القدر من الإرادة والقدرة على المقاومة، وجدت نفسها مهمشة في مسار التفاوض".
في المحصلة، خلص الموقع إلى أن "هذا الصراع غير جذريا من ملامح المشهد السياسي في الشرق الأوسط".
وأضاف: "رغم عدم وجود منتصر، فإن الخاسر الأكبر بلا منازع هو الشعب الفلسطيني، الذي تكبد خسائر إنسانية فادحة، حيث تشير البيانات إلى أن عدد الضحايا في قطاع غزة تجاوز ستين ألفا، معظمهم من النساء والأطفال، في واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في تاريخ المنطقة".
وفي سياق الوصول إلى اتفاق حول إنهاء الحرب على غزة، رأى الموقع أن "أي اتفاق سيكون هشا ومؤقتا ما لم تحل القضايا الجوهرية، وعلى رأسها حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم".
وفجر 9 أكتوبر/ تشرين الأول 2025، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب توصل إسرائيل وحركة حماس، إلى اتفاق على المرحلة الأولى من خطته لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى.
وبدعم أميركي، ارتكبت إسرائيل منذ 8 أكتوبر 2023 إبادة جماعية بغزة، ارتقى على إثرها 67 ألفا و194 شهيدا، و169 ألفا و890 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، ومجاعة أزهقت أرواح 460 فلسطينيا بينهم 154 طفلا.