سيناريوهات جديدة أكثر عدوانية.. كيف يخطط الغرب للضغط على إيران؟

"من بين السيناريوهات المطروحة، لجوء الولايات المتحدة وإسرائيل إلى شن ضربات مكثفة ضد القوات الحليفة لإيران"
أواخر سبتمبر/ أيلول 2025 أعادت بريطانيا وفرنسا وألمانيا تفعيل "آلية الزناد"، ما أدى إلى إعادة فرض العقوبات الدولية على إيران، لتكون هذه الخطوة نقطة انطلاق لدورة جديدة من التوترات الجيوسياسية بين إيران من جهة، والغرب وإسرائيل من جهة أخرى.
ورغم أن هذه العقوبات لا تكفي وحدها لتحقيق أهداف الغرب، المتمثلة في وقف البرنامج النووي الإيراني، وتقييد قدراتها الصاروخية، وكبح نفوذ قواتها بالوكالة.
إلا أن موقع "الدبلوماسية الإيرانية" يرى أن أهميتها تكمن في عدّها "مقدمة لسيناريوهات متعددة المراحل تهدف في النهاية إلى تدمير القدرات الإستراتيجية لإيران، والضغط من أجل تغيير سلوك النظام أو حتى الإطاحة به".

نمط هجين
وأشار الموقع الإيراني إلى أن "التجارب التاريخية لتفاعلات الغرب وإسرائيل مع إيران تظهر نمطا يجمع بين العقوبات والإجراءات العدائية".
ففي يونيو/ حزيران 2025، وبعد قرار مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي اتهم إيران بعدم التعاون، نفذت إسرائيل والولايات المتحدة هجمات واسعة النطاق على منشآت إيران النووية والعسكرية.
ووفق الموقع، فإن "هذه الهجمات، التي بُررت بوصفها إجراءات (وقائية)، ألحقت أضرارا جسيمة بالبنية التحتية الإيرانية، مما يعكس عزم الغرب على استخدام القوة العسكرية في حال فشل الدبلوماسية".
وأضاف: "والآن، مع عودة العقوبات، تزداد احتمالية تصعيد الإجراءات ضد إيران".
وأردف: "وفي حال لم تصل إيران في المدى القصير إلى اتفاق شامل مع الغرب يلبي مطالبهم جزئيا على الأقل، فإن خطر الذهاب إلى سيناريوهات أكثر عدوانية يقترب أكثر فأكثر".
تصعيد واسع
وأوضح الموقع أن هذه السيناريوهات، تتلخص في عدة نقاط، أولها: شن ضربات عسكرية دقيقة تستهدف المنشآت النووية والصاروخية.
حيث يرى أن "السوابق التاريخية للهجمات التي نفذتها إسرائيل والولايات المتحدة ضد منشآت نطنز وفردو وقواعد الصواريخ، إلى جانب تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن منع إعادة بناء البرنامج النووي الإيراني؛ تعزز من احتمالية تنفيذ ضربات جديدة خلال الأشهر المقبلة".
وتوقع أن "هذه الهجمات، التي تهدف إلى تدمير كامل لقدرات التخصيب وإنتاج الصواريخ الباليستية، قد تؤدي إلى تصعيد واسع إذا ما ردت إيران عسكريا، ما يفتح الباب أمام مواجهة إقليمية شاملة".
في سياق متصل، وفي حال اندلاع مواجهة عسكرية مباشرة بين إسرائيل وإيران، رجح الموقع أن "تشمل السيناريوهات المحتملة تنفيذ عمليات اغتيال تستهدف كبار القادة العسكريين والأمنيين، بل وربما شخصيات رفيعة في النظام الإيراني".
وأوضح بأن "الهدف من هذه العمليات هو شل البنية الدفاعية، وإرباك القيادة الميدانية، وزيادة حالة عدم الاستقرار الداخلي".
ولفت إلى أن "تاريخ اغتيال العلماء النوويين وقادة محور المقاومة على يد إسرائيل، يظهر اعتمادها على أدوات استخباراتية وسيبرانية ووكلاء محليين لتنفيذ عمليات تصفية جسدية".
وفي حال نشوب صراع مباشر، ينوه الموقع إلى أن "احتمالية امتداد هذا النوع من العمليات إلى مستويات حكومية أعلى احتمال جدي للغاية".
"بالتوازي مع ذلك، قد يكثف الغرب الهجمات السيبرانية على غرار فيروس (ستاكس نت)، بهدف تعطيل البرنامج النووي الإيراني والبنية التحتية العسكرية". وفق الموقع.
وذكر بأن "هذه العمليات قد تشمل عرقلة سلاسل التوريد، واستهداف شبكات القيادة والسيطرة، والمنشآت الصناعية والاقتصادية، بالإضافة إلى العلماء والمهندسين، وهي نماذج من إستراتيجية (حرب الظل) التي تعتمد على أدوات غير تقليدية لإضعاف الخصم".

عزلة داخلية وخارجية
وأشار الموقع الإيراني إلى أنه "من بين السيناريوهات المطروحة، لجوء الولايات المتحدة وإسرائيل إلى شن ضربات مكثفة ضد القوات الحليفة لإيران في المنطقة، مثل حزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، وفصائل المقاومة في العراق وسوريا".
ووفقا له، "قد تشمل هذه العمليات اغتيال قادة ميدانيين، وتدمير قواعد عسكرية، وقطع خطوط الإمداد اللوجستي، بهدف تقليص النفوذ الإقليمي الإيراني وإضعاف قدراته الممتدة خارج الحدود".
على الصعيد الدولي، توقع الموقع أن "يسعى الغرب إلى تعزيز عزلة إيران على الساحة الدولية، عبر حشد دعم دولي ضدها في المحافل السياسية والحقوقية".
ولم يستبعد أن تنال هذه الضغوط الصين وروسيا لتقليص مستوى التعاون مع طهران، ما يفاقم من حالة الحصار السياسي والدبلوماسي التي تواجهها الجمهورية الإسلامية.
"في السيناريو الأخير، قد تتجه الولايات المتحدة وإسرائيل إلى دعم جماعات المعارضة الإيرانية، سواء داخل البلاد أو خارجها، بهدف تغيير سلوك النظام أو الدفع نحو إسقاطه"، يقول الموقع.
وأردف: "من المحتمل أن تشمل هذه الإستراتيجية تصعيد العقوبات الاقتصادية، وتنفيذ حملات إعلامية ونفسية، وتقديم دعم مالي وعسكري للفصائل المناهضة للنظام".
واستطرد: "ورغم أن هذا المسار ينطوي على مخاطر كبيرة، إلا أنه يعد خيارا مطروحا ضمن أدوات الضغط المتاحة".
بناء على ذلك، يشدد الموقع على "عدم التعامل مع عودة العقوبات بصفتها نهاية المعركة".
وحذر من أن هذه "السيناريوهات المحتملة تشكل تهديدا جديا للأمن والرفاهية العامة للمواطنين الإيرانيين".
ونبَّه إلى أنه "بدون التوصل إلى اتفاق شامل في الأجل القصير، تواجه إيران خطرا كارثيا قد يمتد إلى مختلف أوجه الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية".
وعلى الصعيد الرسمي، دعا الموقع صناع القرار الإيرانيين إلى "التحلي بالواقعية، ووضع الدبلوماسية في صدارة الأولويات، للخروج من هذه الحلقة الخطرة".
كما يرى أن" المجتمع الإيراني، عبر الوعي والتضامن، يمكن أن يلعب دورا حاسما في تغيير مسار الأحداث".
واختتم قائلا: "في غضون ذلك، سيعاني المواطنون الإيرانيون أكثر من غيرهم من ارتفاع التضخم، وانخفاض قيمة العملة الوطنية، وانعدام الأمن".