5 أعوام على دخوله.. هذا ما جناه اليمن من تحالف الرياض أبوظبي

آدم يحيى | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

26 مارس/آذار 2020، صادف الذكرى الخامسة لانطلاق العملية العسكرية "عاصفة الحزم" التي أعلنها التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات، بحجة مساندة اليمنيين في القضاء على الانقلاب واستعادة الحكومة الشرعية.

العملية التي حملت اسم "عاصفة الحزم" ثم "إعادة الأمل"، أصبحت في واقع اليمنيين، ذكرى أليمة، لأنها في المقام الأول لم تحقق أهدافها، باستعادة الشرعية والقضاء على انقلاب الحوثيين في صنعاء، بل بالعكس شهدت تنفيذ قوات المجلس الانتقالي الجنوبي بدعم من أبوظبي انقلابا آخر في عدن.

إخفاقات التحالف لم تقف فقط عند هذا الحد، بل ساهم في تقويض الشرعية وتقييد حركتها ومصادرة قرارها الوطني والسيادي، لم تقض على الانقلابيين الحوثيين، بل مكنتهم، فأصبحوا يسيطرون على رقعة جغرافية أوسع، وتحولوا إلى مهاجمين، في الوقت الذي تحولت فيه قوات الجيش الوطني إلى مدافع يخسر يوما تلو آخر.

لم تقتصر تلك النتائج الكارثية على الوضع السياسي والعسكري فحسب، بل سجلت اليمن، منذ اندلاع العملية العسكرية، أرقاما قياسية في تدهور الوضع الإنساني والصحي، وانهارت أساسات الدولة وبناها الصحية والاقتصادية، وأدى ذلك إلى انتشار الأوبئة والأمراض، وعدم قدرة السلطات على مواجهتها.

سجل اليمن أكبر رقم في تاريخه في المجاعة وسوء التغذية، حيث بات أكثر من ثلاثة أرباع السكان في حاجة للمساعدات الإنسانية، وأصبح معظم الأطفال يعانون من سوء التغذية الحاد، والحاد الوخيم، وانتشرت الأوبئة كالدفتيريا والكوليرا وحمى الضنك وإنفلونزا الخنازير.

خرجت أغلب المستشفيات والمراكز الصحية من الخدمة بشكل كلي أو جزئي، وغابت أنظمة الرقابة الصحية، ما ضاعف من تفشي الأوبئة، حسب تقارير دولية ومنظمات إنسانية.

الوضع الإنساني 

الأرقام غير الرسمية أكثر مما ذكرته التقارير بكثير، وما تم الإعلان عنه، هو الأرقام التي تم توثيقها من قبل المنظمات العاملة في مجال حقوق الإنسان والمنظمات الصحية، مع الإشارة إلى أن تلك المنظمات لم تستطع توثيق كل الحوادث والحالات لعدة أسباب، من بينها انعدام الأمن في أماكن النزاع، وحيلولة حقول الألغام دون الوصول للمناطق المتضررة.

وأوردت منظمة هيومن رايتس ووتش، في تقرير لها أن القيود التي فرضها التحالف، بقيادة السعودية، على المساعدات الإنسانية والسلع الأساسية، أدى إلى تدهور الوضع الصحي والإنساني في البلاد بشكل كارثي.

وأضاف التقرير أنه تحت مبرر تعزيز إجراءات المراقبة والتدقيق على الرحلات والسفن، أوقف التحالف جميع الرحلات الجوية والبحرية وفرض حصارا على الموانئ والمنافذ البحرية والجوية، ومنع مرور الشحنات الغذائية في الموانئ البحرية إلا باستخراج تصاريح.

تقرير لصحيفة واشنطن بوست الأميركية أوضح أن أزمة المجاعة في اليمن تعود للسياسات المتعمدة التي يمارسها التحالف الذي تقوده السعودية في الحرب على البلاد، ويتضمن التقرير صورا وتقارير فيديو صادمة، يعود معظمها للضحايا من الأطفال. 

غارات جوية

آلاف الغارات الجوية التي شنها التحالف السعودي الإماراتي في اليمن، وكل غارة منها كانت تتسبب بخسارة، كونت في مجملها كارثة على المستوى الإنساني والصحي، فضلا عن المستويات الاقتصادية والسياسية.

هيومن رايتس ووتش وثقت 20 ألفا و100 غارة جوية، بمعدل 12 غارة يوميا، منذ انطلاق العملية العسكرية وحتى نهاية 2019، استهدفت المستشفيات، الحافلات المدرسية، الأسواق، المساجد، المزارع، الجسور، المصانع ومراكز الاحتجاز.

وحسب المنظمة، قتل وجرح أكثر من 17 ألفا و500 مدني، منذ اندلاع العملية العسكرية في 2015، 25% منهم كانوا من النساء والأطفال الذين قتلوا بغارات التحالف، هذا فضلا عن القتلى في المعارك والجبهات.

تضيف المنظمة: "على سبيل المثال، في أغسطس/آب 2019، شن التحالف بقيادة السعودية عدة غارات جوية على مركز احتجاز تابع للحوثيين، ما أسفر عن مقتل وجرح 200 شخص على الأقل، كان الهجوم هو الأكثر دموية منذ بدء الحرب في 2015".

كما شنت طائرات التحالف غارات على أهداف وأعيان مدنية، في صنعاء، والحديدة، وإب، وعدد من المدن، كان بعضها يتسبب بخسارة فادحة، على سبيل المثال استهدفت طائرات التحالف مجلس عزاء في الصالة الكبرى بصنعاء، وأسفرت عن مقتل 155 مدنيا ، وإصابة أكثر من 500 آخرين ، في أكتوبر 2016، وفق المنظمة الحقوقية الدولية.

المراكز الصحية

لم تكن المستشفيات والمراكز الصحية بمنأى عن تلك الغارات، ورغم تزايد الحاجة لتلك المشافي بسبب تدهور الوضع الصحي، إلا أن قصفها من قبل طائرات التحالف وإخراجها من الخدمة، فاقم من تردي الوضع الصحي والإنساني.

فمنذ إعلان العملية العسكرية و حتى نوفمبر/تشرين الثاني 2019، أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، عن توثيق 165 حالة اعتداء على المؤسسات الصحية والفرق الطبية في اليمن منذ الحرب في 2015.

وقالت المتحدثة باسم لجنة الصليب الأحمر في الشرق الأوسط، سارة الزوقري: "نحو 49 % من المرافق الصحية في اليمن خرجت عن الخدمة، الحرب أثرت بشكل بالغ على إمكانية توفير الرعاية الصحية للمواطنين، في مختلف المناطق".

وذكرت وكالة "أسوشيتد برس"، في تقرير لها نهاية 2019، أنها وثقت 130 هجوما، استهدف منشآت طبية في اليمن منذ بداية العملية العسكرية في 2015.

من بين المراكز التي تعرضت للاعتداء مستشفى ريفي في مديرية كتاف بصعدة، حيث تعرض لهجوم بطائرة للتحالف، أخرجه تماما عن الخدمة، بالإضافة إلى مستشفى تابع لمنظمة "إنقاذ الطفولة" في حجة، وتدمير مستشفى تابع لمنظمة أطباء بلا حدود في منطقة حيدان التابعة لمحافظة صعدة.

ما تم تدميره يعد المنشأة الطبية الوحيدة في دائرة نصف قُطرها 80 كيلومترا، ويستقبل في العادة 150 حالة طوارئ في الأسبوع، كذلك تم استهداف مستشفى السلام والمستشفى الجمهوري بصعدة، وأيضا بوابة مستشفى الثورة بالحديدة بغارتين للتحالف في أغسطس/آب 2018 أسفرتا عن مقتل 20 مدنيا وإصابة 60 آخرين.

الاستهداف كان له أُثره البالغ في انتشار الأمراض والأوبئة جراء خروج تلك المستشفيات من الخدمة، حيث خرجت نحو 49% من المرافق الصحية من الخدمة، أو لا تؤدي خدماتها بشكل كامل، الأمر الذي تسبب بعدم قدرة  14 مليون يمني على الحصول على خدمات صحية.

كلفة بشرية

حسب منظمة الصحة العالمية، فإن مليون و400 ألف يمني أصيبوا بالكوليرا، منذ اندلاع الحرب في اليمن، بينهم 657 ألف طفل، توفي منهم 2700 شخص. 

وفق المنظمة، فإن "حالات الإصابة كانت بأمراض يمكن الوقاية منها مثل الكوليرا، والتهاب السحايا، والحصبة، مؤكدة عدم قدرة النظام الصحي على التعامل مع حالات الإصابة المتزايدة بهذه الأمراض".

وحسب تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة يونيسيف، فإن اليمن شهد أوسع حالة لتفشي الكوليرا، حيث تم الإبلاغ عن إصابة أكثر من مليون حالة بداء الكوليرا منذ اندلاع الحرب حتى نهاية 2017. 

المتحدث باسم برنامج الغذاء العالمي هيرفيه فيرهوسل، أوضح في بيان أن 22 مليون يمني يحتاجون للمساعدات الغذائية. وقالت منظمة الصحة العالمية: إن العديد من المرضى اليمنيين يفقدون حياتهم لعجزهم عن تحمل تكاليف العلاج، والعديد منهم يموتون بأمراض يمكن الوقاية منها.

وأضافت المنظمة: أن "الأمراض والأوبئة، أوصلت نسبة كبيرة من السكان في اليمن إلى شفا الموت". موضحة أن أكثر من 20 مليون يمني يحتاجون إلى رعاية صحية، ويعانون من الأمراض والأوبئة، وانعدام الأمن الغذائي.

خطر المجاعة

وحسب منظمة حقوق الإنسان فإن 10 ملايين يمني يعانون من خطر المجاعة، من أصل السكان اليمنيين البالغ عددهم 25 مليون نسمة.

ووفق التقرير ذاته، "يفتقر 16.6 مليون يمني لخدمات المياه والصرف الصحي، ويحتاج 16.4 مليون شخص إلى الرعاية الصحية الكافية، فضلا عن أن أكثر من 15 مليون يمني لا يحصلون على مياه نظيفة، الأمر الذي تسبب في انتشار الكثير من الأوبئة. 

يأتي ذلك في ظل ولادة 4 ملايين طفل باليمن، منذ بدء الحرب، وحتى نهاية 2019، حسب إعلان لمنظمة الصحة العالمية، غير أن هناك 3.2 ملايين طفل وامرأة في اليمن مصابين بسوء التغذية الحاد، كما يعاني 50% من الأطفال من التقزم الدائم.

وحسب اللجنة الدولية للصليب الأحمر فإن طفلا يموت كل 10 دقائق بسبب سوء التغذية. ويأتي ذلك الوضع المتردي في ظل تهديدات صحية جديدة بانتشار فيروس كورونا الجديد، وهو الأمر الذي إن تحقق فسوف يتسبب بأكبر كارثة صحية في اليمن.