"صفقة القرن" كشفت عورتهم.. سر هجوم إعلام السيسي على أردوغان

أحمد يحيى | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

"الأيادي الخائنة العربية التي صفقت لخطة ترمب ستحاسب"، كلمات غاضبة أطلقها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اعتراضا على إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ما أسماه "خطة سلام" مزعومة، عرفت إعلاميا بـ "صفقة القرن". فمن كان يقصد أردوغان بـ"الأيادي الخائنة"؟

كلمات أردوغان استفزت النظام المصري برئاسة عبد الفتاح السيسي، الذي تحدثت تقارير إعلامية، عن موافقته على صفقة القرن، وتورطه في إقرارها.

ففي 24 أبريل/ نيسان 2019، قالت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية: إن السيسي "عكف على استقطاب زعماء عرب لحشد تأييدهم لصفقة القرن". وقال "سمدار بيري" كبير محرري شؤون الشرق الأوسط بالصحيفة: "الأمر الجلي بصفقة القرن هو مدى استغراق الرئيس المصري في الاتفاقية".

خط أحمر

بعد يومين من إعلان الرئيس الأمريكي عن خطته المزعومة للسلام، وتعهده بأن تظل القدس عاصمة "غير مقسمة" لإسرائيل، خرج الرئيس التركي في 31 يناير/ كانون الثاني 2020، ليؤكد أن "مدينة القدس خط أحمر، وأنه لا يمكن القبول بالخطة الأمريكية الجديدة التي أعلنها ترمب".

أردوغان أكد أن "الدول العربية التي تدعم مثل هذه الخطة إنما ترتكب خيانة حيال القدس وكذلك حيال شعوبها والأهم من ذلك حيال كل الإنسانية". وشدد "لا يمكن القبول بالخطة الأمريكية الجديدة وبعض الدول العربية قبلتها وهذه خيانة". 

في نفس يوم إعلان ترامب لخطته المزعومة، 29 يناير/ كانون الثاني 2020، أصدرت وزارة الخارجية المصرية، بيانا دعت خلاله إلى "الدراسة المتأنية للرؤية الأمريكية لتحقيق السلام، والوقوف على أبعادها كافة، وفتح قنوات الحوار لاستئناف المفاوضات برعاية أمريكية".

واكتفى البيان بالإشارة إلى أن القاهرة تدرك "أهمية النظر لمبادرة الإدارة اﻷمريكية من منطلق أهمية التوصل لتسوية للقضية الفلسطينية".

تسويق الصفقة

التباين الشديد بين الموقفين المصري والتركي، من صفقة القرن، ظهر في أروقة إعلام السيسي، الذي قرر أن يوجه سهامه للرئيس التركي الذي فضح موقف النظام المصري وكشف استعداد القاهرة لبيع القضية الفلسطينية مقابل الدولارات.

الإعلامي عمرو أديب أحد أبرز الداعمين لسياسات السيسي تصدر كتيبة المدافعين عن صفقة القرن والمهاجمين لأردوغان قائلا: "أنا عاوز (أريد) أمارة واحدة عملها (فعلها) أردوغان للقدس، لا أحد يزايد علينا في هذا الموضوع، يقول أردوغان ما يريد، فهذا الرجل لم يتحرك دقيقة من أجل القدس، ولم يفعل لها شيئا".

أديب لم يكتف بالهجوم الحاد على الرئيس التركي، بل ذهب إلى واشنطن وأجرى حوارا مع جاريد كوشنر مستشار الرئيس الأمريكي وصهره، والمعروف بـ "عراب" صفقة القرن، ما اعتبره البعض ترويج للصفقة من قبل الإعلام المصري والسعودي معا، كون عمرو أديب إعلامي مصري يعمل في قناة سعودية، هي "إم بي سي".

في هذه الحلقة، قال كوشنر المنحدر من أصول يهودية: "الشعب الإسرائيلي يثق بالرئيس الأمريكي، لقد فعل الكثير من الأشياء العظيمة التي جعلت إسرائيل أكثر أمنا، والعلاقة بين أمريكا وإسرائيل أقوى".

مثلما فعل بهجومه اللاذع على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أديب لم يتعرض خلال حواره مع كوشنر بأي هجوم أو نقد لترامب، ولا جاريد كوشنر، ولا الحكومة الإسرائيلية. 

هجوم منظم 

نغمة الهجوم على موقف أردوغان من صفقة القرن وقضية فلسطين والقدس، لم يكن أديب فقط هو المتفرد بها في خطابه الإعلامي، لكن تبعه آخرون من كتيبة إعلام السيسي.

في نفس يوم الإعلان عن صفقة القرن، وعبر فضائية "TeN" الممولة من محمد دحلان والإمارات، قال الإعلامي نشأت الديهي: "أقول للشعب الفلسطيني، أنكم راهنتم على قيادات فاسدة، وراهنتم على زعامات ضحكت عليكم، وبتوع حماس باعولكم الترماي، لما قالولكم أردوغان هو البطل، أردوغان وقطر حلفاء إسرائيل القدامى".

وفي نفس اليوم قاد الإعلامي أحمد موسى، هجوما لاذعا ضد الرئيس التركي قائلا: "أردوغان أكبر متآمر على القضية الفلسطينية، قطر وتركيا، أكثر من يتاجر بالقضية الفلسطينية".

موسى استخدم نفس مفردات قرنائه في بقية برامج "التوك شو" وهي "المتاجرة، المزايدة، أردوغان، تركيا، قطر،"، دون توجيه كلمة نقد واحدة ضد الإدارة الأمريكية وترامب أو إسرائيل، أو صفقة القرن.

أما محمد الباز، رئيس تحرير جريدة الدستور، ومقدم برنامج "90 دقيقة" على فضائية "المحور"، فاتخذ نهجا مختلفا عن زملائه، فلم يهاجم الرئيس التركي من منطلق صفقة القرن والقضية الفلسطينية، معلنا عن خبر وهمي تحت عنوان "تفاصيل محاكمة أردوغان أمام مجلس حقوق الإنسان الدولي في جنيف"، متحدثا عن "الانتهاكات التي ارتكبها أردوغان في تركيا" حد زعمه.

الزعيم الجريء

المفكر والأكاديمي المصري الدكتور عطية عدلان قال لـ"الاستقلال": "القاصي والداني يعلم أن حكام العرب متواطئون في المؤامرة على القدس، والقضية الفلسطينية، وأذعنوا لترامب، والإدارة الأمريكية في مخططهم لتهويد القدس، والقضاء على البقية الباقية من المقاومة".

وأضاف عدلان: "الرئيس أردوغان، يمثل قاعدة مختلفة عن حكام العرب، فهو صاحب المواقف الحرة، بالإضافة إلى امتلاكه استقلالية القرار والإرادة، وقدرته على اتخاذ المواقف، وقول الكلمات الواجبة، المعبرة عن الأمة الإسلامية". 

وتابع عدلان: "لذلك نجد أن الآلة الإعلامية العربية بشكل عام، والمصرية بشكل خاص، تعمل على إسقاط هيبته، ورمزيته من قلوب الشعوب العربية، والإسلامية، فتلك الشعوب تحب أردوغان، وتؤمن بمشروعه، وتصدق جهره برفضه للمشروع الصهيوني البغيض، بتهويد القدس، وهذه الشعوب لا تصدق بقية الحكام، ما يغيظ تلك الأنظمة فتحاربه بهذه الشراسة". 

وأكد الأكاديمي المصري أن "أردوغان هو النموذج الحر، الذي صنع نهضة لبلاده، وعبر بها الكثير من الصعوبات، وفي عهده تركيا أصبحت قوة إقليمية بارزة، بينما الإعلام والأنظمة العربية القائمة، تريد أن تشوه ذلك النموذج، لحساب نموذج الحاكم العربي المستبد، المستأسد على شعبه، المذعن أمام قادة الغرب".