حفتر خرق الاتفاق.. هل تفي "دول مؤتمر برلين" بتعهداتها؟

طرابلس - الاستقلال | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

أربكت سياسة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في التعامل مع الملف الليبي وتحالفه مع فايز السراج رئيس حكومة الوفاق (المعترف بها دوليا)، الدول الغربية المتدخلة في الأزمة الليبية وداعمي اللواء المتقاعد خليفة حفتر الذي يحاول اجتياح العاصمة طرابلس‏.

الأمر الذي دفع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، للدعوة إلى عقد قمة دولية موسعة، أمس الأحد، في برلين، بدعوى دعم المصالحة بين الفرقاء الليبيين، أسفر عنها الاتفاق على اتخاذ خطوات شاملة للتوصل إلى حل سياسي للنزاع الليبي وتشكيل لجنة عسكرية لتثبيت ومراقبة وقف إطلاق النار.

إلا أن قوات حفتر سرعان ما خرقت الاتفاق عقب اختتام المؤتمر لأعماله مباشرة، بقصف منطقة صلاح الدين جنوبي العاصمة طرابلس بقذائف الهاون، الأمر الذي أثار غضب الناشطين على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، مستنكرين عبر وسمي #مؤتمر_برلين، #برلين، كل ما نتج عنه.

وأكد رواد موقع "تويتر" أن المؤتمر ساوى الدولة بالمليشيا وجاء لإنقاذ "صنيعة الغرب" حفتر وإعطائه شرعية سياسية ودولية وعسكرية باعتباره مشروعا غربيا، كما أعطاه ضوءا أخضر لمزيد من الإرهاب والحرب، مطالبين بـ"الحسم العسكري والقضاء على حفتر ومليشياته".

وبحسب قولهم، فإن المعلن في "مؤتمر برلين" هو مساعي الأوروبيين لاستعادة زمام المبادرة السياسية وإرسال قوات عسكرية على الأرض للإشراف على وقف إطلاق النار، أما غير المعلن هو رغبتهم الجامحة في الحسم العسكري لصالح حفتر.

أطماع الغرب

ولفت الناشطون إلى أن مؤتمر برلين جاء ليتقاسم الغرب ثروات ليبيا من نفط وغاز يتم تصديره لهم وسلاح يسوقوه لحليفهم حفتر، إذ قال الكاتب والمصور الصحفي أيمن الصياد: "كلنا يعرف أن كل طرف حول الطاولة ذهب إلى برلين ليبحث أولا عن مصلحته، قبل مصلحة الليبيين الذين ينعقد المؤتمر باسمهم"، مضيفا: "لا جديد في الأمر".

وتوالت عبر الهاشتاج النصائح الموجهة لليبيين التي تدعوهم إلى عدم الوثوق في الغرب والأطراف المجتمعة في برلين، إذ حث صاحب حساب "أنا من البلد دي" الليبيين على ألا يعولوا على روسيا أو أمريكا أو أوروبا لحل مشكلتكم مع الشاويش المنشق حفتر فكلهم جاؤوا يبحثون عن مدى استفادتهم من الكعكة الليبية. وعلى أهل ليبيا الأحرار أن يدافعوا عن بلدهم بكل ما أوتيتم من قوة.

مصير سوريا

وفي ظل تعثر السلام في ليبيا، يرى ناشطون أنها تشهد مصيرا مشابها لما شهدته سوريا،  وقال خالد خوجة عضو مؤسس في "حزب المستقبل" السوري: إن "أسياد اللعبة في مؤتمر برلين نجحوا في تطبيق سيناريو سوريا على ليبيا بطريقة معكوسة، فرغم الشرعية الدولية التي تحظى بها حكومة السراج أتى البيان الختامي كتحفيز للزعيم المليشاوي حفتر للاستمرار بالزحف على طرابلس. على الأحرار الليبيين أن يستفيدوا من دروس أستانة".

وأكد محمد سرميني المدير العام لمركز "جسور للدراسات"، أن "برلين ليبيا، هي جنيف سوريا.. موسكو ليبيا، هي مقدمة لأستانة سوريا. الجرح واحد والألم واحد، اجتماعات لا تتوقف وقمم لا تنقطع.. والزمن لا حساب له.. والشهداء أرقام".

وكتب الناشط أوصمان، قائلا: "نفس المنافقين اللي اجتمعو، اليوم (أمس الأحد)، في برلين مشان ليبيا ياما اجتمعو مشان سوريا ونفس القرارات والبيانات وكأنها منسوخة! قالوا الحل في سوريا ليس عسكريا: لم يبق سلاح فتاك إلا جربوه بسوريا قالوا فقط السوريون يقررون مصيرهم: لم يبق أحد إلا وتدخل بمصير سوريا ماعدا السوريين".

تبعات برلين

ولفت ناشطون إلى أن محاولات حفتر لمواصلة الخروقات، هي محاولة يائسة لاقناع أنصاره بأن المؤتمر لا يعنيه، مشيرين إلى تصعيده بعد قرارات برلين، إذ لفت أحد الناشطين إلى انهيار وقف إطلاق النار، واندلاع الحرب بالأسلحة الثقيلة في طرابلس.

ورأى الناشط خالد في تغريدة على حسابه في "تويتر" أن "من أكبر الكذبات في برلين مراقبة حظر الأسلحة".

مؤتمرات سابقة

وتحدث ناشطون عن وجود أهداف غير معلنة من وراء عقد "مؤتمر برلين" بعد فشل المحادثات التي رعتهما روسيا وتركيا في موسكو مؤخرا بهروب حفتر وتوعد أردوغان له، وتساءل محمد عبودة: "كيف لمؤتمر سلام أن ينجح وتشارك فيه دول تدعم متمرد على حساب الحكومة الشرعية؟".

وأكد أن "مؤتمر برلين كان الهدف منه عودة دول الاتحاد الأوروبي للمشهد في ليبيا خصوصا بعد الإتفاق التركي الروسي، والدليل أنه لم يختلف في مخرجاته عن اتفاق موسكو الذي لم يوقع عليه مجرم الحرب المدعو حفتر حتى الآن".

وأكدت الناشطة الليبية نور البارسي أن "مؤتمر برلين، ومؤتمر موسكو، وغيرها من المؤتمرات التي تليها، مؤتمرات لا فائدة ولا جدوى منها، والشعب هو الذي يتحمل الثمن".

شرعنة حفتر

ورأى فريق كبير من الناشطين أن مؤتمر برلين منح حفتر شرعية، وهو الرابح الوحيد من هذا المؤتمر، إذ قال أحد الناشطين: إن "في مؤتمر برلين أصبح خليفة حفتر شريك في الشرعية بحكم القوة".

وأكد المغرد علي بن علي أن "حفتر هو الكاسب الوحيد في مؤتمر برلين حصل على شرعية دولية ولم يقدم أي ثمن أو تنازلات، حكومة السراج تدير الملف السياسي بشكل ضعيف ولا تزال غير مستعدة أو غير قادرة على مواجهة حلف حفتر الشيطاني"، لافتا إلى أن "أحرار ليبيا وضعهم العسكري أفضل من جيش مرتزقة الأسير التشادي المخذول حفتر".

وتداول ناشطون صورا رأوها كفيلة بشرح الوضع في ليبيا وتفسير ما يسعى المجتمع الدولي لفعله ومساواة الشرعية بالمليشيا المتمردة، إذ نشر الإعلامي المصري أحمد منصور صورة من طاولة المفاوضات بمؤتمر برلين قائلا: "الغرب حينما يساوي الدولة بالعصابة. وفد الحكومة الليبية في مفاوضات مؤتمر برلين يتكون من السراج رئيس الحكومة عن يمينه وزير الخارجية وعن شماله وزير الداخلية، أما وفد عصابة حفتر  فيتكون من حفتر وعن يمينه ابن أخيه وعن شماله زوج ابنته.. صورة للتاريخ لا تحتاج إلى شرح أو تعليق".

دول داعمة

وبالرغم من الحظر الذي فرضته الأمم المتحدة على تسليح حفتر والقوات الموالية له، إلا أن الأسلحة مازالت تتدفق عليه ويحظى بدعم اقتصادي وعسكري من الإمارات ومصر والأردن والسعودية وروسيا وفرنسا، فضلا عن اعتماده على مرتزقة ومقاتلين من السودان وتشاد.

واستنكر الناشط محمد قشوط، نتائج مؤتمر برلين، قائلا: "كما سبقت قمة اليوم التوترات والرسائل التشاؤمية من الأطراف المشاركة، انتهى مؤتمر برلين بتكرار ماجاءت به المؤتمرات الدولية السابقة الخاصة بليبيا وهو الحديث عن النفط و الاقتصاد وإعادة الإعمار والابتعاد عن جوهر الأزمة ومعضلتها وهي حل المليشيات و تسليم أسلحتها للجيش".

ولخّص الكاتب والمدون جبالي رضا قمة برلين، بالقول: إن "الكونغو حاضرة! المغرب تستغرب، تونس تعتذر، الجزائر ترضية، تركيا بالمرصاد، ألمانيا تشبه الإمارات في تقديم خدماتها لأمريكا فهي لا شأن لها بالوضع الليبي، فرنسا المتصهينة حديثا تحتاج الى ديغول جديد. والبيان الختامي مهزلة".

وتساءل: "ما هو الهدف الخبيث من القمة؟"، ليجيب قائلا: "إعطاء نفس جديد للحرب والاقتتال والذين خططوا للقمة يتمنون دخول تركيا في الصراع والاقتتال المباشر، وهذا عشم إبليس في الجنة، لأن تركيا لا ينقصها الدهاء والمكر".

ودعا ناشطون إلى ضرورة الحسم العسكري لصالح الشرعية الدولية، وقال زين العابدين الهويدي: "من أراد حقا حقن دماء الليبيين وأراد لهم السلام، فليس هناك حل سوى الحسم العسكري فمليشيات حفتر التي أتت لتفرض نفسها بقوة السلاح لا تفقه، إلا لغة السلاح، هذا إن كانوا يريدون السلام لليبيا، ولكنهم غير ذلك فكل يوم يتأخر فيه الحسم العسكري هو يوم يحصد المزيد من أبناء ليبيا".