سر سقوط مقاتلات مصرية.. تدريبات عسكرية أم عمليات خارج الحدود؟

أحمد يحيى | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

"فى إطار تنفيذ النشاط التدريبى للقوات الجوية اليوم 2020/1/14 سقطت طائرة مقاتلة بإحدى مناطق التدريب مما أسفر عن استشهاد قائدها وجاري تحديد سبب سقوط الطائرة". بيان مقتضب نشر على الصفحة الرسمية للمتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة المصرية العقيد تامر الرفاعي على فيسبوك، عن سقوط طائرة مقاتلة، ومصرع قائدها.

تبين لاحقا أن الطائرة من طراز "إف 16" وسقطت جنوب مدينة رفح (شمال سيناء)، التي تدور فيها معارك مستمرة بين الجيش، وتنظيم الدولة، دون أن تتضح أسباب سقوطها، ثم وصلت تعزيزات من قوات الجيش من معسكر الساحة برفح ومعسكر الزهور بالشيخ زويد، لانتشال جثة الطيار.

تلك الحادثة ليست الأولى من نوعها، بل تكررت أكثر من مرة خلال السنوات الأخيرة، بل سبقها حوادث مماثلة تحطمت فيها الطائرات العسكرية المقاتلة، ولقي طياريون مصرعهم، ما فتح بابا واسعا من التساؤلات عن الأسباب الحقيقية لتلك الخسائر في الأرواح والعتاد.

هل هي أخطاء وقعت خلال التدريب بالفعل كما تعلن السلطات المصرية في بيانات رسمية؟ أم أن هناك عمليات عسكرية غير معلنة تشارك فيها وحدات قتالية، تنتج عنها تلك النكبات، في ظل الحديث عن تورط الجيش المصري في عمليات خارج الحدود، لاسيما في ليبيا دعما لقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر؟.

سيل محطم

شهدت الأعوام الأخيرة، سيل محطم من الطائرات العسكرية المصرية لأسباب متباينة، جلها وفق البيانات الرسمية، في إطار التدريبات، وجاء التسلسل كالآتي: 

  • 21 أبريل/ نيسان 2013، سقطت طائرة نقل عسكرية في منطقة العوينات بمحافظة الوادي الجديد، وأسفر الحادث عن إصابة 7 أشخاص، دون وقوع قتلى.
  • 13 أكتوبر/تشرين الأول 2013، سقطت طائرة تدريب عسكرية من طراز "ميغ 21" في محافظة الأقصر، حيث لقي مدني مصرعه، وأصيب آخرون، حسب بيان المتحدث العسكري.
  • 8 يناير/ كانون الثاني 2014، سقطت طائرة "إف 16" بقرية متوه، التابعة لمركز السنبلاوين، بمحافظة الدقهلية، وقال المتحدث العسكري للقوات المسلحة: إن "الحادث لم يسفر عن أي خسائر بشرية، حيث تم نقل الطيار إلى إحدى المستشفيات، وأصبحت حالته الصحية مستقرة".
  • 25 يناير/ كانون الثاني 2014، سقطت طائرة "هليكوبتر" تابعة للقوات الجوية، بسيناء، وأعلن المتحدث العسكري للقوات المسلحة وقتها: إنها "سقطت في ظروف وصفها (غامضة)". دون ذكر تفاصيل عن الضحايا، أو سبب السقوط، علما بأن الجيش كان يخوض معارك ضارية ضد تنظيم الدولة في ذلك الوقت.
  • 17 مايو/أيار 2014، سقطت طائرة عسكرية (دون طيار) في منطقة شرق القنطرة قرب الإسماعيلية، وأكد البيان العسكري أن "الطائرة التي سقطت في صحراء القنطرة شرق بمنطقة (جلبانة) هي طائرة حربية مصرية صغيرة الحجم دون طيار مزودة بكاميرات مراقبة لمراقبة المجرى الملاحي لقناة السويس".
  • 21 سبتمبر/ أيلول 2014، سقطت طائرة (نقل عسكرية) بمنطقه كوم أوشيم بالقرب من مطار بني سويف، حيث لقي 6 عسكريين مصرعهم في الحادث المأساوي، والأسباب التي أُعلن عنها وقتها، هو توقّف المحرك فجأة، وقيام لجنة فنية بالبحث دون سرد لتفاصيل أكثر من ذلك.
  • 18 ديسمبر/ كانون الأول 2014، سقطت طائرة "نقل عسكرية"، وأعلنت القيادة العامة للقوات المسلحة الإماراتية، وكذلك المتحدث العسكري باسم الجيش المصري "عن سقوط طائرة عسكرية أثناء المناورات المشتركة مع القوات المسلحة المصرية، حيث وقع الحادث في مصر ونتج عنه وفاة طاقم الطائرة المشترك والمكون من 4 عسكريين".
  • 28 أبريل/ نيسان 2015، سقطت طائرة عسكرية (دون طيار) في منطقة مزار، غرب العريش، بمحافظة شمال سيناء.
  • 13 أغسطس/ آب 2015، سقطت طائرة (نقل عسكرية) فوق منطقة سيوة بالصحراء الغربية، وقال العميد محمد سمير المتحدث العسكرى إن "4 من عناصر القوات الجوية قتلوا وأصيب اثنان آخران، إثر سقوط طائرة كانوا على متنها أثناء مطاردة عناصر إرهابية وإجرامية بمنطقة سترة جنوب شرق واحة سيوة".
  • 28 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015، سقت طائرة "هليكوبتر" عسكرية، في مزارع 6 أكتوبر بطريق مصر الإسماعيلية الصحراوي، وأعلن المتحدث العسكري: أنه "حدث عطل فنى مفاجئ أدى إلى سقوطها، ما أسفر عن إصابة طاقم الطائرة بإصابات مختلفة، وتم نقلهم إلى المستشفى لتلقى العلاج اللازم".
  • 28 يناير/ كانون الثاني 2016، سقطت طائرة مصرية مقاتلة من طراز (إف-16) أثناء محاولة هبوطها بقاعدة فايد الجوية بالإسماعيلية، وأعلن المتحدث العسكري: أن "الطائرة سقطت خلال تدريبات عسكرية، وأن طاقمها بالكامل، لقي مصرعه"، لكن البيان لم يحدد مكان وقوع الحادثة، ولا عدد القتلى. وقال محمد سمير، المتحدث العسكري (آنذاك): إن "هذه التفصيلات تعني الجيش وحده، ولماذا تهتم بها وسائل الإعلام، أو أي جهة أخرى؟".
  • 19 سبتمبر/ أيلول 2016، سقطت طائرة "أباتشي" خاصة بالتدريب، وأعلنت مديرية أمن محافظة الشرقية، عن سقوط طائرة تدريب عسكرية تابعة للجيش المصري، في قرية كفر حافظ، بمركز أبوحماد بالشرقية، وأسفر الحادث عن وفاة طاقمها.. والطياران اللذان قتلا في الحادث، هما المقدم أحمد صبري والنقيب محمد جعفر.
  • 12 أغسطس/ آب 2017، سقطت طائرة (تدريب عسكرية) في مركز السنبلاوين التابع لمحافظة الدقهلية، وأسفر الحادث عن مصرع قائد الطائرة، وعرف الخبر من خلال تلقى بلاغاً من الأهالي بسقوط طائرة حربية في أحد الأراضي الزراعية.
  • 15 ديسمبر/ كانون الأول 2017، سقطت طائرة تدريب عسكرية، بالقرب من مطار 6 أكتوبر بمحافظة الجيزة، وأسفر الحادث عن وفاة 3 أشخاص، وأن سبب السقوط عطل فني مفاجئ أثناء قيامها بجولة تدريبية.
  • 3 نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، سقطت مقاتلة (ميغ 29) الروسية، وتحفظ البيان العسكري عن ذكر سبب ومكان سقوط الطائرة، حيث قال المتحدث العسكري: إن "طائرة مقاتلة سقطت أثناء طلعة تدريبية بإحدى مناطق التدريب نتيجة حدوث خلل فنى بأدوات التحكم بالطائرة ونجاة الطيار من الحادث".
  • 28 يناير/ كانون الثاني 2019، سقطت مقاتلة (رافال) الفرنسية، بقاعدة الباسور غرب القاهرة، وتم الإعلان عن وفاة قائدها، دون أي تفاصيل، وتبين لاحقا أنه الطيار الحربي المصري مهتدي الشاذلي المشهور باسم "كوبرا"، المشارك في أول ضربة جوية داخل الأراضي الليبية في مدينة درنة.
  • 12 أبريل/ نيسان 2019، سقطت مقاتلة (ميراج 2000) الفرنسية، ولم يتم الإعلان عن تفصيلات الحادث، ومكان السقوط.
  • 5 ديسمبر/ كانون الأول 2019، سقطت مقاتلة (ميغ 29) الروسية، ولم يذكر المتحدث العسكري تفاصيل عن المكان الذي وقع فيه الحادث، وذكر أنها سقطت أثناء رحلة تدريبية وتمكن قائدها من النجاة قفزا بالمظلة.
  • 14 يناير/ كانون الثاني 2020، سقطت مقاتلة ( إف 16) الأمريكية، دون ذكر تفاصيل مكان السقوط من قبل المتحدث العسكري، وقال المتحدث  العسكري في بيان: إنه "في إطار تنفيذ النشاط التدريبي للقوات الجوية ..سقطت طائرة مقاتلة بإحدى مناطق التدريب مما أسفر عن استشهاد قائدها". لكن تنظيم الدولة الناشط في الجزء الشمالي من سيناء أعلن على مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة به: أنه "أسقط طائرة F-16 بصاروخ SA-6".

اللعب الحر

دفع سقوط ذلك العدد من الطائرات، خلال فترة زمنية ليست كبيرة إلى التساؤل عن مدى نجاعة التدريبات، ودقتها داخل القوات المسلحة المصرية.

وفي 28 فبراير/ شباط 2019، أصدر مركز "كارنيغي لدراسات الشرق الأوسط"، تقريرا بعنوان "الجيش المصري.. العملاق المستيقظ من ثباته"، للباحث "روبرت سبرنغبورغ"، ذكر فيه أن "معدل الاستخدام للمعدات والأسلحة المصرية يشير إلى مستوى منخفض من النشاط التدريبي".

وأضاف: "ما يجعل المشكلة أكبر هو أن التدريب المصري غالباً ما يفتقر إلى مبدأ (اللعب الحر) لصالح سيناريوهات قاسية وغير مرنة وتم التخطيط لها مسبقا".

وقال: إن "ثمة القليل من الأدلة على وجود تدريب مشترك واقعي، ولا توجد جهود حقيقية لغرس درجة المرونة والتكيّف اللازمة والمحورية عند القادة وصانعي القرار حتى يكون لديهم القدرة على النجاح في أي صراع".

وأورد: أنه "رغم كثافة برامج التدريب والتمارين التي أُجريت في مصر والولايات المتحدة على مدى السنين الماضية، ظلت العقيدة المصرية وسبل تنظيمها حتى وقت قريب تركز بشكل كبير على العمليات التقليدية واسعة النطاق".

ولعل الخسائر المادية وحدها لا تكفي، عند ذكر تلك الحوادث، فالأفدح هو الخسائر البشرية، المتعلقة بالطيارين المقاتلين، الذين شهد لبعضهم بالكفاءة، وحسن الأداء.

مصرع الطيارين 

في 29 يناير/ كانون الثاني 2019، أعلنت القوات المسلحة المصرية، مصرع الطيار مهتدي الشاذلي، وقالت: إنه "قتل خلال تدريبات عسكرية"، وذلك خلال تجربته لطائرة تدريبية مصنوعة في مصر من طراز "K8E" تحطمت وسقطت خلال التجربة. 

ومهتدي، هو طيار عسكري برتبة رائد، لقي مصرعه خلال تدريبات لم يتم الإعلان عنها سابقا، لتتوالى المعلومات مبينة أن العسكري المصري، هو أحد أهم وأبرز الطيارين العاملين في سلاح الجو. 

والطيار الشاذلي مشهور باسم "كوبرا"، وكان يعمل على مقاتلات من طراز "رافال" الفرنسية التي حصلت عليها مصر من فرنسا في العام 2015، كما شارك في أول ضربة جوية، نفذها سلاح الجو المصري ضد تنظيم الدولة في مدينة درنة بليبيا، في فبراير/ شباط 2015. 

وحسب التقارير الإعلامية المصرية، أطلق على مهتدي الشاذلي لقب "كوبرا"، لقيامه بعمليات وضربات "تلدغ" الأهداف. وفي 28 يناير/ كانون الثاني 2016، أكد المتحدث الرسمى  للقوات المسلحة (آنذاك) العميد محمد سمير، سقوط طائرة من طراز "F-16" أثناء تنفيذ طلعة تدريب ما أدى إلى مصرع طاقمها.

وكان الطاقم يتكون من النقيب طيار محمود محمد فؤاد، وكان برفقة الرائد طيار محمد جمال عبدالعزيز، وأكدت وسائل إعلام مصرية، نقلا عن مصادر عسكرية، أن "الطيارين ضحيا بنفسيهما ورفضا القفز من الطائرة لإنقاذ مدينة فايد بالإسماعيلية من كارثة محققة، وخرجا بالطائرة من منطقة سكنية، كان من الممكن أن يسقط فيها آلاف الضحايا".

وفي 19 سبتمبر/ أيلول 2016، شهدت قرية طويحر، في عزبة شندي، كفر حافظ، التابعة لمركز أبو حماد بمحافظة الشرقية، حادث سقوط طائرة هليكوبتر أباتشي خاصة بالتدريب، تابعة لمطار الشيخ جبيل الحربي أثناء قيامها بمهمة تدريبية، وحدث عطل مفاجئ تسبب في اشتعال الطائرة، ما أدى لمصرع طاقم الطائرة وهم كلا من مقدم طيار أحمد صابر، ونقيب طيار محمد جعفر.

وفي 18 ديسمبر/ كانون الأول 2014، أعلن المتحدث باسم الجيش المصري، والمقر العام للقوات المسلحة في الإمارات، أن طائرة عسكرية تحطمت، بسبب عطل تقني خلال عملية تدريب مشتركة، ما أدى لمقتل أفراد طاقمها الأربعة وهم: مصريان وإماراتيان.

ولم يوضح المتحدث مكان الحادث مكتفيا بالقول: إن "لجنة تقنية قد تشكلت من أجل التحقيق بأسباب الحادث". ثم أكد المقر العام للقوات المسلحة الإمارتية الحادث ومقتل العسكريين الأربعة في مصر.

تلك البيانات، وكثرة سقوط الطائرات، ومصارع الطيارين، عززت من فرضيات مقتلهم في عمليات عسكرية خارج الحدود، شاركت فيها وحدات قتالية، بشكل غير معلن، من قبل القوات المسلحة.

تورط في ليبيا

مع صعود وزير الدفاع السابق عبد الفتاح السيسي إلى منصب الرئاسة في يونيو/ حزيران 2014، أصبح سلاح الجو المصري، يلعب دورا أكثر فاعلية في التشابكات الإقليمية، لا سيما في الجارة الغربية ليبيا. 

وهو ما بدأ في 24 أغسطس/آب 2014، عندما قال المتحدث باسم قوات فجر ليبيا في بيان تلاه أمام صحفيين في طرابلس: "الإمارات ومصر متورطتان في هذا العدوان الجبان"، وذلك في إشارة إلى غارات جوية على مطار طرابلس، بعد 6 أسابيع من المعارك بينهم وبين قوات حفتر، مضيفا أن "الحكومة المؤقتة والبرلمان الليبيين متواطئان في تلك الغارات".

وفي فبراير/شباط 2015، قصفت القوات الجوية المصرية مدينة درنة الليبية، إثر مقتل 21 قبطيا مصريا ذبحا على يد تنظيم الدولة في ليبيا.

وعاودت مصر التدخل العسكري في ليبيا مرة أخرى، بتنفيذ هجوم مباغت على مدينة درنة في 2 يونيو/حزيران 2017، وهو ما اعتبره محللون عسكريون ذريعة لتعزيز موقف حليفها حفتر على الأرض.

هذا فيما يتعلق بالعمليات المعلنة، أما العمليات غير المعلنة، فأشارت إليها العديد من التقارير الدولية، التي كشفت ضلوع الطيران المصري في دعم حفتر.

في 20 سبتمبر/ أيلول 2019، أكد موقع "ميديا بارت" الإلكتروني، أن نتائج دراسة أجراها بالتعاون مع إذاعة "راديو فرانس" وموقعي "لينغكات" و"ديسكلوس" الاستقصائيين الفرنسيين، وموقع "لايت هاوس ربورتس" الهولندي، حول مقاتلات "رافال" الفرنسية المباعة لمصر، أنه جرى استخدامها بالحرب في ليبيا لدعم قوات حفتر. 

وفي 16 مارس/ آذار 2016، طالب السيسي، في حوار مع صحيفة "لا ريبوبليكا" الإيطالية، دول العالم بوضع حد للقيود المفروضة على توريد السلاح إلى "الجيش الليبي" في إشارة إلى مليشيات حفتر (غير الشرعية).

وقال: "نتائج إيجابية يمكن تحقيقها إذا دعمنا حفتر، إذا قدمنا أسلحة ودعما للجيش الليبي يمكنه القيام بمواجهة الجماعات الإرهابية أفضل من أي جهة أخرى".

وفي 26 سبتمبر/ أيلول 2019 قال رئيس حكومة الوفاق الليبية فايز السراج في خطاب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة: "من المؤسف أن دولا أخرى تواصل التدخل" في شؤون ليبيا" مسميا كلا من "الإمارات وفرنسا ومصر".

وهو ما يؤكد فرضية الدعم المصري المقدم إلى حفتر، لا سيما الدعم الجوي، وأنه عرضة للضربات، والخسائر في المعارك الشرسة الدائرة هناك، على تخوم العاصمة الليبية طرابلس. 

يأتي ذلك في ظل معارك مستعرة أخرى، تخوضها الدولة المصرية في سيناء ضد تنظيم الدولة، الذي أفقد الجيش خسائر مهولة خلال السنوات الماضية، ومنها خسائر متعلقة بالمروحيات، وسلاح الجو. 

معارك سيناء

في 27 يناير/ كانون الثاني 2014، أعلن المتحدث الرسمي للجيش المصري (حينئذ)، العقيد أحمد علي، في بيان عسكري سقوط طائرة مروحية عسكرية بمنطقة جنوب الخروبة، بالشيخ زويد، شمال سيناء.

وسرعان ما نشرت جماعة أنصار بيت المقدس على الإنترنت فيديو، قالت: إنه لـ "عملية استهداف الطائرة العسكرية التي سقطت في سيناء، وقتل فيها 5 من الطيارين المصريين ومعاونيهم". وظهر في الفيديو أحد الأشخاص، وهو يطلق صاروخا يعتقد أنه من نوع متطور باتجاه مروحية الجيش ليصيبها ويتسبب في سقوطها.

ودلالة على حجم المعارك، واشتدادها، وفشل الطيران المصري في حسمها، ما أعلنته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، في 3 فبراير/ شباط 2018، عندما قالت: إن "سلاح الجو الإسرائيلي شن خلال العامين الماضيين أكثر من 100 غارة على أهداف في سيناء، في إطار الحرب على تنظيم الدولة". 

ووفق ما نقلته الصحيفة فإن الطائرات الحربية الإسرائيلية اقتحمت الأجواء المصرية بموافقة رئيس النظام عبد الفتاح السيسي، إذ سمحت مصر لطائرات حربية وعمودية وأخرى من دون طيار دخول أجوائها وقصف أهداف في أراضيها.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين قولهم: إن "إسرائيل اشتكت لدى واشنطن بأن القاهرة أخفقت، بعد فشلها في استكمال الغارات الإسرائيلية بتحركات الجنود المصريين على الأرض".

وفي 19 ديسمبر/ كانون الأول 2017،أعلن الجيش المصري، مقتل ضابط وإصابة 2 آخرين في استهداف مطار العريش بمحافظة شمال سيناء بإحدى القذائف أثناء زيارة وزير الدفاع (السابق) صدقي صبحي، ووزير الداخلية (السابق) مجدي عبد الغفار. وفي اليوم التالي أعلن تنظيم الدولة تبنيه العملية التي استهدفت المطار. 

وأطلق النظام المصري في فبراير/ شباط 2018، العملية الشاملة "سيناء 2018" للقضاء على تنظيم الدولة، الذي يتهمه النظام المصري، بشن هجمات خلال السنوات الماضية أسفرت عن مقتل المئات من قوات الأمن.

نحو سوريا

يبدو أن الدور الذي تلعبه القوات الجوية المصرية، أبعد من ليبيا وسيناء، وأنه ضالع في ملفات أكبر، وأكثر خطورة.

ففي نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، كشفت صحيفة "السفير" اللبنانية المقربة من حزب الله أن "18 طيارا مصريا، انضموا مؤخرا إلى قاعدة حماة الجوية السورية، وأنه لم يعرف إن كان هؤلاء الطيارين قد شاركوا بالفعل في عمليات عسكرية".

وأكدت الصحيفة اللبنانية أنه "في مقر الأركان السورية في دمشق، يعمل منذ شهر ضابطان مصريان برتبة لواء، على مقربة من غرف العمليات ويقومان بجولات استطلاعية على الجبهات السورية، منذ وصولهما إلى دمشق".

وفي نفس الشهر، أدلى السيسي على هامش زيارته للبرتغال، بتصريحات أكد فيها أن "الأولوية الأولى لنا أن ندعم الجيش الوطني  في سوريا (قوات الأسد)".

وفي 28 فبراير/ شباط 2017، حصل موقع "أورينت نت" السوري المعارض، على تسجيلات صوتية مسربة تؤكد مشاركة طيارين مصريين في عمليات القصف الجوي التي تستهدف مناطق في سوريا، ولا سيما في ريف دمشق ودرعا، وذلك في تأكيد جديد على وجود عسكريين مصريين لدعم نظام الأسد.

ووثق "مرصد الجنوب" العامل في درعا مؤخرا، محادثات صوتية مقتضبة باللهجة المصرية، حيث كان قائد الطائرة (مصري) يتلقى تعليماته من مركز قيادة الملاحة الجوية في مطار السين بريف دمشق، لاستهداف مناطق في ريف دمشق ودرعا.

صفقات متعددة 

في 16 فبراير/شباط 2015، وقعت مصر وفرنسا، اتفاقية بموجبها تورد الجهات الفرنسية لمصر طائرات حربية من طراز "رافال" في صفقة بلغت قيمتها 5.2 مليار يورو.

وفي 10 أكتوبر/تشرين الأول 2015، شهد عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء الفرنسي السابق مانويل فالس، مراسم التوقيع على صفقة حاملتي الطائرات (ميسترال)، بتكلفة قدرها 950 مليون يورو. 

وفي إطار تطور العلاقات العسكرية المصرية الروسية، تسلمت القاهرة من موسكو في أبريل/نيسان 2016، 50 طائرة من طراز (ميج 29)، ضمن صفقة أسلحة ضخمة تشمل شراء منظومة (SA-17 و SA-23) دفاع جوي، بالإضافة إلى شراء 46 طائرة من طراز (KA-52)، في صفقة تاريخية لم تحدث منذ انهيار الاتحاد السوفيتي، بقيمة بلغت 5 مليارات دولار، بحسب موقع ديفينس ويب.

وفي 9 أكتوبر/ تشرين الأول 2018، نشر موقع "ستراتفور" الأمريكي تقريرا بعنوان "مصر وحمى الإنفاق على التسليح"، وأرجع التقرير أن "الكم الهائل لصفقات السلاح التي عقدتها القاهرة في الآونة الأخيرة، يرجع إلى عوامل جيوسياسية أبعد من الحاجة العسكرية، في ظل توجه النظام المصري إلى الاعتماد على مصادر متعددة للتسليح".

وكان أخطر ما ورد في التقرير، هي الجزئية المتعلقة بـ"ميكانيزم" الأسلحة التي حصل عليها الجيش في السنوات الأخيرة، حيث قال: "إن الضرورات العسكرية ليست هي العامل الذي أدى إلى الزيادة الكبيرة في مشتريات النظام المصري من الأسلحة، فعلى الرغم من المعركة التي يخوضها الجيش في سيناء ضد المتمردين، إلا أن الأسلحة لا تناسب طبيعة القتال هناك".


المصادر