إسرائيل أمام الجنائية الدولية.. خطوات التحقيق واحتمالات الإدانة

خالد كريزم | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

بعد انتظار دام 4 سنوات، بدأت المحكمة الجنائية الدولية دراسة قضية رفعتها السلطة الفلسطينية في عام 2015، بخصوص جرائم حرب ارتكبتها إسرائيل في الأراضي المحتلة.

حسب تقارير إعلامية غربية، فإن التحقيق قد لا يكون ممكنا لأن المدعية العامة يمكنها بعد أعوام من الفحص والدراسة أن تقرر عدم الاختصاص كما تكرر الأمر من قبل.

لكن السؤال المهم والمحوري، هل ستكون الجنائية الدولية هذه المرة جادة بالفعل في إجراء تحقيق عادل وشفاف بشأن الانتهاكات التي ارتكبتها تل أبيب بحق أبرياء ومدنيين في فلسطين، أم أن الأمر لا يعدو أن يكون تضييعا للوقت وتمييعا للقضية وإهدارا للحقوق؟.

فكالعادة ومثلما هو متوقع، جاء رد الفعل الأمريكي داعما لإسرائيل ورافضا لخطوة الجنائية الدولية، حيث علق وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في بيان قائلا: "نعارض بشدة هذا التحقيق وأية أعمال أخرى تهدف إلى اضطهاد إسرائيل ظلما".

مضيفا: "لا نعتقد أنه يمكن اعتبار فلسطين دولة ذات سيادة، وبالتالي لا يحق لها الانضمام لنظام هذه المحكمة ونيل العضوية الكاملة أو المشاركة كدولة في المنظمات أو الكيانات أو المؤتمرات الدولية، بما في ذلك الجنائية الدولية".

عدوان 2014

في ديسمبر/ كانون الأول 2014، أودعت دولة فلسطين إعلانا منحت بموجبه المحكمة الجنائية الدولية اختصاصا قضائيا رجعيا حتى 14 يونيو/حزيران 2014 لتعطي المدعية العامة صلاحية النظر في العدوان الذي شنته إسرائيل على غزة في نفس العام.

وهذه الإحالة هي واحدة من 3 أنواع لتقديم الدعوى أو الشكوى إلى المحكمة الجنائية، حيث تتم عبر إحدى الجهات التالية:

  • الإحالة من قبل دولة طرف: وهو ما ينطبق على فلسطين التي تعد طرفا في ميثاق روما، حيث انضمت إلى المحكمة الجنائية الدولية في أبريل/نيسان 2015 بعدما وقع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس على الميثاق نهاية عام 2014.
  • المدعي العام للمحكمة: من حقه مباشرة التحقيقات من تلقاء نفسه إذا توفرت لديه معلومات عن جرائم تدخل في اختصاص المحكمة.
  • مجلس الأمن: يحق له الإحالة مُتصرفا بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. وكانت بعض القوى العظمى تطالب بحصر الإحالة بهذا الخيار، وأبرزها الولايات المتحدة الأمريكية التي رفضت قرار الجنائية الأخير.

وبشكل عام، سلّمت السلطة الفلسطينية مكتب المدعية العامة شكاوى أساسية في 3 ملفات هي: الاستيطان واعتداءات المستوطنين، الأسرى، والعدوان على غزة عام 2014.

واستشهد في العدوان 1742 فلسطينيا 81% منهم من المدنيين، بينهم 530 طفلا و302 امرأة و64 لم يتم التعرف على جثثهم لما أصابها من حرق وتشويه، وجرح 8710 من مواطني القطاع. وشنت إسرائيل عدوانين آخرين في 2008 و2012.

جرائم حرب

في 20 ديسمبر/كانون الأول الجاري، أعلنت ممثلة الادعاء في المحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا، أن "جرائم حرب ارتكبت أو ترتكب" في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل و"القدس الشرقية" وقطاع غزة، وأنها طلبت من المحكمة الدولية حكما بخصوص الأراضي المشمولة ضمن صلاحياتها.

وطلبت بنسودا من الدائرة التمهيدية في المحكمة الجنائية (مقرها لاهاي)، إصدار حكمها بشأن الولاية الإقليمية للأراضي الفلسطينية المحتلة، تمهيدا لفتح التحقيق الجنائي في الجرائم.

ووفق الإطار الزمني المحدد في دليل ممارسات المحكمة الجنائية، أمام الدائرة التمهيدية 120 يوما للنظر في الشكوى المقدمة وتقديم الإفادة بشأنها.

بعد انتهاء المدعي العام من تحقيقاته الأولية واستنتاجه وجود أساس معقول للشروع في إجراء تحقيق وحصوله على موافقة الإدارة التمهيدية، وعقب التأكد أيضا من توافر شروط المقبولية (وفقا للمادة 17 من النظام الأساسي)، أي غياب التحقيق والملاحقة في الدولة المختصة، وعدم توجه تلك الدولة للتحقيق والمحاسبة من تلقاء نفسها، تدخل الدعوى في اختصاص الجنائية.

وهو ما استندت إليه المدعية العامة للمحكمة الدولية عندما قالت: إن "الدراسة المبدئية وفرت معلومات كافية تحقق كافة المعايير اللازمة لفتح تحقيق"، وأنها "على قناعة بوجود أساس معقول لبدء تحقيق".

ومن بين الجرائم الواضحة، التي يرى محمد عماد المستشار القانوني للمرصد الأورمتوسطي لحقوق الإنسان، أنها أقنعت المدعية العام لفتح التحقيق، هي الانتهاكات بحق مسيرات العودة في غزة.

ويقول عماد في حديث لـ"الاستقلال": "إسرائيل خرقت القانون الدولي ضد فلسطينيين سلميين خرجوا للمطالبة بحق العودة وتقرير المصير، وهذه حقوق مكفولة دوليا، والمخالفات الإسرائيلية تدخل في نطاق جرائم الحرب".

وبعد توافر الشروط الأولية لإدانة "إسرائيل" بتلك الجرائم، يقوم المدعي العام بتحقيقه الابتدائي الذي يجب أن يمتد ليغطي كافة الوقائع المتعلقة بتحديد إذا ما كان هناك أي مسؤولية جنائية، ومن ثم فإن التحقيق يشمل أدلة الثبوت والنفي على حد سواء.

وللمدعي العام عند إجراء التحقيق:

  • جمع وفحص الأدلة.
  • طلب حضور وسؤال الأشخاص وفقا للتحقيق والشهود والمجني عليهم.
  • إجراء اتفاقيات لتسهيل تعاون الدولة أو المنظمة أو الشخص.

وتختص الدائرة التمهيدية (دائرة ما قبل المحاكمة) بإصدار أمر القبض أو الحضور، في أي وقت بعد البدء بالتحقيق، بناء على طلب المدعي العام، بعد اقتناعه بوجود أسباب معقولة تفيد بأن الشخص أو المنظمة ارتكب جرائم تدخل في اختصاص المحكمة.

وعلى الدولة التي تتلقى أمر القبض أو الحضور اتخاذ الخطوات اللازمة على الفور لضبط الشخص المعني وتقديمه للمحاكمة.

وهو الأمر الذي يعتقد محمد عماد، أنه لن يحدث في حالة إسرائيل، حيث يقول: "للأسف، دون أن يكون هناك ضغط دولي لإحضار القادة العسكريين والجنود والمسؤولين السياسيين، سيكون من الصعب امتثالهم للمحاكمة".

ويشير هنا إلى أن الإدارة الأمريكية على سبيل المثال تقف إلى جانب "تل أبيب"، وتحاول عرقلة عمل الجنائية وتهاجمها، فهي غير منضمة لنظام روما، "لأن هذا الأمر قد يفتح باب محاسبتها على جرائمها في العراق".

وبادر الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون إلى التوقيع على نظام روما يوم 31 ديسمبر/كانون الأول عام 2000، غير أن خلفه جورج بوش الابن ألغى ذلك التوقيع في مايو/أيار من عام 2001، ودشن حملة عالمية ضد المحكمة، انتهت بالفشل.

واعتُمد نظام روما الأساسي عام 1998 ودخل حيّز التنفيذ عام 2002، وتأسست بذلك أول محكمة جنائية دولية دائمة، وذلك بعد جهود استمرت عقودا طويلة. ورفضت كل من إسرائيل والولايات المتحدة الانضمام إلى الجنائية، والتي أصبحت المحكمة العالمية الوحيدة التي تحاكم أسوأ جرائم العالم وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.

ويتابع عماد: "الجنائية ستقدم بعد تقييم الدائرة التمهيدية، طلبا للحكومة الإسرائيلية بإحضار المتورطين بجرائم الحرب، لكن استجابتهم تكاد تكون مستحيلة".

وتعقد الدائرة التمهيدية جلسة خلال فترة معقولة بعد الانتهاء من التحقيق، لاعتماد التهم التي يرغب المدعي العام طلب المحاكمة على أساسها، بحضور الشخص المنسوب إليه التهم، ومحاميه.

ويجوز لها أن تعقد تلك الجلسة في غياب المتهم إذا كان قد تنازل عن حقه في الحضور، أو كان قد فر أو لم يتم العثور عليه. وللدائرة التمهيدية أن تسمح بأن يمثله محام رغم غيابه، إذا رأت في ذلك مصلحة للعدالة.

وتقرر الدائرة التمهيدية في نهاية الجلسة واحدا من 3 خيارات:

الأول: رفض اعتماد التهمة، وقد يتم في حالة "إسرائيل" عبر حكم الدائرة التمهيدية بأن الاختصاص الإقليمي ليس هو المطلوب، وبأن هناك خلافا عليه.

وهذا الخيار مستبعد وفق مساعد وزير الخارجية الفلسطينية للعلاقات متعددة الأطراف، عمار حجازي، لأن "كل مواثيق القانون الدولي والجهات القانونية الدولية التي لها علاقة بهذا الموضوع، أقرت بأن الأراضي المحتلة هي أراضي دولة فلسطين وهي نطاق إقليمي، من يملك عليها السيادة هو الشعب الفلسطيني ولا أحد سواه".

وقال حجازي في تصريحات صحفية: "لذلك، صعب جدا أن يخرج قرار من الدائرة التمهيدية عكس ما أقرت به المدعية العامة. ولكن لأسباب قانونية، ولكي تضمن الأخيرة ألا يثار هذا الأمر (الولاية الإقليمية) في أثناء انعقاد المحكمة، أرادت أن تنتهي منه في هذه المرحلة، ليتسنى لها فتح التحقيق على بينة لا أحد يستطيع دحضها".

الخيار الثاني: التأجيل والطلب من المدعي العام إجراء مزيد من التحقيقات وتقديم أدلة إضافية أو تعديل التهمة. أما الخيار الثالث: فهو الإقرار بالتهمة، وهنا سيتم استصدار مذكرة اعتقال توزع على المطارات ومن ثم اعتقال المتورطين وجلبهم أمام المحكمة الدولية، أو عبر الإنتربول الدولي، وفق محمد عماد.

ويتابع عماد: إن "قادة الجيش الإسرائيلي كانوا يجدون صعوبة بالتحرك بين الدول نظرا لأن هناك دعاوى مختلفة ومحاكم أصدرت أوامر سابقة باعتقال متورطين منهم بجرائم حرب".

موانع المحاكمة

سيهدد الاعتقال مسؤولين سياسيين وعسكريين إسرائيليين حاليين وسابقين في أكثر من 100 دولة، إذا ما فتحت المحكمة الجنائية الدولية تحقيقا في شبهات ارتكاب جرائم حرب في المناطق الفلسطينية، وفقا لقناة "كان" العبرية.

وحسب تقرير نشره موقع "يديعوت أحرونوت" في 21 ديسمبر/كانون الأول الجاري، فإنه في حال إقرار طلب بنسودا، فإن قائمة المسؤولين الإسرائيليين الذين ستشملهم التحقيقات، أو يمكن أن تشملهم، تبدأ برئيس حكومة الاحتلال الحالي، بنيامين نتنياهو، ولا سيما بفعل تصريحاته وإعلاناته المتكررة منذ عام 2014 بشأن الاستيطان وتكثيفه، الأمر المخالف للقانون الدولي الذي يدخل في خانة جرائم الحرب.

أما في ساحة المسؤولين العسكريين فإن القائمة قد تشمل رئيسي الأركان السابقين، بني غانتس وغادي أيزنكوط، رئيس الأركان الحالي أفيف كوخافي، وعددا من كبار ضباط جيش الاحتلال على مستوى قادة الألوية والوحدات القتالية، مثل جفعاتي وغولاني، وقادة في سلاح الجو، ورئيس جهاز الشاباك الحالي نداف أرغمان، وسلفه في المنصب يورام كوهين.

وأيضا وزراء الجيش السابقين موشيه يعالون وأفيغدور ليبرمان، ونفتالي بينت، وحتى وزراء الإسكان في السنوات الأخيرة (منذ عام 2014) لمسؤوليتهم عن البناء في المستوطنات.

ووفقا للموقع الإسرائيلي، فإنه يمكن، من الناحية النظرية، أن يُستدعى أيضا رؤساء مجالس المستوطنات، وأصحاب وظائف متصلة بالمستوطنات في وزارة الإسكان، وإذا لم يمثل هؤلاء للتحقيق، فستُصدَر مذكرات اعتقال بحقهم.

ورغم أن الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة لا تسقط بالتقادم (المادة 29)، فإن النظام الأساسي قد يمتنع عن محاسبة المتورطين أو تخفيض العقوبة (المادة 110) لعدة أسباب أبرزها "عدم توافر الأهلية بسبب تدهور بدني أو عقلي، الدفاع الشرعي عن النفس أو الغير أو في حالة الحرب، الإكراه المادي على ارتكاب الجريمة".

وعن هذا يقول المستشار القانوني للأورمتوسطي: "هناك بعض القادة الإسرائيليين المتورطين تقدموا في السن، وهو الأمر الذي يخشى منه ضياع الحقوق، حيث يمكن أن يستمر التحقيق سنوات طويلة".

كما يرى أن إصدار قرار التحقيق في الأمر بعد 4 سنوات، أمر غير معقول، مستدركا: "لكن هذا إجراء قانوني، يتطلب من المدعي العام دراسة الأمر وأخذ شهادات مقدم الشكوى والمتهم".

ادعاءات نتنياهو

علق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على الخطوة بالقول: إن تحقيق المحكمة الجنائية الدولية في الأراضي الفلسطينية يجعلها "أداة سياسية" مناهضة لإسرائيل، هذا يوم أسود بالنسبة للحق وللعدالة".

وعاد نتنياهو في 24 ديسمبر/كانون الأول الجاري لشن هجوم جديد عبر حسابه في "تويتر" ليقول: إن "قرار المحكمة الجنائية الدولية بالتحقيق مع إسرائيل يشكل معاداة للسامية. تعتقد المحكمة أن اليهود ليس لهم الحق في الاستقرار في وطننا اليهودي التاريخي أو في الدفاع عن أنفسنا ضد أعداء يسعون لإبادتنا"، وفق تعبيره.

وقال المستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية أفيخاي ماندلبليت في تصريح مكتوب: "يتمثل الموقف القانوني المبدئي لدولة إسرائيل -وهي ليست طرفا في المحكمة الجنائية الدولية- في أن المحكمة تفتقر إلى الاختصاص في ما يتعلق بإسرائيل". واعتبر أن أي إجراءات فلسطينية في ما يتعلق بالمحكمة "غير قانونية".

وذهبت "تل أبيب" إلى أبعد من ذلك، حيث كشفت صحيفة "إسرائيل اليوم"، بعد يوم من إصدار القرار بالتحقيق، أن الحكومة الإسرائيلية تدرس عدة خيارات من بينها منع محققي المحكمة الوصول إلى فلسطين.

وأشارت إلى أن مناقشات ستعقد على الصعيدين السياسي والمهني القانوني بشأن السياسة التي سيتم اتباعها للتعامل مع القرار، من بينها فيما إذا كان سيتم التعاون من قبل "إسرائيل" أم لا، على الرغم من أنها ليست عضوا في المحكمة.

وقال مسؤول سياسي إسرائيلي للصحيفة: إنه يجب عدم الذعر، وبالرغم من أنه حدث صعب لكن هناك أدوات ووسائل للتعامل معه، والأمر سيستغرق وقتا طويلا قبل فتح التحقيقات.

ووفقا للصحيفة، "فإن القضية لن تنتهي خلال عام، وهناك تحقيقات ستستمر لسنوات"، مبينا أن "هناك قضايا مرفوعة من قبل إسرائيليين ضد السلطة الفلسطينية وفصائل أخرى لارتكابهم هجمات"، وفق تعبيره.

عدم الاختصاص

يرى موقع أوريان 21 الفرنسي أن التحقيق قد لا يكون ممكنا لأن المدعية العامة يمكنها بعد أعوام من الفحص أن تقرر عدم الاختصاص كما تكرر الأمر سابقا.

ففي 21 يناير/كانون الثاني 2009 أصدرت السلطة الفلسطينية بعد انتهاء العدوان الإسرائيلي عام 2008 على غزة إعلانا أوليا مخصصا يعترف باختصاص الجنائية الدولية -وفقا للمادة 12 (3) من نظام روما الأساسي- يسمح لدولة ليست طرفا في نظام روما الأساسي (أنذاك) بقبول اختصاص المحكمة لمقاضاة الحالات التي ارتكبت فيها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية أو إبادة جماعية، كما يعطي المحكمة الولاية في جميع الأحداث منذ بدء عملها في يوليو/تموز 2002.

وبعد 3 سنوات من المداولات، وقبل انتهاء ولايته مباشرة، أعلن المدعي العام للجنائية لويس مورينو أوكامبو أنه ليس له اختصاص بشأن "هل لفلسطين وضع الدولة أم لا"، وأحال القرار إلى الأمم المتحدة، حيث منحت الجمعية العامة فلسطين وضع الدولة المراقبة غير العضو، مما خولها بعدها للانضمام إلى المعاهدات الدولية، بما في ذلك نظام روما الأساسي.

وترجح مقالة مترجمة نشرها الموقع الفرنسي بعنوان "فلسطين والمحكمة الجنائية الدولية" للمحاضرة بالقانون الدولي شارون فايل أن هذا الأمر قد يتكرر كما فعل أوكامبو، خاصة أن مجلس الأمن لديه سلطة منع فتح أو استمرار التحقيق لمدة 12 شهرا قابلة للتجديد.

وحتى في الحالات التي بدأ فيها التحقيق، فإنه يمكن إيقافه إذا أبلغت الدولة المعنية المحكمة بأنها ستفتح تحقيقا من جانبها، وبالتالي يمكن لإسرائيل فتح تحقيق كما فعلت عام 2002، وأحبطت بذلك تحقيقا موازيا فتح في إسبانيا على أساس الولاية القضائية العالمية.

وأعلنت تل أبيب رسميا أنها فتحت 13 تحقيقا جنائيا فيما يتعلق بقتل 27 من أفراد أسرة واحدة، بينهم 19 قاصرا وسيدتان، وحالات من النهب واستهداف مدرسة تابعة لأونروا قتل فيها 15 مدنيا.

وجرى إغلاق عشرات الملفات بسرعة دون أن يكون لها أثر قانوني، ولا يزال بعضها مستمرا، ولا سيما القصف العشوائي في رفح خلال ما أطلق عليه "الجمعة السوداء" وقد قتلت فيه 130 فلسطينيا وعددا كبيرا من الأطفال ردا على أسر جندي إسرائيلي.

وفي سياق تحقيق يتعلق بتسريبات من إذاعة الجيش الإسرائيلي، قررت منظمة بتسليم (حقوقية إسرائيلية) "عدم مساعدة المحامي العام العسكري في أي أسئلة تتعلق بهذه التحقيقات (...) لقد اتخذنا هذا الموقف في ضوء تجربتنا مع الأعمال العسكرية السابقة في غزة، والتي تبين أن التحقيقات التي أجرتها مجموعة ماغ لا تعزز المساءلة ولا تكشف الحقيقة".

وأشار المقال إلى أن مبدأ التكامل هذا يمكن أن يحمي المسؤولين الإسرائيليين والعسكريين بشكل فعال من المحكمة الجنائية الدولية، لما يتمتع به نظامهم القضائي من سمعة دولية.