صحيفة تركية: هذه ألاعيب أوروبا للسيطرة على ثروات "المتوسط"

12

طباعة

مشاركة

أكد وزير الاقتصاد والطاقة في جمهورية شمال قبرص التركية حسن تاجوي، أنه لا ممر للطاقة في المنطقة بدون تركيا، وذلك في خضم صراع بين أنقرة وأوروبا في البحر المتوسط.

وتحدث الوزير في حوار مع صحيفة "ميلييت" التركية عن قبرص الجنوبية بشيء من القسوة قائلا: "لا يمكن لطفل الغرب المدلل أن يغتصب حقوقنا، لا يمكنهم القيام بانقلاب في البحر المتوسط، والمخاطرة بأمر كذلك ستكون عاقبتها وخيمة بلا شك". 

وقال الكاتب الذي أجرى الحوار عبد الله قاركوش إنه على الدوام يتم مناقشات الثروات في شرق المتوسط والسبل لتحديد قيمتها، وتحيك الدول الغربية الألاعيب للاستفادة من هذه الموارد بطرق مختلفة. وعلى الرغم من كل الخطوات الإيجابية الصادرة عن الجانب التركي، يتم التأكيد على أن مشكلة قبرص غير قابلة للحل.

ودار الحديث مع الوزير حول استكشاف الغاز الطبيعي وتقييم الكمية المتوافرة داخله ضمن سواحل الجمهورية المطلة على شرق البحر المتوسط.

وشدد الوزير على أن عيون العالم تتجه صوب البحر الأبيض المتوسط بسبب موارد الغاز الطبيعي الكبيرة، مؤكدا أن لبلاده الحق في الحصول على هذه الموارد. 

وقال: إن تدشين خط أنابيب الغاز الطبيعي من البحر المتوسط مرورا بتركيا للوصول إلى أوروبا أمر لا بد منه، "وعليه سيصبح شمال قبرص ممرا هاما للطاقة في المستقبل".

عيون متفتحة

وبين الوزير أن "عيون العالم كله في جنوب شرق البحر الأبيض المتوسط، حيث كمية كبيرة من الغاز الطبيعي تتوافر في الأعماق، وهناك العديد من الدول تحاول الحصول على حصة منه، ويقال إن هناك احتياطي يقدر بـ 4000 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، وحتى الآن، اكتشفت مصر 70 تريليون متر مكعب وإسرائيل 32 ترليون، و7 تريليون اكتشفتها جنوب قبرص، والتوقعات تشي بأنه ما زال هناك المزيد وربما أكبر من الذي تم اكتشافه بأضعاف".

وتابع: "لا عجب إذن أن تسعى العديد من الدول للوصول إلى هذه الثروة في منطقة جنوب شرق البحر المتوسط، ونحن كدولة شمال قبرص جزء من هذه الحرب الاقتصادية ويمكن القول بكل وضوح، بدون تركيا لا يوجد ممر للطاقة، حيث أن هذه الثروة تعادل نحو 200 مليار دولار متمثلة في الغاز الطبيعي".

منذ 10 سنوات كانت هناك حركة في أنحاء مختلفة من الشرق الأوسط، ومع الربيع العربي، والأزمة السورية، ومن ثم تطور العلاقات التركية الروسية المتينة، حدثت تكوينات مختلفة في المنطقة، وفق الوزير القبرصي.

وتابع: "على سبيل المثال، هناك اتفاقية تعاونية بين كل من جنوب قبرص واليونان ومصر وإسرائيل. لقد وصلت المنطقة إلى مصالح مختلفة سياسيا، وحان وقت تقييم ثروات المنطقة وهي كما ذكرنا تعادل 200 مليار بحسب بعض التوقعات ونحن بحاجة لعامين تقريبا للتأكد من هذه المسألة بشكل قطعي". 

وعن رؤيته بشأن النقل يقول: "يجب أن يتم نقل الغاز إلى أوروبا عبر خط أنابيب، والفكرة الأولى هو أن يتم ذلك عن طريق مصر ولكن هذه الطريقة باهظة الثمن وصعبة المنافسة، وقد أطلقوا مشروعا يسمى EAST-MED وهو استثمار ليس هينا، وبدلا منه يمكن توصيل الغاز القبرصي المستخرج من الجزيرة عن طريق تركيا، ومن ثم إلى أوروبا.

واستدرك: "لكن هذه الفكرة يعيقها الموقف السياسي القبرصي الجنوبي تجاه تركيا، وعليه يتحدثون بخط طوله 1200 كم، وتبحث جنوب قبرص عن ممر للطاقة لا تكون لتركيا أي طرف، وهو كما ذكرنا مكلف وغير منافس وتكلفة إنشائه مرتفعة".

ألاعيب الروم

ولفت الوزير القبرصي إلى أن "الجميع يدرك أنه لن يكون هناك ممر للطاقة في المنطقة بدون تركيا، وعلى الجميع أن يبحث عن المصلحة المشتركة وليس المصلحة الخاصة فقط، وعليه فإن النظر لا يجب أن يكون من زاوية اقتصادية بقدر ما تكون سياسية". 

وعن موقف قبرص اليونانية، قال: "نحن أردنا أن يكون البحر المتوسط بحرا للسلام، وقد خطونا في سبيل تحقيق هذه الغاية، وكانت تصرفاتنا تنطلق من منطلق العدالة والمشاركة، لكن جيراننا الروم لم يقوموا بذلك بالفعل، ونفذوا خطوات أحادية للتنقيب عن الغاز، ونحن نراقب ذلك عن كثب، ولدينا التفاصيل حول الخطوات التي اتخذها القبارصة اليونانيون مع الجهات الدولية الفاعلة".

يتابع: "ليس هذا فحسب بل سفننا هي الأخرى تحركت ولدينا الآن أكثر من سفينة بحث وتنقيب في السواحل الشرقية للمتوسط، وعلى سبيل المثال سفينة "فاتح" ستجري الدراسات اللازمة". 

وذكر أن لدى قبرص التركية 4 أعمال حفر مستمرة، وفي العام المقبل ستكون لدينا 5 أعمال حفر في 5 مناطق مختلفة، في البحر المتوسط، إذا كان هناك غاز سنعثر عليه، ولا يشك أحد في ذلك، وعلى الشركات العالمية التي تنقب عن الغاز أن تعي ذلك تماما.

وبالعودة إلى الألاعيب التي يحيكها الروم، قال: "لا أحد لديه القدرة على اغتصاب حقوق الأتراك ولا حتى القبارصة الأتراك، وعلى الجميع أن ينتبه لذلك جيدا، وإلا سيكون الثمن الذي يدفعونه غاليا". 

وتابع: إن "القيادة القبرصية في الجنوب تنظر إلى شمال قبرص كأقلية، وعليهم أن يتخلوا عن هذه النظرة، هؤلاء جمهورية مستقلة تماما، وعليهم أن يتقبلوا أن الأعمال ستجري الآن بين دولتين، وفي الحقيقة على كل شخص ذي علاقة أن يعي ذلك تماما ولا تراجع عن ذلك أبدا".

وانتقد الوزير الدول الغربية بالقول: إنها "تحاول الهيمنة على المنطقة وتفرض آراءها بدون التواصل مع تركيا، ولكن ذلك لن يفيد بشيء، فبدون أنقرة لا يوجد تفاهمات، وعلى الجميع أن يتأكد أن تركيا يجب أن تكون في المشهد بل وفي الصدارة، سيما وإن لتركيا الأم مساحة كبيرة تطل على شواطئ البحر المتوسط وحين نقول "الوطن الأزرق" نعني به كل من تركيا وشمال قبرص". 

وبين أن "هناك أيضا حقوقا ناشئة عن جمهورية شمال قبرص، حيث تمتلك ما مساحته 36% من الجزيرة، لذلك، هناك مناطق تدخل مياهها البرية والمنطقة الاقتصادية الخالصة والقرار في هذه المناطق يعود لها، وبناء على الاتفاقيات بين تركيا وشمال قبرص نجري الكثير من الاستشارات بشأن مصير هذه المناطق". 

حروب زرقاء!

وبناء عليه فقد قدم أكثر من اقتراح لجنوب قبرص، ومنها "دعونا نحل مشكلة الغاز الطبيعي معا ونعمل على تدشين المشروعات بشكل مشترك، وتكون هذه الاستثمارات بالاشتراك بين الطرفين، حيث لكل من القبارصة شمالا وجنوبا الحق في ذلك، وهذا الأمر ليس مجرد حق ترفي، فحقنا في الوطن الأزرق أزلي، كما أنه متاح في المنطقة الاقتصادية الخالصة".

ولذلك، تركيا تجري هذه الحفريات بناء على التراخيص اللازمة التي حصلت عليها منا، وقد باتت الدولة السابعة التي لها علاقة بالحفريات، "وأظهرنا القدرة على المطالبة بهذه الثروة ليس فقط من الناحية المالية ولكن جغرافيا أيضا، وسنواصل إظهار ذلك ولن يكون هناك تراجع في ذلك بمقدار خطوة واحدة". 

وتطرق الوزير القبرصي إلى فاروشا "مارش Maraş"، وهو منتجع يقع في الجزء التركي لجزيرة قبرص الشمالية، بمدينة فاماغوستا. بني في عام 1972، وهو حاليا خال تماما من السكان.

وقال: "منذ العام 1947 وهذه المنطقة مغلقة، ولكن في الزمان القريب سيكون هناك تغيير على ذلك ضمن اتفاقية، ولقد ثبت أن جميع المحاولات الانفرادية على مدار 45 عاما كانت تذهب سدى، ولم يجد نفعا الادعاء بأن تركيا تحتل "فاروشا، وبفضل العنترية القبرصية الرومية لم يجر افتتاحها مجددا، حيث ترى في نفسها القوة الوحيدة في المنطقة". 

وتابع في السياق: "بلا شك أن للأشخاص الذين يعيشون في جنوب قبرص الحق في التقدم بطلب للحصول على أموالهم، لكن هناك عمولة على ذلك، حيث بعد تقييم المخزون، يتم التثبت من أصحابها، وهذه بالذات نحن نعمل عليها بشكل مكثف، وقبل ذلك علينا تحديد أراضي الوقف العثمانية، ثم تأتي الأمور الأخرى تباعا، وهذه تحتاج إلى تقييم بطريقة محددة وبكل الأحوال يمكن إعادة استخدام هذه الأراضي من زراعة وغيره ولكن تحت سيطرة شمال قبرص ويجب على الحصار والعزلة أن تنتهي".

وعن ما تسمى حروب "الوطن الأزرق"، قال الوزير: "الدنيا تنظر من منظور واحد وهو الثروة، ومن أجل استخراج ثروات باطن الأرض إلى ظاهرها سيلجؤون لكل الإمكانيات المتاحة، لكن وبغض النظر عن الإمكانيات فإن تركيا مرة أخرى يجب أن تكون في صدارة هذا المشهد، ولا يمكن فصلها عن ذلك بأي شكل من الأشكال، تركيا وشمال قبرص مرتبطان ببعضهما كالظفر واللحم".

وبشأن احتمالات السلام، أكد أنه "يجب أن يرى الجميع أن جمهورية قبرص الشمالية التركية هم شعب يحاول الدفاع عن حقوقه منذ أكثر من 50 عاما وهم على هذه الأرض منذ ما لا يقل عن 400 عام. وهذا الحق ليس فقط سياسي ولكنه اقتصادي أيضا، وعمليات الحظر والعزلة يجب أن تنتهي لأنها لم تعد نافعة، ويجب النظر لهؤلاء الناس وفقا لذلك، أولئك الذين لهم امتداد وجذور في عمق الأرض ويمتد لمئات السنين". 

وأضاف: "لقد سمح العثمانيون دائما لليونانيين بالعيش في هذه الجزيرة ويجب ألا نسمح باستخدام الحق الممنوح من قبل أسلافنا كظلم ضدنا اليوم".

واختتم الحوار "إن حياة الأتراك في جزيرة قبرص هي عملية بدأت قبل عام 1571 واستمرت حتى يومنا هذا. يجب أن يرى الجميع أن الشعب التركي قد عاش في هذه الجزيرة لمدة 400 عام على الأقل".