"لوريان لوجور": لماذا تخشى إيران إجراء انتخابات مبكرة بالعراق؟

قسم الترجمة - الاستقلال | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة "لوريان لوجور" الضوء على الأوضاع في العراق والدعوات إلى إجراء انتخابات تشريعية مبكرة، مشيرة إلى إمكانية أن تخسر إيران الكثير إذا نظمت بغداد الانتخابات، في ظل المظاهرات التي تشهدها البلاد، احتجاجا على البطالة والفساد وتدخلات طهران.

هذا ما توصلت إليه الصحيفة الناطقة بالفرنسية في ظل محاولات إيران الإبقاء على الحكومة العراقية الحالية برئاسة عادل عبدالمهدي الذي تم التوافق عليه بين طهران وواشنطن، عقب انتخابات 2018 دون أن يتمتع بقاعدة حزبية قوية.

منعت سقوط عبدالمهدي

وكشفت مصادر قريبة من اثنين من أكثر الشخصيات تأثيرا في العراق لوكالة "رويترز" مؤخرا: أن إيران تدخلت لمنع الإطاحة بعبد المهدي، وسط المظاهرات التي تفجرت منذ أسابيع احتجاجا على أداء الحكومة، رغم إبداء الأخير على الاستقالة بشروط.

وأشارت الصحيفة إلى: أن المرجع الشيعي علي السيستاني، أكبر زعيم ديني في العراق، قال: إنه "ليس لأي شخص أو مجموعة أو جهة بتوجه معين أو أي طرف إقليمي أو دولي أن يصادر إرادة العراقيين في ذلك ويفرض رأيه عليهم".

وأوضحت: أن حديث السيستاني جاء تعقيبا، فيما يبدو، على تصريحات أدلى بها المرشد الإيراني علي خامنئي وصف فيها المتظاهرين في العراق ولبنان بـ"المشاغبين"، داعيا في الوقت نفسه من وصفهم بـ"الحريصين" في هذين البلدين إلى: "معالجة أعمال الشغب".

ونوهت "لوريان لو جور" إلى: أنه في مساء يوم الخميس، خرج أعضاء من الحشد الشعبي الموالين لإيران، بمسيرة في بغداد، ما ولد مخاوف المتظاهرين المناهضين للحكومة الذين يحتجون منذ أوائل أكتوبر/تشرين الأول المنصرم، في جميع أنحاء البلاد وهي حركة معارضة لهم.

في الوقت نفسه، توجه قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني، الجنرال قاسم سليماني، إلى العاصمة العراقية يوم الأربعاء لعقد اجتماع "سري" مع هادي العامري، رئيس تحالف الفتح في البرلمان، ومع قادة الميليشيات التابعة له، ليطلب منهم مواصلة دعم رئيس الوزراء عبدالمهدي الذي يدعو الكثيرون إلى استقالته، وخاصة الزعيم الديني الشيعي والشعبوي مقتدى الصدر الذي يقود أكبر كتلة سياسية بالبرلمان العراقي.

وطالب الصدر عبد المهدي بالدعوة لانتخابات مبكرة لتهدئة أكبر احتجاجات شعبية يشهدها العراق منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة وأطاح بنظام صدام حسين عام 2003.

وبحسب الصحيفة، فإن مسؤول أمني إيراني، أكد: أن سليماني كان حاضرا في اجتماع، الأربعاء، لكنه قال إنه كان موجودا "لإسداء النصح"، وأوضح المسؤول الإيراني الذي طلب عدم الإفصاح عن هويته: أن الأمن العراقي "مهم بالنسبة لنا وقد ساعدناه من قبل، وأن قائد فيلق القدس يسافر إلى العراق ودول أخرى بالمنطقة من آن لآخر، وبخاصة عندما يطلب منا حلفاؤنا العون".

وأشارت الصحيفة إلى: أنه رغم تعهد العامري والصدر ، الثلاثاء الماضي، "بالعمل سويا" لإقالة رئيس الوزراء العراقي، لكن الأول غيّر خطابه جذريا بعد الاجتماع مع قاسم سليماني،  وقال وفقا لسياسي مقرب من الصدر: "نحن نعتقد بأن التوقيت الحالي غير ملائم لسحب الثقة من حكومة عبدالمهدي، كون ذلك الأمر سيساعد في تفاقم الأمور وتهديد استقرار البلد".

وردا على ذلك، قال الصدر علنا: "إنه إذا لم تحدث الاستقالة فسيراق مزيد من الدم ولن يعمل مع العامري مرة أخرى"، وقال في بيان للعامري: "لن أدخل أبدا في تحالفات معك بعد اليوم".

انتخابات تشريعية مبكرة

وأكدت الصحيفة: أن مناورات إيران الأخيرة في العراق قد تعكس بعض القلق بشأن الأحداث الجارية، كما توجه اتهامات لقناصة تابعين للمليشيات الشيعية الموالية لإيران باستهداف المتظاهرين. في شمال بغداد، رفع المتظاهرون، الخميس، صورة للخميني، مؤسس الجمهورية الإسلامية، كما استهدف المحتجون شخصيات إيرانية بارزة أخرى، مثل علي خامنئي وقاسم سليماني، فالنفوذ الإيراني، الذي استمر في النمو منذ سقوط نظام صدام حسين، يندد به قطاع كبير من السكان في العراق.

 ونقلت الصحيفة عن فنار حداد الأستاذ بجامعة سنغافورة، قوله: إن إجراء انتخابات تشريعية مبكرة سيكون منعطفا سيئا بالنسبة للإيرانيين، وهو اقتراح طرحه الرئيس العراقي برهم صالح، الخميس، بعد التصويت على قانون انتخابي جديد سيتم تقديمه إلى البرلمان "الأسبوع المقبل". وأضاف حداد: "إيران ومؤيدوها في العراق سيخسرون الكثير في حالة إجراء انتخابات جديدة".

وأكد حداد: أنه "في الاقتراع السابق عام 2018، كانت المشاركة هي الأدنى في تاريخ العراق الانتخابي منذ 2003. وجاءت "فتح" (تحالف المليشيات الموالية لإيران في البرلمان) في المرتبة الثانية، لافتا إلى: أنه "في السياق الحالي، إذا ظل النظام القائم على نظام التصويت النسبي في مكانه وفي حالة مشاركة أكبر، فسيكون وضعهم أسوأ ولن يأتوا في المرتبة الثانية".

ولفت إلى: أن هذه الانتخابات، إذا تم تنظيمها، ستشرف عليها "لجنة انتخابية جديدة"، لكن الإجراء يواجه مشكلة مزدوجة، الأولى تتعلق بالمتظاهرين الذين يصرون على المطالبة "بسقوط النظام" ورحيل الطبقة السياسية العراقية بأكملها التي تعتبر عاجزة وفاسدة، والثانية هي صعوبة تغيير النظام الانتخابي العراقي القائم منذ عام 2005.

وفي حديث للحصيفة، قال فيصل إسترابادي، سفير العراق السابق لدى الأمم المتحدة: "يوجد حاليا نظام تصويت متناسب في العراق. إذا تم إقرار قانون جديد، فقد يغير كل شيء، سيكون من الضروري الانتظار والتعرف على التعديلات التي سيتم إجراؤها"، علاوة على ذلك، لا يمكن تنظيم انتخابات مبكرة إلا بموافقة البرلمان.

ونوه إلى: أن الرئيس ليس لديه الحرية في تنظيمها ولذلك "سيكون هناك بالتأكيد بعض المقاومة من الممثلين المنتخبين في البرلمان. الأغلبية المطلقة ضرورية لإجراء الاقتراع وهذه هي صعوبة حقيقية "، فلا يوجد حزب أو ائتلاف قادر على تشكيل أغلبية برلمانية.

وخلصت الصحيفة إلى: أنه إذا كانت طهران تعارض فكرة إجراء انتخابات جديدة، فستضغط على حلفائها للإطاحة بالمبادرة الرئاسية، وبمعنى آخر، لم يتم تحديد الخطوط العريضة بشكل كامل بعد، ولا يزال يتعين القيام بكل شيء.

وكان الرئيس العراقي، برهم صالح، قال الخميس: إن رئيس الوزراء عادل عبد المهدي سيستقيل استجابة للاحتجاجات الجماهيرية فقط إذا اتفقت الكتل البرلمانية على بديل له لتجنب الفراغ الدستوري.

وأضاف صالح: في خطاب تليفزيوني على الهواء مباشرة، إن الانتخابات الجديدة لا يمكن أن تجرى إلا في ظل قانون انتخابي جديد.

وأكد الرئيس العراقي: "لقد وافق رئيس الوزراء من قبل على تقديم استقالته، إذا اتفقت الكتل على بديل مقبول من أجل الالتزام بالأطر الدستورية والقانونية".