"ليس كما يبدو".. لماذا انسحاب الإمارات من اليمن لن يكون كاملا؟

12

طباعة

مشاركة

نشرت صحيفة "ديريليش بوستاسي" التركية، مقالا للكاتب إسماعيل ياشا، تحدث فيه عن أنباء انسحاب الإمارات من اليمن بدون التنسيق مع السعودية، معلقا على تصريحات مسؤولين إماراتيين، إن الإمارات بدأت في سحب قواتها باليمن لأسباب "إستراتيجية وتكتيكية".

وقال الكاتب التركي، إن انسحاب الإمارات من اليمن حقيقي، لكن ليس كما يبدو أنه انسحاب تام شامل، بل هناك خطط بديلة لهذه الدولة ذات العلاقات الخارجية المتشعبة.

الرياض تحاول ثنيها

والإمارات هي ثاني أكبر دولة في تحالف عسكري عربي، تتزعمه السعودية منذ مارس/ آذار 2015، وينفذ عمليات في اليمن، دعما للقوات الموالية للحكومة، في مواجهة قوات جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، المدعومة من إيران.

ويأتي هذا الانسحاب، بعد أن تجاوزت حرب اليمن عامها الخامس مع احتمالات ضعيفة في التوصل إلى تسوية سياسية حتى بعد مرور تسعة أشهر على اتفاق ستوكهولم الذي بعث "بعض" الأمل باقتراب الحل السياسي.

ونقل الكاتب ما نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" أن السلطات السعودية تحاول ثني الإمارات عن الانسحاب، وأن الرياض شعرت بخيبة أمل لقرار أبو ظبي. بينما علقت صحيفة "وول ستريت جورنال" استنادا إلى خبراء أمريكيين، بأن "الانسحاب من حرب الإمارات ضد الحوثيين سيؤدي إلى طريق مسدود جديد".

وذكرت "نيويورك تايمز" أن الحرب في اليمن أصبحت كارثة لا تطاق ولا رابح فيها، معتبرة أن خفض القوات الإماراتية هناك ينبغي أن يكون مثالا لكل مشارك فيها، وأنه قد يشكل دافعا لإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كي تكون جزءا من الحل وليس المشكلة، ولحث السعودية والحكومة اليمنية والحوثيين على أن يحذوا حذوها.

وأشارت الصحيفة الأمريكية، إلى ما يقوله دبلوماسيون، إن الإماراتيين أرادوا الخروج منذ فترة، وإنهم خفضوا بشكل حاد انتشار القوات والطائرات المروحية الهجومية والمدافع الثقيلة حول ميناء الحديدة على البحر الأحمر ساحة القتال الرئيسية العام الماضي.

وتابع الكاتب، أنه عربيا، يقال إن الإمارات تركت المملكة العربية السعودية، حليفتها في اليمن وهربت، لافتا إلى أن كل هذه الأخبار والتعليقات، أثارت أسئلة مثل: هل الإمارات تنسحب فعلا من اليمن؟ لماذا هذا الانسحاب؟

وأوضح ياشا، أنه من المعروف أن الإمارات، التي تدخلت في اليمن تحت مظلة التحالف وبذريعة دعم الحكومة الشرعية، قد نفذت خططها الخاصة حتى الآن وأنشأت قوات مليشيا مرتزقة تحت اسم "الحزام الأمني" في العديد من المدن؛ لذلك، من المستحيل القول أن أبوظبي قد تخلت عن "طموحاتها القذرة" في اليمن.

أسباب الانسحاب

وأضاف الكاتب التركي في مقاله، هناك عدة أسباب وراء قرار دولة الإمارات "بسحب القوات". وأن من جملة هذه الأسباب، هو أن أبو ظبي لا تريد ذكر اسمها في الرأي العام الدولي، مقترنا، مع السعودية في المقام الأول بسبب تدخلها في اليمن، وعلى الرغم من أن الإمارات قد استغلت السعودية في العديد من الأماكن واستخدمتها كدرع لسياساتها الخاصة، إلا أنها تتصرف بمزيد من الدقة بسبب ارتباطها القوي بالعالم الخارجي.

وأورد ياشا جملة من الأمثلة لذلك، ومنها: أن السعودية، تبث مباريات مقرصنة من خلال قناة، أنشأتها حملت اسم "بي آوت كيو- BeoutQ"، وذلك لتحرم قناة "بي أن سبورتس- BeIN Sports" القطرية، التي تمتلك حقوق البث لمباريات كأس العالم 2018 المنعقد في روسيا؛ من كسب المال، وكذلك توريط قطر في قضايا خلافية، حيث عمدت القناة السعودية المقرصنة لبث هذه القنوات مجانا. وعلى الرغم من ذلك فإن الإماراتيين شاهدوا كأس العالم من خلال القناة القطرية وليس السعودية المقرصنة.

وتابع: ظهرت "بي آوت كيو" بعد فترة قصيرة من إعلان الحصار على قطر من طرف السعودية والإمارات والبحرين ومصر، وعملت على قرصنة وبث مختلف البطولات الرياضية التي تملك "بي أن سبورتس" حقوقها الحصرية في المنطقة العربية.

ورأى الكاتب، أن هناك، سببا آخر لقرار أبوظبي سحب القوات من اليمن، وهو أن الحوثيين كثفوا هجماتهم على السعودية وهي أي الإمارات، تدرك أنه لو قام الحوثيون بمهاجمة الإمارات، واستهدافهم بصواريخ أو طائرات مسيرة كما تفعل في الوقت الراهن مع السعودية، ستكون الهجمات أكثر تأثيرا وفداحة.

وساق إسماعيل ياشا، مثالا على ذلك، حيث الهجمات المستمرة على مطاري أبها وجازان السعوديين، متسائلا، هل يمكن أن يتعرض مطار أبوظبي لذات الهجمات، هل سيصمد المطار، هل يمكن المقارنة بينه وبين شقيقيه السعوديين.

وأكد الكاتب، وجود سبب آخر لقرار الانسحاب، هو أن الإمارات لم تكن قادرة على تحقيق ما تريده بالضبط في اليمن. على سبيل المثال: فشلت خط أبو ظبي باحتلال جزيرة سقطرى، الإستراتيجية، وكانت الإمارات قد كثّفت من محاولات بسط السيطرة على سقطرى، أكبر الجزر اليمنية والعربية عموما، منذ أكثر من عامين، مستغلة الأوضاع التي تعيشها البلاد. وكانت سقطرى من أبرز محطات الأزمة بين الحكومة الشرعية وأبوظبي خلال عام 2018.

الحفاظ على النفوذ

وبحسب صحيفة "ديريليش بوستاسي" شهدت سقطرى، مؤخرا، توترا بعد تصعيد عناصر موالية لأبوظبي ضد السلطة المحلية، وصلت إلى محاولة احتلال ميناء الجزيرة من قبل ما يُعرف بـ"الحزام الأمني"، المدعوم من الإمارات. ​

ولذلك كله، رأى الكاتب، أنه بدأت ردود الفعل اليمنية على القوات الإماراتية تتصاعد وبدأت الأنظار تتجه للإمارات أنها "قوة احتلال"، وهذا حقيقي، وأن الرياض لم تدعم أبوظبي تأييدا تاما في المشكلات التي واجهتها مع حكومة هادي، فقد تولى أحيانا دور الوسيط ودافع عن الجانب اليمني أحيانا، مما دفع دولة الإمارات إلى هذه النقطة. ومع ذلك، لا ينبغي أن يتوقع من أبوظبي الانسحاب الكامل من اليمن في ظل الظروف الحالية.

وشدد الكاتب على أن الإمارات مع مليشيات مرتزقة تابعة لها، ومن خلال المخابرات التي تدعم هذه المليشيات، تنفذ أجندة أبوظبي في اليمن، فمن المؤكد أنها ستحاول الحفاظ على نفوذها من خلال السياسيين المقربين والسلطات المحلية وتنفيذ خططها المعدلة بحسب التطورات في المنطقة.

يذكر أن الحرب في اليمن أدت إلى كارثة إنسانية هي الأسوأ في العصر الحديث، وفق توصيف الأمم المتحدة، ومع غياب أي أفق لحل سياسي، وعجز دول التحالف العربي لدعم الشرعية عن الحسم العسكري أو إرغام جماعة الحوثي الحليفة لإيران على الجلوس إلى طاولة مفاوضات تفضي إلى تسوية سياسية دائمة بديلا عن جولات المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة، والتي على ما يبدو ليست أكثر من محاولات لوقف تراجع الأوضاع الإنسانية للشعب اليمني.