"بي بي سي": نيران "الأربعاء الأحمر" فرصة لاشتعال المظاهرات مجددا في إيران

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

كعادتهم منذ أقدم العصور، بدأ الإيرانيون في 14 مارس/ آذار 2023 الاحتفال بالأربعاء الأحمر، أو ما يُطلق عليه باللغة الفارسية "جهارشنبه سوري".

وهو احتفال قديم في إيران، يقام في ليلة الأربعاء الأخيرة من آخر شهور العام الإيراني، وهو مقدمة لاحتفالات النوروز، التي تبدأ مع حلول السنة الجديدة (21 مارس).

ووفق التقاليد الإيرانية القديمة، فإن المواطنين يوقدون النار في مكان محدد، وتبقى مشتعلة حتى طلوع الشمس، ويقومون بالوثب من فوقها.

اختلف الاحتفال بالأربعاء الأحمر هذا العام عنه في السنوات السابقة، وذلك بعد ما شهدته إيران من مظاهرات احتجاجية اندلعت على إثر وفاة الفتاة مهسا أميني في سبتمبر/ أيلول 2022.

إحياء المظاهرات

والهدف من هذا التظاهر اليوم هو إحياء الاحتجاجات الواسعة التي شهدتها إيران منذ 17 سبتمبر 2022 لنحو ثلاثة أشهر، على خلفية وفاة الشابة مهسا أميني بعد أيام من احتجازها من قبل شرطة الآداب بتهمة عدم التقيد بقواعد الحجاب.

ويستغل الإيرانيون ارتباط الاحتفال في هذا اليوم بالتجمعات ودعوا إلى اعتبار أيام الاحتفال الثلاثة فرصة للتجمع والتظاهر وترديد الشعارات المعارضة للنظام الحاكم.

وقد نشر موقع هيئة الإذاعة البريطانية باللغة الفارسية تقريرا عن استغلال مجموعات من المحتجين الإيرانيين للاحتفال في الإعلان عن معارضتهم للنظام، ورصد انتشار هذه الظاهرة في المدن الإيرانية.

ذكر التقرير أن صورا نشرت لحرق حجاب الرأس في النيران التي أشعلت في عدة أماكن بالعاصمة طهران، ومدن إيرانية أخرى، في الاحتفال بالأربعاء الأحمر. ومن الأماكن التي نشرت منها مثل هذه الصور حي مرزداران في طهران. 

فمع حلول الليل، بدأت طقوس الأربعاء الأحمر، ووردت تقارير عديدة من مختلف أحياء طهران، ومن مدن إيرانية عديدة، مثل سنندج وجرجان ورشت وبانه وسقز ومشهد وزنجان وکامیاران عن تواجد رجال ونساء يحملون الألعاب النارية والمفرقعات والقنابل الصوتية للاحتفال بالمناسبة.

وفي الوقت نفسه، جرى تنظيم تجمعات في شوارع بعض أحياء العاصمة والمدن الأخرى تلبية للدعوة للتظاهرة التي أطلقها المتظاهرون على مدار ثلاثة أيام. 

ونشرت وسائل التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لجمع كبير من المواطنين في شارع بمدينة جرجان يهتفون: "العام عام الدم، والسيد علي سيسقط"، في إشارة إلى المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، علي خامنئي. 

وظهر المواطنون في مقطع آخر وهم يهتفون في مدينة رشت: "الحرية، الحرية، الحرية". 

وعلى الرغم من من انخفاض سرعة الإنترنت وصعوبة إرسال مقاطع الفيديو من داخل إيران، فإن عديد الوسائط نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي منذ عصر 14 مارس.

ونشرت إحدى قنوات تلغرام 1500 صورة متحركة للحظات إطلاق القنابل اليدوية على الدراجات النارية لرجال الأمن، وقيل إن مكان هذا الفيديو هو طهران، وتوقيته هو مساء 14 مارس.

كما نشرت مقاطع فيديو أخرى من مدينة بانه غرب إيران، والتي تجمع فيها عدد جدير بالملاحظة من الرجال والنساء، جنبا إلى جنب، بالإضافة إلى صور استخدامهم للمفرقعات والقنابل الصوتية والألعاب النارية.

وفي مقطع آخر من مقاطع الفيديوهات التي قيل إنها صورت في حي جيشا بطهران، انشغل عدد كبير من الموجودين في الشارع بالرقص على أنغام الموسيقى، وأشعلوا النيران، وأطلقوا الألعاب النارية، في تحد واضح للضوابط التي تفرضها السلطات الإيرانية.

وفي مقطع فيديو آخر من طهران، هتف الحضور باسم حميد رضا روحي، وهو أحد القتلى الذين سقطوا في المظاهرات الأخيرة. 

وأيضا في مقطع جرى تصويره في جرجان، هتف جمع كبير من الناس "العام عام الدم، والسيد علي سوف يسقط".

وأظهر مقطع فيديو آخر قبل حلول ظلام 14 مارس، في حي الجوادية جنوب طهران، إلقاء عشرات الشبان مفرقعات نارية وقنابل صوتية في الشارع الذي يبدو أنه كان تحت سيطرتهم، وانتشر الدخان في كل مكان.

وفي فيديو آخر مشابه بث من زنجان، ويقال إنه مرتبط بذات اليوم، يمكن رؤية العشرات من الشباب وهم يطلقون الألعاب النارية على طول الشارع، ومرة ​​أخرى، كان الدخان الكثيف ينتشر في كل مكان.

في غضون ذلك، قال الصحفي الإيراني المقيم في برلين، عمار جولي، الذي يتابع الأخبار المتعلقة بالمناطق الكردية، لقناة بي بي سي الفارسية، إنه تلقى تقارير عديدة من عدة مدن كردية بشأن تنظيم مسيرات احتجاجية في نفس وقت إقامة طقوس الاحتفال بالأربعاء الأحمر.

وعشية الأربعاء الأحمر، انتشر مقطع فيديو للاحتجاجات في سنندج على مواقع التواصل الاجتماعي، ردد المتظاهرون فيه شعارات من قبيل: "المرأة، الحياة، الحرية"، و"الموت للديكتاتور". 

وحددت المنظمة التي ترصد أوضاع حقوق الإنسان في كردستان تاريخه بـ 14 مارس.

ونشرت صور ومقاطع فيديو للمظاهرات الاحتجاجية مساء ذات اليوم في أحياء إكباتان وستاخا في طهران، وكاماران، ومشهد، وظهر فيها المتظاهرون في إكباتان وهم يهتفون: "لقد جئنا مرة أخرى، والانتفاضة مستمرة".

المواجهة الأمنية

نقل التقرير صورة للتجمعات التي حدثت في حي إكباتان بالعاصمة طهران بمناسبة الأربعاء الأحمر، وهو الحي الذي انطلقت منه المظاهرات الاحتجاجية التي عمت البلاد في أواخر الصيف الماضي.

وتحول الحي إلى واحد من المراكز الأصلية للمعترضين. وقال التقرير إن الحضور رددوا شعارات من قبيل: "لا نريد الجمهورية الإسلامية، لا نريدها".

وكان حي إكباتان قد شهد حادثة مازالت حديث الإيرانيين على مواقع التواصل الاجتماعي، وهي بث مجموعة من الفتيات المراهقات مقطع فيديو يصورهن وهن يرقصن على أنغام أغنية أجنبية في الشارع. 

وقد أثار هذا المقطع الذي نشر في اليوم العالمي للمرأة غضب السلطات الإيرانية، وشرعت قوات الأمن في البحث عن الفتيات الخمس اللائي أحدثن ضجة كبيرة، بعد أن ظهرن وهن يرقصن بملابس غير محتشمة وبدون حجاب.

كان يوم الاثنين هو اليوم الأول لدعوة الاحتجاجات التي استمرت ثلاثة أيام، من 12 إلى 14 مارس 2023، وجرى نشرها في مدن مختلفة في إيران. ويقول أصحاب الدعوة إن الأربعاء الأحمر فرصة جيدة لمواصلة الحركة الاحتجاجية.

وتعاملت الشرطة الإيرانية مع الدعوة، وظهر رجال الأمن في الفيديو الذي يقال إنه من محيط ساحة الثورة في وسط طهران وهم يلقون الغاز المسيل للدموع على أولئك الذين كانوا يعبرون عن سعادتهم وسرورهم بالأربعاء الأحمر بهدف تفريقهم أو إيقاف فرحتهم.

وقال الصحفي عمار جولي: "جرى الإبلاغ عن العديد من الاشتباكات، من إيلام ودره شهر وعبدانان إلى أشنويه وأورمية وسنندج وكرمانشاه وماريفان وكامياران وحتى ديواندره وجوانرود وروانسر".

وأردف: "تلقيت العديد من مقاطع الفيديو عبر الشبكات الاجتماعية وبشكل شخصي، ويظهر فيها عدد كبير من الناس وهم يتدفقون إلى الشوارع من أجل الاحتفال بالأربعاء الأحمر واستئناف الاحتجاجات".

يوضح هذا الصحفي المقيم في برلين أنه تلقى تقارير عن إقامة "تجمع كبير في منطقة بهاران في سنندج"، تعرض لهجوم من جانب رجال الأمن الذين يركبون الدراجات النارية.

‌وكانت وزارة الاستخبارات الإيرانية أعلنت بالتزامن مع الدعوة التي استمرت ثلاثة أيام للتجمعات الاحتجاجية عن اعتقال عشرات الأشخاص، وحذرت المؤسسة الأمنية ​​أيضا من "المؤامرات المتعددة الأبعاد" و"التخريب".

وفي اليوم السابق للاحتفالات، أصدرت شرطة طهران تحذيرًا يختلف عن تحذيراتها في مثل هذه المناسبة بالسنوات الماضية.

وقالت في التحذير إنها ستستخدم عناصر أمنية في ثياب مدنية، من الجماعات الشعبية والمساجد، للتصدي لأي خروج على القانون، ومن المحتمل أن تكون هذه إشارة إلى مقرات "الباسيج" أو المتطوعين في المساجد.

وفي هذا السياق، أعلنت إدارة الطوارئ، في 14 مارس، آخر إحصاء للذين فقدوا حياتهم في أحداث ترتبط باحتفالات الأربعاء الأحمر، وقالت إن عددهم وصل إلى 17 فردا.

وبالتزامن مع الاحتفال بالأربعاء الأحمر، نقلت وسائل الإعلام الإيرانية عن مسؤولين محليين أنه سيجري إغلاق المدارس في وقت أبكر من المعتاد في اليوم الأخير من احتفال هذا العام.

كما أعلنت قيادة الشرطة في إيران أن الأشخاص الذين اعتقلوا ليلة الأربعاء الأحمر بتهمة "تكدير الأمن العام وتعطيل نظام المجتمع" سيظلون رهن الاعتقال إلى منتصف الشهر الأول من العام الجديد.

وفي السنوات الماضية، اعتقلت الشرطة أشخاصا بتهم مماثلة، وقالت إنهم سعوا لاستخدام مواد حارقة غير مشروعة، وأبقتهم رهن الاعتقال حتى نهاية عيد النوروز.