اتفاقيات أبراهام.. هل تشهد تراجعا بعد تطبيع العلاقات بين الرياض وطهران؟

قسم الترجمة | a year ago

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة عبرية الضوء على تداعيات الإعلان الصيني عن التوصل لاتفاق يسوي الخلافات الإيرانية السعودية ويقضي بإعادة العلاقات بين البلدين، مبينة أنه يشكل تحديا لإسرائيل ولاتفاقيات أبراهام (التطبيعية) على حد سواء"

 

الاتفاق الذي جرى الإعلان عنه من بكين وبوساطتها في 10 مارس/آذار 2023، في بيان مشترك، أعلن استئناف العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران، وإعادة فتح السفارتين المغلقتين منذ 2016، في غضون شهرين.

ولم يغفل الاتفاق الجوانب الاقتصادية، ونص على تفعيل الاتفاقية العامة للتعاون في مجال الاقتصاد والتجارة والاستثمار والتقنية والعلوم بالإضافة إلى الثقافة والرياضة والشباب، الموقعة في 1998.

وضع حرج

وقالت صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية في مقال لمستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق "مئير بن شابات" إن "تقارب السعودية مع إيران يضع اتفاقيات أبراهام في وضع حرج"، والتي بدأت تل أبيب توقيعها عام 2020 مع الإمارات والبحرين والمغرب والسودان.

وبعد عودة بنيامين نتنياهو لرئاسة الحكومة الإسرائيلية في ديسمبر/كانون الأول 2022، كان التعويل يجري على إدخال السعودية تحت مظلة التطبيع، إلا أن تقاربها مع إيران سيحول دون ذلك، وفق الكاتب.

وقال "بن شابات" إن "السعودية أيقنت أنه لا يمكن الاعتماد على الولايات المتحدة في حمايتها من خطر إيران".

وقد عزا لذلك ذهابها باتجاه تطبيع العلاقات مع طهران، في خطوة وصفها بـ "المفاجئة" وأنها "تشكل صفعة لحكومة اليمين الإسرائيلية الغارقة في مآزقها الداخلية".

وانتقد الكاتب انخفاض اهتمام الإدارة الأميركية بمشاكل الشرق الأوسط، وكذلك سياستها تجاه إيران. كما وصف ممارسات إدارة جو بايدن تجاه حلفائه في المنطقة بـ "المتعجرفة".

وقد أرجع إلى هذه الأسباب "اندفاع الإدارة السعودية للالتفات إلى نفسها وتأمين ذاتها تحت رعاية بكين".

ويرى الكاتب أن الخطوة السعودية "تعبر عن مدى الضعف الأميركي في المنطقة العربية من جهة، وتعاظم قوة  المعسكر المضاد  المكون من الصين وبدعم جزئي من روسيا من جهة أخرى".

ولفت إلى أنه "يتوجب على المستشارين السياسيين الأميركيين في البيت الأبيض أن يوضحوا للرئيس أبعاد هكذا خطوة على أمن منطقة الخليج برمتها، وكيف أن الولايات المتحدة خسرت موطئ قدم هناك".

وأردف: "سيكون من الصعب جدا على الداعمين للحل الدبلوماسي تجاه إيران في البيت الأبيض إنكار الفشل الذريع الذي منيت به السياسة الخارجية الأميركية تجاه إيران، والأثمان المرتفعة التي ستدفعها لقاء ذلك".

وأكمل: "في فترة ولاية بايدن،  تعزز شعور النظام الإيراني بالحصانة، وهرولت إيران نحو قنبلة نووية وواصلت نشاطاتها في بث القلاقل".

كما حافظت إيران على الخط العدائي في سياستها عبر مليشياتها وأصابعها الإرهابية وأبرزها الحرس الثوري، وفق قوله.

لا مبالاة 

وسلط الكاتب الضوء على أن "طهران وضعت أصبعا في عين الغرب عبر تدشينها لخط تصدير طائرات انتحارية بدون طيار إلى روسيا سعيا لمساعدتها في حربها على أوكرانيا".

وبين أنها "عززت من تعاونها العسكري مع موسكو، وتستعد لإرسال أذرع أخرى إلى جبهات أخرى، مثل أميركا اللاتينية وشمال غرب إفريقيا"، وفق زعمه.

ويرى الكاتب أن إيران ستحاول إذكاء الصراع هناك بين الجزائر والمغرب. كما تحدث عن أنها "رفضت بصلف اليد التي مدتها واشنطن تجاهها في محاولة لإحياء الاتفاق النووي".

ودلل بذلك على "زيادة ثقة إيران بنفسها واستغلالها للا المبالاة الغربية وعدم رغبة الغرب في الإمساك بالثور الفارسي من قرنيه"، على حد تعبيره.

ويرى الكاتب أن "اللامبالاة التي أظهرها البيت الأبيض تجاه التطورات الأخيرة، والتعاطي مع السعودية وشركائها كما لو أنهم في جيب الولايات المتحدة، قد قلصت المسافة بين الرياض وبكين".

إذ وجدت الصين الفرصة سانحة للتمدد شرقاً أمام الفراغ الذي تركته الولايات المتحدة، بحسب تقدير الكاتب.

ومع ذلك، أكد أن "مستوى التهديد الإيراني تجاه إسرائيل بقي كما هو، وبالتالي فلا مكان لتغيير أسلوب التعاطي الإسرائيلي مع الوضع الجديد"، مبينا أن تل أبيب "ستواصل الاستعداد لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي".

فيما ينصح بن شابات الحكومة الإسرائيلية "بالإعلان الرسمي عن وفاة الاتفاق النووي الإيراني والتلويح الجدي بالتدخل العسكري المباشر ضد المنشآت النووية الإيرانية سعياً لتدمير المشروع قبل خروجه عن السيطرة".

وبين أن فرص تحقيق اختراق في جهود تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل تراجعت. ومع ذلك، يوصي بمواصلة السعي لبلورة اتفاق دون ارتباط بالتقارب الإيراني السعودي.

وزعم الكاتب: "إن خطوة تطبيع إسرائيلية – سعودية في توقيت كهذا سيرى فيها الشارع السعودي خطوة مطلوبة لموازنة العلاقة مع  واشنطن.

ونصح بـ "عدم الكلل أو الملل من هذا السياق، وبذل كل الجهود للتوصل إلى اتفاقية تطبيع مع السعودية". واختتم "بن شابات" مقالته بالإشارة إلى أن "السياسة لا تعرف الفراغ، وحيثما تنسحب سيملأ غيرك الفراغ".

وأشار إلى أن العبر المستخلصة من الاتفاق الإيراني – السعودي هي أنه "لا يوجد فراغ في عالم السياسة، ففي الوقت الذي انسحبت فيه الولايات المتحدة من أداء دور فاعل في المنطقة، فقد تنازلت فعليا عن مكانها لقوى عالمية جديدة".