شكوك متصاعدة.. هل تمول الإدارة الأميركية الاحتجاجات ضد نتنياهو؟ 

قسم الترجمة | a year ago

12

طباعة

مشاركة

تواجه الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة برئاسة بنيامين نتنياهو، منذ توليها السلطة في ديسمبر/كانون الأول 2022، أزمات سياسية داخلية وخارجية لم تمر "تل أبيب" بمثلها منذ فترة طويلة.

وسلطت صحيفة "زمن إسرائيل" العبرية الضوء على غضب رئيس حكومة الاحتلال المتصاعد من كافة الظروف السياسية التي تحيط به في الوقت الراهن.

ولفتت إلى أن أكثر ما يثير غضب نتنياهو هو الموقف الحالي للإدارة الأميركية برئاسة جو بايدن، التي تناهض كثيرا من سياسات الحكومة الإسرائيلية.

وعرجت الصحيفة على أن أحد الطرق التي يتبعها نتنياهو وقت هزائمه أو مشاكله السياسية هي الهروب للخارج، في إشارة إلى زياراته الخارجية المتكررة في الآونة الأخيرة.

عودة للوراء

تعود الصحيفة بالزمن للوراء قليلا، وتروي قصة غير شائعة في السيرة الذاتية لرئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو.

بعد انتخابات عام 1999، والتي خسر فيها أمام إيهود باراك، واجه نتنياهو صعوبة في التعامل مع ردود الفعل القاسية لأفراد عائلته وشركائه، الذين شهدوا فقدان نفوذه وشعبيته في يوم واحد.

وحينها، سارع نتنياهو لترتيب رحلة إلى باريس لإقامة حفلات أمام الآلاف من أعضاء الجالية اليهودية، والذين أمطروه بالتعاطف واستقبلوه بالتصفيق في كل مكان، وفقا للصحيفة.

وبهذا الشكل ترى الصحيفة العبرية أن نتنياهو تمكن من التغلب على الشعور بالسقوط والهزيمة، وأثبت لمن حوله أنه لا يزال قائدا قويا، وإن لم يكن في إسرائيل، فعلى الأقل في فرنسا.

وتشبه الصحيفة ما حدث منذ عقدين بما جرى إبان زيارته لروما، في 10 مارس/آذار 2023. وهو ما علقت عليه بالقول إن هذه الزيارة "أشعرته بالحيوية".

وعزت ذلك إلى أن رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، لم تزعجه بسؤاله عن الإصلاحات القضائية التي تسبب مشاكل كبيرة في الداخل الإسرائيلي، وفقا لما أفاد به مسؤول سياسي كبير مرافق لنتنياهو.

وفي لقائه مع رجال الأعمال في وزارة الاقتصاد في إيطاليا، تحدث عن القوة الاقتصادية التي لا تتزعزع لتل أبيب، وطالب الإيطاليين بالتعاون في تصدير الغاز وتحلية المياه، كونهما أكبر مشكلتين اليوم في إسرائيل. 

إذ تفاقمت المشكلة الأولى بسبب الحرب في أوكرانيا، وتعود الثانية إلى البنية التحتية المتداعية.

تصف الصحيفة المشهد في روما بأنه "للحظة وجيزة، يمكن لنتنياهو أن يتناسى التظاهرات الحاشدة في إسرائيل، والأزمة غير المسبوقة التي تعصف البلاد".

وتعمل الحكومة اليمينية برئاسة بنيامين نتنياهو على تنفيذ ما تسميها "إصلاحات" في الجهاز القضائي، فيما تصفها المعارضة بأنها محاولة لـ"الانقلاب على الديمقراطية".

وتعتمد الحكومة على أغلبيتها البرلمانية، في محاولة لتمرير تعديل قانون السلطة القضائية، لكن المعارضة ترى في هذه التشريعات محاولة لإضعاف القدرة الرقابية لهذه السلطة على السلطتين التنفيذية والتشريعية.

والتشريعات التي تدفع بها الحكومة، تشمل 4 بنود، تقول المعارضة إنها ستؤدي في نهاية الأمر إلى تركيز السلطة القضائية في يد السلطة التنفيذية، التي تسيطر بدورها أيضا على السلطة التشريعية بحكم الأغلبية البرلمانية.

والبنود الأربعة هي: الحد من المراجعة القضائية لتشريعات الكنيست (البرلمان)، وسيطرة الحكومة على تعيينات القضاة، وإلغاء تدخل المحكمة العليا في الأوامر التنفيذية (فقرة التغلب)، وتحويل المستشارين القانونيين بالوزارات إلى معينين سياسيين.

واستدركت الصحيفة أن: "غضب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من الجميع لن يسمح لراحته (من خلال الزيارات الخارجية) بأن تدوم طويلا".

إذ أكد انزعاجه من الموقف الأميركي تجاه الأزمات التي يمر بها، علاوة على الاحتجاجات المستمرة والمشاكل القانونية والقضائية، فضلا عن الانتقادات الإعلامية المتواصلة.

وأتبعت الصحيفة: "وفي مقابل تلك البيئة المثيرة للأعصاب، يوجه البعض نتنياهو لمهاجمة خصمه وزير العدل يارين ليفين، مدعين أن التسابق بين الاثنين هو ما أدى إلى ما آلت إليه الأمور الآن". لكنها أكدت أن رئيس الوزراء غير مستعد للاستماع الآن.

غاضب من الجميع

كما أفادت بأن أصعب ما يواجه رئيس وزراء الاحتلال في الوقت الراهن هو موقف الإدارة الأميركية.

وأشارت إلى اللهجة الغاضبة التي رد بها أحد أعضاء الوفد الإسرائيلي المرافق لنتنياهو على سؤال صحفي عن سبب عدم دعوة بايدن له لزيارة البيت الأبيض. وأجاب: "وجه سؤالك له هو، وليس أنا"، في إشارة إلى الرئيس الأميركي.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي كبير مرافق لنتنياهو، ادعاءه بأن "الاحتجاجات الإسرائيلية تمول جزئيا من قبل إدارة بايدن بملايين الدولارات".

وأتبع: "نتيجة متابعتنا للأحداث، نرى أن الاحتجاجات منظمة بشكل رفيع المستوى للغاية". كما أشار إلى أن هذا التنظيم والتمويل مدعوم جزئيا من قبل الإدارة الأميركية الحالية.

ولم يكن هذا التصريح الأوحد الذي يتهم فيه مسؤول إسرائيلي الإدارة الأميركية بهذه الاتهامات. إذ قدم ياكوف باردوغو مساعد نتنياهو، ادعاء مماثلا على القناة 14 خلال مارس/آذار 2023.

كما شارك نجله يائير نتنياهو مقالا من موقع "بريتبارت" اليميني الأميركي، يزعم فيه أن وزارة الخارجية الأميركية تمول إحدى مجموعات الاحتجاج. 

كما ذكرت الصحيفة أن جزءا أساسيا من غضب نتنياهو عائد إلى موقف الأجهزة الحكومية الداخلية في إسرائيل.

وبهذا الشأن، نقلت الصحيفة عن أحد المقربين من نتنياهو هجوما لاذعا ضد المستشارة القانونية غالي بيهارف ميارا التي وصفها بأنها "شخص وقح بشكل ميؤوس منه".

وأضاف أنه "لم يخترها أحد لإدارة الدولة، ولا يمكنها بأي حال من الأحوال أن تعارض قرار وزير في الحكومة". كذلك لفتت إلى غضب نتنياهو من النظام القضائي والنيابة العامة.

وفي هذا الصدد، أشار مسؤول سياسي كبير، ردا على سؤال من "زمن" العبرية، إلى الجشع القانوني الذي نشأ في إسرائيل على مر السنين، مما استدعى وضع خطة "الإصلاح القضائي".

علاوة على ذلك، أفادت الصحيفة أن "هدف نتنياهو الرئيسي الآن هو تمرير القوانين بطريقة تجعلها تصمد أمام اختبار المحكمة العليا".

وأكملت: "نتنياهو لا يرى أي حل وسط لهذه الأحداث المتصاعدة، ولا سيما بعد جهود رئيس الدولة يتسحاق هرتسوغ ضد خطة التعديلات القضائية".

ولذلك فإن المناقشات المكثفة التي يجريها نتنياهو مع وزير القضاء يارين ليفين والمسؤولين القانونيين هي بالأساس حول التعديلات التي يجب إجراؤها في مواد الإصلاح، حتى لا يكون لدى قضاة المحكمة العليا سبب لرفض هذه الخطة.

واختتمت الصحيفة تقريرها بالإشارة إلى أن جميع هياكل الدولة تقف في الجهة المقابلة لمساعي نتنياهو.

وبينت أن "وسائل الإعلام لا تشجعهم، والنيابة لا تتخذ إجراء ضد أولئك الذين يهددون بقتلهم، فضلا عن أن المتظاهرين هم أبناء تل أبيب، وكلهم الآن مجموعة واحدة لا تمثل الغالبية العظمى التي تدعم رئيس الوزراء".