حلفاء في "الناتو" يتحركون ضد أنقرة.. لماذا يثيرون الفتنة حول تركيا؟

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

تناولت صحيفة صينية تداعيات إعلان 9 دول أجنبية، مطلع فبراير/ شباط 2023، إغلاق قنصلياتها لدى تركيا مؤقتا، بسبب مزاعم الخوف من حدوث هجمات إرهابية.

وقالت صحيفة "سوهو" إن "هذا الموقف أثار غضب المسؤولين الأتراك، الذين اعتبروا ذلك نوعا من الحرب النفسية الرامية للإضرار بمصالح أنقرة".

حليفان أم خصمان؟

وذكرت الصحيفة أن سبب هذا القلق هو أن "تركيا تحت قبضة تسع دول غربية، متحدة تحت قيادة الولايات المتحدة". 

وأضافت: "رغم كون الولايات المتحدة شريكة لتركيا في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، إلا أن هذا لم يمنعها و8 دول أخرى من نشر تحذيرات حول هجمات إرهابية محتملة في الأراضي التركية".

وتابعت: "وهو ما أثار غضب وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، مما اضطره إلى توجيه توبيخ شديد القسوة للسفير الأميركي جيفري فليك، يطالب فيه الدول الغربية برفع أيديهم القذرة بعيدا عن تركيا".

وأضاف صويلو موجها انتقاده "اللاذع" للسفير الأميركي، خلال كلمة له في اجتماع وزاري بأنطاليا في 3 فبراير/ شباط 2023: "عليّ أن أكون واضحا للغاية، أعرف جيدا ما فعلتموه لإثارة الفتنة في تركيا، وكيف تريدون استفزازها".

وحسب وصف الصحيفة "لم تظهر الدولتان، تركيا والولايات المتحدة، بمظهر الحليفين، بل بدا وكأنهما خصمين لدودين".

وعلى إثر التحذيرات التي نشرتها الدول الغربية التسعة، أٌغلقت العديد من السفارات الغربية في تركيا، ولذلك ردت أنقرة بإصدار تحذيرات مماثلة.

وحذرت أنقرة مواطنيها بالخارج من احتمالية وقوع هجمات عنصرية معادية للإسلام في الولايات المتحدة وأوروبا.

كما استدعت تركيا السفراء التسعة، بمن فيهم فليك، لإدانة عمليات إغلاق القنصليات، واصفا ما حدث بأنه "محاولة للتأثير على الحملة الرئاسية المزمع إجراؤها في مايو/ أيار 2023".

من جهة أخرى، ترى الصحيفة الصينية أن "هذه التحذيرات كانت بمثابة ضربة للسياحة في تركيا، والتي تعد من أهم أركان الاقتصاد".

وفي تصريح لإحدى وسائل الإعلام المحلية، قال صويلو إن "الدول الغربية تشن حربا نفسية ضد تركيا، كما أنهم  يحاولون زعزعة استقرارها".

إثارة الفتنة

وطرحت "سوهو" تساؤلا محيرا، قالت فيه إن "الدول التسع التي استدعتها تركيا، باستثناء سويسرا والسويد، كلها دول حلفاء في الناتو، فلماذا يثيرون هذه الفتنة حول تركيا إذن؟".

وتعتقد الصحيفة أن "الفتيل الذي أشعل الوضع إلى هذا الحد هو مسألة انضمام السويد وفنلندا إلى حلف الناتو".

وفي حين صدقت الغالبية العظمى من الدول الحلفاء في الناتو على انضمام البلدين، تعارض تركيا ذلك بشدة، بدعوى أن البلدين "يسمحان بممارسة أنشطة إرهابية على أراضيهما".

وتفاوضت تركيا مؤخرا على مسألة قبول طلب الانضمام، مقابل تنفيذ البلدين بعض الإجراءات العملية، وعلى رأسها تسليم بعض الرؤوس الإرهابية التابعة لحزب العمال الكردستاني. 

لكن في المقابل، رأت السويد أن ما تطلبه تركيا يفوق تحملها، كما ثارت بعض القوى اليمينية المتطرفة، فقاموا بحرق القرآن الكريم قرب سفارة أنقرة في السويد.

وأثار هذا الحادث غضب أنقرة بشدة، مما دفع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان  للتصريح بأنه "لا يجب على السويد أن تنتظر دعم بلادنا بعد الآن لانضمامها إلى حلف الناتو".

وفي سياق هذه الأزمة، انحازت الدول الغربية لجانب السويد، مما تسبب في فرض ضغوط شديدة على تركيا، حسب ما أوردته "سوهو".

وفي 3 فبراير/ شباط 2023، تلقت تركيا تهديدا علنيا من اثنين من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بشأن شرائها لطائرات مقاتلة من طراز "F16"، في حال استمرت على معارضة انضمام السويد إلى الناتو.

لكن من ناحية أخرى، لفتت الصحيفة إلى أن "الصين وقفت إلى جوار تركيا ودعمتها".

وبحسب المعلومات الصادرة عن وزارة الخارجية الصينية، أبدى وزير الخارجية، تشين جانغ، خلال مكالمة هاتفية مع نظيره التركي، تشاووش أوغلو، دعم بلاده لأنقرة "في اتباع مسار التنمية الذي يناسبها، وحماية السيادة والأمن الوطني، كما عارض تدخل القوى الخارجية في الشؤون الداخلية لها".

بدوره، قدم تشاووش أوغلو وعدا واضحا بمواصلة الجانب التركي التمسك بسياسة الصين الواحدة.

صناعة السمعة

وحللت "سوهو" الدور الذي تلعبه تركيا في الساحة السياسية الدولية، حيث اعتبرت أنها تقوم بـ3 أدوار.

أولها أنها -من وجهة النظر الأميركية- تحاول تحرير نفسها من الهيمنة الأميركية، إضافة إلى سعيها لفرض قوتها بشكل أكبر تدريجيا.

وهنا أبرزت الصحيفة المفارقة بين عضوية تركيا برئاسة أردوغان في حلف الناتو، وبين اللقاء بينه وبين بوتين بشكل دوري متكرر.

هذا فضلا عن معارضته انضمام السويد وفنلندا إلى الحلف، رغما عن الجميع.

كذلك أوردت الصحيفة صورة أردوغان خلال قمة شنغهاي للتعاون عام 2022، حيث ظهر فيها جالسا في المركز بين الزعماء المجتمعين، وبينهم بوتين وعدد من قادة آسيا الوسطى، كأنه يروي لهم قصة بينما هم منتبهون إلى حديثه باهتمام.

ووصفت الصحيفة هذه الصورة بأنها "الأكثر فخرا وفخامة" لأردوغان.

ولذا تساءلت الصحيفة "ما إن كانت تركيا لا تزال تابعة لحلف الناتو؟".

كذلك قالت الصحيفة إن السمعة التي صنعتها تركيا لنفسها "ليست متوهمة أو زائفة".

واستدلت في ذلك بالطريقة التي ثار بها وزير الخارجية التركي على سفراء الدول الغربية التسعة، حتى أنه وبخ السفير الأميركي.

كذلك رد أردوغان بقوة حين هددت تركيا من قبل مجلس الشيوخ الأميركي بعدم بيعها مقاتلات " F-16 "، فقال: "إذا لم تبع الولايات المتحدة لنا هذه الطائرات، فهناك دول أخرى تبيعها لنا".

كذلك لفتت الصحيفة إلى المشكلة الكبرى التي سيواجهها الناتو إذا ما اصطفت أنقرة إلى جانب موسكو، حيث إن الحلف -كما تقول الصحيفة- "بحاجة إلى تركيا أكثر من غيرها".

كذلك انتهجت الحكومة التركية سياسة مخالفة لكافة البنوك المركزية حول العالم، حيث خفضت تركيا أسعار الفائدة رغم وصول نسبة التضخم إلى 80 بالمئة، في الوقت الذي رفعت فيه البنوك المركزية حول العالم أسعار الفائدة.

وثالثها أن "المصلحة الوطنية هي بوصلة السياسة التركية دائما".

واستدلت على ذلك بأن تركيا -خلال السنوات العشر الماضية- كانت ترى روسيا عدوا لها، حتى أنها أسقطت طائرة مقاتلة تابعة للقوات الجوية الروسية إبان الحرب السورية.

لكن حين اقتضت مصلحتها التقارب مع روسيا، فعلت ذلك، حسب الصحيفة.

وعلقت: "لا أصدقاء أبديون، ولا أعداء أبديون، لكن تبقى المصالح هي الدائمة الأبدية".

وأردفت: "تلعب تركيا دورها كحليف للغرب، في ذات الوقت الذي تقترب من روسيا أكثر فأكثر".

وتساءلت: "الآن تعرقل تركيا انضمام السويد وفنلندا إلى الناتو، فهل تتركها الولايات المتحدة؟".

واختتمت مجيبة: "بالطبع لا، لذلك تواجه تركيا مؤخرا حراكا ضدها من قبل الدول الغربية، فاليوم 9 دول، لكن قد تصبح 19 بعد الغد، ثم 29 بعد ذلك".