زيارات واتفاقيات متسارعة.. ما مدى نجاح الشراكة بين الجزائر وإيطاليا؟

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة لكسبريسيون الجزائرية الناطقة بالفرنسية، الضوء على زيارة رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، إلى الجزائر العاصمة وما تحمله من أهداف. 

وفي 22 يناير/كانون الثاني 2023، كان في استقبال ميلوني عند نزولها من الطائرة في مطار هواري بومدين، رئيس الوزراء الجزائري أيمن بن عبد الرحمن. وكذلك اجتمعت برئيس الجمهورية الجزائرية عبد المجيد تبون، صباح اليوم التالي.

وذكرت الصحيفة أن هذه الزيارة ليست أول لقاء يجمع عبد المجيد تبون وجورجيا ميلوني، حيث التقيا بالفعل على هامش القمة العالمية للبيئة، كوب 27، في شرم الشيخ بمصر، في نوفمبر/تشرين الثاني 2022.

مواصلة الزخم

وحسب قولها، فقد بددت هذه المقابلة كل الشكوك- إن وجدت- حول إرادة رئيسة الوزراء الإيطالية الجديدة بمواصلة زخم سلفها، ماريو دراجي. 

وبشكل عام، لم يكن هناك توتر سلبي في العلاقات بين البلدين، سواء قبل الانتخابات التشريعية الإيطالية أو بعدها.

فلم يتغير الأمر في عهد دراجي، أو بعد ظهور نتائج الانتخابات وما تمخض عنها من صعود ميلوني إلى أعلى هرم للسلطة في إيطاليا.

وأبرز التقرير أنه بمجرد تولي ميلوني منصب دراجي، أجرت وزيرة الخارجية الإيطالية اتصالات مع نظيرها الجزائري، وجددت رغبة بلادها في تعزيز الشراكة الثنائية.

وعزا أحد الأسباب الرئيسة لتطور العلاقات بين الطرفين إلى رغبتهما في إحياء محور الجزائر – روما.

ويعد ذلك سببا كافيا، في رأي الصحيفة، لتوحيد مواقفهما وجهودهما، إذ يمكنهما ذلك من تجاوز المعوقات الأيديولوجية أو النقاط الخلافية.

ومن خلال متابعة الاتفاقات الثنائية الموقعة من طرف سلفها، توضح ميلوني الطبيعة الإستراتيجية والعمق التاريخي للشراكة بين الجزائر وروما.

وهي علاقة ممتدة تستند على عمق تاريخي لا يمكن إنكاره من أي جانب، بحسب صحيفة لكسبريسيون. 

ووصفت هذه الزيارة بأنها زيارة "عمل وصداقة"، مشيرة إلى أنها تمثل حلقة أخرى في سلسلة العلاقات الدبلوماسية التي تعمل الجغرافيا السياسية في الوقت الحالي على تعزيزها وترسيخها. 

كما أنها تستمد وجودها كذلك من الرغبة المشتركة في إبراز التعاون بين أوروبا وإفريقيا. 

وفي هذا السياق، لم تخف الجزائر أبدا -حسب الصحيفة- طموحها الإفريقي، حيث يمكن لإيطاليا أن تكون بمثابة شريك أوروبي آمن.  

وأتبعت: "لكن لن يكون لهذا المحور معنى إلا من خلال بناء شراكة إستراتيجية دائمة ومتوازنة بين الجزائر وإيطاليا".

مشاريع واتفاقيات

وفي هذا الإطار، أفاد التقرير بـ "اعتزام رئيسة مجلس الوزراء الإيطالي أداء دورها في العمل الضخم الذي كان الرئيسان عبد المجيد تبون وسيرجيو ماتاريلا قد أرسيا أسسه خلال زياراتيهما المتبادلة".

وفي إشارة إلى هذا الاهتمام الخاص الذي توليه إيطاليا لعلاقاتها مع الجزائر، نوه التقرير إلى أن "زيارة ميلوني إلى الجزائر هي الأولى من نوعها منذ وصولها على رأس السلطة التنفيذية لبلدها".

وبعبارة أخرى، فإن الجزائر هي المحطة الأولى في الخارج في مسيرة رئيسة الحكومة الإيطالية.  

وتؤكد الصحيفة أن "كثافة العلاقات الجزائرية الإيطالية ستترجم إلى مشاريع واتفاقيات تتناسب مع الطموح الذي يحرك قادة البلدين".

ولعل أحد أبرز هذه المشاريع، وفق ما أورده التقرير، هو مصنع سيارات فيات، الذي يعد رمزا لهذا التعاون المتجدد. واستدرك: "لكن هدف الشراكة يتجاوز بكثير إنشاء وحدة إنتاج لسلع استهلاكية". 

وأضاف: "فبين الجزائر وروما، نية مشتركة وحازمة في تبادل الخبرات، ونقل المعرفة والتكنولوجيا، والعمل المشترك في الاختراق الفعال للسوق الإفريقية".

باختصار، آفاق التعاون هائلة، وتكاد لا توجد حدود لها، وهي تحتاج إلى رؤية إستراتيجية والتزام مخلص وصادق في جميع المجالات، وفق الصحيفة.

ومن ناحية أخرى، لن تكون زيارة ميلوني وحدها -مثلها مثل رحلتي ماريو دراجي في عام 2022- كافية لتحديد المسار الكامل الذي سيتعين على البلدين قطعه لتحقيق الأهداف الرئيسية، ولكن يجب أن تكون الإشارات الأولى مرئية بالفعل للشريكين.

وأشارت الصحيفة إلى أن "القمة الحكومية الدولية الرابعة لمنتدى الأعمال الذي يجمع 500 شركة من كلا البلدين (عقدت في يوليو/تموز 2022 بالجزائر)، والاتفاقيات بشأن الشركات الناشئة والتعاون الصناعي والطاقات المتجددة، تعد هي الأضواء أو الإشارات الصغيرة التي تمنح الأمل في تعزيز وتطوير العلاقات من الجانبين".  

وفي ذات الصدد، عرج التقرير على المشروع الواعد لنقل الكهرباء الجزائرية إلى أوروبا، بالاعتماد على الجزائر. 

وحسب الصحيفة، فقد أكد مراد عجال الرئيس التنفيذي لشركة سونلغاز (جزائرية حكومية) وجود دراسة بالفعل تبحث في الوقت الجاري كيفية إقامة هذا المشروع.

ولكن "حتى لو نجح هذا المشروع، فلن يكون سوى قطرة في بحر من المشاريع الجزائرية الإيطالية، التي سيتعين على البلدين إنجازها في سبيل بناء جسر من الفرص بين أوروبا وإفريقيا". 

وأكدت أن الوضع اليوم ينبئ أنه "لن يفشل رئيس الجمهورية الجزائرية ورئيسة الوزراء الإيطالية في تأسيس ركائز هذا الجسر".

واختتمت: "إنه حقًا عمل تاريخي سيكتب تاريخا مشرقا في سجلات الشراكات الناجحة بين دول إفريقيا وأوروبا".