"صفقة القرن".. لماذا فشل كوشنر في إقناع الفلسطينيين؟

12

طباعة

مشاركة

كشفت الورشة التي احتضنتها المنامة في هذا الأسبوع، عن وجهة نظر متطابقة -بشكل لافت وغريب- بين الإسرائليين والأمريكيين والعرب المنضمين لها، حيث أكدوا جميعهم أنهم يرون في إيران عدوًا لهم وتهديدا لأمن المنطقة.

تطرقت الكاتبة التركية، نيلجون تاكفيدان جوموش، إلى ما يعرف إعلاميا بـ"صفقة القرن" التي عارضها الفلسطينيون بشدة، ولفتت في مقال نشرته صحيفة "حرييت" التركية، إلى أن الأسباب التي من أجلها عارض الفلسطينيون الصفقة كثيرة، قبل أن تذكرها تباعًا، وتجيب عن سؤال عنونت به مقالها "لماذا لم تقنع الولايات المتحدة الأمريكية الفلسطينيين؟". 

وقالت الكاتبة، إن واحدًا من بين الموضوعات المهمة لهذا الأسبوع كانت ورشة العمل التي عقدت بالبحرين وتناولت التوتر بين الولايات المتحدة وإيران، وكذلك "خطة السلام"/ "خطة القرن" التي وضعتها واشنطن كحل للقضية الإسرائيلية الفلسطينية وهي في حقيقتها احتلال. 

"فرصة تاريخية"

وأوضح المقال أنه في ورشة العمل يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين، تم الإعلان عن الدعامة الاقتصادية لهذه الخطة، التي وقّعها صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وكبير مستشاريه، جاريد كوشنر وفريقه. 

تهدف الخطة إلى زيادة رفاهية المنطقة من خلال استثمار 50 مليار دولار في اقتصادات فلسطين والدول العربية المجاورة بدعم من الدول المانحة والمستثمرين. ووفقًا للولايات المتحدة، تعد الخطة بالأمن والثروة.

وتتمثل الأرقام المعلنة مسبقا في ضخ استثمارات في الأراضي الفلسطينية بقيمة 28 مليار دولار، بينما ستخصص استثمارات أخرى (منح وقروض مدعومة)، بقيمة 22 مليار دولار في بلدان الأردن ومصر ولبنان.

وروّج كوشنر، عبر فيديو في اليوم الأول لمشاريع تنموية واستثمارية لضخها في المنطقة، سيما الضفة الغربية وقطاع غزة، دون الإشارة إلى شكل حدود دول المنطقة، بما فيها إسرائيل وفلسطين رغم حديث واشنطن عن "فرصة تاريخية" لحل الصراع.

واختُتمت مساء الأربعاء الماضي ورشة عمل في المنامة أطلقت فيها واشنطن الجانب الاقتصادي من خطتها للسلام في الشرق الأوسط، واتهم فيها مستشار البيت الأبيض القيادة الفلسطينية بالفشل في مساعدة شعبها، مؤكدا أن "الباب لا يزال مفتوحا" أمامها.

وقاطع الفلسطينيون الورشة، قائلين إنه لا يمكن الحديث عن الجانب الاقتصادي قبل التطرق إلى الحلول السياسية الممكنة لجوهر النزاع، معبرين عن سخطهم ورفضهم للخطة.

وقال كوشنر إن الباب لا يزال مفتوحا أمام الفلسطينيين للانضمام إلى خطة السلام الأميركية التي لم تتضح معالمها السياسية بعد، قائلا: "لو أرادوا فعلا تحسين حياة شعبهم، فإننا وضعنا إطار عمل عظيم يستطيعون الانخراط فيه ومحاولة تحقيقه".

لماذا تعد الخطة موضع شك؟

أفادت الكاتبة أنه لا يبدو أن الخطة التي يسميها كوشنر "فرصة القرن" أقنعت الفلسطينيين في الوقت الحالي. لأن الإعلان عن هذه الخطة، جاء بعد الخطوات المهمة التي اتخذتها الإدارة الأمريكية لصالح إسرائيل. هذه المبادرة، التي جاءت بعد قرارات مثل إعلان القدس عاصمة لإسرائيل ووقف المساعدات للفلسطينيين، قوبلت بشك من جانب الفلسطينيين.

بالإضافة إلى ذلك، فإن بعض الادعاءات والبيانات المسربة حول الشق السياسي للخطة الأمريكية تزيد من تفاقم هذا الشك، سيما وأن مقابلات كوشنر مع قناة "الجزيرة" غير مرة أكدت أن الخطة لن تحذو حذوَ المبادرة العربية، ولا علاقة لخطته بها. وزادت الكاتبة، المبادرة العربية تتوقع قيام دولة فلسطينية مستقلة داخل حدود عام 1967، عاصمتها القدس الشرقية. كما أن كوشنر لا يوضح ما إذا كانت الولايات المتحدة تدعم حل الدولتين.

عارضت كل من القيادة الفلسطينية في الضفة الغربية وحركة المقاومة مثل "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، المسيطرة على غزة، الخطة رغم خلافاتهما (الخلافات هنا بين السلطة الفلسطينية الموجودة بشكل رئيسي في الضفة وحركة "حماس" المتواجدة في قطاع غزة). وقد أشار الجانب الفلسطيني على اختلاف أطيافه إلى أن الاحتلال والحصار الإسرائيلي كان سببًا في الفقر وزيادة معدلاته في المنطقة وأن الحصار والاحتلال والاستيطان لا يمكن له أن يجلب الخير لفلسطين وشعبها.

من السخرية أن تتولى مجموعة من الرجال المدفوعين أيديولوجيًا، وعلى صلات وثيقة بالرئيس الأمريكي ودولة الاحتلال الإسرائيلي، صياغة "خطة سلام" للشرق الأوسط، ذلك بحسب ما ذكرته حنان عشراوي، عضو اللجنة التنفيذية لـ"منظمة التحرير" الفلسطينية. عشراوي شددت في مقال على موقع "نيوز ويك" الأمريكية، أنه لا يمكن الوثوق بذلك المزيج المتحيز، لقيادة أي نوع من السلام في الشرق الأوسط.

ونقلت الكاتبة عن عضو المجلس الوطني الفلسطيني والنائب في المجلس التشريعي (البرلمان)، التي تعيش في الضفة الغربية، أن هذه الخطة تهين ذكاء الفلسطينيين. ورأت عشراوي أن المشكلة الرئيسية هي الاحتلال الإسرائيلي نفسه، مشيرًة إلى أنه لم يتم التعبير عن هذا الاحتلال مرة واحدة في ورشة العمل ولم يتم ذكره في المؤتمر المذكور. وقالت: إن "ورشة العمل في المنامة ماكرة للغاية.. إنها منفصلة تماما عن الواقع.. الاحتلال (الإسرائيلي) نفسه هو الأمر الواضح وضوح الشمس".

وانتقد رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، إسماعيل هنية، الخطة بوصفها "محاولات خادعة وتلاعبا بالألفاظ على حساب الحقوق التاريخية الثابتة للشعب الفلسطيني".

وتدعم السعودية والإمارات الخطة بشكل متحفظ، لكن دولا عربية عديدة -منها لبنان- نأت بنفسها، في حين أرسلت كل من مصر والأردن -الدولتين العربيتين اللتين أبرمتا معاهدة سلام مع إسرائيل- نائب وزير المالية لهما. وعقدت ورشة العمل في إسرائيل في وقت نوقشت فيه الاستعدادات الانتخابية المبكرة لشهر سبتمبر/أيلول، والضم الجزئي للضفة الغربية.

في يوم الأحد الماضي، قام رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، شخصيًا بنقل مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جون بولتون إلى وادي الأردن (الأغوار) في الضفة الغربية، للضغط من أجل خطة سلام محتملة لإسرائيل. تعتبر الأرض الفلسطينية، (الأغوار) -حيث يعيش 65 ألف فلسطيني و10 آلاف مستوطن- منطقة زراعية مهمة. يقال إن خطط التطوير ستزيد من مستوى الرفاهية في المنطقة وتزيد من أمن الطرفين من خلال التعاون المتبادل.

وقال كوشنر إنه إذا تم إلغاء الانتخابات المبكرة في إسرائيل، فسيتم الإعلان عن الشق السياسي للخطة في الخريف. 

الجبهة المعارضة لإيران

وتابعت الكاتبة، أن البعد الآخر للورشة هو تقريب الدوائر العربية والإيرانية من إسرائيل؛ وهذا ليس استنتاجًا -بحسبها- ففي الواقع، أكد وزير الاقتصاد الإسرائيلي إيلي كوهين ذلك، وأشار إلى أن الوفود العربية أتيحت لها الفرصة لتعزيز الصفوف في وجه التجارة المتبادلة والعدو المشترك، قائلا: "لقد كانت في الواقع قمة إقليمية ضد إيران.. نرى تحالفاً في الشرق الأوسط (يقصد به العرب) الذي يدرك أن التهديد الأمني هو إيران".

وختمت جوموش مقالها قائلة: "باختصار، هذا ما تبقى من ورشة المنامة. ويبدو أن الشق السياسي لخطة مقنعة ومستمرة غير مكتمل في الوقت الحالي، وصوت الفلسطينيين يحتاج إلى مزيد من الاهتمام.