رغم "انسحابها".. موقع روسي يرصد أسباب تعزيز أميركا وجودها بسوريا

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

كشفت صحيفة روسية عن نشاط كبير يطرأ على القوات الأميركية الموجودة بمناطق شمال شرقي سوريا الغنية بحقول النفط، رغم ادعاءات واشنطن عزمها الانسحاب من المنطقة.

وذكرت صحيفة "إزفستيا" أن معونات كبيرة وصلت إلى القوات الأميركية عبر الحدود العراقية، مفسرة ذلك برغبة واشنطن في إعادة تموضع قواتها وإنشاء قاعدة جديدة جنوبي محافظة الرقة السورية.

حشد لافت

وقالت الصحيفة الروسية، إن قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، العاملة في شمال شرق سوريا، تنوي إنشاء قاعدة عسكرية جديدة في المناطق الواقعة تحت سيطرتها. 

ويُلاحظ أن الولايات المتحدة قد أرسلت أخيرا تعزيزات عبر الحدود العراقية عبارة عن قافلة عسكرية كبيرة تتكون من مئات الشاحنات. كما بدأ نقل قوات وأصبحت الطائرات بدون طيار أكثر نشاطا.

وتسيطر الولايات المتحدة حاليا على 28 منشأة عسكرية في سوريا، تقع في ثلاث محافظات في البلاد: الحسكة ودير الزور وحمص. 

من جانبه، نشر المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره المملكة المتحدة صورا تظهر بناء قاعدة جديدة جنوب مدينة الرقة بالقرب من جسر الرقة على نهر الفرات.

في الوقت نفسه، يُلاحظ أن موقع القواعد غير القانونية لواشنطن يشبه طوقا يحيط بحقول النفط والغاز الواقعة شرقي الفرات وتمثل معظم ثروات سوريا الباطنية. 

وتتهم السلطات في دمشق الولايات المتحدة بتهريب نفطها وبيعه في الخارج، مؤكدة أن مثل هذه التصرفات تعد انتهاكا صارخا للقانون الدولي.

بالإضافة إلى ذلك، أفادت وسائل إعلام عربية أن الولايات المتحدة بدأت في إعادة تجميع مقاتلي المعارضة السورية الموالين لها، والموجودين في جنوب شرقي سوريا، في قاعدة التنف.

وعلى وجه الخصوص، تلقت القوات المعارضة لنظام بشار الأسد دعما ماليا وعسكريا. ويُذكر أن الأميركيين يخططون لزيادة عدد المسلحين في القاعدة بما لا يقل عن ألفي شخص. 

وكانت قد أفادت وزارة الدفاع الروسية، في أكتوبر/ تشرين الأول 2022، بأن عدد الهجمات التي يشنها مسلحون على قوات النظام السوري في منطقة التنف التي تحتلها الولايات المتحدة في محافظة حمص قد تزايدت، ويجرى تدريب مقاتلي المعارضة هناك.

وبشكل عام، خلال رئاسة جو بايدن، تم تحسين معظم المنشآت العسكرية في سوريا، إذ تم بناء مدارج لطائرات الشحن، وزيادة مساحة القواعد، وتحسين الغطاء الجوي، وأكثر من ذلك بكثير.

تطورات مقلقة

وأكد الخبراء الذين قابلتهم "إزفستيا" أنهم على يقين من أن الخطوات التي اتخذتها الولايات المتحدة في سوريا تتناسب تماما مع إستراتيجية واشنطن في الشرق الأوسط.

وعلى الرغم من تغيير الإدارات، فإن السياسة الخارجية الأميركية في الواقع لا تتغير أبدا خاصة في الشرق الأوسط بغض النظر عما إذا كان الديمقراطيون أو الجمهوريون هم من بيدهم السلطة.

يمكن فقط تغيير أساليب تحقيق الأهداف والغايات والمصالح الوطنية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط.

أما عن وصول قوات دعم أميركية كبيرة إلى شمال شرق سوريا، فبعد انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان، بدأ كثيرون يتحدثون عن تقليص كبير في وجود الأميركيين في المنطقة.

وشدد الخبراء على أنه إذا تم إغلاق قاعدة ما، فسيتم إعادة توزيع قوات الأمن على منشآت عسكرية أميركية أخرى في المنطقة.

ومن الواضح أن هناك ما يكفي منهم: في الإمارات وقطر والبحرين والسعودية والعراق.

على أي حال، لا يزال من الممكن النشر السريع لوحدة قوامها ما لا يقل عن ألف ونصف إلى ألفين في المنطقة.

والأردن حليف قديم للولايات المتحدة. ويتمتع بإمكانية الوصول المتزامن إلى سوريا وإسرائيل وفلسطين والعراق وحتى، إذا لزم الأمر، إلى شمال السعودية.

لذلك، فإن موقع الوحدات المنتشرة في قاعدة التنف بالقرب من الحدود مع العراق والأردن ليس مفاجئا. 

ووفقا لما ذكره الخبراء، فإن الوضع في المنطقة الآن لا يمكن التنبؤ به للغاية، ولا سيما في ظل استئناف الأعمال العدائية في اليمن.

كما يجرى دعم قوات الأكراد في شمال العراق بنشاط من قبل الولايات المتحدة. فمن المحتمل أن يكون هناك عدوان إيراني غير مباشر عليهم. لذا فهم بحاجة إلى حشد للتأثير على الوضع.

خطوط متشابكة

ومن الصعب تحديد مدى أهمية سوريا في هذا السياق، لأن خطوط التوتر الرئيسة تكمن بين السعودية وإيران، وبين إيران وإسرائيل، وبين إيران وكردستان العراق.

فإنه من غير المحتمل أن تكون الولايات المتحدة تستعد لاتخاذ إجراءات نشطة ضد نظام الأسد، فهي الآن مهتمة أكثر بإيران.

وعلى الرغم من أنه لا يزال من المستحيل استبعاد حدوث تطورات أخرى في الاتجاه السوري، إلا أن الخبيرة الروسية أوستانين جولوفنيا تكاد تكون متأكدة من ذلك. 

ويتشاطر المستشرق الروسي أندريه أونتيكوف وجهة نظر مماثلة.

ويقول أندريه: "لن أقول إن هناك تغييرات جذرية في السياسة الأميركية. حيث تم بالفعل إرسال تعزيزات عبر الحدود العراقية السورية".

ويضيف: قد لعب الأميركيون بنجاح كبير واستمروا في لعب دور القيادة بتحريك روسيا وإيران وتركيا. ووجودهم في المنطقة مزعج للغاية لهذه البلدان الثلاثة.

ومضى يقول: وعلى الأرجح، في موسكو وأنقرة وطهران لا يوجد فهم لكيفية حل مشكلة انسحاب القوات الأميركية من سوريا. 

وبحسب رأي الخبير، لا يرغب أي من الدول المدرجة في تفاقم الوضع.

ولذلك على موسكو وطهران دائما التفكير فيما قد يأتي من قبل قاعدة التنف: ماذا سينتج عن الجماعات المسلحة والأسلحة أو مخيم الهول للاجئين، الذي أصبح أرضا خصبة للمسلحين في سوريا.

وعلى سبيل المثال يجب على تركيا، أن تتعامل مع الدعم الأميركي الهائل للأكراد. حيث قال ترامب، إن الأميركيين سينسحبون من سوريا، لكن هذا لم يحدث.

من وجهة نظر اقتصادية، الولايات المتحدة تفعل ما تحب أن تفعله في المنطقة مثل ضخ النفط السوري، مؤكدا أن الإستراتيجية الأميركية لم تتغير.