نادي الخريجين باليمن.. كيان "حوثي" يظهر نشاطا طلابيا ويخفي تزييف الوعي

عصام الأحمدي | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

بعد حملة شعبية واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي ضد انتهكاته، أعلنت مليشيا الحوثي اليمنية الموالية لإيران تعليق أعمال "نادي الخريجين" في 2 أكتوبر/ تشرين الأول 2022.

وأقرت لجنة حوثية مكلفة بالنظر في ملف "نادي الخريجين" تعليق عمله لأجل غير مسمى، والتحقيق مع من يثبت عليه أي إدانات سلوكية أو مالية أو تصرفات غير قانونية بحق الخريجين، بحسب بيان نشرته وكالة " سبأ" بنسختها الحوثية".

وفرضت المليشيا عبر ما يسمى بـ"نادي الخرجين"، إجراءات وضوابط مشددة على طلاب الجامعات في مناطق سيطرتها، في إطار نهجها المتواصل في تدمير العملية التعليمية وتزييف وعي الطلاب اليمنيين.

لكن اللجنة أشارت في تغريدة عبر تويتر إلى أنه خلال هذه الفترة سيقوم بالعمل بدلا عن نادي الخريجين فريق من غير أعضاء النادي المشكوك بهم، وهو ما يعني استمرار القيود والتضييق على الفعاليات الطلابية.

انتهاكات وضغوط

وضجت وسائل التواصل الاجتماعي أخيرا بمنشورات منددة بممارسات تعسفية لنادي الخريجين، في مقدمتها قمع الحريات الخاصة وتعطيل احتفالات الطلبة، وجباية الأموال بطرق غير قانونية.

وتداول ناشطون وإعلاميون يمنيون مقاطع فيديو وصورا لممارسات نادي الخريجين واعتداءاتهم على الخريجين وقاعات الاحتفالات واستخدام السلاح لإجبار الحاضرين على الانصياع لتعليماته.

وفي كل عام تتزايد سلطة النادي وتضييقه على الطلاب ومقدمي الخدمات للحفلات والأنشطة الجامعية، كمكاتب تنظيم المناسبات، والتصوير، والتمثيل، والإنشاد، ومالكي صالات، ومعامل الخياطة، وشركات الأمن، لإجبارهم على الالتزام بتعليماته.

ويبدأ النادي بالتدخل في شؤون الطلاب من أول يوم دراسي، من خلال فرض مندوبين ومندوبات من المنتمين لمليشيات الحوثي، كما أنه يزكي المقربين منه لرئاسة اللجنة التحضيرية لحفلات التخرج، حتى يملي عليهم الشروط التي يريدها النادي ومن ورائه المليشيا.

وأصدر نادي الخريجين قرار فصل الطلاب عن الطالبات في احتفالات التخرج في يناير/ كانون الثاني 2021، ودعا جميع اللجان التحضيرية التي تخطط لإقامة احتفالاتها لتطبيق القرار.

ويتدخل النادي الحوثي بكل التفاصيل لحفلات التخرج، ابتداء من اختيار شعار لجنة التخرج، والاطلاع على برنامج الحفل وتعديل فقراته واعتماد المجلة قبل الطباعة، وبالطوهات التخرج.

بعد التأكد من أن القماش واللون والتصميم والعبارات المكتوبة عليه تتوافق مع معاييرهم، وصولا إلى التوجيه الصارم بضرورة استكمال فقرات الحفل قبل الساعة 12 ظهرا.

كما بعث النادي الحوثي، في عام 2021، رسائل لجميع المؤسسات والشركات بعدم تقديم دعم للطلاب الخريجين إلا لتلك التي تحمل توجيها من قبل النادي، بهدف التحكم في برامج الاحتفالات وفقراتها بما يتماشى مع المشروع الطائفي لمليشيات الحوثي.

يشار إلى أن مليشيا الحوثي عمدت خلال السنوات الأخيرة إلى تشكيل كيانات مسلحة وأخرى طلابية موالية لها أبرزها "الشرطة الراجلة" والتي تهدف إلى قمع الحريات في الجامعة.

ومنع أي نشاطات طلابية بالإضافة إلى مراقبة الطلاب والطالبات وتفتيش هواتفهم المحمولة وغيرها من الإجراءات التعسفية، بحسب مصادر طلابية.

عصا المليشيات

وتفاعلا مع هذا الحدث، قال الناشط الحقوقي موسى النمراني، "تسمية النادي فيها نوع من الخداع، فهذا الكيان هو إدارة أمنية تتبع مليشيا الحوثي التي تسيطر على صنعاء بالقوة منذ العام 2014".

وأضاف النمراني لـ"الاستقلال"، أنه في الحقيقة كيان مفروض بالقوة، ويمثل السلطة، وليس كيانا نقابيا أو نشاطا طوعيا كما قد يتوهم من يقرأ الاسم وهو غير مطلع بشكل عميق على الشأن اليمني".

وأوضح أن "نشاط هذا الكيان الأمني يقتصر على عرقلة حفلات التخرج، لأنها كانت واحدة من أدوات الرفض الاجتماعي لسيطرة مليشيا الحوثي الطائفية على البلاد".

ومضى يقول: "كان الطلاب يعبرون عبر حفلات التخرج عن رفض مشروع الحوثيين بما هو عليه من مشروع عنصري وطائفي ومنتم لإيران، فكانوا يطلقون على الدفعات أسماء وطنية جمهورية، بينما الحوثيون يسعون لفرض الهوية الطائفية والإمامية على المجتمع، فكانت هذه الاحتفالات تشكل له إرباكا وإحراجا، وشعورا بالنبذ من المجتمع".

وأوضح أن "الحوثيين يشعرون بالخطر من انتشار التعليم، ويخشون من المتعلمين، لذلك يحاولون خلق حالة إذلال دائمة، تستهدف المنتمين لهذا القطاع، فمدرسو الجامعات يستهدفون في رواتبهم، وحتى في مساكنهم، وكذلك الطلاب، والهدف تجفيف القطاع التعليمي من الكادر البشري". 

واستدرك النمراني بالقول: "للأسف نجح الحوثيون الى حد كبير في هذا المجال، وتمكنوا من إغلاق كليات وأقسام في كليات بسبب إحجام الطلاب عن مواصلة التعليم، وحول الحوثيون التعليم إلى صفقة فاشلة، عملية مضنية ليس لها أثر ولا إنتاج على الصعيد المهني".

من جانبه رأى الباحث اليمني عبدالله إسماعيل أن "ما تقوم به مليشيا الحوثي من خلال نادي الخريجين على صعيد قمع الحريات الشخصية ومنع الأغاني واقتحام حفلات التخرج سلوك مستمد من تنظيم الدولة".

وأضاف في تغريدة على "تويتر" أن "فرض المليشيات رؤيتها على الحياة العامة تشير إلى أن الحوثي نسخة أخرى من تنظيم الدولة بل أخطر منها".

أداة مستوردة

ونادي الخريجين كيان استحدثه الحوثيون في جامعة صنعاء عام 2020، بتصريح من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل الخاضعة لسيطرة الحوثيين.

ويرأسه أحد القيادات الحوثية الطلابية، ومنحته المليشيا صلاحيات واسعة ووفرت له مبنى مستقلا بالقرب من رئاسة جامعة صنعاء وله فروع في كافة الجامعات الواقعة في مناطق سيطرة المليشيات.

ويفرض النادي سطوته وتدخلاته في تفاصيل حفلات التخرج، والسيطرة الكاملة على أي فعاليات تخص الخريجين بما يخدم توجيهات المليشيا.

ويتلقى نادي الخريجين دعما كبيرا من الحوثيين، وينسق مع الأجهزة الأمنية الحوثية ورئاسة الجامعات والداعمين لحفلات التخرج من أجل فرض سطوته وقبول توصياته ونفوذه على أدق التفاصيل في حفلات التخرج.

وتعليقا على المستجدات الأخيرة، قال النادي في بيان نشرته وكالة "سبأ" التابعة للحوثيين يوم 30 سبتمبر، إن "الهدف الأسمى لنادي الخريجين هو تقديم الخدمات الممكنة للطلاب والطالبات".

وزعم أن "الاتهامات الباطلة التي وجهت للنادي تحاول استغلال بعض الأخطاء بما يخدم الحملة التشويهية عبر ترويج وسائل إعلام العدوان والمرتزقة، وتحاول تصوير الشعب اليمني بأنه شعب مخل بضوابط وتعليمات دينه وهويته وقيمه وأخلاقه".

وإلى جانب نادي الخريجين أسس الحوثيين في جامعة صنعاء ما أسموه "ملتقى الطالب الجامعي" والذي يعمل كبديل للاتحاد العام لطلاب اليمن والذي كان عبارة عن مؤسسة طلابية يتم انتخابها من قبل الطلاب في جميع فروعة المنتشرة في الكليات.

ويتولى الملتقى التنسيق مع نادي الخريجين وتنفيذ المهام الموكلة لهم من قبل قيادات حوثية، مثل التأطير المذهبي عبر الدورات الثقافية، والتجسس على طلاب الجامعة والحشد للتجمعات والاستقطاب للجبهات. 

ورأى الناشط النمراني أن "الحوثيين من خلال عدة مؤسسات أمنية وإعلامية ومنها هذا الجناح الأمني المسمى نادي الخريجين يسعون إلى فرض رؤية خاصة بهم للكون والحياة وشكل المجتمع وحدود علاقاته".

وأشار إلى أن "هذه الرؤية مستوردة بمضمونها وأدواتها من إيران ضمن عملية تصدير الثورة، وهي رؤية ظلامية لا تحترم خصوصيات المجتمع ولا قناعاته الدينية ولا حقوقه السياسية، وهي مرفوضة اجتماعيا حتى في بلد المنشأ، رغم مرور عشرات السنين على محاولات فرضها وتدجين المجتمع لها".

وخلص إلى القول: "ها نحن نرى المجتمع الإيراني يثور بين فترة وأخرى لرفض هذا النظام الشمولي المتخلف، وإذا كان قد فشل بهذا الشكل في بلد المنشأ فمن باب أولى أن يفشل في المجتمعات البديلة".

فالمجتمع اليمني يمتلك نظامه الاجتماعي الخاص ورؤيته المتكاملة للحياة والعلاقات الاجتماعية، ولديه محددات سلوكية وقوانين اجتماعية لم تتمكن الدول المتعاقبة ولا حتى الأديان من التغلب عليها، يختم النمراني.