"لا يستهان بها".. موقع إيطالي: تركيا الوحيدة التي تتوسط في صراع أوكرانيا

قسم الترجمة | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

تمكنت تركيا خلال القرن الحادي والعشرين من فتح مجالات جديدة، وزيادة قوتها الناعمة في السياسة الخارجية، والاقتصاد، والتعليم، والإعلام، والفنون، فأصبحت فاعلة في التحولات العالمية، وهي تعمل لبناء نظام عالمي أكثر عدلا.

وأكد موقع "إنسايد أوفر" الإيطالي أن القوة الناعمة التركية لا يستهان بها، وتلعب بنجاح دورا معقدا حاليا على الساحة الدولية، لدرجة أنها باتت السلطة الدولية الوحيدة التي تتوسط في صراع روسيا وأوكرانيا.

دور ريادي

وقال الموقع الإيطالي إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أرسل إشارة، أخيرا، مفادها بأن لديه "انطباع" بأن فلاديمير بوتين مستعد لإنهاء الحرب في أوكرانيا.

وصرح أردوغان "في أوزبكستان، التقيت بالرئيس بوتين وأجرينا معه مناقشات متعمقة للغاية، وهو يظهر لي في الواقع أنه مستعد لوضع حد لهذا الوضع في أسرع وقت ممكن ".

وأضاف الرئيس التركي في مقابلة مع شبكة "بي بي إس" الأميركية الإخبارية، أخيرا، "كان هذا انطباعي أن الطريقة التي تسير بها الأمور الآن إشكالية إلى حد ما".

وعلق الموقع بأن تصريحات الرئيس التركي يمكن أن تعني الكثير وليس ضروريا أنها تشير إلى أن الرئيس الروسي يريد التوصل إلى اتفاق سلام بأي ثمن.

وأضاف أنها قد تعني أن الحرب في مرحلة معقدة بالنسبة لبوتين، ولكن قد تشير إلى أنه من المعقد الاعتماد على استعداد الأطراف لوقف الحرب في غياب مفاوضات حقيقية ولا سيما مع تطور النزاع على الميدان خاصة بعد الهجوم المضاد الأوكراني.

وتشكل هذا الانطباع لدى أردوغان بتطورات المرحلة والتسرع المحتمل لبوتين لإنهاء الصراع على النحو الذي يريده على ضوء مؤشرات قادمة من الدوما وكذلك الاستفتاءات في الجمهوريات الانفصالية الموالية لروسيا.

في الأثناء، قال الرئيس الروسي في 21 سبتمبر/أيلول 2022، إنه وقع مرسوما بشأن التعبئة العسكرية الجزئية، للدفاع عن الأراضي الروسية التي يريد الغرب "تدميرها".

وأضاف بوتين في خطاب متلفز: "عندما تتعرض وحدة أراضي بلادنا للتهديد، سنستخدم بالتأكيد كل الوسائل المتاحة لنا لحماية روسيا وشعبنا".

وكان أردوغان قد أفاد بأن المفاوضات ركزت على تبادل 200 أسير مؤكدا من نيويورك بأن ذلك يشكل "تطورا كبيرا" في الملف. 

وعلق أن الخطوة الحقيقية إلى الأمام ستكون القدرة على التوصل إلى تسويات أولى على الأقل بشأن وقف إطلاق النار الذي سيسمح بتجنب المزيد من الوفيات.

ووصف تصريحات الرئيس التركي بأنها مهمة لعدة أسباب، في البداية، قد تؤكد رغبة أردوغان في التأكيد على أنه السلطة الدولية الوحيدة التي تلعب دور الوسيط في الصراع في أوكرانيا.

 وهي رغبة تجسدت على أثر الاتفاق برفع الحظر المفروض على موانئ القمح الذي تم التوصل إليه بصعوبة بالغة هذا الصيف وتم بموجبه تأسيس "مركز التنسيق اللوجستي" في إسطنبول لإدارة الملاحة البحرية من الموانئ الأوكرانية. 

مرحلة معقدة

وأوضح أن استئناف تصدير شحنات الحبوب وكذلك الأسمدة جزئيا، كان ضروريا لا فقط للوصول إلى موانئ العديد من البلدان التي تخاطر بنقص الغذاء.

وإنما أيضا وسيلة لإظهار أن الطرفين المتنازعين لا يزالان قادرين على تجنب المزيد من تفاقم العواقب السلبية العالمية للحرب التي شنها الروس في 24 فبراير/شباط 2022.

وعاد أردوغان إلى هذه الاتفاقية أيضا ليؤكد على الأهمية الدبلوماسية: "رغبتي الوحيدة هي شحن المنتجات إلى البلدان النامية أو الفقيرة، وليس إلى البلدان المتقدمة" مضيفا "بالنسبة للمنتجات الروسية سنجد حلا".

وشرح الموقع الجملة الأخيرة بأنها ليست إشارة إلى طلبات بوتين للسماح للسفن الروسية بالمرور عبر مضيق البوسفور فحسب، وإنما أيضا قدرة الزعيم التركي على نقل النقاش حول المسائل الدولية والإنسانية إلى الطاولة الدولية. 

ورأى أن "هذا العنصر لا ينبغي الاستهانة به أيضا في منطق القوة الناعمة الذي يحرك دبلوماسية أردوغان خاصة في إفريقيا وفي بعض مناطق الشرق الأوسط".

وأضاف أن هناك عنصرا آخر يجب أخذه في الحسبان لفهم أهمية ما قاله أردوغان عن أوكرانيا يتعلق بالإطار الزمني.

وهنا إشارة إلى أنه كان قد التقى بوتين قبل أيام قليلة في سمرقند، لحضور قمة منظمة شنغهاي، وأجرى محادثات مع العديد من القادة الآسيويين بما في ذلك الصيني شي جين بينغ والهندي ناريندرا مودي. 

وبحسب تحليل الموقع الإيطالي، أبرز لقاء أوزبكستان بأنه لا يوجد دعم للأجندة الروسية في أوكرانيا ولكن يتم أيضا البحث عن حل للصراع خارج الكتلة الغربية. 

وأوضح أن رؤساء دول منظمة شنغهاي للتعاون لم يديروا ظهورهم لبوتين، لأن روسيا تمثل شريكا أساسيا لجميع البلدان.

ومن الواضح أن المصلحة العامة تكمن في تجنب مزيد من التصعيد للصراع، وخصوصا انهيار محتمل لموسكو في ظل عدم تحقيق نتائج ملموسة أو حتى نذير هزيمة. 

إشارات مهمة

ورأى إنسايد أوفر أن ما كشف عنه الرئيس التركي قد يشير إلى أن بوتين يرغب في عدم مواصلة "عمليته العسكرية الخاصة" بتحويلها إلى نوع من "الحرب اللانهائية" على النموذج الأفغاني أو العراقي خاصة في ظل غياب الدعم الحقيقي من القوى الشرقية.

وبالتالي، تلعب أنقرة في الوقت الحالي "لعبة معقدة للغاية"، وبصفتها عضوا في حلف شمال الأطلسي "ناتو"، تعلم أن تحركاتها مقيدة بالواجبات داخل الحلف.

لكنها تمكنت من الحصول على استقلالية في الحركة تمنحها دور الوسيط "الخارجي" تقريبًا، بينما تواصل اندماجها بشكل كامل في آليات الأطلسي وتزويد أوكرانيا بطائرات بدون طيار، وفق الموقع. 

وأضاف أنه من ناحية أخرى، بصفته شريكا لروسيا، خاصة في مجال الغاز وفي مختلف المسائل الإستراتيجية، أكد أردوغان مجددا أنه لم يبرر بأي شكل من الأشكال الغزو الروسي لأوكرانيا.

لكنه تجنب حتى خلال المقابلة الأخيرة، إدانة بوتين قبل صدور نتائج تحقيقات الأمم المتحدة.

كما أكد أردوغان "نتباحث مع بوتين وزيلينسكي أيضًا ويجب أن نبذل جهودا بغية الوصول إلى نتيجة عبر التحدث مع الرئيسين وليس الوقوف إلى جانب أحدهما".

وعلق إنسايد أوفر بأن هذا التصريح لا يساعد فقط في الحفاظ على الوقوف على نفس المسافة الضرورية لدور الوساطة، وإنما يبعث أيضا برسالة واضحة تؤكد الدور القيادي على الصعيدين الخارجي والداخلي.

واستنتج أن هدف أردوغان يكمن في أن يكون القائد الوحيد القادر على مواصلة نهجه الدبلوماسي داخل أوروبا والناتو. 

وهو ما يحتاجه، بحسب الموقع الإيطالي، داخليًا لزيادة الإجماع في ظل حالة الجمود وخارجيا أيضا لتأثيره الإيجابي على الجبهات التي تنخرط فيها أنقرة من القوقاز إلى سوريا ومن شرق البحر المتوسط ​​إلى شمال إفريقيا.