جبران باسيل.. سياسي لبناني ينتمي لمحور إيران ويطمح لوراثة كرسي الرئاسة

لندن - الاستقلال | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

يخوض رئيس التيار الوطني الحر اللبناني، جبران باسيل، في الخفاء والعلن معركة التوريث الرئاسية التي تقف على أعتابها لبنان.

وجبران متزوج من شانتال ابنة الرئيس اللبناني الحالي ميشال عون الذي يسعى الأخير لتذليل العقبات أمام صهره لقبول الأحزاب الحليفة تزكيته للمنصب المخصص للمسيحيين وفق المحاصصة الطائفية المتبعة. 

ولأجل ذلك يسعى عون لمنح صهره باسيل "كلمة السر" للدخول إلى القصر الرئاسي في بعبدا المطل على العاصمة بيروت.

وحال التصديق على حكومة نجيب ميقاتي ستكون هي الأخيرة في عهد ميشال عون الحالية التي تنتهي في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2022.

وبحسب الدستور اللبناني، في حال خلو سدة الرئاسة لأي علة كانت، تناط صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة بمجلس الوزراء.

وذكر موقع "النشرة" اللبناني، في الأول من يوليو/تموز 2022، أن النائب جبران باسيل زار العاصمة السورية دمشق في الأيام القليلة الماضية، وعقد لقاءات سياسية مع كبار المسؤولين بنظام بشار الأسد بعيدا عن الإعلام.

وتتزامن الزيارة مع احتدام الصراع السياسي حول موضوع انتخابات رئاسة الجمهورية اللبنانية، وخصوصا في ظل طرح الصالونات السياسية اللبنانية والعواصم الدولية أسماء مرشحة للوصول إلى قصر بعبدا بعد انتهاء ولاية ميشال عون.

 

النشأة والتكوين

ولد جبران جرجي باسيل عام 1970 في قضاء البترون شمال لبنان، وهو متزوج من إحدى بنات الرئيس اللبناني ميشال عون الثلاث، والذي تولى رئاسة البلاد عام 2016.

وباسيل حاصل على ماجستير في المواصلات عام 1993 من "الجامعة الأميركية في بيروت"، وإجازة في الهندسة المدنية.

ويشكل انتماء باسيل للموارنة المسيحيين بابا لطموحه في الرئاسة، إذ وفقا لنظام المحاصصة الطائفية يجب أن يشغل منصب الرئيس في لبنان ماروني.

واعتمد باسيل على شعبية ميشال وكسب رضاه، مما قاده إلى الفوز برئاسة التيار الوطني الحر بالتزكية عام 2015.

وهو كذلك رئيس "تكتل لبنان القوي"، وعضو "مجلس النواب اللبناني" عن دائرة الشمال الثالثة، كما أنه عضو في عدد من الجمعيات الأهلية، منها: "الصليب الأحمر اللبناني"، و"نادي الروتاري"، و"نادي لبنان الأخضر".

وترشح للانتخابات النيابية عام 2005 عن دائرة البترون، كما ترشح عن الدائرة ذاتها عام 2009. وشغل منصب وزير الطاقة والمياه بين 2009 و2014، ووزير الاتصالات بين 2008 و2009.

كما شغل باسيل منصب وزير الخارجية والمغتربين بين فبراير/شباط 2014 و30 أكتوبر 2019.

وله إصداراته الوزارية ومنها: كتاب أعمال وزارة الطاقة والمياه "2010 سنة التخطيط والإستراتيجيات".

وخسر التيار الوطني الحر الذي تأسس عام 1994، في الانتخابات البرلمانية التي جرت في منتصف مايو 2022، مع حليفيه حزب الله وحركة أمل الأكثرية في البرلمان.

إذ لم يحصد تحالف تلك القوى سوى 62 مقعدا (كتلة تيار باسيل وحدها 17 نائبا) من أصل 128.

صراع بعبدا

يبدو أن رئيس تيار المردة سليمان فرنجية المرشح الأوفر حظا من الأسماء التقليدية لدخول قصر بعبدا، كونه يحظى بقبول من ساسة لبنان، وهم وليد جنبلاط وسعد الحريري ونبيه بري.

أما استلام جبران باسيل مفاتيح قصر الرئاسة في بعبدا دعما من حزب الله، سيشعل حربا داخلية كبرى، وفق كثير من المراقبين.

وخلق جبران باسيل عداوات له بين الغالبية العظمى من القوى السياسية على المستويين المسيحي والإسلامي، وهذا ما يعيق وصوله إلى السدة الرئاسية.

ويرجع السبب الأبرز إلى كون حركة أمل بقيادة رئيس البرلمان نبيه بري ترفض اسم جبران وتقدم فرنجية الذي كان خيارها منذ انتخابات عام 2016.

ومنذ عقد التيار الوطني الحر لتحالف سياسي في 2006 مع حزب الله الشيعي، دافع باسيل عن الحزب المدعوم من إيران، كونه أساسا للدفاع عن لبنان.

وعارض باسيل في 2019، لدى وقوفه بجوار وزير الخارجية الأميركي آنذاك في بيروت مايك بومبيو، تصنيف واشنطن لحزب الله جماعة إرهابية وقال إن له شعبية واسعة ونوابا في البرلمان.

ويحظى باسيل بقبول جزء من المسيحيين اللبنانيين، كما تجمعه علاقة مميزة مع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، ومع العديد من المرجعيات الكنسية على أنواعها.

وجبران باسيل على رأس السياسيين الذين كانت سهام المحتجين اللبنانيين مصوبة ضدهم، خلال احتجاجات أكتوبر 2019 ضد النخبة التي اتهمها المتظاهرون بسوء الحكم والإدارة وتفشي الفساد.

ووصل الأمر لإطلاق شتائم نابية ضد جبران باسيل، وركزت الجموع على الاستهزاء به، وجعله مادة تظاهرية دسمة، للدلالة على إخفاقات الدولة منذ توسع نفوذ التيار الوطني الحر في الحكومة.

وكان من أبرز الأمثلة الإخفاق في معالجة مشكلات قطاع الطاقة المثقل بالخسائر، والذي كلف خزانة الدولة مليارات الدولارات، بينما تواصل انقطاع الكهرباء رغم وعود بإصلاح الشبكة خلال نحو عقد تولى فيه التيار الوطني الحر حقيبة وزارة الطاقة.

"رئيس الظل"

ويعاب على باسيل ارتهانه لحزب الله، وعدم قدرته على استيعاب خصومه السياسيين الراغبين في انتشال لبنان من أزماته وعلى رأسها الاقتصادية التي عصفت به منذ عام 2019.

وباسيل مشاكس بطبعه، ولطالما أطلق تصريحات تشعل الداخل اللبناني عندما كان وزيرا للخارجية. ويعد أحد أقرب المستشارين لرئيس الجمهورية ميشال عون منذ عام 2005.

ومنها عام 2018، حينما وصف على العلن رئيس البرلمان نبيه بري، زعيم حركة أمل وأحد خصوم عمه ميشال عون منذ وقت الحرب الأهلية 1975، بأنه "بلطجي".

وهو ما أجبر الجيش على الانتشار في الشوارع لتهدئة الاضطرابات التي نشبت بسبب هذا التصريح.

كما أنه على خلاف مع الزعيم السني البارز ورئيس الوزراء اللبناني الأسبق سعد الحريري، الذي وصف باسيل بأنه "رئيس الظل" في إشارة إلى سطوته الكبيرة على ميشال عون.

وكثيرا ما تبادل الحريري وباسيل الاتهامات بعرقلة تطبيق الإصلاحات في لبنان، وفي أكثر من موقف قال سعد إنه يكون مضطرا لأن يتعامل مع رئيسين في إشارة إلى عون وصهره.
 

وعلى باسيل علامة سوداء من قبل دول الخليج التي تنظر إليه على أنه في كفة حزب الله ولا يخرج عن مشورته.

كما أن جبران باسيل مدرج منذ ديسمبر/كانون الأول 2020، على قائمة عقوبات فرضتها عليه وزارة الخزانة الأميركية، ووقتها كان وزيرا للخارجية، وجمدت كل الأصول العائدة له في الولايات المتحدة.

وطلبت الوزارة من المصارف اللبنانية التي تجري تعاملات بالدولار تجميد كل أصوله في لبنان، وبرر حينها وزير الخزانة ستيفن منوتشين، العقوبات بـ "تورط باسيل في الفساد والعلاقات مع حزب الله".

وآخر ضربة تلقاها باسيل اتهامات محكمة أميركية له في 17 مايو/أيار 2022، بتدبير عملية اختطاف وتعذيب للزوجين اللبنانيين- الأميركيين، إيلي سماحة ولارا منصور، نتيجة نزاع عائلي على إرث قيمته عشرة ملايين دولار أميركي، يقول الزوجان إنه نهب منهما عبر استغلال للنفوذ السياسي في البلاد.

وسلمت السفارة الأميركية في بيروت وزارة الخارجية اللبنانية نسخة من الشكوى المدنية التكميلية المسجلة لدى محكمة أميركية فيدرالية في جنوب فلوريدا في 12 أكتوبر 2020، وفقا لمستند رسمي حصل عليه "مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد".

ويتضمن المستند الشكوى ضد وزير الخارجية اللبناني الأسبق النائب جبران باسيل ووزير العدل الأسبق سليم جريصاتي.

عدو اللاجئين

ولكون جبران باسيل ضمن المحور الإيراني في لبنان الذي يعد حزب الله رأس حربته، فإنه خلال فترة توليه وزارة الخارجية اللبنانية، كان يزور سوريا بعيدا من الإعلام.

وفي أكثر من مرة صرح أنه يعتزم زيارة دمشق، لإعادة اللاجئين السوريين من لبنان إلى بلدهم، ووصف سوريا بالرئة الثانية لبلده، وأكد أن العلاقات بين بلاده والنظام السوري ستعود.

وتبدي القوى السياسية المناوئة للنظام السوري في لبنان قلقها من محاولات البعض وعلى رأسهم جبران باسيل إعادة وصاية النظام السوري إلى لبنان.

وانتهت تلك الوصاية عام 2005 بخروج الجيش السوري من لبنان بعد أن دخله إثر اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990).

وسبق لباسيل أن دعا عندما كان وزيرا للخارجية لإعادة النظام السوري إلى جامعة الدول العربية، زاعما أن غيابه يشكل "الفجوة الأكبر" في القمة العربية.

وفي يناير/كانون الثاني 2022، أعلن تقديم مقترح قانون يضيق الخناق على السوريين العاملين في لبنان.

ويعد جبران باسيل أحد أشد السياسيين المعادين للاجئين، منذ تعيينه وزيرا للخارجية لأول مرة عام 2014، ولا يتوانى بين الفينة والأخرى عن إطلاق خطابات عنصرية بحقهم.

وأشهرها حينما نشر تغريدة في يونيو/حزيران 2019 تحدث فيها عن "التفوق الجيني للبنانيين"، والتي حملت تحريضا ضد اللاجئين السوريين والفلسطينيين.

وفي يناير 2022، عد باسيل أن الدولة المركزية تسلب رئيس الجمهورية صلاحياته بالقوة من قبل مجلس النواب والمجلس الدستوري وتسلب بقية الطوائف حقها بالمداورة بوزارتي المالية والداخلية.

لكن حاليا التيار الوطني الحر الذي يقوده باسيل يصر على أن يكون وزير الطاقة من ناحية التعيين مرشحا من حزبه كونها وزارة محورية، ويراها ملكية خاصة لن يتنازل عنها، وتشكل عصب اقتصاد لبنان ومرتبطة بملفات كثيرة وعلى رأسها التنقيب عن النفط والغاز.

وقال عنه وزير الخزانة الأميركية ستيفن منوتشين في 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2020 "إن الفساد الممنهج في النظام السياسي اللبناني المتمثل في جبران باسيل ساهم في تقويض أسس وجود حكومة فعالة تخدم الشعب اللبناني".

وفي هذا الإطار، وبحسب موقع "أخبار اليوم" المحلي، فإن باسيل "يدرك تآكل شعبيته في كل مناطق نفوذ التيار الوطني الحر".

ويقول الموقع: "فهؤلاء أي المواطنون اعتادوا التقرب من المزاج الغربي في إدارة الصراعات اللبنانية، ولا يرون أنفسهم ممثلين بنظام بشار الأسد، ولا بولاية الفقيه، ولن يحبذوا وصول رئيس عليه عقوبات أميركية، لا سيما وأنهم يعرفون أن ما لم يعط لعون، لن يعطى لباسيل".