"نظام مراقبة".. الصين تضفي طابعا رسميا على العمل القسري للإيغور

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

أزاح تقرير الستار عن سياسة التشغيل الجديدة في منطقة شينجيانغ، والتي تفرض على "كل الأشخاص القادرين على العمل" أداة هذه المهمة.  

وقالت صحيفة إلباييس الإسبانية إن الصين عمدت إلى إضفاء الطابع المؤسسي على العمل القسري الذي فرضته على المواطنين من أقلية الإيغور المسلمة في شينغيانغ خلال السنوات الأخيرة. 

وفقا لتحقيق أجراه الأكاديمي الألماني أدريان زينز، وهو خبير في تحليل سياسات القمع في بكين، فإن "الإيغور الذين حشدتهم الصين في مراكز إعادة التأهيل بين سنتي 2016 و2020، لشغل وظيفة معينة في أي نقطة جغرافية بالبلاد، كثير منهم ضد إرادتهم، لا يزالون مجبرين على البقاء هناك".

عمل قسري

وهذا "العمل القسري يعد أحد العناصر الرئيسة لبرنامج النمو الاقتصادي والصناعي الذي صممته حكومة الرئيس شي جين بينغ لهذه المنطقة الواقعة في غرب العملاق الآسيوي"، وفق ما نقلت الصحيفة عن الخبير.

وأشارت إلى أن السياسة الجديدة في شينجيانغ، تطمح إلى تعزيز عدد الموظفين الذين يجبرون على العمل ومضاعفته استنادا على مبدأ "يجب على جميع الأشخاص القادرين على العمل أن يعملوا"، بغض النظر عن التزاماتهم الأسرية وحتى ظروفهم المادية. 

ويوضح زينز أن هذا الشرط كان يقتصر في السابق على "شخص واحد لكل أسرة". ووفقا لتقديرات الخبير، "يتعرض ما بين مليوني و2.5 مليون من الإيغور لخطر الإجبار على العمل القسري". 

وأوردت الصحيفة أن تحليل الخبير الألماني، المستند إلى المحادثات والوثائق الرسمية، يركز فقط على العمل القسري المفروض على "العمالة الريفية الفائضة" في شينجيانغ، أي على العمالة الفائضة في القطاع الأولي. 

في الواقع، كانت التحقيقات السابقة قد كشفت بالفعل أن العديد من المحتجزين فيما تسميه الصين "مراكز إعادة التأهيل" قد تعرضوا أيضا لهذا النوع من الممارسات.

لكنها، كما أكد التسريب الأخير لأرشيف شرطة شينجيانغ، في الواقع معسكرات اعتقال. وفي هذا المكان تحديدا، تنتقم بكين من خلال ممارسات الشرطة العنيفة من أقلية الإيغور.

ونقلت الصحيفة عن المحلل أنه "منذ عام 2019، لا يوجد دليل قاطع على أن الصين تواصل استخدام عمالة سجناء معسكرات إعادة التأهيل، الذين كانوا عادة يعملون بشكل قسري في القطاعات المتعلقة بصناعة النسيج، مثل جمع القطن". 

واستنكر زينز أن "العمال الريفيين الفائضين الذين يرفضون العمل بالإجبار لا يزالون عرضة لخطر الاعتقال في معسكرات إعادة التأهيل". 

وأضافت إلباييس أن إحدى المستجدات في الخطة الاقتصادية للدولة المصممة لمنطقة شينجيانغ تتمثل في تنفيذ ما يسمى بنظام مراقبة البطالة والإنذار المبكر؛ وهو برنامج يجمع بين التفتيش الميداني وتحليل البيانات لاكتشاف تلك العائلات التي أصبحت أفقر أو زادت من نفقاتها. 

في عام 2021، وفقا للوثائق التي حللتها زينز، أرسلت بكين فرقا للتحقيق في حالات الفقر والدخل لحوالي 12 مليون أسرة ريفية في شينجيانغ ومراقبتها. 

ومن بين تلك الأسر، اختارت الحكومة 774 ألف شخص لتشمل ما تسميه الصين إستراتيجية "المراقبة الدائمة". 

وذكرت الصحيفة أن القصص الحقيقية المخفية وراء هذه السياسة التي تزعم بكين أنها تهدف إلى محاربة الفقر في المنطقة تكشف أن حكومة شي جين بينغ تواصل استخدام العمل القسري للحصول على المزيد من العمالة، وفقا لما ذكره زينز. 

في الواقع، سلطت الدعاية الحكومية حول نظام مراقبة البطالة والإنذار المبكر الضوء على بعض هذه الحالات، التي تعرضها الصين بمثابة نجاحات في تعزيز التوظيف. 

يسلط الباحث الضوء على إحداها حيث كلفت السلطات عامل بناء يعاني من ارتفاع ضغط الدم بمهمة تتطلب مجهودا بدنيا أقل في مصنع ملابس. ومع ذلك، اضطرت زوجته التي عانت من مرض في الكلى، للعمل كمنظفة. 

"دعم الكسالى"

وبينت الصحيفة أن التوظيف الكامل أصبح أحد أهداف المنطقة. في هذا المعنى، يمكن التطرق إلى أحد تصريحات تشين تشوانغو سكرتير الحزب الشيوعي الصيني في شينجيانغ بين عامي 2016 و2021، وهو متهم بسياسة القمع المنهجي ضد الإيغور.

وقال تشوانغو في العام 2021 إنه "من أجل منع عودة الفقر، لا تستطيع بكين تقديم أموال لدعم أي شخص حتى لا تقع في فخ الرفاهية والسياسات التي تدعم الكسالى". 

في الحقيقة، تتماشى تصريحاته مع تلك التي أدلى بها الرئيس الصيني شي جين بينغ في نهاية عام 2021، خلال خطاب وطني ذكر فيه أنه لا ينبغي على الصين الانضمام إلى "سياسات الرفاهية".

وبين أن تلك السياسات هي إستراتيجيات خاطئة تمارسها الأنظمة الشعبوية في أميركا اللاتينية، والتي كان نتيجتها تعزيز ظهور "الأشخاص الكسالى".

ونوهت الصحيفة بأن مناورة الدولة، القائمة على استخدام العمل القسري، لتأمين العمالة الكاملة في شينجيانغ حققت بالفعل نتائج اقتصادية مهمة. 

وزادت التجارة المباشرة مع الدول الأخرى بنسبة 5.8 بالمئة في عام 2021، وفقا لبيانات من الجمارك في أورومتشي، عاصمة المنطقة.

ويعلق زينز على النتائج الاقتصادية التي حققتها الصين في المنطقة قائلا: "من المقلق بشكل خاص أن 51.5 بالمئة من الصادرات كانت عبارة عن منتجات تتطلب عمالة مكثفة، أي تلك التي يرجح أن يجري توظيف الإيغور فيها قسرا".

وتعزى هذه الزيادة بشكل أساسي إلى زيادة الصادرات مع الاتحاد الأوروبي، والتي نمت بنسبة 13.6 بالمئة في العام 2021، ومع دول مثل فيتنام، بزيادة قدرها 108.9 بالمئة.

 عموما، تراجعت المبيعات للولايات المتحدة بنسبة 61.3 بالمئة على الأرجح، وفقا لزينز، بسبب عقوبات واشنطن ضد بكين، على الرغم من أن المملكة المتحدة وكندا والاتحاد الأوروبي قد فرضت أيضا عقوبات في قطاع المنسوجات الصيني.

وأضافت الصحيفة أنه إلى جانب الحرب المزعومة ضد الفقر، فإن العمل القسري هو إجراء آخر تعمد إليه الصين لاستيعاب أقلية الإيغور في بلد يسكنه بشكل أساسي مواطنو مجموعة الهان العرقية. 

وفقا لمحادثات سرية كشف عنها في التسريب، دافع شي نفسه عام 2014 عن هذا الموقف بالقول إن العاطلين عن العمل "سيسببون مشاكل"، في حين أن التوظيف في الشركات يشجع "التفاعل العرقي والتبادل والاختلاط" ويجعل المجموعات العرقية "تدرس الثقافة الصينية". 

ويقول زينز "إن الطبيعة المنهجية للعمل القسري في شينجيانغ هي نتاج أهداف سياسية لا يمكن تحقيقها إلا من خلال نقل ملايين العمال الإيغور من مناطقهم الريفية إلى مناطق عمل صناعية، وتفكيك المجتمعات التقليدية، ونقل الأقليات العرقية إلى المناطق ذات أغلبية من الهان". 

وبحسب الباحث، توحي تصريحات وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، في مايو/أيار 2021 أنه "لا يوجد عمل قسري في شينجيانغ، هو فقط عمل تطوعي"، بأن بكين "ليس لديها نية للتخلي عن أهدافها السياسية في تلك المنطقة".