يمتلك نصف مزارع الوطن العربي.. ماذا يمنع السودان عن حل أزمة الغذاء؟

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

أعرب موقع المونيتور الأميركي عن استغرابه إزاء أزمة الغذاء المتفاقمة بالدول العربية، في ظل امتلاك السودان ملايين الفدادين من الأراضي الزراعية غير المستغلة، فيما تمتلك دول الخليج أموالا هائلة بلا جدوى.

وأوضح الموقع أن السودان الذي يمتلك 170 مليون فدان من الأراضي الزراعية تمثل 40 بالمئة مما تمتلكه الدول العربية، لديه القدرة أن يكون سلة غذاء لجميع الدول العربية.

رؤية غائبة

وأشار الموقع إلى تصريحات حديثة لوزيرة التجارة والتموين السودانية أمل صالح سعد، أكدت فيها أن بلادها تستطيع تأمين الغذاء للعالم العربي وتعويض النقص في القمح الأوكراني والروسي الناجم عن الحرب المتواصلة منذ 24 فبراير/ شباط 2022.

ودعت على هامش المنتدى العربي لتعزيز التكامل الاقتصادي بين الدول العربية الذي عقد في القاهرة في 24 مايو/ أيار 2022، إلى الاستثمار الزراعي في السودان واستغلال أراضيه الزراعية الشاسعة.

وأكدت أنه عبر هذه الخطوات "يمكن أن يكون السودان سلة غذاء للدول العربية".

واستدركت قائلة: لكن ذلك لن يحدث إلا من خلال التكامل العربي، والتمويل هو العقبة الرئيسة.

وطالبت بتأسيس صندوق عربي للاستثمار، موضحة أنه بعد تذليل العقبات، سيتم استصلاح الطرق وتسهيل التأشيرات بين الدول العربية، وحينها يمكن للسودان تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء بكافة أنواعه.

كما دعت المستثمرين العرب للاستثمار في زراعة القمح في السودان.

من جانبه، يقول الاقتصادي السوداني، أستاذ المحاسبة المشارك بجامعة السودان محمد الناير، إن السودان كان يعد في الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين أحد البلدان الثلاثة، بما في ذلك كندا وأستراليا، القادرة على حل أزمة الغذاء العالمية.

ويمتلك السودان موارد هائلة من الأراضي الصالحة للزراعة، ومناخه متجدد ومتنوع، بالإضافة إلى مصادر مائية متنوعة. وتبلغ حصة الخرطوم السنوية من نهر النيل 18.5 مليون متر مكعب لا يتم استغلالها بالشكل الأمثل.

ويوضح الناير أن مياه الأمطار المنتظمة وأكثر من 109 ملايين رأس ماشية تجعل من الخرطوم إحدى الدول القادرة على إطعام الوطن العربي كله. 

وأثارت الحرب الروسية الأوكرانية المستمرة مخاوف عالمية بشأن أزمة الغذاء، وخاصة في البلدان الفقيرة. وتبحث الدول المستهلكة للقمح عن بدائل للقمح الروسي والأوكراني.

ويضيف: "بدلا من الاعتماد على الغذاء القادم من دول بعيدة، يجب على الدول العربية أن تعمل على ضمان الأمن الغذائي من خلال اللجوء إلى السودان والاستثمار في أراضيها الزراعية الشاسعة وثروتها الحيوانية".

وحتى بعد انفصال جنوب السودان في أعقاب الحرب الأهلية في 2011، لا يزال السودان يمتلك ثروة ضخمة من الأراضي الزراعية تقدر بنحو 170 مليون فدان، يتم استغلال 35 إلى 37 مليون فدان منها فقط.

فجوة كبيرة

ويشكل السودان 40 بالمئة من إجمالي الأراضي الزراعية في المنطقة العربية، لكن الأزمات السياسية والأمنية على مدى العقود الماضية منعته من تنمية ثروته الزراعية.

ويذكر الناير أن فجوة الغذاء في إفريقيا تقدر بنحو 50 مليار دولار سنويا، ويمكن لدول الخليج أن تستثمر نصف هذا المبلغ لتطوير البنية التحتية الزراعية في السودان.

لكنه يقول إنه يتعين على السلطات السودانية تقديم حوافز للمستثمرين الراغبين في العمل في قطاعي الزراعة والثروة الحيوانية السوداني.

كما يجب على السودان توفير الكهرباء وضمان استقرار الوضع السياسي والأمني ​​في البلاد، وفق تعبيره.

وكشفت الوزيرة سعد أن الاجتماعات المصرية السودانية الحالية تهدف لعقد بروتوكول تعاون بين القاهرة والخرطوم، مؤكدة أن سلع السودان وأراضيه متاحة للاستثمار والتعاون مع مصر.

من جانبه، حذر رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية والإستراتيجية رشاد عبده، من أنه على الرغم من المزايا الطبيعية للسودان، إلا أن العديد من التحديات قد تمنع الاستثمارات، بما في ذلك عدم الاستقرار السياسي، والتراخي الأمني، والاحتجاجات اليومية، وغياب مؤسسات الدولة. 

وأضاف "في ظل تدهور الأوضاع السياسية والأمنية في السودان، لن يتم الاستجابة لأي دعوات للاستثمار. أضف إلى ذلك أن السودان نفسه غير قادر على تلبية احتياجاته من القمح واستيراد جزء كبير منه، حيث يكافح لمواجهة العديد من الأزمات".

بينما تقول رئيسة جمعية رجال الأعمال المصريين الأفارقة يسرى الشرقاوي، إن السودان يمتلك كل أدوات الإنتاج الزراعي والحيواني المطلوبة، لكن الصعوبات تشمل تنفيذ الإجراءات اللازمة والإدارة الجيدة لتمهيد الطريق أمام الاستثمارات.

وتوضح أنه يجب إعادة النظر في القوانين الزراعية، كما يجب تسهيل التحويلات المصرفية؛ كما ينبغي إعادة تأهيل الموانئ والبنية التحتية الاستثمارية في السودان.

وتضيف: “لقد عانى السودان لعقود عديدة من الركود السياسي والإداري، في ظل غياب القطاع الخاص السوداني. عندما يسعى المستثمرون الأجانب إلى الاستثمار في بلد معين، فإنهم يبحثون عن معايير محددة بما في ذلك البنية التحتية المناسبة ومجموعة من التشريعات التي تضمن استثمارات جيدة. كما أنهم يبحثون عن الأمن والاستقرار ".

ومضت تقول: "قد تكون الخرطوم قادرة على أن تكون سلة غذاء للعالم العربي، لكنها غير قادرة على تفعيل هذه السلة في الوقت الحالي".

نقص جوهري

وتؤكد الشرقاوي أن عالم الاستثمار والأعمال يسعى في المقام الأول إلى الحصول على ضمانات فيما يتعلق بالأموال والاستقرار السياسي وقوانين ولوائح المحافظ الاستثمارية وإعادة الهيكلة الإدارية والإصلاح الإداري والتشريعات وكذلك البنية التحتية.

و"كل هذه العوامل لم يتم توفيرها بعد في السودان" توضح رئيسة جمعية رجال الأعمال المصريين الأفارقة. 

ورغم الإمكانيات الكبيرة التي يتميز بها السودان، إلا أن  الآلاف في هذا البلد يواجهون خطر الجوع الشديد.

ونقلت إذاعة صوت أميركا عن الشبكة العالمية، وهي تحالف من الوكالات الإنسانية والإنمائية، تأكيدها أن حوالي 193 مليون شخص على مستوى العالم عانوا من الجوع الشديد في 2022، وأن أكثر من نصف مليون على شفا المجاعة في إثيوبيا وجنوب مدغشقر وجنوب السودان واليمن.

وتدعو الشبكة، التي تضم الاتحاد الأوروبي ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة وبرنامج الغذاء العالمي، إلى اتخاذ إجراءات لمعالجة الأزمة التي تهدد الحياة.

وتحذر من أن الأزمة ستزداد سوءا في 2022، ويقولون إن الدوافع الرئيسة لانعدام الأمن الغذائي، الصراع وتغير المناخ ووباء كورونا، تدفع أعدادا متزايدة من الناس إلى الفقر.

ووصف المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي ديفيد بيسلي، الوضع بالعاصفة الكبيرة، قائلا إن "أي تقدم تم إحرازه في إطعام المعوزين يضيع بسبب أفغانستان وإثيوبيا والآن أوكرانيا".

وقال "بينما ننظر حول العالم، يتجه 276 مليون شخص نحو المجاعة.. من كان يظن أننا سنرى هذا في عصرنا، في حياتنا. الهجرة الجماعية التي تحدث من أوكرانيا ستدمر الأمن الغذائي حول العالم ".