حلها لصالح تركيا.. كيف تستفيد إسرائيل من الأزمة بين أمريكا وإيران؟

12

طباعة

مشاركة

تضع الولايات المتحدة خططا تستهدف من خلالها النظام الإيراني، بعيدًا عن العقوبات المعلنة، لكنها في الوقت نفسه بحاجة إلى شريك إقليمي قوي مثل تركيا. فهل تخطط واشنطن لأعمال شغب داخل إيران؟ لا سيما أنه بلد ذو موقع جغرافي متميز وبنية تحتية اجتماعية قوية وعميقة.

التساؤل جاء على لسان الإعلامية والكاتبة الأذربيجانية، سيفيل نورييفا إسماعيلوف، في مقال لها على صحيفة "ستار" التركية، اعتبرت من خلاله أن الأهداف في النظام العالمي الجديد، تجعل الولايات المتحدة تسعى إلى الحفاظ على قدراتها في مجال الطاقة. ورأت أن ما يكمن وراء كل هذه الانتفاضات والحروب وصراعات الهوية العرقية، سيناريوهات صُمّمت للحفاظ على مكانة دائمة للولايات المتحدة.

وعلى الرغم من أن مصطلحات كالديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات يجري تسويقها بشكل جيد في المنطقة لكن فائدتها تتناقص تدريجياً؛ وبالتالي فإن التدخل لا يفيد كثيرًا. وقالت الكاتبة إن الولايات المتحدة، بالإضافة إلى إيران وروسيا، تستخدم تهمة الإرهاب، حسب ما يخدم مصالحها، فما يعتبر هنا إرهابا قد يكون مصلحة للطرف الآخر.

ورجحت الكاتبة في "ستار"، أن يكون السيناريو المخطط له بشأن إيران هو السيناريو الذي تقوم به الولايات المتحدة حالياً. وهذا ما أوضحه ترامب حين قال "يمكننا مقابلة الرئيس الإيراني"، فترامب بحسب الكاتبة، لا تريد حربا ينفق من خلالها المال، لكنه يريد حربًا بالوكالة، أو أن يشعل الحرب دون أن يمولها هو.

حرب الوكالة

وأشارت نورييفا إلى أن ترامب، يحرص على فوزه مرة أخرى في الانتخابات الأمريكية المقبلة، وبالتالي يريد أن يستغل اسمه كمدافع عن القيم الأمريكية مثل، الديموقراطية والانتخابات والأمن العالمي وغيره، وهو نوع من الترويج لحملته الانتخابية المقبلة.

لم ينف المقال أن إيران ليست دولة عادية، لا من الناحية الاجتماعية ولا تفعيل منظمة الدولة العميقة، كما لا يمكن أن النظر إليها كلقمة سهلة، خصوصا عندما ننظر إلى رموز الإدارة الإيرانية والنظام السياسي الحالي.

ورأت الإعلامية، أنه يمكن اللعب على الهويات العرقية، باعتبار أن هناك مجموعات شيعية تعلن الولاء لإيران، وبالتالي يمكن أن تستخدم الولايات المتحدة ذات الطريقة. واستطردت متساءلة، "لكن من يرغب أن يكون من المجموعات العرقية الأخرى لعبة في يد الولايات المتحدة؟".

واصلت الكاتبة تحليلها، قائلة، "على الرغم من أن الأتراك، وهم المجموعة العرقية الرئيسية، لديهم منظور انفصالي، إلا أن هذه الجماعات ليست هي القوة الرئيسية التي ستصبح في النهاية طرفًا في السيناريو الأمريكي. بمعنى آخر، حتى لو لم يتفقوا مع النظام، فهناك فئة ترى إيران كدولة خاصة بها وتسعى إلى الدفاع عنها حتى النهاية".

تصدع الداخل

وتواجه إيران، بحسب المقال، خسائر اقتصادية خطيرة، لكن لا أحد يتوقع أنها ستقف متفرجة على هذا الخطر، فضلا عن المقاومة. وزادت الكاتبة موضحة، "خصوصا وأن إيران من وجهة نظر اجتماعية، هي ذات عقيدة راسخة"، قبل أن تستطرد، "لكن حقيقة الإجراءات المنهجية التي اتخذت باسم الإسلام تنأى بمجتمعاتها عن الإسلام، وتتطلب تحليلًا اجتماعيًا آخر".

واعتبرت نورييفا أنه "من سوء حظ إيران، أنه كان من المفيد لأعداء الإسلام جعل الإسلام قمعيًا في المشهد الإيراني من خلال فرضه على الناس"، وأوضحت، "حتى أصبح هذا هو أهم سبب وجدته إسرائيل كانت تبحث عنه!". وطرحت الكاتبة أسئلة، قالت إنه من المهم الانتباه لها: فهل يمكن أن يتطور الاستياء المتزايد داخل المجتمع إلى أبعاد مختلفة؟ وإذا نجح ذلك، ما هي الطريقة التي ستحاول بها إيران إيقافه؟

ورأت الكاتبة، أن هناك مجهود كبير يبذل لجعل ضربة إسقاط إيران تأتي من الداخل -أي بسبب الأوضاع الاجتماعية- وهو نفس المجهود الذي بُذل ذات مرة عن طريق تدبير الانقلابات والثورات. ولفتت إلى إن الطريقة التي ستدير بها الإدارة الإيرانية هذا الوضع، مهمة لمستقبلها، فإذا كانت لا تسعى لصد الضغط في الخارج مع إغلاق الجروح المفتوحة في الداخل، فإن السيناريو الأمريكي سينفذ بسهولة بدعم من إسرائيل.

وأشار المقال إلى أن الشعب لا يهتم للقوى الخارجية وقضايا التدخل الأجنبي، فقد فقدت هذه القضايا أهميتها بالتدريج، وحلت محلها القضايا الاجتماعية، موضحا، أن أمريكا تأخذ ذلك بعين الاعتبار.

تسعى للكارثة 

وبحسب الصحفية فإن، "إيران، دولة ترتكب الكثير من الأخطاء فيما يتعلق بالقضايا الإقليمية. فقد كانت قائمة على قواعد سياسية مختلفة ومن ذلك فإن موقفها من القضية الأرمنية ومن قضايا مثل حزب العمال الكردستاني ونظام الأسد، كان لصالحها فقط، وهذا الأمر واضح بلا مواربة ولا مجال للشك فيه".

وفي الحقيقة، استدركت الكاتبة، "إن المواقف السياسة في المنطقة يمكن أن تتغير ليس تبعًا فقط للمواقف اليومية وإنما للمواقف اللحظية، أي أن الموقف من القضايا المختلفة يتغير بين لحظة وأخرى وليس فقط بين يوم وآخر، والمواقف الثابتة تبقى قليلة".

وأفاد المقال أن، "الولايات المتحدة متحمسة للتخلص من إيران وتدميرها كدولة، عن طريق أعمال الشغب، لكن ذلك سيحدث رجة كبيرة من حيث رد الفعل الإقليمي، وكذا رد فعل إيران وحجارتها في المنطقة (في إشارة إلى المليشيات والفصائل المسلحة التي تدين بالولاء لطهران)".

وتابعت الكاتبة، "من الواضح أن هذه الرجة لا معنى لها بالنسبة للولايات المتحدة. لكن بالنسبة لشعوب ودول المنطقة، فهي علامة على كارثة عظيمة، ففي كل يوم تكون فيه الحرب حتمية، تبدو الكارثة أكثر وضوحا".

الشريك المحتمل

وتعتقد نورييفا، أن "الولايات المتحدة ستشعل النار في الجميع حتى لا تخسر، وهذا ما قد يظهر بوضوح أكثر في قمة مجموعة الدول العشرين". قبل أن تزيد، "الرغبة في إعادة انتخاب ترامب ممكنة من خلال بناء حل لبعض الأزمات، لكن هذا ليس حلا دائما".

ومن أجل حل دائم، ترى الكاتبة أنه من الضروري أن تتخلى للولايات المتحدة عن بعض مواقفها، قبل أن تتساءل، "فهل ستلاحظ الإدارة الأمريكية أنها تسير في اتجاه الحفرة من خلال جماعات الضغط واللوبي الإسرائيلي؟". واستطردت، "يجب أن يلاحظ الأمريكيون ذلك ولكن ليس بعد فوات الأوان؛ فعلى الرغم من إصرارها -الولايات المتحدة- على أن تكون القوة الوحيدة الرادعة في العالم، لكنها، أحيانًا، تقاسم السلطة مع شخص ما تكون ضرورية، ومن الواضح أن المشاركة ستكون في النهاية ضرورية وحتمية".

"من سيكون هذا الشريك لتقاسم السلطة؟"، السؤال طرحته الصحفية في مقالها، قبل أن تتابع، "إذا نظرنا إلى الأحداث المتوالية، بما في ذلك مراكز القوى الجديدة، ليس من الصعب التكهن أن تركيا هي الشريك الإقليمي القوي للولايات المتحدة في المنطقة"، واستدركت، "لكن من المحتم أن يكون ذلك بداية لكارثة كبرى إذا استمرت عملية البناء السياسي الإقليمي عبر إسرائيل".

وختمت نورييفا مقالها بالقول، إن الفائز دومًا من يسير في الطريق الطبيعي، فلم ينجح أحد في فرض السلطة، حتى لو حدث لم يكن دائمًا. لقد أعطانا التاريخ الكثير من الأمثلة المشابهة، فهل ستتعلم الولايات المتحدة من هذا التاريخ؟